ما رأي الإيطاليين في أول حكومة شعبوية في أوروبا الغربية؟

ما رأي الإيطاليين في أول حكومة شعبوية في أوروبا الغربية؟
Copyright 
بقلم:  Ammar Kat
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button
نسخ/لصق رابط فيديو المقال أدناهCopy to clipboardCopied

ما رأي الإيطاليين في أول حكومة شعبوية في أوروبا الغربية؟

وصلنا أنا وزميلتي إلينا كافالون إلى نابولي للتو بعد مرور ثلاثة أيام على تسلم الحكومة الإيطالية الجديدة مهماتها. تشكلت الحكومة من حركة "خمس نجوم" المعارضة والرابطة اليمينية المتطرفة. هذه هي وقفتنا الأولى في رحلتنا عبر إيطاليا التي تدوم بضعة أيام.. سنتجه من الجنوب إلى الشمال لنلتقي الإيطاليين من شرائح مختلفة، لنتعرف على آمالهم ومخاوفهم. يطلق على هذه الحكومة "أول حكومة شعبوية في أوروبا الغربية". إذن، إنها لحظة فاصلة بالنسبة للاتحاد الأوروبي. إذ تسلمت القيادة في أحد الدول الأعضاء أحزاب تشكك بالاتحاد الأوروبي. وبالتالي ليس لدينا مناسبة أفضل من هذه للانطلاق برحلتنا والتعرف على كيفية استقبال إيطاليا للأمر، وماذا سيتبع ذلك.

اليوم الأول

بريان:

حسنا، إلى أين سنتوجه الآن؟

إلينا:

سنتوجه إلى الضاحية الإسبانية في وسط نابولي. يتميز واقع هذه المنطقة بالفقر والبطالة وبعض الجريمة. إنها المنطقة، حيث حصدت حركة "خمس نجوم" أكثر من خمسين في المئة من الأصوات. حقا، إنه معقل حركة "خمس نجوم".

تعتبر نابولي مدينة الشركات الخاصة الفعالة. لذا، سنتعرف على هذه المؤسسة الخاصة التي تمنح الفرص للشباب وتعمل على تدريبهم وفتح آفاق المستقبل أمامهم.

بريان:

تقع مؤسسة فوكوس في منطقة على شكل شبه جزيرة هادئة وخضراء في قلب الضاحية الإسبانية. وتهدف إلى دعم نشاطات السكان المحليين عبر التعليم.

عضوة في مؤسسة فوكوس - راشيل فورفارو:

"يجب على الدولة أن تكون أكثر حضورا في هذه الضاحية. ولهذا السبب أردنا أن نعمل ونخلق الحياة هنا، فكانت تجربة ناجحة في مجال تحسين رفاهية المجتمع".

فوكس بوب:

رجل:

"أعتقد أن التغيير مقبل، لكن مازال الوقت مبكرا. تحتاج إيطاليا بعض الوقت. لا يمكنها تحمل تداعيات ثورة الآن".

امرأة:

"أعتقد أن دي مايو سيفعل شيئا ما، لأنه شاب ويعرف ما يريد. لقد أعاد جزءا من دخله، على خلاف الآخرين. سأراهن على دي مايو"

رجل:

"آمل أنهم سيحققون شيئا جيدا على المستوى الوطني، لكننا لن ننقض أبدا الاتفاقات الأوروبية، لأن هذا لن يفيد بشيء".

رجل:

"إنه الأمل الوحيد الذي بقي لنا من أجل مستقبل أفضل على الأقل لنا نحن الشباب. لأنه لا يوجد عمل".

مدير مؤسسة فوكوس – ريناتو كواغليا:

"أعتقد أن سياسات التقشف في العقود الأخيرة والليبرالية الجديدة التي تبنتها العديد من الدول الأوروبية، تسببت في تردي الحقوق في المدن باستمرار، تلك المدن التي تقلصت فيها التزامات الدولة".

