غورباتشوف حين مد يده للغرب... وذكريات منظومة لم تعد موجودة

غورباتشوف حين مد يده للغرب... وذكريات منظومة لم تعد موجودة
Copyright 
بقلم:  Andrei Belkevich
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button
اعلان

فتح الباب وهدم جدار برلين دعوة شهيرة اطلقها الرئيس الاميركي السابق رونالد ريغن لآخر رئيس للاتحاد السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف.

حينها لم يلق خطابه من واشنطن او نيويورك وانما امام الجدار …

الرجلان نسي كل منهما هذه العبارة الشهيرة كما اكد بافيل بالازيشنكو، مترجم المحادثات الرسمية والخاصة بينهما. واضاف: “بالتأكيد، كان ظهوراً لامعاً… لكن موسكو اعتبرته عملاً مسرحياً.. وحين سئل غورباتشوف عنه… اجاب “نعلم ما هي المهنة الاولى للرئيس ريغن”… فمن الواضح ان غورباتشوف لا يمكنه هدم الجدار. وحين هدم كان ذلك بارادة وقرار الالمان”.

غورباتشوف الذي زين مكتبه بقطعة من هذا الجدار لم يتخيل كما المستشار الالماني هيلموت كول هذا التوحيد السريع لالمانيا والذي اثار خوف رئيسة الوزراء البريطانية مارغريت تاتشر والرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران من اتساع الفكر النازي في المانيا. واكد بالازيشنكو ان تاتشر “كانت قلقة جداً. لقد رأيتها خلال تلك الاشهر والسنوات. واقول اكثر من ذلك: كانت متخوفة ايضاً من ثورات مخملية في اوروبا الوسطى. موقف متناقض. لانها، بالطبع، ثورات رأسمالية. فان كان من داعم حقيقي للرأسمالية غير المنضبطة فهي تاتشر. على اي حال، كانت تملك ايضاً جينات الاستقرار. ميتران كان له موقف مشابه. كان يكثف دعمه لنا للحؤول دون انشاء بنى تحتية عسكرية اضافية في شرق المانيا، وعدم نشر اسلحة نووية او جنود اضافيين في المانيا بل تقليل عددهم”.

ايغور ماكسيميتشيف مستشار السفارة السوفياتية في المانيا عام الف وتسعمئة وتسعة وثمانين يذكر ان الكرملين لم يعتبر سقوط جدار برلين مأساة. وقال إن “غورباتشوف كان سعيداً. سعيداً بان مشكلة الجدار انتهت اخيراً. ولم يعد موجوداً. وقد هدمه الالمان بانفسهم. ولم نكن مشاركين بهذا الهدم وغير مسؤولين عن نتائجه”.

مقاربة الكرملين اليوم لاحداث اواخر الثمانينيات مختلفة. بعض اعضائه يرون ان غورباتشوف لم يكن صارماً ليحظى بضمانات لمصالح موسكو مقابل توحيد المانيا “كل هذه الامور وعدنا بها، لكنها وعود شفهية، غير موثقة. بلا التزامات مكتوبة. وقد اتضح لنا ان لا احد يدين لنا بشيء. وفي الاخير هل الناتو وصل الى الشرق؟ نعم لقد وصل…”.

لكن رأي بالازيشنكو مخالفاً “في ذلك الوقت الضمانات حول اوروبا الشرقية لم تكن لتعطى. لان هذه البلدان كانت ما تزال اعضاء في حلف وارسو. وحتى حين لم يعد حلف وارسو موجوداً لم تثار ابداً مسألة وصول هذه البلدان الى الناتو”.

هذه اللعبة الجيوسياسية هي اليوم ذكريات تاريخية لبعض المواطنين السوفيات. متحف الجيش السوفياتي حفظ جزء منها. ويقول احد الضباط السابقين ويدعى اندري راخمانين “هذه الصواريخ كانت في المانيا قبل انسحاب جنودنا … اليوم، بعضهم ما زال في الجيش”.

اندراي راخمانين والكسندر بالاشوف خدموا في المانيا الشرقية في المجموعة الشرقية للجيش السوفياتي. في التاسع من تشرين الثاني نوفمبر، اندراي كان عند نقطة التفتيش حين وصلت مجموعة من الالمان الى المعبر. كانوا يحتفلون وهم يشربون ويغنون …

وعادت تلك اللحظة الى ذاكرة ارخمانين، وبدأ يروي ما حدث: “خرجت وقلت لهم: افهم انه حدث كبير، لكنه ليس مكاناً للشرب. فاجابوا: اجل حدث كبير، مأساة رهيبة … هؤلاء المغفلون قرروا توحيدنا مع الغربيين. تعالى واشرب معنا ايها الضابط الروسي”.

بعد نصف سنة، وهي الفترة التي تفصل بين سقوط الجدار وتوحيد المانيا قاسية جداً بالنسبة للجنود السوفيات. بعد ان كانوا حلفاء اضحوا محتلين. ويخبر الكسندر بالاشوف الجندي السابق: “بعض الصبية في عمر العاشرة تقريباً، كانوا يلعبون لعبة الحرب. يحملون عصياً في اياديهم وكأنهم يحملون بنادق ويطلقون النار علينا في الوقت الذي كانت فيه مجموعتنا تنسحب. لم يكن انطباعاً لطيفاً”.

بعد ربع قرن تبقى الذكريات في الساحة الحمراء في موسكو. ماتريوشكا او الدمية الروسية الشهيرة رسمت عليها صور لينين وستالين وبوتين… اما صورة ميكائيل غورباتشوف احد صناع توحيد المانيا والصديق المقرب للغرب، فمن
الصعب ايجادها…

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

كييف تعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسية بعيدة المدى وموسكو تنفي

الكرملين: الدعم الأمريكي لكييف لن يغير من وضع الجيش الأوكراني في ساحة المعركة

حزب المحافظين الحاكم يفوز في انتخابات كرواتيا ـ ولكن...