مقابلة مع العراقية هناء صبحي الفائزة بجائزة ابن خلدون- سنغور للترجمة في العلوم الإنسانية

مقابلة مع العراقية هناء صبحي الفائزة  بجائزة ابن خلدون- سنغور للترجمة في العلوم الإنسانية
Copyright 
بقلم:  Raja Al Tamimi
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button
اعلان

العراقية الدكتورة هناء صبحي فازت بجائزة ابن خلدون- سنغور للترجمة في العلوم الإنسانية (دورة 2014)، التي تنظمها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) والمنظمة الدولية للفرنكوفونية ، عن ترجمتها من الفرنسية إلى العربية كتاب الفيلسوف الفرنسي إدغار موران: «النهج / إنسانية البشرية: الهوية البشرية» الجزء الخامس. يورونيوز إلتقتها واجرت معها هذا الحوار.

رجاء التميمي- يورو نيوز: هناء صبحي، نود أن تحدثينا عن تجربتك الخاصة في الترجمة وعن دوافعك لترجمة هذا الكتاب.

هناء صبحي: في البدء، أود أن اتحدث عن تجربتي الشخصية مع هاتين اللغتين الجميلتين والعزيزتين على قلبي على حد سواء، وهما العربية والفرنسية، وسأركز على الكتب التي أثرت في حياتي وشكلت منعطفا فيها.

لقد عشقت اللغة الفرنسية وأنا على مقاعد الدراسة الجامعية ورافقتني منذ ذلك الحين هي وكنوزها الأدبية والفلسفية فاكتشفت الكثير عن الانسان والحياة من خلالها وكانت لي سندا وذخرا في الأوقات العصيبة، لا سيما في فترات الحروب التي عشناها في العراق. أبدأ هنا باللغة الفرنسية لأنها هي التي قادتني إلى اكتشاف كنوز اللغة العربية، لغتي الأم، التي عشقتها أكثر فأكثر من خلال ترجمتي للروائع الفرنسية التي أثرت فيّ ليشاركني في اكتشافها والاستمتاع بها القارئ العربي.
إن روايات مثل “في البحث عن الزمن الضائع” لمارسيل بروست و“الباب الضيق” لأندريه جيد و“التحول” لميشيل بوتور وأخرى مثل “مسائل في علم الاجتماع” لبيير بورديو وأخيرا وليس آخرا، الجزء الخامس من سلسلة “النهج، “إنسانية البشرية، الهوية البشرية” للفيلسوف وعالم الاجتماع الفرنسي أدغار موران كانت لي، على سبيل الذكر لا الحصر، نبراساً ودرسا قيما في الحياة لما تحمله من كنوز فكرية عميقة.

يتناول الجزء الخامس من سلسلة “النهج “ “إنسانية البشرية، الهوية البشرية” للفيلسوف وعالم الاجتماع الفرنسي أدغار موران، الذي أمضى أكثر من ثلاثين عاما من حياته ليكتب النهج بجميع أجزائه أهمية ترسيخ المبادئ الإنسانية في سلوك البشرية. وتكمن ميزته في توثيق المعارف المبعثرة المتصلة بالبشر في العلوم والإنسانيات، وربط مفاصلها، وتأملها بهدف التفكير في تعقد البشرية في هويتها البيولوجية، والذاتية والاجتماعية على حد سواء. فهو يُدخل مفهوم التعقيد الى معنى الإنسان بإعادة مفهوم الجانب الأنثوي اليه، المخفي تحت مفهوم الرجولة، وبمنحه المعنى الثلاثي، الفرد/النوع/ المجتمع، الذي يضعه داخل وخارج الطبيعة في الوقت نفسه: فهو يحاول أن يفكر ببشرية مغتنية بكل تناقضاتها (الإنسانية وغير الإنسانية، الانغلاق على الذات والانفتاح على الآخر، والعقلانية والانفعالات، والعقل والأسطورة، والمفاهيم المهجورة والتاريخ، والحتمية والحرية). ويعتبر قدر الهوية البشرية مرهون بعملية عولمة الكون الحالية.

