نداء استغاثة من مهاجرين محاصرين في الجحيم الليبي

نداء استغاثة من مهاجرين محاصرين في الجحيم الليبي
بقلم:  Euronews
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button
نسخ/لصق رابط فيديو المقال أدناهCopy to clipboardCopied

مهاجرون أفارقة موقوفون في ليبيا يعيشون في أزمة إنسانية بسبب قصور المساعدات وتردّي ظروف الاحتجاز.

ليبيا، بلد لا بد منه لكثير من المهاجرين الذين يرغبون بالذهاب إلى أوروبا. الهجرة غير الشرعية أدت إلى ممارسات غير قانونية: كاختطافهم وابتزازهم وسرقتهم واحتجازهم في مراكز اعتقال في ظروف ماساوية في بعض الأحيان. مراسلتنا فاليري غوريا توجهت إلى ليبيا والتقت برجال ونساء جاءوا من أفريقيا أطلقوا نداء استغاثة. دول الاتحاد الأوروبي تتعامل مع هذا الموضوع من زاوية أمنية فقط ولا تهتم بجانبه الإنساني. الوضع في ليبيا منقسم، اضافة إلى انشغال البلد بمحاربة الميليشيات الإسلامية المتطرفة، اما المجتمع الدولي فانه لم يقم بدروه المطلوب.

بعد خمس سنوات على سقوط نظام القذافي، غرقت البلاد في عدم الاستقرار، واصبحت مركزا للهجرة غير الشرعية.
توجهنا إلى مراكز اعتقال المهاجرين غير الشرعيين والتقينا ببعضهم. احدى المحتجزات قالت باحتجاج:“كل يوم جمعة يخرجون بحثا عن السود، يضعون الناس في سجن كهذا، بلا سبب!” محتجز آخر قال:” يعاملوننا كما لو كنا حيوانات ويضربوننا!”
محتجزون قدموا لنا شخصين في حالة ماساوية، على جسمه اثار جروح:”
“انظروا إليه، لقد أمضى 11 شهرا هنا. وهذا، انظروا إلى حياة الانسان.”
الجميع قالوا لنا إنهم هنا منذ أشهر عدة. قبل أن نغادر المركزن محتجزة أخرى تقربت منا وقالت:
“فهمنا أننا أصبحنا مهنة بالنسبة لهم! يريدون الثراء على حسابنا!”

هذه الأصوات الأفريقية هي بعضٌ من آلاف غيرها خلف جدران مراكز احتجاز المهاجرين في ليبيا.
حدودها البحرية حوالي ألفي كم والبرية أربعة آلاف كم، رسميا في ليبيا 300 ألف مهاجر تقريباً.

العديد من بينهم يقومون برحلة محفوفة بالمخاطر إلى أوروبا على مسافة 300 كيلومتر تقريباً قبالة الساحل الليبي.
ماساة يحاول خفر السواحل التعامل معها بوسائل بسيطة .

بعد عملية انقاذ في عرض البحر، احد الناجين صرخ قائلاً: “ كدنا نموت! مات الجميع! شكرا ليبيا! انقذت حياتنا!”

النتائج الماساوية لعملية صوفيا

الفريق المسؤول عن منطقة طرابلس لديه ستة قوارب مطاطية، كهذه، بحجم 12 متراً، لتغطية مساحة 120 كيلومترا.
قوارب غير صالحة في البحار ولمسافات طويلة. وجود السفن الأوروبية في البحر الأبيض المتوسط، أدى إلى زيادة عدد محاولات العبور، يقول
المسؤول عن الفريق أشرف البدري “:
“ بعد أن كان يقطع المهاجر 200 إلى 400 ميل بحري، حسب الوجهة المقصودة، الآن يقطع 12 ميلاً فقط. بعد عبوره المياه الإقليمية الليبية، يجد سفن عملية صوفيا بانتظاره، لنقله إلى الساحل الأوروبي “.