اليوم الثاني:

إلينا:

حسنا، بريان نحن سنغادر نابولي، لكن إلى أين؟

بريان:

سنذهب إلى إقليم بازيليكاتا لنلتقي سيرجيو. سيرجيو هو سائق عربة نقل، التقيته سابقا عندما كنت أحقق تقريرا حول ظروف عمل النقل البري. وهي القضية التي تشكل مركز اهتمامه. وهو مناضل نشيط في حركة "خمس نجوم" إلى جانب أسرته.

بريان:

"يعود سيرجيو إلى عربته. هو في طريقه إلى المنزل، بعد رحلة دامت خمسة أيام، نقل خلالها بضائع عبر أوروبا."

ناشط في حركة "اخمس نجوم" في إيطاليا – سيرجيو غروجيك:

"تمثل الحركة (اخمس نجوم) المستقبل في مجالات البيئة والتعليم العام والمياه والاقتصاد بشكل عام. الحركة هي المستقبل، إنها قريبة من المواطنين وتستمع إليهم".

بريان:

"سيرجيو، ما رأيك بالتحالف بين "خمس نجوم" والرابطة؟"

سيرجيو:

"أرى أنها معادلة رياضية. أنا لا أتفق مع جميع مواقف الرابطة وخاصة مواقف سالفيني، منهج اليمين المتطرف. التطرف لم يثمر أبدا."

بريان:

"الشروط السيئة لعمل سائقي الشاحنات، الذين يمضون أشهرا، في بعض الأحيان، على الطرقات، حفزت الاهتمام بالسياسة عند سيرجيو. وهو يشعر بالسعادة عندما يمضي أيام العطلة بين أفراد أسرته. كما يمكنه الاعتماد على دعم صاحب العمل، الذي يتفق معه في بعض أفكار حركة "خمس نجوم".

صاحب شركة "سيريغليانو" للنقل – ماسيمو سيريغليانو:

"بالتأكيد، إن التسهيلات الضريبية إلى حد ما، يمكن أن تخفف من الأعباء التي تعاني الأعمال من ضغوطها الآن، نتيجة الضرائب الكبيرة."

سيرجيو:

"إن سياسة اليوم لا تحدد مستقبلي، بل تحدد مستقبلهم (أولادي). ويترتب عليهم إدراك العالم كما يجب أن يغدو عليه وما هي السياسات التي ستقرر مصالحهم."

إلينا:

"هذا مثير جدا، لأنه ذكر أن الناس، على سبيل المثال، يفضلون أن يقودوا أولادهم إلى مباراة لكرة القدم، لكنه هو نفسه، يفضل أن يقودهم إلى المظاهرات، ليعلمهم أهمية الشراكة المدنية والحياة السياسية.

بريان:

"يلتقي أعضاء حركة "خمس نجوم" في المقاهي غالبا، مثل هذا، ليبحثوا الشؤون المحلية. ويعتقد سيرجيو أن هذا النوع من النقاش والجدل يمثل جوهر الحركة".

رجل 1:

"تعرضت بازيليكاتا إلى طوارئ بيئية، كما أنه لدينا مشكلات جدية على المستوى الاجتماعي، تتمثل في تراجع عدد السكان، وربما أن هذين الموضوعين مرتبطان".

رجل 2:

"يجب ضبط عملية الهجرة، ومن لديه الحق القانوني يمكنه البقاء، لكن هؤلاء الذين لا يملكون الحق، عليهم العودة إلى ديارهم. لا يمكننا القبول بانتشار الجريمة".

امرأة:

"طبيعي، أنه يترتب على الناس العاديين كما هو حالنا، حل مشكلاتهم اليومية، ونحن نرى في حركة "خمس نجوم" الأمل الوحيد لحلها، عن طريق تقديم حلول ذات طابع شعبي".

بريان يخاطب إلينا:

ما الذي أدهشك أكثر؟

إلينا:

"أكثر ما أثر بي، أن الناس الذين يصوتون لحركة "خمس نجوم" الآن، اعتادوا التصويت لأحزاب أخرى في السابق، من اليمين ومن اليسار. لأن هذه الحركة جذبت الناس المهتمين بمواضيع مختلفة مثل: عدم التكافؤ الاجتماعي والقضايا البيئية، إذ أنه يوجد في بازيليكاتا الكثير من المشكلات على هذه الشاكلة".

