جاك دولور:" نحن بحاجة إلى أوروبا قوية ومتفتحة"

جاك دولور:" نحن بحاجة إلى أوروبا قوية ومتفتحة"
بقلم:  Euronews
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

جاك دولور، الرئيس السابق للمفوضية الأوروبية استضاف قناة يورونيوز في أحد مكاتب مركز « نوتر أوروب» للأبحاث الذي أسسه قبل ستة عشر عاما.

يورونيوز: كيف كان شعوركم الأول عندما علمتم أن جائزة نوبل للسلام منحت للاتحاد الأوروبي؟

جاك دولور: تذكرت مباشرة كل مؤسسي الاتحاد، وكل تلك اللحظات الحاسمة التي طغت عليها الرؤى الأخلاقية والروحية، تذكرت أيضا جميع الأشخاص الذين يدافعون عن القضية الأوروبية. الأمر ليس بالسهل، فقد نمر بأوقات صعبة وحساسة كما هو الأمر في أيامنا هذه، لذلك توقعت ردود أفعال ساخرة عبر مواقع الشبكات الاجتماعية وفي صفحات بعض الجرائد ، لكن أعتقد أن هذه المكافأة تشكل حافزا لجميع الأوروبيين.

يورونيوز: اللجنة النرويجية لجائزة نوبل تحدثت عن دخول الإتحاد مرحلة تاريخية جديدة من خلال توسعه وانضمام دول أوروبية جديدة إليه، لكن البعض انتقد بشدة سياسة التوسع هذه واعتبرها المصدر الأول للمشاكل السياسية التي يواجهها الاتحاد، ماذا تقولون في هذا الأمر؟

جاك دولور: إذا تطرقنا إلى الموضوع من زاوية سياسية، فسياسة التوسع هذه كانت ناجحة خاصة في ما يتعلق بانضمام إسبانيا والبرتغال للاتحاد. بصفتي رئيس المفوضية في تلك الفترة، أردت إلى جانب زعماء الاتحاد منح الفرصة للشعوب التي عانت من الديكتاتورية، من خلال إما التجديد أو إعادة إحلال الديموقراطية . ولأن المستويات المعيشية لهذه الشعوب كانت أقل من المتوسط فقد اقترحت في تلك الفترة سياسة التماسك الاقتصادية، هذه السياسة التي تمثل اليوم أكثر من ثلث ميزانية الاتحاد الأوروبي. هذه الأمر كان من اللحظات المهمة والحساسة في تاريخ الاتحاد. أما فيما يخص الدول المنخرطة في الرابطة الأوروبية للتجارة الحرة سابقا والتي قامت بريطانيا بتأسيسها كخطوة عدائية للسوق الأوروبية المشتركة التي كانت متكونة حينها من ست دول، فقد اقترحت لهذه الدول فتح مجال واسع للتجارة الحرة معها. كل تلك الدول قررت الانضمام للاتحاد ما عدا النرويج. انهيار جدار برلين فتح أيضا المجال لانضمام دول أخرى للاتحاد الأوروبي. أظن أن سياسة التوسع تمت بسرعة كبيرة جدا، لم نقم بترتيب البيت بما فيه الكفاية قبل استقبال دول جديدة. لقد تعرضت لانتقادات حادة خلال المجلس الأوروبي الذي أقيم في لشبونة في العام ألف وتسعمائة واثنين وتسعين عندما صرحت بأنه لا يجب أن نتسرع في ضم دول جديدة للاتحاد، وأنه يجب أن نبدأ أولا بترتيب مؤسساتنا وقوانينا الاقتصادية. لكن حماسة البعض والاختلافات السياسية أدت إلى قبول ضم هذه الدول من دون انتظار. في اعتقادي لم نخلق توازنا بين إثراء الاتحاد وتوسيعه.

يورونيوز: الأزمة الاقتصادية والمالية كشفت حدود عملة اليورو، هل تعتقدون أن قرار إنشاء عملة موحدة كان قرارا صائبا؟

جاك دولور: نعم لقد كان قرارا صائبا، لكن كان هناك خلل منذ البداية، إذا عدتم إلى تقرير دولور الذي اقترح منظومة كيفية إنشاء اليورو بطلب من المجلس الأوروبي، فسوف تجدون في هذا التقرير الجزء الذي يتطرق للمجال الاقتصادي بالإضافة إلى جزء ثان يعنى بالمجال النقدي.
لقد تم إهمال الجزء الاقتصادي وهذا الأمر كلفنا غاليا فيما بعد. لم يكن هناك تنسيق في مجال السياسات الاقتصادية ولم تكن هناك نقاشات صريحة بين الوزراء من شأنها التنبؤ بالمشاكل المالية لدول كإسبانيا والبرتغال وأيرلندا. لأن وفي تلك الفترة عملة اليورو كانت تخفي عيوبنا وأخطائنا. هذا الخطأ الذي يجب إصلاحه اليوم.

