Newsletterرسالة إخباريةEventsالأحداث
Loader

Find Us

FlipboardNabdLinkedinفايبر
Apple storeGoogle Play store
اعلان

Euroviews. ثورة الشك السعودية، هل تعيد إحياء الثورات العربية من رمادها؟

ثورة الشك السعودية، هل تعيد إحياء الثورات العربية من رمادها؟
Copyright 
بقلم:  Mohamed Abdel Azim
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button
المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر يورونيوز

محمد بن سلمان قد يكون الأمير الذي ثار. أو الأمير الذي ثأَرَ بثأر كان لا بدّ من تسويته. فهل تعني ثورة الأمير علي أوضاع الفساد في مملكة متزمتة أن هناك بصيص من الأمل في أن يتم إحياء الثورات العربية من رمادها مجدداً؟

اعلان

ثورة الشك السعودية، هل تعيد إحياء الثورات العربية من رمادها؟
بقلم د/محمد عبد العظيم

إم بي إس الأمير الذي ثار
حملة الاعتقالات في السعودية هي اعتراف صارخ بأن الحال العربي لا يطاق وأن ثورة ما، آتية لا محالة. فبأمر من ولي العهد محمد بن سلمان، طالت حملة الاعتقالات كبار أمراء الأسرة الحاكمة في المملكة مثل الملياردير الأمير الوليد بن طلال والامير متعب بن عبد الله والوليد بن إبراهيم، مالك مجموعة قنوات إم بي سي. إيقاف الامير متعب بن عبد الله (نجل الملك السابق) بتهم فساد في صفقات اسلحة بعد ساعة من اقالته من منصبه كوزير للحرس الوطني. جاء هذا بعد أن أصدر العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، أوامر بتشكيل لجنة برئاسة محمد بن سلمان تتعلق بقضايا الفساد في المال العام وتهم غسيل الأموال، تبعتها موجة من الاعتقالات طالت رموز أمراء المملكة.
في الأيام الأخيرة تحدثت الصحف الأوروبية والدولية عن المملكة العربية السعودية وبدلاً من الحروف الثلاثة التي عادة ما تستخدم في اللغات اللاتينية للحديث عن المملكة، صارت كل المؤسسات الإعلامية تتحدث عن ثلاثة حروف: إم بي إس.
نقطة البداية نجدها في شهر يوليو/آيار الماضي، حينما استُدعي ولي العهد السابق، محمد بن نايف، على غير المعتاد إلى القصر الملكي بمكة، وتم الضغط عليه كي يتنازل عن العرش لمحمد بن سلمان. واستيقظت السعودية على أخبار تولي ولي العهد الجديد، نجل الملك سلمان بن عبد العزيز. محمد بن سلمان عايش أزمة قطر وقبِل سحب قائمة المطالب المقدمة إلى قطر، وتسبب فشل الحرب السعودية على اليمن في تقليص طموحاته حيث كلفت ملايين الدولارات، دون أن تؤتي ثمارها. ,إضافة إلى أن الإصلاحات الاقتصادية، التي تم الإعلان عنها، لم تحقق أي تقدم ملموس على الاقتصاد السعودي يجب الإشارة إلى تعرض مجلس دول التعاون الخليجي لأعراض الانهيار. ولي العهد يأتي بنظرة جديدة للمملكة ويتهمه البعض بانتهاك التقاليد، لذلك وصفه منافسيه بقيادة انقلاب ولن يكون الأمر غريبا حين نرى أن محمد بن سلمان استشعر الخطر فبادر بالهجوم قبل أن يتوج ملكا على البلاد. محمد بن سلمان يتباهى بأنه من جيل جديد لا تقيده التقاليد، والمؤسسات الأمنية الداخلية صارت بين يديه، حيث تم تجريد وزارة الداخلية من أسرة نايف التي كانت تسيطر عليها. آخر خطا محمد بن سلمان هي كسب ثقة واشنطن، وإذا بالسماء ترسل له جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأميركي، لإنقاذه. وبهذا يمكن القول بأن الأمير محمد بن سلمان هو الأمير الذي ثار. فإن وضعنا همزة على حرف الألف يمكننا أيضاً القول بأنه الأمير الذي ثأَرَ بثأر كان لا بدّ من تصفيته وتسويته وحلّه. فثورة الأمير علي أوضاع الفساد في مملكة متزمتة إلى أبعد الحدود هي ظاهرة جديدة في أرض شبه الجزيرة. فهل يعني هذا أن هناك بصيص من الأمل في أن يتم إحياء الثورات العربية من رمادها مجدداً؟

