جيبوتي مفترق طرق المنفيين اليائسين

جيبوتي مفترق طرق المنفيين اليائسين
بقلم:  Euronews
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

الآلاف من اللاجئين تجمعوا في أعماق الجبال القاحلة منذ خمسة وعشرين عاما. بين شبه الجزيرة العربية والقرن الأفريقي، ،جيبوتي، مفترق طرق المنفيين اليائسين.

رجال أثيوبيون ساروا مئات الكيلومترات للوصول اليها. إنهم يريدون أن يذهبوا إلى اليمن. على أمل العثور على عمل، على الرغم من الحرب هناك.
في جيبوتي، شمال منطقة القرن الأفريقي. هذه الطريق تؤدي إلى مدينة أوبوك، ثلاثون كيلومترا تقريباً عن السواحل اليمنية.

في الأسابيع الأخيرة، هذه المدينة شهدت وصول العديد من القادمين الجدد.
مئات اللاجئين القادمين من اليمن عبروا الحدود هربا من الصراع المحتدم في بلدهم.
جيبوتي واحدة من الدول القليلة التي توافق على استقبالهم.
تم تشييد مراكز مؤقتة مرتجلة للاجئيين. الكثير منهم لا يزالون في حالة صدمة. احدى السيدات علمت للتو أن منزلها قد دُمر.

وسيم وزوجته، هما أيضاً خسرا كل شيء. وسيم سلطان، لاجيء يمني ، يقول:
“في بلدي، حرب ودمار شامل وقتل وانتهاكات حقوق الإنسان. بيتنا تدمر وسيارتنا أيضاً، تركنا كل شيء خلفنا، تركنا أحلامنا ومعيشتنا. نعيش في المجهول. ننتظر هنا، لكننا لا نعرف شيئا عن المستقبل، لا نعرف مصيرنا “.

جاءوا إلى جيبوتي طلباً للأمان. أغلب الذين إلتقينا بهم لا يريدون البقاء فيها بسبب عدم إستقرار الأوضاع، وليس هناك مستقبل.
جميعهم يعلمون أنهم لا يستطيعون العودة إلى ديارهم قبل قضاء فترة طويلة خارجها.

أحمد جاء إلى هنا مع زوجته الحامل. والدته التي بقيت في اليمن، قُتلت على يد قناص هناك قبل بضعة أيام. اللاجئ اليمني أحمد عبد الله ، يقول:
“ الجيبوتيون ساعدونا كثيراً. التجار اليمنيون الموجودون هنا في جيبوتي، وفروا لنا الكثير من المتطلبات الأساسية، بيد أن لا شيء هنا، لا يوجد عمل، والحياة صعبة . نحن عالقون هنا . معظم الأشخاص يريدون الذهاب إلى أوروبا. لأنهم يعرفون ما سيحل باليمن.”

يتم نقل اللاجئين في ملاجئ مؤقتة تدريجيا إلى هذا المخيم الذي تديره مفوضية اللاجئين. في البداية، هنا تم إرسال الرجال غير المتزوجين. سلطات جيبوتي تخشى من تسلل العناصر الإرهابية بين اللاجئين.
لا شيء من هذا القبيل هنا، يقول هؤلاء الرجال. الهدف هو الهروب من كابوس الحرب.

المهندس محمد صالح، لاجئ يمني، يقول:
“هنا، يوجد الكثير من المتعلمين والأذكياء. يوجد معلمون ومهندسون، والكثير من اصحاب الشهادات الجامعية … انهم يريدون أن يعيشوا. لقد تعبوا. اننا بحاجة إلى مساعدة أوربا، على أوربا أن تؤثر على حكومتنا، ان تساعدنا لنكون ديمقراطية. أريد أن أكون حراً. كأنسان. أريد الحرية.”

المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تتوقع إستيعاب ما يصل إلى 15.000 شخصاً من اليمين على مدى الأشهر الستة المقبلة.عدد يعادل عدد اللاجئين وطالبي اللجوء الأفارقة في جيبوتي.

المتحدث باسم المفوضية، فريدريك فان هام، يقول:
“من الواضح أن هذا سيكون ضغطاً كبيراً على بلد صغير مثل جيبوتي، بلد يواجه مشكلة الجفاف ونسبة عالية من البطالة والفقر.”