يورونيوز: ما الذي يجب فعله لإعادة ثقة المواطنين بأوروبا؟

جاك دولور: مواطنو الدول التي تعيش اليوم في أزمة خانقة لا يحملون حكوماتهم مسؤولية هذه الأزمة بل هم يقولون إنها بسبب الأيديولوجية السائدة أو بسبب أوروبا. لذلك الحاجة اليوم ملحة لإظهار ما قدمته أوروبا وما تمثله من مشروع مستقبلي. سأقولها لكم صراحة كوني اليوم غير معني باتخاذ القرارات، أقول إنه يجب معالجة الأسباب الحقيقة أولا وقبل كل شيء. رئيس المفوضية الأوروبية ليس بإمكانه التجول عبر كامل أوروبا ومعاينة الأمور. يجب على الحكومات الأوروبية أن تكف عن توجيه التهم إلى بروكسل أو إلى الولايات المتحدة، يتعين عليها أولا أن توضح لشعوبها ما فعله الاتحاد لحد الآن وأن تواصل جهودها التي ستأتي بثمارها سواء على مستوى التنمية المشتركة أو فيما يتعلق بتوفير مناصب الشغل.

يورونيوز: هل سنتوصل إلى تحقيق اتحاد سياسي في أوروبا؟

جاك دولور: هذا الهدف لا أراه في الوقت الراهن، وبما أن الاختلافات كانت دائما تمثل القوة الدافعة لأوروبا فيجب في هذه الحالة تعزيز منطقة اليورو من خلال تقوية التعاون الأوروبي وهذا ما تتضمنه المعاهدات الأوروبية، يجب أن تكون لمنطقة اليورو ميزانيتها الخاصة بالإضافة إلى وثيقتها الخاصة فيما يتعلق بتنظيمها الاقتصادي. يجب أن تتوفر أيضا على وكالة أوروبية فيما يتعلق بالديون. وهذا ما يساعد على مراقبة الأمور وتحقيق تضامن فعال قبل فوات الأوان. يجب إنشاء أوروبا قوية ومتفتحة وقائمة على السوق الموحدة وعلى الحريات الأربع، حرية الأشخاص والخدمات والسلع ورؤوس الأموال، يجب أن تكون لها رؤية عالمية تجعلها مصدر إلهام ونموذج لإصلاح الأمم المتحدة.

يورونيوز: هل تعتقدون أن أزمة اليورو أصبحت تخيف الدول المرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي كتركيا مثلا؟

جاك دولور: فيما يتعلق بتركيا لا أعتقد ذلك، الكثير من الدول الأوروبية عارضت فكرة انضمام تركيا إلى الاتحاد. وأنا أظن أن هذا الأمر كان خطأ فادحا، فبسببه كان ينظر إلينا من الخارج وكأننا ننتمي إلى جماعة مسيحية وهذا الأمر بإمكانه خلق انقسامات حادة. أمامنا عمل كبير لمحاربة الأصوليين وبالتالي رفض الآخرين ومهاجمتهم أو خلق مشاكل لهم سيؤزم الأمر أكثر. بعض الحكومات لا تفكر في تداعيات الأمور. تومازو بادوا سكيوبا، الرئيس السابق لمعهد “نوتر أوروب” للأبحاث ووزير المالية الأسبق في حكومة رومانو برودي كان يقول “الدول تمارس خطط التقشف وأوروبا تطبق الإنعاش“، إذا طبقنا هذه المقولة وأضفنا إليها مائتي مليار يورو لتحقيق مشاريع التنمية في مجال التنمية الخضراء وفي البنية التحتية وفي البحوث فسوف تستعيد أوروبا قوتها التي كانت عليها في السابق.

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

جوزيب بوريل: "نشهد مجاعة في غزة وإسرائيل تستخدم التجويع كسلاح حرب"

شاهد: الجرارات تصل إلى العاصمة الإسبانية ضمن احتجاجات الفلاحين في أوروبا

مساعدات اقتصادية بقيمة 8 مليارات دولار من الاتحاد الأوروبي إلى مصر