العلاقات الاقتصادية الروسية-التركية إلى أين؟

العلاقات الاقتصادية الروسية-التركية إلى أين؟
بقلم:  Adel Dellal
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

إسقاط تركيا للمقاتلة الروسية سوخوي قد يؤدي إلى إلغاء بعض المشروعات المشتركة المهمة بين البلدين في آخر الخطوات التصعيدية التي تقوم بها روسيا بعد هذه

اعلان

إسقاط تركيا للمقاتلة الروسية سوخوي قد يؤدي إلى إلغاء بعض المشروعات المشتركة المهمة بين البلدين في آخر الخطوات التصعيدية التي تقوم بها روسيا بعد هذه الحادثة المفتوحة على جميع الاحتمالات. فلا أحد يعلم بتطورات الوضع بين الطرفين بالرغم من اتفاق الولايات المتحدة الأميركية وتركيا على التهدئة مع روسيا. رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف أشار بوضوح إلى أن الشركات التركية قد تخسر حصتها في السوق الرسمية. روسيا تعتبر ثاني أكبر شريك تجاري لتركيا بعد بلدان الاتحاد الأوربي، ويزيد حجم التبادل التجاري بين البلدين عن ثلاثين مليار دولار سنويا غير شاملة قطاع الخدمات.

أهم نقاط العلاقات الاقتصادية المعرضة للانهيار بين الدولتين الجارتين بسبب الصراع الساخن في الشرق الأوسط وعلى رأسه الصراع في سوريا ترتكز على خمس نقاط أساسية، وهي الغاز والمشروعات المشتركة في هذا المجال، والتبادل التجاري، ومحطة الطاقة النووية التركية، والسياحةالروسية إلى تركيا، والاستثمارات المتبادلة.

الغاز
ففي ملف الغاز تعتبر روسيا المورد الرئيسي لتركيا للغاز الطبيعي المستورد حيث تعتمد أنقرة على موسكو في حوالي نصف وارداتها من الغاز الطبيعي وهو ما قد يضر بتركيا كثيرًا في حالة اتخاذ روسيا قرارا بوقف إمدادات الغاز لها إضافة إلى وقف المشروعات المشتركة في هذا المجال، كما تعتمد تركيا على روسيا في نحو اثني عشر في المائة من الواردات النفطية أيضًا. ويقوم البلدان بمشروع مد “السيل التركي” للغاز الطبيعي بأربعة خطوط، أحدها بحجم ستة عشر مليار متر مربع، سيمتد من روسيا إلى تركيا مباشرة عبر البحر الأسود، ما سيوفر في أسعار الغاز الروسي المورد إلى تركيا، والخطوط الأخرى بحجم خمسين مليار متر من تركيا إلى اليونان لتوصيل الغاز الروسي لأوربا والذي ستستفيد تركيا منه أيضًا إلى لعب دور الموزع وتوفير فرص العمل وجذب الأموال إليها.

التبادل التجاري
في المجال التجاري وصل حجم التبادل التجاري بين الدولتين وفق آخر الإحصاءات إلى نحو ثلاثة وثلاثين مليار دولار تصل الصادرات الروسية إلى نحو ثمانين في المائة من هذه القيمة وهو ما قد يعود بالضرر الأكثر على روسيا عند تأثر العلاقات التجارية في ظل حالة العزلة التي تعاني منها بسبب عقوبات غربية عليها. وتعتبر تركيا سابع شريك تجاري لروسيا وثاني أكبر أسواق التصدير بعد ألمانيا، أنقرة كانت تتوقع أن يصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى مائة مليار دولار بحلول عام ألفين وثلاثة وعشرين.
وعلى صعيد الأسواق المالية، لوحظ أن تأثير التوتر الروسي التركي انعكس حتى الآن على الشركات المرتبطة بالتجارة بين البلدين، ففي روسيا فقد سهم بنك “سيبربانك بي جي إس سي” حوالى أربعة في المائة من تعاملاته منذ يومين. بنك سيبربانك أكبر البنوك الروسية من البنوك التي تدير معظم العمليات التجارية الروسية مع تركيا. كما انخفض سعر سهم غازبروم في نهاية تعاملات الثلاثاء وفقد سبعة عشر في المائة من قيمته بسبب احتمالات فقدان صفقة “تركيش غاز”. وعلى صعيد السندات الحكومية الروسية، بدأ المستثمرون أمس عمليات بيع مكثفة لسندات الخزانة الروسية أجل خمس سنوات، حيث ارتفعت الفائدة عليها بتسع عشرة نقطة مئوية، لترتفع إلى عشرة فاصل صفر سبعة في المائة، وهي أعلى نسبة ارتفاع منذ أغسطس-آب. وفي السوق التركية، تراجع مؤشر الأسهم التركية الذي يقيس أداء الشركات المائة الكبرى في بورصة إسطنبول في ختام تعاملات الأربعاء إلى أدنى مستوياته منذ ستة أسابيع، وقد فقد المؤشر أكثر من اربعة في المائة من قيمته يوم الثلاثاء، كما ارتفعت كذلك الفائدة على سندات الخزانة التركية بنسبة اثني عشر في المائة إلى حوالي أحد عشر في المائة. كما تراجعت الليرة التركية بنسبة صفر فاصل ثمانية في المائة مقابل الدولارفي تعاملات الثلاثاء، وواصلت الليرة التركية الأربعاء هبوطها وسط مخاوف من تداعيات التوتر الروسي التركي على التجارة النشطة بين البلدين.