من شريف مكة إلى إم بي إس
من عوامل فشل الثورات العربية عام 2011 وصول يد الأصولية الدينية إلى ساحة الحراك المجتمعي والتي اتكأت عليها الرياض، بدعم الحركات السلفية، حتى تستتب الأمور بين أيدي الأنظمة السابقة العائدة من حروبها ضد الجيل المنادي بالحرية والعيش في كرامة وعدالة اجتماعية. وبذلك اكتملت منظومة الدفاع عن الوهابية والوقوف ضد حركات التحرر التي نادي بها جمال عبد الناصر وبورقيبة في ستينات القرن الماضي. وخلال حكم السادات في مصر فتحت المملكة الباب على مصراعيه للعمل في السعودية وتم استيراد الملايين من حاملي الشهادات الجامعية واحتكاكهم بالفكر الوهابي السلفي ثم إعادة تصديرهم مع العائدين من بلاد الكسب الدولاراتي السعودي في بداية الألفية الثالثة.
في الماضي ومنذ قرن من الزمان، قاد أحد أبناء المملكة، بين عامي 1916 و1918، الثورة العربية الكبرى على الإمبراطورية العثمانية. شريف مكة، حسين بن علي الهاشمي، مؤسس مملكة الحجاز، هو أول من نادى باستقلال العرب من حكم الدولة العثمانية وحينها كان على ثقة بقدرات العرب في تحقيق هذا الهدف. رسائل شريف مكة مع هنري مكماهون، الممثل البريطاني في مصر، كانت تدور حول المستقبل السياسي للعرب. فانتهت الحرب العالمية الأولي في صالح الحلفاء، الذين خلفوا الوعد فيما بعد وقرروا، في الخفاء، القيام بخطط لم تكن في الحسبان منها تقسيم فرنسا وبريطانيا للمنطقة باتفاقية سايكس بيكو السرية عام 1916 (والتي كشف عنها حين وصلت الشيوعية إلى الحكم في روسيا عام 1917).
قبل وبعد الحرب العالمية الأولي (1914ـ1918) كانت التطلعات القومية العربية ترنو إلي بناء مرحلة النهضة لنقل العرب من عصر الانحطاط والتخلف إلى الارتقاء الحضاري، فاجتمع الأمير عبد الله بن الحسين باللورد كيتشنر، المفوض السامي في القاهرة. ولكن الحقيقة قالت بأن التعهدات البريطانية كانت تغطية للخداع على العرب، رغم أن البريطانيين كانوا يمولون شريف مكة من الخزينة المصرية، ويزودونه بالسلاح والخبراء مثل لورانس العرب.
في يناير من العام الجاري استقبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأمير محمد بن سلمان في البيت الأبيض. ووعد ترامب بأن يزود المملكة بالسلاح والخبراء في شتي المجالات. وكان قبلها قد أصدر ترامب مراسيمه بمنع الدخول إلى أمريكا لعدة بلدان عربية. مضي قرن من الزمان علي الثورة العربية الكبرى وها هو ترامب يقوم بزيارة تاريخية إلى المملكة في شهر مايو/آيار الماضي ويلتقي مجددا بولي العهد إم بي إس الذي نصفه صحيفة النيويوركر الأمريكية بأنه أمير التمرد، إذ يعتبر القابض لقطاع البترول والاقتصاد بالإضافة للدفاع والحرب في اليمن. فهل هناك وجهة من التشابه بين الماضي الأليم والمستقبل الذي يتخوف منه البعض؟ (*)

