الفيلم العربي وجائزة الأوسكار "إنجازٌ يحاكي الفوز"

 تأجيل حفل توزيع جوائز الأوسكار لعام 2021  بسبب تأثير وباء كوفيد-19 على صناعة السينما
تأجيل حفل توزيع جوائز الأوسكار لعام 2021 بسبب تأثير وباء كوفيد-19 على صناعة السينما Copyright AFP
Copyright AFP
بقلم:  Hassan Refaei
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

تقول الناقدة السينمائية علا الشيخ : "إن السينما مرأة للواقع، وبالتالي فإن الآلام والعذابات التي تكبّدها كثير من العرب أثناء مسيرهم إلى حلم ربيعي مشتهى، كانت حاضرة في أفلام طرقت أبواب الأوسكار بقوة".

اعلان

يعتلي منصّة الترشيحات النهائية لجوائز الأوسكار في نسختها الـ93 هذا العام، فيلمان عربيان؛ الأول الروائي التونسي الطويل "الرجل الذي باع ظهره" للمخرجة كوثر بن هنية، والثاني هو الفيلم الروائي الفلسطيني القصير "الهدية" للمخرجة فرح النابلسي.

الفيلم التونسي، الذي حصد العديد من الجوائز في مهرجانات سينمائية عربية وأجنبية، يؤدي دور البطولة فيه الممثل السوريُّ يحيى مهايني والنجمة الإيطاليةُ مونيكا بيلوتشي والممثلة البلجيكيةُ كوين دي باو. يرصد الفيلم المحطات الرئيسة في رحلة شاب سوريّ غادر إلى لبنان الذي أصبح نقطة ارتكاز لمشروع هجرة إلى أوروبا حيث الحبيبة والحرية والعيش الكريم، ثالوث حلمه الأزلي الذي من أجله وافق على إبرام صفقة مع فنان أميركي مشهور طلب منه أن يتخذ من ظهره سطحاً يرسم عليه لوحة فنية (وشماً)، ليصبح هذا الوشم تأشيرة تمكّنه من دخول بلجيكا حيث يعيش حياة مترفة، مقابل جلوسه عارضاً للجمهور ظهره، ليجد المهاجر الحالمُ أنه حين "باع ظهره" فقد ذاته.

أما الفيلم الفلسطيني "الهدية" فيؤدي فيه دور البطولة الممثل صالح بكري والطفلة مريم كنج ومريم كامل باشا، ويتحدث عن المعاناة اليومية التي يتكبّدها الفلسطينيون عند الحواجز الإسرائيلية المنتشرة في الضفة الغربية المحتلة، و"الهدية، فيلم بسيط، وحكايته تم تناولها بسلاسة، تداخلت فيها طريقة إدارة المخرجة مع مشاعرها التي ظهرت على إدارتها لأداء الممثلين، وكأنهم يريدون تثبيت ما يجول بخاطرها عبر أداء مقنع لقصة من الواقع، استحقت أن تصل إلى الأوسكار"، على حد وصف الناقدة السينمائية العربية علا الشيخ.

المرأة العربية

تلفت الناقدة السينمائية علا الشيخ في مقابلة عبر الهاتف مع "يورونيوز" الانتباه، إلى أن فيلمي "الرجلَ الذي باع ظهره" و"الهدية" هما لمخرجتين عربيتين، "ارتفع معهما عدد المخرجات العربيات اللواتي وصلت أفلامهنّ إلى المرحلة النهائية لأوسكار إلى خمس، وهذا الحضور النوعي والكمّي للمرأة العربية في صناعة السينما يعزز من دورها في تحديد اتجاهات هذه الصناعة التي تساهم بقوة في صياغة الرأي العام"، وفق تعبيرها.

وتقصد علا الشيخ في حديثها المخرجة التونسية مريم جوبار التي ترشّح فيلمها القصير "إخوان" إلى القائمة النهائية للأفلام المتنافسة على جوائز الدورة الـ 92 للأوسكار، جنباً إلى جنب مع المخرجة السورية وعد الخطيب التي ترشّح للجائزة فيلمها "إلى سما"، وأخيراً المخرجة اللبنانية نادين لبكي التي ترشّح فيلمها "كفر ناحوم" للأوسكار في العام 2019.