المحطة النووية التركية
اتفقت موسكو وأنقرة على بناء أول محطة نووية في تركيا في مدينة مارسين بغلاف مالي يُقدّر باثنين وعشرين مليار دولار لتوليد الكهرباء حيث ستشارك شركة روساتوم الروسية في إنشاء المحطة والتي تم وضع حجر أساس إنشاءها في أبريل-نيسان، ومن المنتظر أن تدخل الخدمة في حالة استمرار المشروع في عام ألفين وتسعة عشر بطاقة إنتاجية أربعة آلاف وثمانمائة ميغاوات. وتعتقد تركيا أنه وبفضل هذا المشروع ستصبح ثاني دولة على مستوى العالم خلف الصين، والأولى على مستوى أوربا، في إنتاج الطاقة الكهربائية. ومع توتر العلاقات بين بلاده وروسيا، هدّد الرئيس التركي بالاستعانة بدول أخرى لبناء المحطة، والاستغناء عن الغاز التركي.

السياحة
في المجال السياحي تعدّ روسيا من أهم الدول التي تعتمد تركيا على عدد سياحها الذين وصل عددهم العام الماضي إلى أربعة ملايين ونصف المليون سائح من أصل ستة وثلاثين مليون سائح زاروا تركيا خلال العام بنسبة حوالي ثلاثة عشر في المائة لتكون روسيا في المرتبة الثانية بعد السياح الألمان بحسب إحصاءات وزارة السياحة التركية. وبدلًا من استغلال تركيا للأزمة السياحية في مصر بعد قرار روسيا وبريطانيا تعليق الرحلات الجوية إلى شرم الشيخ وإجلاء السياح هناك إثر سقوط طائرة ركاب روسية في شبه جزيرة سيناء، فقد يلقي حادث إسقاط أنقرة للمقاتلة الروسية على الحدود التركية السورية بظلاله على قطاع السياحة التركي بشكل كبير، وقد توقفت الشركات السياحية الروسية الكبرى عن حجز الرحلات إلى تركيا تنفيذا لتوصيات وزارة الخارجية الروسية ووكالة السياحة “روس توريزم”. خسائر تركيا ستبلغ مليارات الدولارات في حال استمرار توقف حركة السياحة الروسية حتى بداية ذروة الموسم في نهاية الربيع المقبل.

الاستثمارات
وصل حجم الاستثمارات الروسية المباشرة في تركيا منذ بداية العام وإلى غاية شهر سبتمبر-أيلول إلى سبعمائة وخمسة وخمسين مليون دولار، وهو ما يضع موسكو في المركز الرابع عالميا من حيث حجم الاستثمارات الأجنبية في تركيا. وجاءت روسيا في هذا المركز بعد كلّ من اسبانيا، والولايات المتحدة الأميركية ثمّ هولندا.

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

شاهد: لحظة تحطم مقاتلة روسية في البحر قبالة شبه جزيرة القرم

روسيا تعثر على أدلة تورّط "قوميين أوكرانيين" في هجوم موسكو والبيت الأبيض يصف الأمر بـ"الهراء"

بوتين يحذر حلفاء أوكرانيا الغربيين من توفير قواعد جوية في بلدانهم لطائرات إف-16