هادي خليل هو أيضاً ضمن فريق خفر السواحل، يقول:“وضعوا أعداداً هائلة في القوارب بسبب قرب المسافة. لذا، يغرق القارب حال مغادرته، قبل أن يقطع 12 ميلا. هذا هو السبب الرئيسي لتزايد عدد الوفيات حالياً. “ وفقا للأمم المتحدة، توفي حوالي 4700 شخص في المتوسط هذا العام، وهو رقم قياسي.

مراسلتنا فاليري غوريا، إلى جانب قارب مطاطي متحطم:” هذا ما تبقى من قارب اعترضه خفر السواحل الليبي، الآن، انها تصنع خصيصا لنقل المهاجرين. تجارة تزدهر لأنه منذ كانون الثاني/ يناير تم انقاذ أكثر من 14 ألفَ مهاجر في عرض البحر. أي أربع مرات أكثر من السنوات السابقة. “

تجارة التهريب بلغت ذروتها

توجهنا لمقر دائرة مكافحة الهجرة غير الشرعية

أعداد الموظفين قليلة. وحدة ملاحقة شبكات المهربين في طرابلس على جبهات أخرى، يقول ناصر عزام، المسؤول عن دائرة مكافحة الهجرة غير الشرعية:” الكثير من الرجال ذهبوا إلى مدينة سرت لمحاربة داعش. لم تعد لدينا قوة تدخل حقاً، قال لنا هذا بينما كان يوضح لنا على صورة شاحنة تنقل المهاجرين غير الشرعيين. انهم تكدسوا بطريقة غير انسانية:“انظري كيف يعمل المهربون … لقد قطعوا مسافة 100 كم بهذه الطريقة.”

تجارة التهريب بلغت الذروة منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي. انها بأحسن حال منذ العام الماضي، قال لنا مهربون تم اعتقالهم في الأشهر القليلة الماضية. كل عملية عبور تجلب لهم بين 16 ألف
يورو و130 ألف يورو.

أحد المهربين الليبيين الذين التقينا بهم قال لنا:” عملية صوفيا سهلت الأمور. بعد أن كان يقطع الزورق المسافة خلال 17 ساعة، 20 ساعة، 24 ساعة للوصول. الآن الحد الأقصى للعبور 4 ساعات.”

كخفر السواحل، فرق دائرة مكافحة الهجرة غير الشرعية تفتقر إلى الموارد. خزينة وزارة الداخلية فارغة، والأجور لم تُدفع منذ ثلاثة أشهر.
انهم يفتقرون لكل شيء، كما يقول المسؤول الإداري للدائرة، ناصر عزام:“المعدات وألاجهزة والسيارات والملابس الخاصة بالشرطة واجهزة الاتصالات الليلية واللاسلكية والمناظير الليلية. جميع هذه الأمور بحاجة الى دعم.”

الإتحاد الأوربي مسؤول عن هذه المأساة

اللوم يلقى على المجتمع الدولي. “حقيقة عدم احترام الاتحاد الأوروبي، والمنظمة الدولية للهجرة، وفرونتكس، والأمم المتحدة، الاتفاقات الموقعة مع الدولة الليبية، وعدم ايفائها بالدعم الفني واللوجستي والمادي هو الذي فاقم المشكلة.
ما أود قوله هو أن ليبيا لن تبقى إلى الأبد شرطاً مجانياً لإيقاف المهاجرين باتجاه أوروبا. الهدف السياسي غير المعلن على المستوى الأوروبي هو جعل ليبيا نقطة سوداء لتجميع المهاجرين غير الشرعيين لتوطينهم في ليبيا. هذا لن يحدث، لأن الشعب الليبي لن يقبل بذلك. “، يقول رئيس خفر السواحل في طرابس اشرف البدري.

المهاجرون الذين يتم اعتقالهم من قبل فرق دائرة مكافحة الهجرة غير الشرعية يُرسلون إلى أحد مراكز الاعتقال الحكومية الاثنين والعشرين.
توجهنا إلى واحد منها في طرابلس. المسؤول غير موجود. الحارس سمح لنا بالدخول.
تحت إشراف وزارة الداخلية، مراكز كهذه تدار من قبل الميليشيات التي تتنافس على السيطرة على البلاد، مع الجهات الرسمية.
احتشد أكثرُ من مئة رجل في هذه الحظيرة التي تفوح منها رائحة البول.