سيرجيو:

"قد لا يتغير المجتمع من مجرد جرة قلم. كما نقول في لغتنا الدارجة بين الناشطين في حركة "خمس نجوم"، دعونا نحافظ على المسار المستقيم والقلوب العامرة".

اليوم الثالث

بريان:

إلى أين نتوجه الآن؟

إلينا:

نحن نتوجه إلى ماسيراتا، حيث أحرزت رابطة الشمال أعلى مستوى لها منذ سنوات.

بريان:

كيف حدث ذلك؟

إلينا:

حسنا كان هناك الكثير من المشكلات، سابقا، تتعلق بتهريب المخدرات، ويعتقد الناس أن تدفق المهاجرين في الأشهر الأخيرة، يزيد من حدة الوضع.

بريان:

ماسيراتا هي مدينة تاريخية يبلغ عدد سكانها نحو 40 ألف نسمة، اعتادوا أن يكونوا معقل اليسار. في عام 2013، صوت أقل من 1% لصالح الرابطة. لكن في الانتخابات الأخيرة، حقق حزب اليمين المتطرف خُمس الأصوات. ويعيد الكثيرون السبب إلى تدفق المهاجرين المفاجئ. إذ يجري استقطاب الآراء في ساحة سوق المدينة.

إلينا:

ما الذي دفعك إلى التصويت لـ؟

رجل:

"الرابطة"

إلينا:

لماذا؟

رجل:

"الرابطة، لأنني كنت مؤمنا بالاشتراكية، لكنني سئمت، اعذريني على لهجتي".

رجل:

"علينا احترام حياة الآخرين، وألا نحاكمهم من خلال لون بشرتهم. يقولون إن المهاجرين جاؤوا إلى هنا ليعيشوا عالة، لكن علينا تفهم مشكلاتهم دون حكم مسبق، في الواقع أنا أكره سالفيني، آسف، لكن هذه هي الحقيقة".

رجل:

"حاليا، أنا أبحث عن غرفة، لأني بحاجة للنوم، لكن الناس قالوا لي إنهم لا يرغبون بتأجير أناس ملوني البشرة".

بريان:

"باولو برنابوشي يترأس منظمة غير حكومية لمساعدة اللاجئين على الاندماج. لقد ذكر أنه شهد ازديادا في التعصب ضد المهاجرين الإفريقيين في السنوات الأخيرة.

رئيسة مجموعة "أومانو دي سوليداريتا" - باولو برنابوشي:

"أصعب عمل هو أن تقدم الدعم النفسي لهؤلاء الناس، لأن الكثير من الشباب هنا خائفون، لأنهم اكتشفوا حقيقة أن السود يواجهون مخاطر أكبر من أن يهاجمهم ليس ناشطو اليمين المتطرف وحسب، بل وأبناء جلدتهم.

بريان:

"وقعت حادثة مؤخرا، إذ أطلق ناشط من الرابطة النار على مهاجرين، لكنه لم يقتل أحدا، إلا أن هذا سبب صدمة للشعب. يتخذ اليمين المتطرف وجها مفاجأ في ماسيراتا أحيانا. نلتقي الناشط في الرابطة باولو ديوب وهو من عائلة هاجرت من السنغال في الثمانينات.

ناشط في "الرابطة" في إيطاليا – باولو ديوب:

"بالطبع، أنا عبرت الحدود بشكل شرعي، لأنك كنت تحتاج إلى مجرد تأشيرة دخول في ذلك الوقت، وكانت الحدود سهلة العبور. انضممت إلى العمل السياسي وأهتم بالهجرة خصوصا، لأنني أعتقد أن لا أحد يمكنه فهم بعض المشكلات وآلياتها أفضل من الشخص الذي خاض غمارها. أعتقد أن التضامن يجب أن يقوم على أشياء متينة، أعني أنه يمكننا التضامن مع كل شخص، لأننا أناسا طيبون يجب أن نقدم تضامنا بناء".

