في عام 1998، تم التوصل إلى اتفاق الجمعة العظيمة أو اتفاق بلفاست بين بريطانيا وجمهورية ايرلندا وأحزاب ايرلندا الشمالية، وبفضل هذا الاتفاق تم التخلص من كافة البنى الحدودية بين شطري الجزيرة.
المئات من المعابر الحدودية البرية والمائية تنتشر ما بين شطري جزيرة إيرلندا، تلك المعابر التي تفصل جمهورية إيرلندا التي ستبقى بعد "بريكست" داخل الاتحاد الأوروبي، عن إيرلندا الشمالية التابعة للمملكة المتحدة.
وحينما يتنقّل المرء في هذه الجزيرة الجميلة، قد يصعب عليه أن يدرك في أي جزء منها يقف، والطريقة الوحيدة التي يمكن للغريب من خلالها أن يدرك مكان وجوده هو فقط لون علامات الطريق المتابينة بين الشطرين.
في عام 1998، تم التوصل إلى اتفاق الجمعة العظيمة أو اتفاق بلفاست بين بريطانيا وجمهورية ايرلندا وأحزاب ايرلندا الشمالية، وبفضل هذا الاتفاق تم التخلص من كافة البنى الحدودية بين شطري الجزيرة، تلك الحدود التي ارتفعت خلال سنوات الأزمة الإيرلندية، حينها تم إغلاق الكثير من لمعابر وفرض القيود على حركة مرور الأشخاص والبضائع، غير أن اتفاق الجمعة العظيمة قد أزال كل تلك الإجراءات.
الآن المعابر جميعها مفتوحة بين الشطرين، وهي خالية من إي إشارة تدل على وجود نقطة حدودية للتفتيش، غير أن هذا الأمر على وشك أن يتغيّر بعد نحو ثلاثة أسابيع، حينما يحّل يوم التاسع والعشرين من شهر آذار/مارس الجاري، وتغادر المملكة المتحدة التكتل الأوروبي، ذلك ان حدوداً جمركية ستقام بين الشطرين، وهذا ما جعل البريطانيين والإيرلنديين على حد سواء يشعرون بقلق ما برح يشتدّ كلما اقترب موعد خروج بريطانيا من الاتحاد".
للمزيد في "يورونيوز":
- بسبب البريكست.. 100 ألف بريطاني يتقدمون للحصول على جوازات سفر إيرلندية
- تيريزا ماي في بروكسل: محادثات أم مناورات؟
- رئيسة أكبر حزب في إيرلندا الشمالية ترفض مساومات الاتحاد الأوروبي حول "بريكست"
الإيرلنديون والبريطانيون ما اتنفكّوا يعبرون عن قلقهم جراء ضبابية الرؤية لدى السياسيين في المملكة المتحدة بشأن "بريكست"، ذلك أن هناك تباينات في البريطانيين أنفسهم وبين البريطانيين والأوروبيين، وفي غمرة هذه التجاذبات الخارجة عن السيطرة، تسعى رئيسة الوزراء تيريزا ماي للحصول على ضمانات جديدة حول اتفاق الانسحاب على أمل ألا يرفضه البرلمان البريطاني بحلول 12 آذار/مارس الجاري، وفي حال تم رفضه، ستطلب منهم في 13 آذار/مارس ما إذا كانوا يرغبون في الخروج من الاتحاد بلا اتفاق. وفي حال رفضوا ذلك، ستقدم لهم في 14 آذار/مارس اقتراحا بارجاء بريكست لفترة "محدودة" إلى ما بعد 29 آذار/مارس.
كبير مفاوضي الإتحاد الأوروبي ميشال بارنييه أعلن قبل أيام أن الإتحاد الأوروبي مستعد لتقديم ضمانات إضافية إلى المملكة المتحدة من أجل تسهيل التصويت البريطاني، وتتعلق تلك الضمانات بما يعرف بـ"شبكة الأمان" التي تشكل العائق الرئيس منذ رفض اتفاق الانسحاب في البرلمان البريطاني في كانون الثاني/يناير الماضي.
ووضع هذا الإجراء لتجنب عودة حدود بين مقاطعة إيرلندا الشمالية البريطانية وجمهورية إيرلندا من أجل حماية اتفاقات السلام التي وقعت في 1998، ومن أجل سلامة السوق الواحدة، وهو ينص على بقاء المملكة المتحدة في إتحاد جمركي مع الإتحاد الأوروبي وينص على التزام أكبر لإيرلندا الشمالية بمعايير الإتحاد الأوروبي.
ووفق ما يؤكد زعماء الاتحاد الأوروبي فإنه بعد خروج بريطانيا ستدخل البضائع التي تصل إلى إيرلندا الشمالية، إلى إيرلندا وكل السوق الأوروبية، لكن الحكومة البريطانية تخشى أن تمنع "شبكة الأمان" عبر إبقاء لندن في أرض جمركية مشتركة، من اتباع سياسة تجارية مستقلة، ولذا تريد لندن أن تكون "شبكة الأمان" محددة زمنيا وأن يسمح لها بإنهائها من جانب واحد، وهو ما يرفضه الأوروبيون.
السكّان في أيرلندا الشمالية كبقية المواطنين في كافة أنحاء المملكة المتحدة، ينتظرون نتائج التصويت في البرلمان، هذا التصويت الذي يأملون من خلاله أن ينقشع الضباب الذي استوطن ردهات السياسة وقاعتها في لندن منذ الاستفتاء على "بريكست" في العام 2016.