.
جاريد، لورانس الألفية الثالثة
هناك علاقة حميمة تربط ولي العهد السعودي وصهر الرئيس الأميركي جاريد كوشنر، الذي تطلق عليه الصحف الأمريكية لقب ولي العهد الأمريكي. فهو صاحب شركة كوشنر بروبرتي وصحيفة نيويورك أوبزيرفر، ويقوم بدور دبلوماسي أمريكي في الخفاء، لأنه نجل قطب العقارات الأمريكي تشارلز كوشنر ومتزوج من إيفانكا ترامب، ابنة الرئيس دونالد ترامب. في شهر أغسطس/أب الماضي اجتمع الأمير محمد بن سلمان، مع جاريد كوشنر، بصفته كبير مستشاري الرئيس الأمريكي. وقبلها، وحين زار الرئيس الأمريكي المملكة، وصل جاريد وإيفانكا من الباب الخلفي للطائرة يدا بيد وبصحبة المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر ومساعدة مستشار الأمن القومي، المصرية الأصل، دينا حبيب باول.
دأبت إدارة دونالد ترامب في البحث عن استراتيجية يمكن للبيت الأبيض القيام بها ومحاولة إيجاد بيئة قيادية جديدة من قادة إقليميين ليلعبوا دوراً في الرؤية الترامبينية للشرق الأوسط بعد انهيار داعش وضمور دور القاهرة في إدارة الملفات الإقليمية بالإضافة إلى تصاعد الدور الإيراني في العراق وفي سورية.
المملكة العربية السعودية تستعيد دورها المحوري من دون منافسة تذكر. فهي الراعي الرسمي لكل الضعفاء والمعذبين في أرض العرب منذ اندلاع الثورات العربية في عام 2011. ولقد فتحت المملكة زراعيها لزين العابدين بن علي وعلي عبد الله صالح ثم مؤخراُ سعد الحريري الذي وجد في المملكة ملجأً بعد استقالته من منصب رئيس الوزراء وتركه جحيم لبنان الذي وصفه بكلمات لا يستطع العقل فهمها، علي الأقل في الوقت الراهن.

ترامب، مكماهون القرن
كان ولي العهد السابق نايف محبوبا من قبل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، سي آي إيه، وإبعاده عن دائرة الحكم ليس في موضع الترحيب، ووصول محمد بن سلمان يسير في الاتجاه الغير مرغوب فيه أمريكياً، في ظل التوقعات التي تري أن عائلة وحكم آل سعود القديم قد ينتهي قريبا. ومن المراقبين من يقول بأن وصول محمد بن سلمان ينذر بمرحلة جديدة من الانفتاح داخل المجتمع السعودي وتخليصه من تقاليده العقيمة.
الذكاء الترامبي لا يخفي على أحد، إلا أصحاب العقول الغير ناضجة. فهو الذي يبني القلاع والحصون العالية بين أمريكا والمكسيك، للحفاظ على الأراضي الأمريكية من هجمات مارد الفقر لدي الجار المكسيكي، وهو الذي يرفض دخول العرب والمسلمين إلى بلاده خشية أن يقوم هؤلاء باضطرابات لا حيلة له بها والتي قد تؤدي إلى انهيار الإمبراطورية الترومبينوسكوبية، ناهيك عن رغبته الجامحة في أن يدفع العرب، وخاصة دول الخليج والمملكة السعودية، فاتورة تجديد الاسطول الأمريكي الذي أنهكته الحرب ضد البغدادي في سورية والعراق. ولكن هذا الذكاء لم يغب عنه أن يتقرب، وبأقصى سرعة من نجم ولي العهد الصاعد، لأن إدارات الاستخبارات الأمريكية تري فيه العاهل السعودي المقبل الذي قد يقلب الأمور رأسا على عقب. فمحمد بن سلمان قد يكون شريف مكة القرن الواحد والعشرين. فهل يأخذ في الحسبان الخداع البريطاني ولورانس العرب وهل لديه الهاديات التي تسمح له بوضع المملكة على طريق الخلاص من الوهابية؟
اختفاء مثلث التأثير التاريخي (القاهرة ـ بغداد ـ دمشق) ترك حالة من البلبلة على المستوي الإقليمي. وأما إرادة قطر في ملء الفجوة باتكائها على شبكة الإخوان المسلمين بعد ثورات 2011، هي التي أثارت حفيظة مثلث الذهب الأسود (الإمارات ـ البحرين ـ السعودية). إلا أن هناك معطيات أخري تجعل لمصر بريقها في أعين واشنطن. فإدارة ترامب تعرف أن مفتاح الحل في القضايا الشائكة في المنطقة، وملف فلسطين خاصة، هو مصر، وترامب يعرف أن مفتاح الباب المصري في الوقت الراهن هو الإمارات والسعودية. فبعد صفقة تيران وصنافير، صارت المليارات تؤثر، أكثر من أي وقت مضي، على القرارات السياسية، حتى يمكن القول بأنها قرارات سياسات المليارات. قرارات المليارات ليست وليدة اللحظة، ولكن التاريخ له مفارقاته. ففي ستينات القرن الماضي أثرت المليارات على القرارات فتدخلت القاهرة في حرب اليمن حينها، وما أشبه اليوم بالأمس.
الإدارة الامريكية تري أن عجلة التاريخ العربي يجب أن تدور إلى الوراء لتواكب مفهوم الخراب الناتج عن فلسفة واستراتيجية الفوضى الفتاكة. فجاريد كوشنر يري أن روح التغيير، بعد الخريف العربي، يجب أن تأتي بسراب يدفئ الشتاء القارس الذي من المنتظر أن تعيشه معظم البلدان العربية.