اليوم الرابع

بريان:

إذن، نحن الآن في طريقنا إلى وجهتنا الأخيرة في ميلان. ماذا سنجد هناك؟

إلينا:

"سنرى الفارق بين المدينة حيث مازال الناس يؤمنون بالأحزاب التقليدية مثل: فورزا إيطاليا أو الحزب الديمقراطي، بينما، في المناطق النائية، حيث تأسست الرابطة، فإن أصحاب الأعمال الصغيرة لديهم آراء متشددة ضد الاتحاد الأوروبي بشأن سياسة المالية والميزانية ويطالبون روما بإدارة ذاتية أكثر.

بريان:

نصل إلى منطقة لومباردي ضواحي ميلانو، التي تقع في قلب منطقة الرابطة مباشرة. تقول هذه الكتابة: "نحن الأساتذة في ديارنا"، وأخرى تعبر عن التأييد لحزب اليمين المتطرف، شعارات منتشرة عبر البلدة.

هذا أحد المؤيدين للرابطة، وكان الوحيد الذي رضي التحدث إلينا. فيما يشاركه الكثيرون هنا آراءه بشأن الأعمال الصغيرة والمتوسطة.

رجل:

"أنا لا أريد التفريق بين إنسان وآخر، لكن إيطاليا لا يمكنها الاعتماد على لومباردي وفينيتو فقط. من وجهة نظري، هؤلاء الذين شكلوا أوروبا لا يريدونها على حالها اليوم. في النتيجة، نحن عبيد لألمانيا 100%.

بريان:

يشاركه آراءه الكثيرون في هذه المنطقة من أصحاب الأعمال الصغيرة والمتوسطة

على بعد مسافة قصيرة، في ميلان، الآراء مختلفة تماما. هذه هي العاصمة المالية في إيطاليا و مركز الحزب الوسطي اليساري والحزب الديمقراطي، وهو الآن الحزب المعارض الرئيس في البرلمان، ومازال يحكم المدينة.

يؤمن الكثيرون هنا أن الحزب الديمقراطي هو الخيار الأفضل للحكومة الحالية، يؤيد الاتحاد الأوروبي، كما أنهم قلقون بشأن التوجهات التي تتبناها البلاد.

امرأة:

"إذن، بشأن هذين الحزبين في الحكومة الآن. أنا لا أرى أنهما يمثلاني، إنهما مناهضان لأوروبا جدا وكانا متضادين حتى شهرين قبل الانتخابات، إذن، أنا لا أستوعب كيف يمكنهما أن يكونا معا".

رجل:

"لا أعتقد أن الحزب الديمقراطي هو الحزب الأفضل، لكن مقارنة مع أحزاب أخرى تشكل جزءا من الحكومة فهو يمكن أن يكون الخيار الأفضل. الحالة تشابه الوضع في الولايات المتحدة، حيث كان لدينا هيلاري كلينتون ودونالد ترامب، لم يمثل أحدهما الخيار الأفضل، لكن أحدهما يسوق الدولة في الاتجاه الخاطئ، وخاصة في العالم الذي نعيشه اليوم.

بريان:

مهما كان الرأي، فالإيطاليون يلتفون حول حكومتهم، وهم يركزون الانتباه الآن أكثر من ذي قبل. بين الآمال والمخاوف، يعلمون أن التجربة الجديدة في السياسة الأوروبية يمكنها أن تعيد صياغة مستقبل بلادهم لتنطلق إلى تطبيقات أوسع عبر القارة.

تقرير موفدي يورو نيوز: بريان كارتر وإلينا كافالون

للمزيد إقرأ على يورونيوز:

حكومة إيطاليا الجديدة تفوز بثقة مجلس النواب

بازيليكاتا الايطالية: تعاون من أجل التدويل

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

حركة 5 نجوم الإيطالية تنتخب رئيس الوزراء السابق كونتي زعيما جديدا لها

إيطاليا تحيي الذكرى الـ 72 على تأسيسها في ظل أول حكومة شعبوية تترأسها

إيطاليا: ولادة أول حكومة شعبوية إئتلافية في أوروبا