مخاطر تشكيل قوة عسكرية عربية للتدخل في سوريا

مخاطر تشكيل قوة عسكرية عربية للتدخل في سوريا
Copyright (The U.S. Army/ (CC BY 2.0
Copyright (The U.S. Army/ (CC BY 2.0
بقلم:  رشيد سعيد قرني
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

من غير الواضح إن كان سيتم إبقاء قوة أمريكية في سوريا لتدريب ودعم القوات العربية، غير ان هذه الفرضية تظل غير محتملة وفقا لما أشار إليه دونالد ترامب.

اعلان

لم يخف الرئيس دونالد ترامب رغبته في سحب قواته العسكرية من سوريا ولكن خطة إدارته حول كيفية القيام بذلك من المحتمل ألا تتحقق بالإضافة إلى خطورتها. خطة البيت الأبيض لسحب القوات الأمريكية من سوريا أوردتها صحيفة وول ستريت جورنال في عدد الثلاثاء 17 نيسان/2018 وتختصر في:

المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر ودول عربية أخرى مثل مصر ستقوم بتوحيد صفوف قواتها وتشكيل "قوة عربية" لمحاصرة تنظيم "الدولة الإسلامية" داعش في سوريا.

هذه الخطة تبدو نظريًا جيدة، ولكنها تتميز بنقائص كثيرة ومشاكل عدة من الناحية العملية.

*1 في البداية هناك فرصة ضئيلة جدا لأن توافق غالبية الدول العربية المعنية على مثل هذه الخطة، فالسعودية تجري محادثات مع الولايات المتحدة لإرسال قوات إلى سوريا، بحسب ما أعلن عنه وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ولكن من غير الواضح ما إذا كانت الدول العربية الأخرى ستحذو حذوها.

*2، يقول الخبراء أن جيوش الدول العربية المحتمل أن "تتحالف" ستواجه مشاكل كبيرة لشن حملة على التنظيم المسلح. فبحسب الخبراء "لا توجد دولة عربية لديها القدرة العسكرية أو المؤسساتية اللازمة لهذا النوع من المهمات. فالجيوش العربية سيئة في مكافحة التمرد والمعارضات الداخلية وسيئة جدا في فترات الحرب".

حتى الآن من غير الواضح إن كان سيتم إبقاء قوة أمريكية في سوريا لتدريب ودعم القوات العربية، غير ان هذه الفرضية تظل غير محتملة وفقا لما أشار إليه دونالد ترامب حين قال انه يرغب في سحب جميع قواته من سوريا والبالغ عددها 2000 جندي وترك الدول المجاورة مهمة استرجاع الاستقرار هناك.

أهداف كل جانب

أهداف البلدان العربية من وراء التدخل في سوريا ليست بالضرورة نفس أهداف الولايات المتحدة. فإدارة ترامب ترغب في القضاء على تنظيم داعش والتأكد من أن المناطق التي كان يسيطر عليها التنظيم لن تسقط مجددا في قبضته بالإضافة إلى ضمان مصالحها الاقتصادية خاصة في قطاع النفط في المنطقة، ضف إلى ذلك الأهداف الجيوسياسية التي تريد واشنطن تحقيقها. أما الأهداف العربية والتي تمثلها المملكة العربية فتتركز بالدرجة الأولى في السيطرة على حسر تأثير إيران في سوريا والمنطقة.

وفي هذا الإطار يقول جيمس جيفري، مسؤول أمني سابق مختص في شؤون الشرق الأوسط في إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش ان محاربة داعش ليست الهدف الرئيسي للبلدان التي ستشكل نظريا هذه القوة العربية الجديدة. ويضيف جيفري "السعوديون والإماراتيون يريدون سياسة تركز على مواجهة إيران والعمل ضد الرئيس السوري بشار الأسد".

هذا المخطط سيضع "العدويْن" إيران والسعودية في مواجهة عسكرية مباشرة في سوريا ما قد يثير تصعيدًا خطيرًا وغير ضروري في الحرب الأهلية السورية الدمويّة.

باختصار، يقول جيفري إن خطة إدارة ترامب لقوة عربية "غير مدروسة جيدًا".