وتحظى الثقافة في هذا الكتاب بأهمية خاصة، فيما يتعلق بمفهوم الإنسانية، الذي لا يكتمل إلا من خلالها، وكذلك بوصف الثقافة نتاجاً لقدرات العقل البشري لذا فإن موران يتابع التغيرات التي أحدثتها في مسار تطور الجنس البشري، ومن ثم يتناول محددات الطبيعة البشرية وهويتها الإنسانية كغريزة الحب والعقل والأسطورة، والكاتب يقدم العقل والأسطورة كنقيضين وكأمرين متكاملين في الوقت نفسه، فأحدهما يستدعي الآخر. كما يتطرق إلى الموت ولا إنسانيته كونه يمثل قطيعة قصوى بين ذهن الإنسان والعالم البيولوجي. ويأتي بعد ذلك على ما أطلق عليه الثالوث البشري (الفرد، والمجتمع، والنوع) الذي تنبثق البشرية من تعدده وتداخلاته. أما الجزء الثاني من الكتاب فيتناول الهوية الشخصية ويقدم الفرد بوصفه حاملا للشكل الكامل المتعلق بالوضع البشري، أما اختزال الفرد وتذويبه في النوع/المجتمع، فإنها عملية متعذرة وشاذة لأنه هو وحده الذي يمتلك الوعي والذاتية المكتملة. ويأخذ موران -بالتالي -على العلم الحتمي إذابته للذات، ونفي الفلسفتين الوضعية والبنيوية لها. ويتناول الكتاب في هذا الجزء-كذلك-علاقة الذات بالآخر. ويتناول الكتاب بعض الظواهر الثقافية الملازمة لحياة الإنسان كالخيال والحالة الجمالية والشعر، التي لا يعدها ظواهر عارضة أو بنى فوقية بل إنها حالات للشعور بالحقيقة الحياتية في دواخلنا. ويتطرق موران إلى قضية الهوية الإجتماعية من خلال تطور المجتمعات بدءاً بالعائلة ومرورا بالدولة ومراحل تطورها المختلفة، وانتهاء بالدولة-الأم الحديثة. وينهي كتابه بالحديث عما يسميه “المنظومة البشرية” فيتطرق إلى مفاهيم ومصطلحات على شاكلة الحرية الذهنية والاستحواذ وسطوة التاريخ وإمبراطورية البيئة.

إن دراسة موران هذه أجابت عن تساؤلات كثيرة كانت تدور في ذهني. فآثرت أن أترجم هذا الصرح ليكون، كما أراده موران، وأنا بدوري، من خلال ترجمتي له، ردا على جنون البشر وطيشه في الأرض، لعله يدق له ناقوس الخطر ليكف عن عبثه على هذه الأرض ويجعله أنيقا في خيارات عيشه ومنارا له في فهم ذاته وليكون إضافة لمكتبتنا العربية باعتباره مصدرا فلسفيا مهما يتناول الانسان بمفهوم حديث وجريء ومتصل بالتغيرات الكونية الحالية. وهذه أول ترجمة للكتاب من اللغة الفرنسية إلى العربية.

إن الترجمة جسر يربط بين الثقافات ويقرب الشعوب من بعضها البعض، وحوار الحضارات هذا بين المجتمعات لضروري جدا لا سيما في وقتنا الراهن من أجل فهم الآخر والانفتاح عليه بغية إثراء الطرفين ونشر الفكر التنويري ليكون شمعة في دروب البشر عسى أن يُسهم في تعزيز السلام والاستقرار في العالم. وأركز هنا على الدور المهم الذي تلعبه الآداب والعلوم الانسانية في بناء الفرد وفكره. يورو نيوز: ماذا تمثل لك هذه الجائزة؟

-هناء صبحي: في رحلتي هذه مع الترجمة، وعزلتي بحلوها ومرها، كنت أتساءل إن كانت النصوص التي انقلها إلى العربية ستلقى من يستمتع بها ويلتفت إليها كي أشعر أنني قدمت شيئا لمجتمعنا العربي. وكنت أسعد كثيرا عندما تأتيني، من وقت لآخر، رسائل الكترونية من أحد القراء لتثني على جهودي في ترجمة موران أو غيره من الأعمال التي ترجمتها وتطلب المزيد، أو من أحد طلبة الدراسات العليا في الفلسفة أو علم الاجتماع في بلد عربي يسألني عن فلسفة موران وإن كنت اترجم له كتابا آخر لأنه كان مفيدا له في تحضير اطروحته… فكيف إذا جاء هذا التكريم من مؤسستين موقرتين وهما المنظمة الدولية للفرانكفونية والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو). إنه لدعم معنوي كبير رسخ لدي الرغبة في مواصلة الترجمة لإثراء مكتبتنا العربية بمزيد من الكتب القيمة.

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

المترجمون في مؤسسات الاتحاد الأوروبي يطالبون بروكسل بمساعدة فورية

شاهد: سباق الهجن في الرياض وجوائز بقيمة مليون وسبعمائة وخمسين ألف ريال

اليابان: فائزة بجائزة أدبية مرموقة تكشف أنها اعتمدت على الذكاء الاصطناعي في كتابة روايتها