الموصل تهدّمت فماذا عن اللهجة المصلاوية؟

الموصل تهدّمت فماذا عن اللهجة المصلاوية؟
Copyright AP Photo/Felipe Dana
Copyright AP Photo/Felipe Dana
بقلم:  Samir Youssef مع أسوشييتد برس
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button
نسخ/لصق رابط فيديو المقال أدناهCopy to clipboardCopied

"المصلاوية"، بلسان أهلها، تختلف، لأسباب تاريخية واجتماعية، عن اللهجات العراقية الأخرى. فكيف هي حالها اليوم؟ وهل تواجه حقاً خطر الاندثار؟

اعلان

تحدث أهل الموصل لعدّة قرون بلهجة خاصة بهم، تختلف عن العراقية حتماً، وهم لا يخفون فخرهم بها على الإطلاق. فاللغة أو اللهجة، كما يتفق اللغويون الكبار، إرث حضاري أساسي.

في حالة الموصل، برزت المدينة تاريخياً كملتقى للطرق جمع بين حضارات عدّة، أو أيضاً، في الأيام السوداء، كميدان لتصفية الحسابات، تحارب فيه الفرس والرومان وغيرهم.

ونهلت "المصلاوية"، كما تعرف بلسان أهلها، من الكردية والتركية والفارسية في الماضي، ما زاد غناها. المتحدثون بها، على سبيل المثال، يلفظون حرف الراء كما يلفظ بالفرنسية، أي كحرف الغيْن. هذا مجرد مثال بسيط.

وقد تبدو بعض المفردات باللهجة غريبة جداً، حتى بالنسبة إلى أهل بغداد التي لا تبعد كثيراً عن المدينة.

ولكن في مفارقة غريبة من نوعها، قد يفهم قسم من اللبنانيين على سبيل المثال، كلمات "مصلاوية" مثل أنجغ (أنجأ، أي يا دوب)، أو استقتل (أي بذل جهداً للحصول على الشيء) أو مليح (جيد) أو هبرة (لحم من دون عظم).

كذلك، يعيّر البعض المصلاوية قائلين إنها لهجة فيها فائض من الأنوثة، الأمر الذي يدفع بعض الشباب الموصلي إلى تغيير لهجتهم إذا ما سافروا إلى مناطق أخرى في العراق.

غير أن ذلك الاختلاف اللغوي عن المحيط العراقي، إن جاز القول، أصبح اليوم مهدداً بعد سنوات من الحرب والنزوح. لا بل أن احتمال اندثار اللهجة "المصلاوية"، صار هاجساً مقلقاً.

أيضاً على يورونيوز:

وكانت مدينة الموصل القديمة (الحي القديم) قد دمرت بفعل المواجهات العسكرية الشرسة بين القوات العراقية وما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية، منذ 2017، ما وضع "اللهجة الأصيلة" في مهب الريح، خصوصاً وأن أكثرية المتحدثين بها كانوا يعيشون في الحي القديم.

وأدت الحرب مع التنظيم إلى مقتل آلاف السكان في الموصل بعد شهور من القتال، بينما نزح منها عشرات الآلاف، الذين وضبوا لهجتهم، المركبة من ماضٍ متنوع وغني، في حقائبهم أيضاً.

والآن يخاف البعض من اختفاء تلك اللهجة، تماماً كالمدينة التي دمّرت بسبب الحرب.

تعلق شهد الوليد صاحبة الـ 26 عاماً على الأمر وتقول "لهجتنا فريدة لأنها تحتوي على الكثير من (المفردات) من اللغة العربية. لقد التزمنا بالحفاظ على اللغة العربية الفصحى. ولكننا أيضاً نمتلك جملاً أخرى لأن الموصل كانت رابطاً بين دول عدّة".

وتتحدث الوليد "المصلاوية" القديمة على الرغم من أنها ترعرعت في الحي الشرقي للموصل، وتقول إنها تبرع بها لأنها كانت تتحدثا بها مع جدّها وصديقتها اللذان كان يعيشان في الحي القديم.

وكما هو معروف، إن اللغة العربية الرسمية شبه موحدة من المغرب إلى المشرق، رغم بعض الاختلافات خصوصاً بين المغرب العربي والمشرق العربي، ولكن اللهجات قد تختلف اختلافاً جذرياً فيما بينها حيث يلجأ بعض العرب إلى لغات أجنبية، كالفرنسية أو الإنجليزية، للتفاهم فيما بينهم.

ومنذ العام 1960 أطلقت الحكومات العراقية المتتالية حملات "لتعريب" الموصل، ذلك أن المدينة كان يسكنها في نهاية القرن العشرين إثنيات عدّة من العرب والأكراد والأشوريين والتركمان، ناهيك عن الانتماءات الدينية المختلفة التي عززت وجه المدينة "الكوزموبوليتاني".

أيضاً على يورونيوز:

ومع وصول القبائل العربية مدفوعة بسياسات الحكومات العراقية، استقرت لهجات جديدة في المنطقة، ربما كانت موجودة في السابق لكن بنسبة أقل بأي حال.

أما نوال عبد الرحمن فتحي، صاحبة السبعين عاماً التي ولدت وكبرت في الحي القديم من المدينة، والتي انتقلت إلى القسم الغربي من المدينة بسبب الظروف، فهي لا تبدو متفائلة أبداً.

اعلان

ورغم أن فتحي لا تخفي رغبتها في المحافظة على اللهجة، إلا أنها ترى أنها تضمحل شيئاً فشيئاً.

وتقول فتحي "أتمنى لو بمقدورنا الحفاظ على لهجتنا ولكن الأمر لم يعد بيدنا. كل شيء تغيّر والناس تغيّروا وكل شيء آخر يتغيّر معهم. غيّروا لباسهم، وطريقة كلامهم، غيّروا كلّ شيء، ولم يبقَ إلا القليل القليل".

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

المطران نجيب ميخايل ليورونيوز: نبحث عن القواسم المشتركة بين البشر وما يوحدهم

انتشال أكثر من 100 جثة من نهر دجلة والعراق يعلن الحداد ثلاثة أيام

ماتيرا مدينة الكهوف تتحول إلى عاصمة للثقافة الأوروبية في 2019