Euroviews. في ذكرى يوم الأرض: مقاربة تاريخية مع الحراك الشعبي والسلمي الفلسطيني

في ذكرى يوم الأرض: مقاربة تاريخية مع الحراك الشعبي والسلمي الفلسطيني
Copyright رويترز- أمير كوهين
Copyright رويترز- أمير كوهين
بقلم:  ماجد كيالي
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button
المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر يورونيوز

في ذكرى يوم الأرض: مقاربة تاريخية مع الحراك الشعبي والسلمي الفلسطيني

اعلان

لم يترك الفلسطينيون على مدى تاريخهم، طريقة نضالية، سلمية أو عنفية، شعبية أو مسلحة، إلا وانتهجوها في صراعهم المضني والمعقّد والطويل ضد المشروع الصهيوني، وإسرائيل.

لذلك، وفي مناقشة الحراك الشعبي الذي جرى في يوم الأرض هذا العام الموافق للثلاثين من ماريس آذار، والذي تمثل بخروج آلاف الفلسطينيين إلى الحدود بين غزة وإسرائيل في محاولة لممارسة حق العودة إلى ديارهم، ما أدى حتى الآن، إلى مصرع سبعة عشر فلسطينياً، وجرح أكثر من ألف منهم، برصاص إسرائيلي، يجدر إجراء مقاربة تاريخية ومعاصرة مع هذا الحدث، الذي قد يؤسس لمسار جديد في الصراع الفلسطيني، بأشكال مختلفة غير تلك التي اعتدنا عليها، والتي ترتكز على العمل المسلح.

فمن الناحية التاريخية، سجّل الفلسطينيون في كفاحهم أطول إضراب في التاريخ عام 1936 استمر ستة أشهر، وتبعته ثورة أو انتفاضة مسلحة امتدت على ثلاثة أعوام (1936ــ 1939). بيد أن هذه الثورة أُجهضت كما أُجهضت الانتفاضات أو التمردات التي سبقتها، بحكم ضعف إمكانيات الفلسطينيين، في مواجهة دولة الانتداب (بريطانيا العظمى)، وأيضاً بحكم تخلف إدارة هذه الثورة، والفوضى أو العفوية التي طبعتها بطابعها، ناهيك عن طابعها المحلي، إذ لم يستطع الفلسطينيون تشكيل كيان سياسي جامع وموحد يمثلهم ويعبر عن تطلعاتهم الوطنية.

أيضاً، عرف الفلسطينيون في الأراضي المحتلة عام 1967، ولاسيما في الضفة، أشكال النضال الشعبية والسلمية، في الصراع ضد إدارة الاحتلال، وضد روابط القرى، وخاضوا معركة الانتخابات البلدية (أواخر السبعينيات)، بقيادة الجبهة الوطنية الفلسطينية، كذراع لمنظمة التحرير، التي أتت بشخصيات وطنية مثل بسام الشكعة (نابلس) وكريم خلف (رام الله) وإبراهيم الطويل (البيرة)، ومحمد ملحم وفهد القواسمي وعبد الجواد صالح، وهي تجربة اجهضتها سلطات الاحتلال الإسرائيلية بمحاولتها اغتيال عدد من تلك الشخصيات وابعاد اخرين منهم إلى الخارج.

بيد أن النضال الشعبي الفلسطيني بلغ أفضل وأنسب أشكاله في الانتفاضة الفلسطينية الأولى (1987ـ1993). فقد كانت هذه الانتفاضة محل اجماع الفلسطينيين في الضفة والقطاع، وجاءت وفقا لإمكانياتهم الخاصة، وبحسب قدرتهم على التحمل، وتبعا لإرادتهم وإدارتهم الذاتية، بحيث باتت تعتبر الشكل النضالي الأنسب لكفاح الفلسطينيين، واتباع استراتيجية الضعيف ضد القوي، التي تقوم على عدم الانجرار إلى المربع الذي تستقوي فيه إسرائيل، وهو الصراع المسلح، وتحييد الجيش ما أمكن، بحيث باتت هذه الانتفاضة أهم معالم الكفاح الفلسطيني المعاصر، وهي التي اعادت منظمة التحرير إلى الخريطة السياسية، بعد غزو لبنان (1982)، وهي التي وضعت قضية فلسطين على رأس الأجندة الدولية والإقليمية مجدداً، وذلك بغض النظر عن ضعف استثمار الانتفاضة، كما تمثل بذهاب منظمة التحرير نحو عقد اتفاق أوسلو (1993) المجحف والجزئي والناقص، والذي يعاني الفلسطينيون المخاطر الناجمة عنه حتى اليوم.