السودان والسعودية

وكانت 96 دولة قد تقدّمت هذا العام بأفلامها إلى حلبات الأوسكار للحصول على الجائزة التي تمنحها الأكاديمية الأميركية لفنون السينما وعلومها، وقد تأهل إلى القائمة القصيرة أكثر من 90 فيلماً من بينها 8 أفلام عربية بعدما سحبت الجزائر ترشيح فيلمها "هليوبوليس".

Euronews
الناقدة السينمائية العربية علا الشيخEuronews

تقول علا الشيخ: "الملاحظ، هذا العام، أن السعودية والسودان، تقدّمتتا بفيلمين إلى الأوسكار، على الرغم من أن الدولتين لم تسجّلا من قبل حضوراً لافتاً في منصات الجوائز السينمائية على الصعيدين العربي والعالمي، وليس لديهما باع طويل في الفن السابع".

وكانت السودان قد رشّحت لأوسكار هذا العام بفيلم "ستموت في، العشرين"من إخراج أمجد أبو العلاء وبطولة إسلام مبارك ومصطفى شحاتة ومازن أحمد، وهو نصّ مختارٌ من مجموعة قصصية للكاتب السوداني حمور زيادة بعنوان "النوم عند قدمي الجبل".

أمّا السعودية، فقد تقدّمت إلى الأوسكار بفيلمها الروائي "سيدة البحر" للكاتبة والمخرجة السعودية شهد أمين التي سلطت الضوء على واقع المرأة في المجتمعات العربية، وذلك من خلال قصة خيالية تواجه فيها فتاة المورث الثقافي الشعبي في مجتمعها.

تقول علا الشيخ: إن "المملكة السعودية التي لم يكن لديها في السابق حضورٌ سينمائي فعلي، باستثناء الأفلام القصيرة، نجدها الآن، وفي ظل الانفتاح الثقافي الذي تشهده، تسعى لحجز مكان متقدّم في عالم صناعة السينما، مستفيدة من إمكاناتها المادية وطاقاتها البشرية التي تفسح لها في المجال للمنافسة عالمياً".

الربيع العربي

وإذا كان "الربيع العربي" وتداعياته قد شكّل مادة للكثير من الأفلام العربية التي ترشحت للأوسكار خلال العقد الماضي، فإن "الفيلم الفلسطيني كان في مقدمة الأفلام العربية التي وصلت إلى مراحل متقدمة في الأوسكار خلال السنوات العشر الماضية، وفي هذا السياق، نذكر فيلم "إن شئت كما في السماء" للمخرج الفلسطيني إيليا سليمان، الذي تم اختياره للمنافسة على جائزة أفضل فيلم عالمي"، وفقاً للناقدة علا الشيخ.

تقول الشيخ: "إن السينما مرآة للواقع، وبالتالي فإن الآلام والعذاب التي تكبّدها كثير من العرب أثناء مسيرهم إلى حلم ربيعي مشتهى، كانت حاضرة في أفلام طرقت أبواب الأوسكار بقوة، كما هو حال الفيلم الوثائقي "إلى سما" لوعد الخطيب الذي رصد تفاصيل مفجعة للمعاناة المريرة التي عاشتها مدينة حلب وأبناؤها في ظل الحصار وعمليات القتل والقصف والتدمير خلال السنوات الماضية".

وتضيف الشيخ: "حين نتحدث عن معاناة السوريين، لا يمكن أن نقفز عن فيلم الخوذ البيضاء الذي سلط الضوء على المخاطر التي يتعرض لها المسعفون المتطوعون في سوريا أثناء انتشالهم ضحايا القصف من تحت الركام، هذا الفيلم الذي فاز بجائزة الأوسكار عن فئة أفضل فيلم وثائقي قصير، وذلك في الدورة 89". واستطردت بالقول: "كما أن فيلم "الرجل الذي باع ظهره" الذي يروي قصة لاجئ سوري، يأتي هو أيضاً في سياق معاناة السوريين".