مراكز اعتقال كارثية

البعض هنا منذ عشرة اشهر، آخرون منذ ستة أشهر أو أكثر من عام. أحد المهاجرين يقول: “بعضهم ماتوا، وآخرون مصابون أو فقدوا حياتهم .” قال مهاجر آخر. “سابقاً كنا نتناول نصف هذه الكمية حتى اليوم المقبل. بلا افطار، ولا عشاء، لا شيء. نريد العودة إلى المنزل!” مهاجر ثالث اضاف قائلاً:“هنا، كثير من الجرحى باطلاقات نارية. أغلبهم مرضى. “ الحشرات وانعدام النظافة والرعاية، أسباب أدت، كما يقولون، إلى موت البعض منهم. والبعض الآخر اصبحوا اشباحاً. أحد المهاجرين يقول: “انظروا اليه، انه هنا منذ 11 شهرا. نريد العودة. أنظروا إلى هذا الرجل. انظروا إلى حياة الانسان “ الآن، نتوجه إلى حي النساء. للوهلة الأولى، الظروف تبدو أقل سوءا.
انطباع لا يستغرق طويلاً. احدى المعتق
لات، حامل: “ انا حامل ولا توجد أية رعاية طبية. لا نأكل، لا ننام جيدا، انهم يطلقون النار على الناس في اي وقت كان!”

معتقلة مهاجرة ثانية معها ابنتها الصغيرة التي يبلغ عمرها أربعة اشهر اقتربت منا وقالت: “انها لا تشرب الحليب، تأكل الأرز الأبيض، عمرها أربعة أشهر، انها هنا منذ ثلاثة أشهر. لا يوجد شيء لها، لا توجد حفاظات.” محتجرة أخرى اقتربت وبيدها صحن صغير:“انظروا الأرز الذي تأكله الطفلة لمدة ثلاثة أيام.”

“لا رعاية! لا أدوية! الطفلة مريضة منذ ثلاثة أيام!“، قالت احدى المحتجزات.

هنا، جميع المحتجزات تم القاء القبض عليهن في الشارع، أو في المنزل.

اختطاف وعنف واستغلال جنسي

“يختطفونا في الشارع. تلقى علينا التحية، ثم يلقى القبض علينا! أصبحنا مهنة بالنسبة لهم! فهمنا أننا أصبحنا مهنة بالنسبة لهم! يريدون الثراء على حسابنا! يقدمون لنا خمسة في المئة من التبرعات فقط. لم نات إلى ليبيا لتلقي التبرعات بل لتحسين ظروفنا المعيشية، إذا لم يرغبوا بناعلى أراضيهم، عليهم مساعدتنا للرحيل منها!”

الكثيرات فقدن اطفالهن بسبب نقص الرعاية. تعرضن للضرب والتهديدات المتكررة والاغتصاب بشكل منتظم.

احدى المحتجزات تقربت وهي تحمل علبة من الأرز قائلة: “ للحصول على هذا، يطلبون منا المال.” واذا لم يكن لديهم المال؟ سألتها مراسلتنا فاليري غوريا؟ فاجابت قائلة:“اذا لم يكن لدينا المال نتعرض للاستغلال! ابني يريد أحيانا أن يشرب الحليب، انه يحتاج إليه. لكن حين لم يعد لدينا المال، نٌستغل جنسيا. أنا لا أخفى وجهي كي لا اتحمل المسؤولية بل كي لا أتعرض للإساءة “.
محتجزة أخرى قالت لنا:“لا تتخلوا عنا هنا، لقد تعبنا.”

اين هي المنظمات غير الحكومية؟

التجاوزات في العديد من مراكز الاعتقال لكن توجد بعض الاستثناءات كما في حي آخر في طرابلس.