لماذا احتمال وجود قوة عربية

السياسة المحيطة بإنشاء "قوة عربية" معقدة للغاية لدرجة أن إدارة ترامب تعتبرها مجرد خيار. فلو أخذنا المملكة السعودية والإمارات العربية المتحدة مثلا، الدولتان منشغلتان في عملية عسكرية في اليمن تدعمها الولايات المتحدة ضد المتمردين الحوثيين. وفي هذا الإطار تشير رندا سليم، خبيرة سورية في معهد الشرق الأوسط في الولايات المتحدة إلى ان الرياض وأبو ظبي تنفقان بشكل كبير على هذه العملية لدرجة أنه من غير المحتمل أن يحولان القوات والمعدات والأموال من تلك المعركة إلى سوريا.

إقرأ أيضا على يورونيوز:

هل سيتمكن ترامب من تشكيل قوات عربية في سوريا بديلة عن القوات الأميركية؟

محمد بن سلمان: الحرب مع إيران قد تندلع في غضون 10 إلى 15 سنة

فكرة سحب القوات الأمريكية من سوريا دعا إليها الرئيس الأمريكي في ديسمبر/كانون الأول الماضي، حين طلب ترامب من السعوديين مبلغ 4 مليارات دولار لإعادة بناء سوريا، لكن الرياض لم تقبل هذا الاقتراح بعد. ومع ذلك قد ترسل السعودية قوات إلى سوريا قريباً كجزء من الحملة على تنظيم داعش.

وقال وزير الخارجية السعودي للصحفيين في الرياض يوم الثلاثاء "نحن نجري مناقشات مع الولايات المتحدة ومنذ بداية الازمة السورية بشأن ارسال قوات هناك".

دور تركيا

ويشير خبير سياسي آخر إلى إن الولايات المتحدة ربما تحتاج إلى موافقة تركيا على إرسال قوة عربية إلى سوريا، لكن هذه الموافقة لا يبدو أنها ستحدث.

اعلان

فالقوات التركية تقاتل حاليا في شمال سوريا لإنشاء "منطقة آمنة" تبلغ مساحتها 19 ميلاً تقريبًا بين الأراضي التي يسيطر عليها الأكراد والحدود التركية. وتخوض أنقرة منذ عقود معركة ضد الانفصاليين الأكراد في تركيا وبالتالي تعتبر تركيا القوات الكردية السورية القوية القريبة من حدودها تهديدًا إرهابيًا لها يلوح في الأفق.

لكن القوات الكردية السورية تعمل بالتنسيق مع القوات الأمريكية في شمال شرق سوريا لتهزم ما تبقى من داعش. وأوضح جيفري الذي يعمل الآن في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أن إدخال القوات العربية في هذا "المزيج" من القوات التي من المحتمل أن تتعاون مع أو حتى القتال إلى جانب الأكراد السوريين سيؤدي حتما إلى غضب أنقرة.

ويوضح جيفري أن هذا يعني دخول قوة عربية إلى بلد عربي آخر دون موافقة حكومته ولو نسبيا من أجل مساعدة الحركة الإيديولوجية الكردية بالتعاون والتمويل على السيطرة على شعب عربي. مع الأخذ بعين الاعتبار هدف الأكراد، يقول جيفري، المتمثل ولو نظريا في تشكيل قاعدة صلبة لهم يستخدمونها في الضغط على حلف الأطلسي حليف تركيا.

وهذا لن يخدم كذلك أنقرة التي تشهد توترا كبيرا في علاقاتها مع الرياض وأبو ظبي لأن تركيا دعمت انتفاضات الربيع العربي في العام 2011 في دول مثل تونس ومصر. من ناحية أخرى، كافحت السعودية والإمارات العربية المتحدة قمع تلك الانتفاضات في الخارج ومنع حدوث مثل هذه الانتفاضات في الداخل.

لكن تركيا دعت دائما إلى إزالة الأسد ودفعت الولايات المتحدة إلى بذل المزيد من الجهد للعمل في هذا الاتجاه وهذا ما قد يجعل أنقرة تتقبل فكرة وجود قوة عربية مهتمة بإبعاد بشار الأسد.

