بعد 25 عاماً من الانتظار حسين حبري يواجه قوس المحكمة

بعد 25 عاماً من الانتظار حسين حبري يواجه قوس المحكمة
بقلم:  Randa Abou Chacra مع Valérie Gauriat
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button
نسخ/لصق رابط فيديو المقال أدناهCopy to clipboardCopied

ضحايا الطاغية التشادي حسين حبري ينتظرون محاكمته في العاصمة السنغالية داكار في 20 تموز/يوليو. في هذه الحلقة من "ريبورتر" يتحدث بعض الضحايا الناجين عن التعذيب الذي تعرضوا له بأيدي رجال ذلك النظام.

“نحن هنا في هامرال غوز التي نطلق عليها اسم سهل الاموات. تحت قدمي، داخل هذه الرمال، هناك عظام… انها لزملائي الضحايا الذين دفنتهم هنا بيدي” هذا ما بادرنا به كليمان ابيفوتا رئيس منظمة ضحايا جرائم نظام حسين حبري.

انه يسير في احد احياء ضواحي العاصمة التشادية ندجامينا والذي يخبئ اكثر المراحل سواداً في تاريخ هذا البلد. ففيه احدى المقابر الجماعية العائدة لعهد الدكتاتور حبري الذي حكم بين عامي 1982 و1990.

كليمان قضى اربعة اعوام في سجون ذلك النظام. خلالها، اجبر على دفن زملائه السجناء الذين قتلوا تحت التعذيب او بسبب الامراض والجوع.

إنه، كما يقول، ينتظر “اعلان الحقيقة وتسمية كل من قام باي عمل في عهد حسين حبري. ولماذا قام به. ومن ثم معاقبة الفاعلين. فالضحايا سيرتاحون عند معاقبة الفاعلين”.

فأكثر من اربعين ألف شخص قتلوا اما اعداد المفقودين والذين تعرضوا للتعذيب ففاق عشرات الالاف. هذا ما اوردته لجنة التحقيق التي شكلتها حكومة ادريس ديبي بعد الاطاحة بحبري.

الاتحاد الاوروبي يدعم محاكمة حبري

حسين حبري سيحاكم في العشرين من تموز/يوليو في العاصمة
السنغالية داكار بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية
وبتعذيب اناس. إنها محاكمة استثنائية لاقت دعماً دولياً ويشكل الاتحاد الاوروبي اهم داعميها مادياً.

شهادات ضحايا نظام حسين حبري

جينيت نغارباي كغيرها من الضحايا الذين نجوا من السجن والتعذيب، ستدلي بشهادتها امام المحكمة. وتخبرنا مستعيدة تلك الاوقات التي تمنت فيها الموت “بدأ بملامستي، بملامسة نهدي … وكل مكان في جسدي. قلت له إنني حامل، انتظر طفلاً. لقد وضعت طفلي في ظروف صعبة للغاية. كنا ننام على الارض. الديدان والبراغيث والحشرات تغلغلت الى اجسادنا. الطفل يبكي وانا ابكي والآخرون يبكون. كنا نمضي اوقاتنا بالبكاء، متمنين الموت. لكن الموت لم يأت”.

فاطمة ساكين نجت ايضاً من السجن والتعذيب. بدورها تسترجع طرق التعذيب التي تعرضت لها “كنا نضرب بالهراوات، ونصعق بالتيار الكهربائي… كانوا يقومون بكل شيء … بكل طرق التعذيب. يومياً كان الناس يموتون … فكانوا يتركونهم بيننا رافضين نقلهم الى غرفة الموتى… ويقولون “ اتركوهم! … مع الاحياء” …. في الزنزانة كنا ننام بجانب الجثث”.

سجين سابق يدعى احمد بشير كانت له تجربة تتعدى الكابوس الذي لا نهاية له. ويقول “لم يكن بامكاننا التحدث مع احد … كانوا يعذبوننا يومياً. بامكانهم ان يتهمونك بالقيام بامور شتى وبلا سبب. ولا يمكنك الوثوق بأي شخص الا اذا كنت متعاملاً معهم. ولم يكن هناك من مخرج. لا يمكن البوح بشيء لاحد ولا حتى للزوجة. في اي وقت، باستطاعتهم الوصول لاعتقالك ويزرعون فيك الرعب”.

جينيت اكثر ما ترغب به هو ان يتوقف كل ذلك “لا اريد ان يتعرض ابني او اي فرد من اقربائي او اي شخص آخر لا اريد لاي منهم ان يتعرضوا لما تعرضت له. انتظر المحاكمة، اريد ان تأخذ العدالة مجراها”.

4000 ضحية احياء وصائد الطغاة

اربعة آلاف ضحية ناجون يشكلون الحق المدني في محاكمة الرئيس التشادي السابق. لكن مئة منهم سيقفون كشهود تحت قوس المحكمة. وستدعم اقوالهم آلاف الوثائق التي اكشتفها المحامي الاميركي ريد برودي عام 2002.

برودي متخصص بالدفاع عن حقوق ضحايا الدكتاتوريات ويطلق عليه اسم “صائد الطغاة”. انه المستشار القانوني لمنظمة هيومن رايتس ووتش.

لقد درس ارشيف الشرطة السياسية لحسين حبري والتي سجلت فيه ما اقترفته بحق المعتقلين. كما عمل اكثر من خمسة عشر عاماً الى جانب الضحايا.

