Euroviews. نتنياهو صنع كل أسباب بقائه

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو Copyright REUTERS/Ammar Awad
بقلم:  مهند عبد الحميد
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button
المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر يورونيوز

مقالة رأي للكاتب مهند عبد الحميد

اعلان

فاز نتنياهو بولاية خامسة، ضارباً رقماً قياسياً في تبوء رئاسة الحكومة الإسرائيلية، ومتجاوزاً بذلك بن غوريون، رئيس أول حكومة وأقوى زعماء إسرائيل. لم تكن نتيجة الانتخابات مفاجئة كونها نابعة من قوة أحزاب الائتلاف اليميني الذي يقوده نتنياهو والتي حصلت على 65 مقعداً مقابل 55 مقعداً للمعارضة بينها 10 مقاعد عربية. هذه النسبة تعكس التحول الذي قاده نتنياهو نحو اليمين القومي والديني في المجتمع الإسرائيلي. وكانت معظم استطلاعات الرأي قريبة من نتيجة الانتخابات المعلنة.

لم تتمكن المعارضة والائتلاف الذي شكلته (تحالف أزرق - أبيض) بقيادة الجنرالات من اختراق الاستقطاب الذي صنعه وأرسى قواعده نتنياهو، فالتحول نحو اليمين أصاب المعارضة أيضاً، وجعلها غير قادرة على تقديم بديل سياسي خارج معادلة الاحتلال والسيطرة على شعب آخر، وغير قادرة على تقديم برنامج اقتصادي واجتماعي وثقافي مغاير.

فتح نتنياهو كل الأبواب أمام الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة وشجع مئات الآلاف من الإسرائيليين على الاستيطان، وجعل مصالحهم مقترنة ببقاء الاحتلال والاستيطان والعنصرية والتعصب

لقد أثبتت نتائج الانتخابات أن المجتمع الإسرائيلي يفتقد إلى معارضة جدية ومؤثرة، ومرد ذلك يعود الى تعويم المصالح والتنافس مع اليمين على سياساته، وتقديم برامج لا تختلف في الجوهر عن برامج اليمين. ونتيجة لذلك اضمحل حزب العمل الى 6 مقاعد، واختفت تسبني ليفني وحزبها "هتكفاه " من المشهد السياسي، وبقيت حركة ميرتس تراوح مع 5 مقاعد.

صنع نتنياهو كل أسباب بقائه، عبر سياسات ومواقف داخلية وخارجية، أهمها، منظومة القوانين وبخاصة قانون القومية الذي عزز التعصب العرقي والديني. وفتح نتنياهو كل الأبواب أمام الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة وشجع مئات الآلاف من الإسرائيليين على الاستيطان، وجعل مصالحهم مقترنة ببقاء الاحتلال والاستيطان والعنصرية والتعصب.

كذلك قدم نتنياهو الخطر الإيراني والإرهاب باعتبارهما تهديداً وجودياً لإسرائيل، في الوقت نفسه تعامل مع احتلال جيشه للأراضي الفلسطينية والعربية كأمر واقع وطبيعي وضروري للدفاع عن أمن إسرائيل، قافزا عن دور الاحتلال في تأجيج الصراع والكراهية وتهديد الاستقرار، وفي منع الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره.

وارتبطت صناعته الخوف الإسرائيلي بالتنكر للآخر الفلسطيني، وبسياسة صرف أنظار الإسرائيليين عن القضايا الداخلية، وإضعاف وعزل وأحياناً معاقبة قوى التغيير في المجتمع الإسرائيلي.

REUTERS/Leah Millis
نتنياهو وترامب بعد الاعتراف الأمريكي بسيادة إسرائيل على الجولانREUTERS/Leah Millis

وما كان نتنياهو يستطيع دعم التحولات اليمينية الإسرائيلية الكبيرة وتتويجها بفوز مريح في انتخابات الكنيست، بمعزل عن السياسة التي اتبعها ترامب في اتجاهين، اتجاه التماهي مع التطرف اليميني الإسرائيلي في أبشع تجلياته، كالاعتراف بالقدس الموحدة عاصمة لاسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إليها، وشطب قضية اللاجئين الفلسطينيين ودعم الاستيطان دون قيود، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان السورية المحتلة. واتجاه وقف كامل الدعم الأمريكي لوكالة "أونروا" المختصة بشؤون اللاجئين، وووقف دعم السلطة الفلسطينية، وإغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن.