هذه المرة، المسؤول كان بانتظار زيارتنا. يريد ان يظهر لنا الحالة المتدهورة للمركز. ويستنكر عدم وجود الموارد لتلبية احتياجات النزلاء.
بسبب عدم وجود المال، لا يستطيع أن يدفع رواتب الموظفين. الطعام غير متوفر ايضاً.
كما تم تخفيض المساعدات الإنسانية.

مسؤول المركز رمضان الريس، يقول:“نعتذر عن هذه الأمور المخجلة. لكن المنظمات الدولية لا تؤدي واجبها على الرغم من الدعم المالي الذي تتلقاه من بعض الدول المانحة. هذا هو ما تقدمه لنا. كل شهرين أو ثلاثة أشهر يأتون للدعاية الإعلامية، يصورون ويوزعون بعض الأكياس الصغيرة، كهذه، لعدد محدود من المهاجرين.”

هنا، لا توجد معاملة سيئة للمعتقلين الذين يبلغ عددهم حوالي خمسين شخصا. لكنهم يريدون المغادرةَ أيضاً وبسرعة.

نساء تمكن من الهرب من شبكة دعارة. تم إلقاء القبض عليهن خلال محاولة هرب بالقارب إلى أوروبا. احدى المحتجزات تقول: “هنا، نعامل بطيبة، لكننا تعبنا من البقاء في هذا المكان. يريدون أن نعود إلى نيجيريا، واننا مستعدون للعودة إلى نيجيريا. المنظمة الدولية للهجرة تقول علينا أن ننتظر، علينا أن ننتظر. لهذا السبب ننتظر. لغاية الآن لم نر نتيجة لانتظارنا. شهر كانون الأول/ ديسمبر سينتهي. علينا العودة إلى ديارنا! “ وفقا للسلطات الليبية، تم ارسال ثمانية آلاف شخص إلى بلادهم منذ ايار/ مايو 2015. لكن بالنسبة للأغلبية، العودة مستحيلة.

“ سفارات الدول الأفريقية غير متعاونة، لسبب بسيط: أولا، لأنها ليست موجودة في ليبيا. ثانيا لأنها لا تعرف ماذا ستفعل بهم. إلى اين يرسلونهم؟
بالنسبة لهم، هؤلاء الأشخاص مشكلة. من يغادر وطنه يتم التخلي عنه. دون التفكير بانهم سيصبحوا عبئا على الدولة الليبية “. يقول رمضان الريس، مدير مركز احتجاز المهاجرين ابو سليم.

استغلال

الذين ليسوا في السجون، يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة في مدينة الخطر فيها موجود في كل مكان. دوار معروف طرابلس، فيه يتجمع يومياً عشرات الرجال الذين يحاولون العمل مع ارباب عمل، غالبا بلا ضمير. احد المهاجرين الذين التقينا بهم يقول:“يومياً يطلقون النار على الناس كما لو كانوا حيوانات، هذا ظلم، يخطفون الناس ليدفعوا لهم آلاف الدنانير للافراج عنهم من بعد. وإذا عملنا معهم، لا يدفعوا لنا. ننجز العمل ثم يطلبون منا المغادرة. هذا ظلم، على الأمم المتحدة مساعدتنا. “

أوربا هدف الجميع

مهاجر من بين الكثير من المهاجرين قال لنا: “نحن هنا للذهاب إلى أوربا، إلى إيطاليا. نأتي إلى هنا في الصباح للبحث عن وظائف صغيرة مع العرب كي نجمع النقود. اذا حالفنا الحظ، لأن هناك من ياتي لسرقتنا، وبيعنا للسجن. علينا أن ندفع 1000 دينار، واحياناً، هناك من يدفع 2000 دينار للافراج عنهم. وحين نجمع النقود لعبور البحر، سيلقون القبض علينا ايضاً ويضعوننا في السجن، ويجب أن ندفع لهم لنخرج. هذه هي ظروف المهاجرين في ليبيا. “

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

الوضع الليبي يعيق عمل الإتحاد الأوربي لإنقاذ المهاجرين غير الشرعيين؟

العمال غير المرئيين: ظروف قاسية واستغلال واعتداءات وعقوبات

شاهد: أبشع كنيسة في مدينة بورسغرون جنوب النرويج