  • محاكمة تاريخية*

بالنسبة لبرودي محاكمة حبري المنتظرة هي محاكمة تاريخية، ويضيف “هذه المحاكمة هي الاولى من نوعها في التاريخ، للمرة الاولى في العالم محكمة احدى الدول تحاكم مسؤول دولة اخرى. إنها المرة الاولى التي ينشئ فيها الاتحاد الافريقي محكمة. انها المرة الاولى في افريقيا، تنظر فيها محكمة احدى الدول بجرائم ارتكبت في بلد آخر. وكل ذلك بسبب صرخات ضحايا حسين حبري طيلة خمس وعشرين سنة وبلا كلل. لقد اظهروا انه مع الاصرار والمثابرة يمكن للاناس البسطاء التحرك وجلب ديكتاتور امام القضاء”.

محاكمة من اجل المصالحة الوطنية

المحامية التشادية جاكلين مودينا قادت معركتها دفاعاً عن الضحايا على مدى اكثر من عشرين عاماً. ورغم تعرضها لاعتداء كاد ان يقضي عليها، ورغم التهديدات التي تصلها، ما زالت تناضل. انها اهم محاميي الدفاع عنهم في محكمة داكار.

محاكمة تأتي بعد ان دانت محكمة خاصة تشادية عشرين مسؤولاً في الشرطة العسكرية.

مودينا التي هي ايضاً رئيس منظمة حقوق الانسان التشادية تقول إن “اقتياد حسين حبري لمواجهة القضاء ومحاكمته ومحاكمة شركائه، تعني ان كل الشعب الافريقي سيقول “يمكننا ان نجرأ على الاستمرار ومحاكمة اولئك الذين يرتكبون الشرور ويخرقون حقوقنا”. هذا الملف اردناه درساً كبيراً لافريقيا جمعاء. في التشاد وفي كامل افريقيا. انه الدرس الكبير. إنه القدرة على مساءلة المتحصنين من العقاب”.

بالنسبة لـ Moudeina ستساهم هذه المحاكمة بالمصالحة بين المجتمعات المختلفة في البلاد. بين المسلمين في الشمال والمسيحيين والوثنيين في الجنوب.

حبري ودعم باريس وواشنطن في مواجهة القذافي

حسين حبري بدأت معاركه ضد المعارضين للانقلاب الذي قام به للوصول الى الحكم. فلقى دعم فرنسا والولايات المتحدة اللتين ارادتا وضع حد لطموح معمر القذافي التوسعية من خلال دعمه للمعارضة.

حبري هاجم كل معارضيه على اختلاف انتماءاتهم في الشمال كما في الجنوب.

رسومات التعذيب لتطبع التاريخ

جوسيو دوماسين هو ايضاً احد ضحايا حبري. انه ما يزال يعاني من آثار التعذيب الذي تعرض له في السجن. لقد رسم اساليب التعذيب هذه التي وردت في تقرير لجنة التحقيق التشادية.

وخلال اطلاعنا على فنه الراقي الذي يظهر الفن في التعذيب اخذ يتذكر “هكذا كانوا يعذبونني، “شبح الموزة”… كل مرة ارسم فيها، تعود الي الآلام. ارسم لكي تطبع رسوماتي التاريخ اطول فترة ممكنة، وهذه الآلام ستبقى في القلوب. النظام الحالي افضل، معه يمكننا ان نتكلم. لكن الناس طبعوا بما حدث! الناس طبعوا بالطريقة التي جرت فيها الاحداث! لقد زرع الانقسامات ! لقد زرع الانقسام ويجب ان يواجه ما قام به”.

80 ألف يتيم خلفهم نظام حبري

اما فاطمة ماندو، فكانت لها حصتها من حياة الزنزانات المخيفة، وتحدثت عن قلقها الكبير حيال مستقبل الشباب الذين ما زالوا يعانون آثار نظام خلف ثمانين الف يتيم.

خلال وجودها في السجن ابيد سكان الشارع الذي تقطنه ولم يتبق فيه سوى الاطفال وتضيف “حين تسيرون في هذا الشارع، وترون اطفالاً، انهم اطفال واحفاد الضحايا … لقد طبعوا باختفاء اهاليهم”.

خلال الحرب التي اعلنها حسين حبري عام 1979 للاطاحة بكوكوني عويدي، قتل زوج فاطمة برصاصة في فمه وتحت اعين اطفالها. جراحها لم تندمل بعد لكن المحاكمة ستساعدها.

وتختم فاطمة بالقول “كل مرة يمرض فيها اولادي، اتذكر حسين حبري، لانه تسبب بتركي وحيدة مع اولادي. كانوا اطفالاً صغاراً . وكنت شابة ووحيدة لاقوم بتربيتهم. الحقيقة … مؤلمة. وطالما لم تجر المحاكمة ساشعر دوماً بالكراهية، وهذه الحقيقة. لكن اليوم مع المحاكمة المنتظرة فانني اشعر بالراحة قليلاً”.

#HissèneHabré doesn’t want to come to court July20.Victims ask if he's afraid of looking them in the eyes @DamienGlezpic.twitter.com/qaD5ti0UWJ

— Reed Brody (@ReedBrody) July 6, 2015

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

العمال غير المرئيين: ظروف قاسية واستغلال واعتداءات وعقوبات

شاهد: أبشع كنيسة في مدينة بورسغرون جنوب النرويج

بولندا لن تتخلص بسهولة من الفحم رغم التلوث الذي يقضي على 50 ألف شخص سنوياً فيها