فاز نتنياهو بعد أن أبرم الصفقات مع غلاة المتدينين والعنصريين الفاشيين، والآن جاء موعد الدفع والتسديد.

سياسة مكافأة الاحتلال والعدوان، ومعاقبة الضحايا والمضطهدين، التي اتبعها نتنياهو ودعمها ترامب والترامبيون الشعبويون على صعيد كوني، سياسة التوحش تلك، أرادت تقويض قيم الحرية والعدالة وحقوق الإنسان والديمقراطية والقانون.

فاز نتنياهو بعد أن أبرم الصفقات مع غلاة المتدينين والعنصريين الفاشيين، والآن جاء موعد الدفع والتسديد. وهنا، يدور الحديث عن إصدار الائتلاف اليميني قانوناً يحظر محاكمة نتنياهو بتهم الفساد ويشكل الحماية له طوال فترة حكمة، مقابل ضم المستوطنات التي يقطنها 600 ألف مستوطن الى إسرائيل، وبسط السيادة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وما يعنيه الضم من شطب حل الدولة الفلسطينية، والقضاء المبرم على السلام المنشود، والانتقال الى نظام "الأبارتايد" في التعامل مع 5 مليون فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية.

REUTERS/Ronen Zvulun
أحد مؤيدي رئيس الوزراء الإسرائيلي رافعاً لافتة كتب عليها اسم دونالد ترامبREUTERS/Ronen Zvulun

وسيكون نتنياهو مطالبا بتلبية شروط الحريديم (اليهود الأرثوذكس) بإعفاء شبانهم وشاباتهم من الخدمة في الجيش، وبإضافة قيود دينية جديدة بما في ذلك تقسيم المسجد الأقصى زمانياً ومكانياً مع المسلمين، وتعزيز الطابع الديني للدولة في مواجهة العلمانيين. وسيكون نتنياهو مطالباً باسترضاء ليبرمان وحزبه "إسرائيل بيتنا " وأمثاله من الذين اجتازوا نسبة الحسم بصعوبة بحقائب من الوزن الثقيل، محدثاً بذلك اختلالاً بين التمثيل الشعبي والسلطة التنفيذية.

أيضاً عن نتنياهو على يورونيوز:

فاز نتنياهو منتقلاً بإسرائيل من فساد أقل إلى فساد أكبر، فساد يرقى الى العنصرية وكراهية الغير والانحياز للحرب والعداء للسلام. فساد نتنياهو يأتي بطعم غطرسة القوة التي تدوس القانون الدولي وتستعيض عنه بالميثيولوجيا الدينية، فساد يقوض الديمقراطية الاسرائيلية وهو يعاقب منظمة بيتسيلم ومنظمة نكسر الصمت الإسرائيليتيْن بتهمة توثيق الانتهاكات الإسرائيلية، ويعاقب الجنرال يائير جولان بتهمة قوله "ما يخيفني في ذكرى الهولوكوست وجود إجراءات مرعبة ومثيرة للتقزز كتلك التي حدثت في ألمانيا في ثلاثينيّات القرن العشرين"، ويحرمه من الترفع الى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي.

فساد نتنياهو بلون التوحد مع الترامبية والشعبوية العالمية التي تضم في صفوفها المعادين للسامية، وبلون التوحد مع دول عربية مستبدة قامعة لشعوبها. طريق نتنياهو قد يطول إذا بقي النظام الدولي ملائماً له وصامتاً على انتهاكاته، وطريق نتنياهو قد يقصر إذا ما جوبه بالاحتجاج والضغوط والعزل والعقوبات، ولا شك أن للسياسات الفلسطينية الرسمية والشعبية، ولحركات السلام الإسرائيلية دوراً مهم في تقصير طريق نتنياهو الرهيب.

مهند عبد الحميد / كانب وباحث فلسطيني

المقالة تعبر عن وجهة نظر صاحبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر يورونيوز

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

نتنياهو يحصل على مزيد من الوقت لتشكيل الحكومة الجديدة

هل يعود الإسرائيليون الذين فروا من مستعمرات غلاف غزة إليها؟

خلال زيارته للقدس.. السيناتور الجمهوري لندسي غراهام يطالب بايدن بمباركة غزو إسرائيل لرفح