اعلان

هناك مصر كذلك، واحدة من أهم حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، فهي تدعم نظام الأسد ومن المحتمل أن تكون القاهرة غير سعيدة إذا دعمت الولايات المتحدة قوة عربية للتدخل في سوريا، خاصة إذا بدأت تلك القوات بمهاجمة مواقع النظام السوري.

وقد ورد أن جون بولتون، مستشار ترامب للأمن القومي، اتصل بمدير المخابرات المصرية بالنيابة لمناقشة إمكانية أن تساهم القاهرة في هذه القوة العربية. ولو أنه لم تسرب معلومات بشأن هذه المكالمة غير ان محمد رشاد أحد المسؤولين الكبار السابقين في الاستخبارات المصرية أعلن الثلاثاء ان مصر لن تنضم إلى هذه القوة وقال "القوات المسلحة المصرية ليست مرتزقة، ومصر تتبنى استراتيجية تستند إلى دعم وحدة الأراضي السورية وجيشها الوطني".

وتعقيبا على هذه الواقعة نشر ستيفن كوك، خبير في شؤون الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية تغريدة على تويتر الثلاثاء قال فيها "يبدو وكأن المستشار بولتون لا يعرف أن الحكومة المصرية تدعم الأسد."

أهم الأقطاب

قطب أخر يجعل فكرة إنشاء قوة عربية للتدخل في سوريا فكرة سيئة، "الحرب الباردة" السعودية-الإيرانية التي يمكن أن تستعر.

اعلان

الحكومة الإيرانية دولة دينية شيعية مسلمة فيما تعتبر المملكة العربية السعودية، نظاما ملكيا موحدا بشكل وثيق مع المؤسسة الدينية السنية في البلاد.

البلدان يمثلان قطبين إيديولوجيين وسياسيين وقد قضيا عقودًا في قتال بعضهما البعض للهيمنة على منطقة الشرق الأوسط وعلى حق تمثيل العالم الإسلامي.

ولكن بدلاً من شن حرب مباشرة فيما بينهما فضل كلاهما اللجوء إلى حرب باردة من خلال تمويل ومساندة الفصائل السياسية المعارضة والجماعات المتطرفة في جميع أنحاء المنطقة كطريقة لممارسة النفوذ والسيطرة.

وهذا ما تفعله بالضبط إيران في سوريا، فطهران عملت منذ بداية الحرب الأهلية السورية على إبقاء الأسد في السلطة مع الاستفادة من فوضى الصراع للحصول على مزيد من السيطرة في المنطقة.

إيران تتصرف من خلال دعم "وكيلها" حزب الله اللبناني الذي يقاتل في سوريا نيابة عن نظام الأسد. علاوة على ذلك أنشأ الحرس الثوري الإسلامي الإيراني القوي العديد من القواعد العسكرية في سوريا.

اعلان

في ظل هذه المعطيات الأخيرة فلنتصور لدقائق ما قد يحدث في حالة دخول قوة عسكرية عربية تقودها السعودية والإمارات إلى سوريا؟

بالتأكيد الوضع سيشهد انفلاتا خطيرا ومواجهة مباشرة ما بين الحرس الثوري الإيراني وحزب الله والنظام السوري من جهة والقوات العربية بالمقابل وهذا ما سيحول "الحرب الباردة" بين أكبر خصمين في الشرق الأوسط إلى حرب فعلية مباشرة.

إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم تكن الأولى التي تفكر في اقتراح إنشاء قوة عربية للتدخل في سوريا فالإدارة السابقة بقيادة باراك أوباما عملت على حشد الدول العربية لبذل المزيد من الجهد لهزيمة داعش وتلقى أوباما دعمًا من الحزبين في الكونغرس، حتى ان المملكة السعودية أعلنت عن تحالف من 34 دولة لمواجهة التنظيم المسلح في ديسمبر/ كانون الاول 2015، غير ان كل هذه الجهود بقيت مجرد قرارات نظرية لأن الولايات المتحدة استمرت في تحمل مهمة محاربة داعش.

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

قوات عسكرية من 25 دولة تشارك في تدريبات بالذخيرة الحية في السعودية

مصادر: اتفاقية حكومية جديدة لصفقات أسلحة بين السعودية وفرنسا

رئيس الفيفا يعلق على أزمة المباريات بين الأندية السعودية والايرانية