ويُستنتج من هذه الأمثلة التاريخية، أن ثمة مشكلة كبيرة في عدم إدراك القيادات الفلسطينية للخلل في موازين القوى، وضعف بنية كياناتهم السياسية، وتخلف إدارتهم، أو قدرتهم على استثمار كفاح شعبهم.

أما في المقاربة المباشرة المعاصرة، فقد عرف الفلسطينيون في أراضي ال48، والذين باتوا بمثابة مواطنين في إسرائيل (ولو من الدرجة الثانية) أشكالا من الكفاح من أجل أرضهم، ومن أجل عودة اللاجئين الداخليين، ويقارب عددهم أكثر من مئة ألف، لا تعترف إسرائيل بوجودهم من الناحية القانونية وفقا لقانون "الغائب الحاضر" العنصري. إذ بين فترة وأخرى تُنظم مسيرات واعتصامات لعودة هؤلاء إلى قراهم ومدنهم التي هُجّروا منها، لإعادة إعمارها، إذ ثمة 400 قرية تم تدميرها.

وفي هذا الإطار بالذات جاء يوم الأرض عام 1976 ردّاً من فلسطينيي 48 على مصادرة إسرائيل لآلاف الدونمات من أراضيهم في الجليل والنقب، بدعوى تطويرها، وقد جوبِه المتظاهرون بالرصاص، رغم أنهم مواطنون إسرائيليون كما هو مفترض.

لكن هذا اليوم خرج من نطاق المحلية إلى النطاق الوطني، إذ بات يوما فلسطينيا، يعيد احياءه الفلسطينيون في أراضي ال48 وفي الضفة والقطاع، وفي مخيمات اللاجئين وفي بلدان اللجوء والشتات، تأكيدا من الفلسطينيين على كونهم شعبا واحدا، وأن قضيتهم واحدة.

لكن المقاربة الأكثر مرارة ومباشرة والأصعب مع ما جرى في غزة هي مسيرة العودة التي قام الآلاف من الشباب الفلسطينيين السوريين في الجولان، عند الحدود السورية ـ الإسرائيلية، يوم 5/6/2011، والتي نجم عنها مصرع 26 شاباً، وجُرح مئات منهم، وهي قامت بتشجيع وتسهيلات من النظام السوري والفصائل التي تدور في فلكه لأغراض سياسية.

علما أن هذه المسيرة جاءت تكرارا تجربة سابقة جرت يوم النكبة (15/5/2011). وكان ثمة اجماع وطني فلسطيني عليها، في حينه، وقد استطاع وقتها عدة شبان العبور إلى مجدل شمس وحتى حيفا، الأمر الذي جعل إسرائيل تتحوط للمسيرة الثانية، التي تمخضت عن مجزرة.

الفكرة أن الفلسطينيين في كل أشكال كفاحهم بحاجة إلى إدراكات أفضل لإمكانياتهم، ولواقع إسرائيل، والسياسات التي يمكن أن تنتهجها ضدهم، كما هم بحاجة إلى إدراك أفضل للمعطيات الدولية والعربية، ومدى مواتاتها لهذا الشكل الكفاحي أو ذاك، لأن المسألة لا تقتصر على التضحيات، وعلى امتلاك الحق، والسعي للعدالة، وهي أمور مهمة، وانما هي تتعلق أكثر بموازين القوى والمعطيات المحيطة.

الكاتب الصحفي الفلسطيني ماجد كيالي

المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه ولا يعبر عن وجهة نظر يورونيوز

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

الفلسطينيون ومسيرة العودة الكبرى: خيامنا قد نُصبت "وأجراس العودة فلتُقرع"

إضراب شامل في الأراضي الفلسطينية عقب مقتل 17 شخصا في مسيرة العودة الكبرى

فسطينيون يحيون الذكرى الاربعين ليوم الارض