فقر جعل من تجارة معينة في أوبوك، نقطة لعبور الآلاف من افريقيا بطريقة غير شرعية، إلى شبه الجزيرة العربية. هذه السيدة التي سنطلق عليها أسماً مستعاراً، حاوي، لأنها لا تريد الكشف عن هويتها. مارست هذا النشاط لمدة خمس سنوات. نظمت خلالها رحيلَ الآلاف من الأشخاص بشكل غير قانوني.
إصطحبتنا إلى ضواحي المدينة حيث العشرات من المنفيين بإنتظار الوصول إلى الجانب الآخر.
هؤلاء الاثيوبيون يأملون أن يجدوا عملاً في المملكة العربية السعودية ..

المهاجرة الأثيوبية رومانا محمد، تقول:
“اقترضنا المال من عائلاتنا لنأتي إلى هنا، لا يمكن أن نعود إلى إثيوبيا بلا شيء. علينا تسديد ديوننا. إن بقينا سنضيع. هنا، لا يوجد أي شيء نفعله. لا أمل لدينا سوى الذهاب إلى المملكة العربية السعودية “.

منذ بداية التدخل المسلح في اليمن في آذار/ مارس الماضي، أسعار العبور تضاعفت، والمخاطر كبيرة جدا بيد أن الحركة لم تتوقف، وفقاً لهذه السيدة. السيدة حاوي، تقول:
“إن لم يكن لدينا ما نخسره، فاننا مستعدون للقيام بكل شيء. حتى المتاجرة بالسلاح والمخدرات، كل شيء! لأن لا شيء لدينا،
بصراحة، اننا مستعدون لمواجهة جميع المخاطر. بحثت عن عمل في كل مكان، لا أحد ينظر إلي. فلماذا لا أقوم بأشياء غير قانونية؟ لأنني لا أملك شيئا. كيف يمكنني تلبية احتياجاتي واحتياجات أولادي؟ الحمد الله. شكراً لله. وليحيا العمل غير القانوني على أية حال! إن توقفت الأزمة في اليمن، أقسم بأنني سأعود لعملي كمهربة. لا أخشى شيئا.
إن وجدت عملاً، أجل، سأتوقف عند هذا الحد، نعم. “

في العام الماضي، أكثر من مئة ألف مهاجر غير شرعي عبروا جيبوتي إلى شبه الجزيرة العربية.
بسبب الصراع في اليمن، حركة العبور تباطأت لكنها لم تتوقف. وفقاً لرئيس خفر سواحل جيبوتي.
منذ بداية عملهم في العام 2011، جيبوتي لها القدرة على ضمان السلامة البحرية بيد أنهم لا يمتلكون الوسائل اللازمة للسيطرة على معبر الهجرة غير الشرعية هذا، والذي يُعد بالنسبة للبعض طريقاً لأوروبا.

قائد خفر السواحل جيبوتي، العقيد وعيس عمر بقره، يقول:
“ خلال أقل من ثلاث سنوات ونصف السنة، قوات خفر السواحل أحبطت وألقت القبض على حوالي أربعين ألف شخص. نلقي القبض على ألف شخص لكن ألفي شخص يتمكنون من العبور. هذا ما أعتقد. لأننا لا نمتلك العدد الكافي و الجهد اللازم ، اننا بحاجة إلى جهد جماعي، بغض النظر عن الدول المجاورة، مهما كانت الدول الأوربية، مهما كانت الدول المعنية بهذا البلاء “.

تعزيز الدعم للبلد الأصلي وبلد العبور، هذه هي الفكرة التي يعملون عليها. قيادة قوة اتالانتا للاتحاد الأوروبي، المسؤولة عن مكافحة القرصنة قبالة سواحل الصومال وضعت اليوم في ميناء جيبوتي.
نجاح هذه البعثة شجعت على التفكير بالمشروع الأوروبي الجديد لمحاربة المهربين. بينما كنا هناك للتصوير، لا شيء رسمي حتى الآن بالنسبة لتخصيص قوة بحرية أوروبية في منطقة البحر الأبيض المتوسط.

جوزيف سيلفا، رئيس وفد الاتحاد الأوروبي في جيبوتي، يقول:
“هناك العديد من الخيارات المطروحة على الطاولة. أحدها على سبيل المثال، انني اتحدث عن نظرية فقط، هو توسيع ولاية القوة لمكافحة أكثر مباشرة ضد متاجرة أخرى هي الاتجار بالبشر و الأسلحة والمخدرات، انها آفات كبيرة في هذه المنطقة من العالم “.

