دفن الموتى مشكلة جديدة تواجه المسلمين في أوروبا بسبب كورونا

دفن الموتى مشكلة جديدة تواجه المسلمين في أوروبا بسبب كورونا
Copyright Photo/Peter Dejong
Copyright Photo/Peter Dejong
بقلم:  رشيد سعيد قرني
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

في فرنسا، حيث يعيش أكبر عدد من المسلمين في أوروبا، تعرضت العائلات لضغوط شديدة لدفن موتاهم الذين تضاعفت أعدادهم خلال أزمة الفيروس التاجي.

اعلان

كانت مباركة بودة تفضل أن تدفن في مسقط رأسها في المغرب، ولكن بسبب إجراءات الإغلاق الصارمة في بلدها الأصلي جراء تفشي جائحة فيروس كوفيد-19، تم دفنها في مقبرة إسلامية جديدة في بلدة صغيرة في شمال شرق هولندا. حفيدها حسن بودة تأسف لعدم تلبية وصية جدته ولكنه قال إن الأمر لم يكن بيد العائلة وأشار بعد أن ساعد في إنزال نعش المرحومة مباركة على الأرض الرملية في مقبرة رياض الجنة الأسبوع الماضي وتابع "لقد كان خياراً ثانياً جيداً".

بمجرد الانتهاء من جنازة مباركة، وصلت مجموعة ثانية من المشيعين، ثم ثالثة وهكذا طيلة اليوم. المشيعون كانوا يرتدون الكمامات والقفازات والتزموا بإرشادات الحكومة فيما يتعلق بتدابير التباعد الاجتماعي قدر استطاعتهم، لدرجة استخدام معاول خشبية معالجة لدفن الموتى.

من بين أهم الإجراءات التي اتخذتها الدول والحكومات حول العالم من أجل وقف انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد، تعليق الرحلات الجوية وإغلاق الحدود حول العالم، ما قيد حركة الأحياء وكذلك الأموات ومن بينهم الموتى المسلمون الذين كانوا يقيمون في أوروبا ويأملون أن يدفنوا في بلدانهم الأصلية بعد وفاتهم.

أ ب
دفن المرحومة مباركة بودة في مقبرة رياض الجنة في هولنداأ بPeter Dejong

دفن المهاجرين في بلدانهم الأصلية تعد قضية خاصة بالنسبة للمهاجرين من الجيل الأول الذين وصلوا إلى أوروبا في الستينيات والسبعينيات بحثًا عن العمل. هذه الفئة تفضل غالبًا أن تدفن في مسقط رأسها.

ويقول الإمام حميد بلقاسمي الذي أقام جنازة المرحومة بودة "لقد أصبحت هذه القضية مشكلة بسبب الجائحة، ويجد الكثير من المسلمين صعوبة في قبول دفنهم في هولندا"، مضيفا أن جمعية الأئمة في هولندا أصدرت نصيحة تدعو فيها الجالية المسلمة لقبول دفن المسلمين في البلاد التي توفوا بها.

عشرات الجثث محفوظة في قاعات مبردة في انتظار النقل

من جهته، شعر سكيبول مورتوريوم، العميل المتخصص في نقل جثث المسلمين من هولندا إلى بلدانهم الأصلية بتأثير الجائحة على نشاطه. وقال هانز هيكوب، مدير المنظمة التي تدير المرفق "إن المشرحة عادة ما تقوم بنقل حوالي 2000 جثة مسلم إلى وطنه الأصلي كل عام، بما في ذلك ما بين 500 و600 جثة إلى المغرب. ومنذ إجراءات الإغلاق يختلف الأمر كثيرا، حيث يتم احتجاز الجثث في مخازن باردة في انتظار عودة الرحلات الجوية".