المرأة السعودية تقود سيارة التحرر
الأمير محمد بن سلمان يبلغ من العمر 31 عاما ويعيش في عصر مارك زوكربرغ وعالم تاء ترامب التي تلاعب دائماً تاء تويتر. ولأن روح العصر تحارب التطرف فلقد حضر الأمير مراسم افتتاح مركز اعتدال في خضم زيارة ترامب للمملكة. وحينها افتتح خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، مع الشيخ الأميركي دونالد ترامب، أطال الله في عمره، المركز العالمي لمكافحة التطرف وتعزيز الاعتدال (اعتدال). إذ يضم هذا المركز إمكانات تقنية وبشرية ضخمة لرصد وتحليل نشاطات الفكر المتطرف ومواجهته.
وحين زار الأمير محمد بن سلمان مقر شركة “فيسبوك” في وادي السيليكون بولاية كاليفورنيا، التقي بمؤسس الفيس مارك زوكربيرغ، للتعرف على شبكة التواصل ووضع رؤية للمملكة لعام 2030. ولي العهد يرنو إلى بناء مستقبل يتأسس على مكتسبات الشركات العملاقة الأمريكية للاستفادة منها. وأول تأثير لهذه التوجهات الجديدة هو ملف المرأة إذ كان للأمير محمد بن سلمان، موقفاً من هذه القضية. فخلال مؤتمر الإعلان عن رؤية المملكة 2030، في إبريل/ نيسان عام 2016، ورداً على سؤال ما إذا كان سيُسمح للمرأة بالقيادة صرح قائلاً: “قيادة المرأة ليست قيادة دينية، بقدر ما هي قيادة لها علاقة بالمجتمع نفسه، يقبلها أو يرفضها، لكن المستقبل قد تحدث فيه متغيرات، ونتمنى دائماً أن تكون متغيرات إيجابية.”
توازن القوى في السعودية أصبح على حافة الانهيار، لوجود معارضة قوية لولي العهد الجديد من داخل الحرس القديم لقوات الأمن. ورغم قرار الملك سلمان بمنحه منصب ولي العهد، إلا أن سلفه، محمد بن نايف، لا يزال يحظى بنفوذٍ كبير. محمد بن سلمان يواجه ضغوطا كثيرة. مثلاً عدم إحراز تقدم في حرب اليمن، واخفاق الاستراتيجية الرامية إلي تحقيق استقرار في سوق النفط بالإضافة إلي أزمة قطر ماأدي إلي تراجع كبير في توقعات وكالات التصنيف الدولية الخاصة بنمو الناتج المحلي الإجمالي. ويظل التأثير السلبي لهذه الملفات تحت السيطرة في ظل الاحتياطات المالية الهائلة في السعودية، ولكن مع تزايد قائمة مبادرات محمد بن سلمان الغير مجدية، يتعرض منصبه في المملكة لضغوط متزايدة. في الوقت نفسه، تنتشر إشاعات بأن صحة الملك سلمان نفسه في تدهور، حتى أن هناك مصادر سعودية أشارت في وسائل الإعلام إلى أن الملك سلمان يفكر في التنازل عن العرش لصالح محمد بن سلمان مما ينذر ببداية مرحلة من الاضطرابات قد تعرفها المملكة في الأشهر المقبلة. وهنا يصح القول بأن حملة الاعتقالات قد تكون ثورة شك لحصانة منصب العاهل القادم …. أما الثورة الحقيقية فعليها أن تنتظر بضع سنين، بضع عقود أو حتي بضع قرون .

________________________________
محمد عبد العظيم
دكتور في العلوم السياسية / ليون-فرنسا
متخصص في العلاقات الدولية، والشرق الأوسط
صدر له العديد من المؤلفات حول الأسلحة النووية ودورها في الحروب بين إسرائيل وجيرانها
وحول السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط.
ألآراء التي تعبر عنها مقالات الرأي المنشورة في يورونيوز لا تمثل موقفنا التحريري
________________________________

Jared Kushner and Mohammed bin Salman: Princes of Tech Disruption? https://www.newyorker.com/business/currency/jared-kushner-and-mohammed-bin-salman-princes-of-tech-disruption

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

غزة.. أحياء بلا بيوت وأموات بلا قبور

إسرائيل الغربية

تسوّل القرن الواحد والعشرين.. حين يصبح تيك توك وسيلة الشباب للحصول على المال