سنتوجه إلى مخيم علي عدي، على بعد 130 كيلومتراً جنوب العاصمة جيبوتي. في أعماق الجبال القاحلة، هنا، أكبر مخيم للاجئين في البلاد، فيه أكثر من عشرة آلاف لاجيء، معظمهم من الصوماليين، وهناك أيضا عدد من الاثيوبيين والاريتريين .. السيدة ، هوبي، هربت من الحرب الأهلية في الصومال في العام 2008. تعيش هنا مع بناتها السبع. قبل عامين اختفى احد ابنائها وهو في التاسعة عشرة من العمر.
كان يريد أن يهاجر بطريقة غير شرعية إلى أوروبا، عبر السودان وليبيا.
هوبي تلقت نداء استغاثة في العام الماضي. ابنها رهينة بيد المتاجرين الليبيين، انهم يطالبون بفدية قدرها خمسة آلاف وخمسمئة دولار أو إزالة بعض من أعضائه للبيع. مبلغ بعيد المنال، ومنذ ذلك الحين، انه في عداد المفقودين بالنسبة للأسرة.

اخته الصغيرة تقول:
“أنا قلقة كل يوم. أخي أنا أحبك. أسمه محمد نور.”

هوبي أحمد، لاجئة صومالية، تقول:
“أسمع في الراديو الناس يتحدثون عن الذين لقوا حتفهم في عرض البحر، وسوء المعاملة التي يعانون منها حال وصولهم إلى بلد ما. لا أتمنى لأي أم أن تعيش هذه الصعوبات. لم أعد أستطيع النوم. لا أعرف إن كان ابني حيا أو ميتا. أطلب من الدول الأوربية والولايات المتحدة اتخاذ إجراءات شرعية ضد المهربين. علينا أن نفعل أكثر لإيقافهم . انهم مجرمون! “

الجميع يريد التحدث الينا، الجميع يريد أن يتحدث عن صعوبة الحياة هنا.
الكثير من هؤلاء الشباب ولد في المخيم، انهم لم يعرفوا شيئاً آخرَ من قبل.
في بلد نسبة البطالة فيه حوالي سبعين في المئة، وإمكانيات التكامل محدودة،
انهم يرغبون في محاولة مغامرة غير مشروعة .

جوليد عبد الحبيب، لاجيء صومالي، يقول:
“حياتنا صعبة جداً، انها تزداد سوءاً يوما بعد يوم. هذا صعب جداً بالنسبة للشباب اللاجئين، حتى دراستنا غير معترف بها، الشهادة التي نحصل عليها غير معترف بها.”

محمد عدن، لاجيء صومالي ايضا، يقول: “ هنا، لا نحصل على أي ميزة، لا على الصعيد التعليمي ولا الصحي. اننا لا شيء. ليس لدينا سوى السلام.” جوليد عبد الحبيب، يضيف قائلاً:
“لغاية نهاية هذا العام ، إن لم أحصل على أية نتيجة، سأضطر لعبور البحر، لا مفر من هذا… لأنني لا أستطيع العودة إلى بلدي بسبب الحرب الأهلية الدائرة هناك. لم يعد أمامي سوى البحر، لا يهم ان مت أو لا. الموت أو الحصول على شيء أفضل. “

الكثيرون في المخيم بانتظار الاستجابة لطلب إعادة توطينهم في دول ثالثة. المؤهلون منهم قليلون جداً.

إبراهيم وصل من إثيوبيا قبل 25 عاما، يدير مطعما صغيرا مع زوجته حواء. كحياة السجناء، لا أمل لهم في العودة، ومنسيون من العالم أجمع. بالنسبة لإبراهيم، إن لم تُعالج الأسباب الجذرية، لا شيء سيوقف مأساة الهجرة غير الشرعية. إبراهيم كينو، لاجيء أثيوبي، يقول: “أولا، على الحكومات وقبل كل شيء، أن تكافح لضمان الاستقرار لتشجيع الناس على البقاء في بلدانهم. اننا بحاجة إلى حل دائم، هذه هي رسالتي. ليس من اجلنا نحن، بل من اجل أطفالنا. انهم يتزوجون هنا، واطفالهم يلدون هنا، من دون تعليم. اننا لسنا دائمين لهم، قد نموت غداً أو بعد غد، لا يهم، اننا متقدمون في العمر، لكننا سنترك أبنائنا بلا مستقبل. لذا يرجى إنقاذ أطفالنا. انقذوا أطفالنا، إن لم تستطيعوا القيام بشي من أجلنا، فافعلوا من أجل أولادنا، إن كان هذا بالإمكان. “

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

العمال غير المرئيين: ظروف قاسية واستغلال واعتداءات وعقوبات

شاهد: أبشع كنيسة في مدينة بورسغرون جنوب النرويج

بولندا لن تتخلص بسهولة من الفحم رغم التلوث الذي يقضي على 50 ألف شخص سنوياً فيها