وتابع هيكوب "من الممكن الاحتفاظ بالجثث في قاعات التخزين وحفظ الجثث الباردة لأسابيع و حتى لأشهر، خاصة في حالة خضوعها للتحنيط"

بالرغم من تعليق أغلب الرحلات الجوية من وإلى هولاندا، لا تزال القليل من طائرات الشحن تنشط وهذا ما يتيح نقل بعض التوابيت إلى دول مثل تركيا دون المغرب. بعض العائلات راجعت قراراتها بخصوص الاحتفاظ بالجثث وعادت إلى المشارح لدفن موتاها خوفاً من أن يطول الانتظار سواء في قاعات التخزين أو في مطار أمستردام.

أ ف ب
مصلحة حفظ الجثث في مستشفى إميل مولر بمدينة مولوز في فرنساأ ف بSEBASTIEN BOZON

تحتوي العديد من المقابر الهولندية على أقسام صغيرة مخصصة لدفن المسلمين، ولكن توجد مقبرتان إسلاميتان فقط في هولندا تقدمان ضمان الراحة الأبدية. إنه السبب الرئيس الذي دفع بعائلة بودة لقطع مسافة 230 كيلومترًا بين ليدن إلى زويدلارين لدفن الجدة الفقيدة في المقبرة الجديدة التي افتتحت هذا الشهر. بمحاذاة المقبرة، موقف للسيارات ومقهى لبيع الماريجوانا. القبور في المقبرة الجديدة مرصوصة بشكل متوازي لبعضها البعض وموجهة نحو مكة المكرمة.

توفيت مباركة بودة التي وصلت إلى هولندا في أوائل السبعينيات وشغلت مجموعة متنوعة من الوظائف أثناء تربيتها ثلاثة أطفال. في بداية شهر رمضان المبارك توفيت مباركة التي كانت تعاني من مرض فقر الدم عن عمر ناهز 83 عامًا.

القبور مؤقتة في فرنسا ويمكن طرد الميت منها

خيار دفن الموتى المسلمين في بلدان الإقامة في أوروبا يثير مخاوف أخرى لدى المسلمين خاصة في دول مثل هولندا وفرنسا. فالعقيدة الإسلامية تنص على دفن الموتى في قبر والبقاء فيه إلى الأبد. ولكن في كلا البلدين، ينص التشريع على أن القبور عبارة عن عقود إمتياز مؤقتة قابلة للتجديد. أما الامتيازات الدائمة للقبور فهي مكلفة جدا ويصعب الحصول عليها. في فرنسا مثلا، تستمر الامتيازات العادية لمدة 15 عامًا ويجب بعد ذلك تجديدها أو رفع الجثث. وهذا يطرح مشاكل مالية وثقافية ودينية لبعض المسلمين.

أ ف ب
الجزء الإسلامي في مقبرة بوومون في شرق فرنساأ ف بJEAN-CHRISTOPHE VERHAEGEN

وفي هذا السياق يقول محمد الموسوي، رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية "هذا لا يتوافق مع التقاليد الإسلامية ... في التقاليد الإسلامية ، عندما ندفن في قبر، ندفن إلى الأبد".

في فرنسا، حيث يعيش أكبر عدد من المسلمين في أوروبا، تعرضت العائلات لضغوط شديدة لدفن موتاهم الذين تضاعفت أعدادهم خلال أزمة الفيروس التاجي. فالبلاد لا تتوفر سوى على عدد محدود من قطع الأراضي المخصصة لدفن المسلمين داخل المقابر الفرنسية حيث يتم نقل الأغلبية منهم إلى بلدانهم الأصلية لا سيما المغرب والجزائر.

تقول نصيحة جمعية الأئمة الهولنديين بشأن المدافن أن "المعيار قبر إلى الأبد" ، ولكن إذا لم يكن ذلك ممكنًا ، فيجب على الأقارب البحث عن أطول وقت ممكن.

المصادر الإضافية • أ ب

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

بريطانيا تُعالج نقص العمالة في مجال الرعاية الصحية من خلال فتح أبوابها للعاملين الأفارقة

شاهد: اكتظاظ في مستشفيات إسبانيا مع ارتفاع حالات الإصابة بالإنفلونزا وكوفيد-19

أجهزة الأمن الأوكرانية تمنع الرئيس الأوكراني السابق بوروشنكو من مغادرة البلاد