تشير الناقدة الشيخ إلى أن الأفلام العربية التي ترشحت العام الماضي لجائزة أوسكار جميعها كانت ترصد الواقع العربي والمعاناة التي يعيشها المواطنون في غالبية البلدان العربية، وتقول: "إضافة لفيلم "إلى سما"، الذي وصل إلى القائمة القصيرة ضمن فئة أفضل الأفلام الوثائقية الطويلة، كان هناك فيلم إخوان الذي نافس على فئة أفضل فيلم قصير ويروي قصة الجهاديين التونسيين الذين انضموا إلى تنظيم داعش فى سوريا ورحلة عودتهم إلى بلادهم ونظرة المجتمع المحلي لهم وتفاعلهم مع محيطهم الاجتماعي، إضافة إلى فيلم "الكهف" الذي يسجل مشاهد الخوف والفزع التي يعيشها أطباء مشفى تحت الأرض في منطقة الغوطة الشرقية، في العاصمة السورية، دمشق، حيث كان يتمّ إسعاف وتطبيب الآلاف من أبناء تلك المنطقة التي اختبرت القصف والحصار المشدد لسنوات".

بصمات عربية

والفيلم العربي "زيد" هو الوحيد الذي أحرز جائزة "أوسكار" كأفضل فيلم أجنبي (1970) غير أن أفلاماً عربية كثيرة كانت قاب قوسين أو أدنى من الحصول على الجائزة، كالفيلم اللبناني "قضية 23" للمخرج زياد الدويري (2018)، والفيلم الأردني "ذيب" للمخرج ناجي أبو نوار (2016) والفيلم الموريتاني "تومبوكتو" لمخرجه عبد الرحمن سيساكو (2016)، والفيلمان الفلسطينيان "عمر" (2013) و"الجنة الآن" (2005) وكلاهما للمخرج هاني أبو أسعد (2013)، والأفلام الجزائرية "خارجون عن القانون (2010) و"أيام المجد" (2006) و"غبار الحياة" (1995) وجميعهم للمخرج رشيد بو شارب.

وترى الناقدة السينمائية علا الشيخ أن مجرد وصول الفيلم إلى المنافسات النهائية لجائزة أوسكار، هو "انجازٌ يحاكي الفوز"، مشيرة إلى أنه "ليس ثمة معايير مادية ملموسة للفوز بجائزة الأوسكار، هذا إضافة إلى أن المسؤول عن اختيار الفائزين من خلال التصويت، هم أعضاء الأكاديمية الأميركية لفنون السينما وعلومها والذين يبلغ عددهم نحو 6 آلاف عضو، ينحدرون من بلدان ومجتمعات مختلفة كما ثقافاتهم وأفكارهم ومعتقداتهم، ولعل هذا يشير إلى أن الفيلم الفائز بالأوسكار ليس بالضرورة أنه الأحق بالجائزة، لكنه بالتأكيد أحد الجديرين بها".

ويجدر بالذكر أن احتفال توزيع جوائز الأوسكار لهذا العام تمّ تأجيله ثمانية أسابيع بسبب جائحة كورونا التي تسببت في إغلاق دور السينما وإرباك جدول أعمال استوديوهات هوليود، ليصبح الموعد الجديد للاحتفال هو الخامس والعشرين من شهر نيسان/أبريل القادم، لكن الاحتفال لن يقام فقط في صالة "دولبي ثياتر" بلوس أنجلس كما اعتاد الجمهور منذ 2002، لكن أيضا في محطة قطار تاريخية وسط المدينة، على بعد عشرات الأميال من مكان الاحتفال المعتاد، حسب ما أوضح رئيس الأكاديمية الأميركية لفنون السينما وعلومها ديفيد روبين.

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

مصمم مشاهد سينمائية يهمس في أذن الخيول في المغرب

تنوّع قياسي في جوائز الأوسكار هذه السنة.. والفضل لجائحة كورونا

شاهد: الجيش الفرنسي يستعرض قدرات مدفع "قيصر"