محامية فرنسية لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة: من أين لك هذا؟

رياض سلامة حاكم مصرف لبنان
رياض سلامة حاكم مصرف لبنان Copyright أ ب
بقلم:  Mariam Chehab
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

محامية فرنسية لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة: من أين لك هذا؟

اعلان

مشهد طوابير السيارات والمواطنين الذين ينتظرون لساعات وساعات أمام محطات الوقود إلى أن يطرق الحظ أبوابهم وينجحوا في ملء سياراتهم بالوقود، والملاسنات والمعارك التي تحصل في المحال التجارية بسبب عبوة للحليب او للزيت المدعوم من قبل الحكومة، تعكس الواقع المرير الذي يعيشه اللبناني اليوم، في بلد يشهد أسوأ أزماته الاقتصادية منذ العام 2019.

وبعد سنوات من الهدر والفساد في مؤسسات الدولة، وبعد أن بلغ حجم الدين العام 95.6 مليار دولار نهاية 2020، أي ما يعادل 171.7% من الناتج الإجمالي المحلي، وفق صندوق النقد الدولي، إضافة إلى انهيار العملة الوطنية إلى مستوى قياسي، يحمّل اللبناني المسؤولية كاملة في ما آلت إليه الأوضاع في البلاد على السياسيين ويطالب بمحاسبة المسؤولين وإعادة الاموال المنهوبة.

ويعتبر البعض أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وسياساته المالية من الأسباب الأساسية التي أوصلت لبنان إلى شفا الإفلاس ووضعت أموال المودعين وجنى أعمارهم في خطر، خاصة أن قسما كبيرا من أموال المودعين وضع لتمويل مشاريع وهمية وتم دفعه في صفقات ومشاريع ومحاصصة، بالتعاون بين سلامة والسياسيين.

تم تعيين رياض سلامة حاكما لـ"مصرف لبنان المركزي" في عام 1993، وأُعيد اخيتاره في أربع ولايات متتالية في أعوام 1999 و2005 و2011 و2017.

وكان سلامة يعد "صمام أمان الاقتصاد اللبناني"، ويعرف بأنه الرجل الذي ساهم في تجنيب لبنان مخاطر مالية عدة.

تم اختياره من قبل مجلة "غلوبال فاينينس" من بين أفضل 9 حكام مصارف مركزية في العالم. هذا وحصل على العديد من الجوائز العالمية. إلا أن هذا الرجل بحسب أبناء وطنه وتصريحاتهم العلانية والتحركات التي تنظم أمام مصرف لبنان وتطالبه بالاستقالة، هو نفسه من أوصلهم اليوم إلى حافة الهاوية.

أ ب
بنك بيروتأ ب

ثروة سلامة تتخطى "الملياري دولار"

منظمة "شيربا" الفرنسية غير الحكومية قامت بالتعاون مع "جمعية ضحايا الممارسات الاحتيالية والجرمية في لبنان" التي أنشأها مودعون لبنانيون وفرنسيون خسروا أموالهم في الأزمة التي تشهدها البلاد، بتقديم دعوى قضائية تستهدف سلامة وشقيقه رجا وابن شقيقه ومساعدته المقربة ماريان حويك، وعشرين شخصا آخرين.

وتطالب الشكوى بفتح تحقيقات دولية بتهم "تبييض الأموال وإخفائها" و"الاحتيال" و"الممارسات التجارية الاحتيالية" و"حيازة أصول من دون مسوّغ"، وذلك في إطار "عصابة منظّمة".

وتطالب المنظّمتان القضاء بالتحقيق في الهروب الواسع النطاق لرؤوس الأموال اللبنانية منذ بداية الأزمة، وحيازة عقارات فارهة لا تتناسب مع مداخيل الأشخاص المستهدفين في الشكوى، وفي مسؤولية الوسطاء الماليين، من خلال ملاذات ضريبية وأسماء مستعارة.

وبحسب الشكوى "تتخطى الثروة العالمية" لرياض سلامة "حاليا الملياري دولار".

ولم تكن هذه القضية التي تقدم بها المحاميان ويليام بوردون وأميلي لوفيفر لدى النيابة العامة المالية في 30 نيسان/أبريل الأولى من نوعها، بل سبق أن قدم المحامي أنطوان ميزونوف، من مؤسّسة "Accountability Now" السويسرية دعوى ضد سلامة في 16 نيسان/أبريل الماضي.

"Accountability Now"، هي مؤسسة تم تأسيسها من قبل لبنانيين يعيشون في الخارج، وتهدف إلى "دعم المجتمع المدني اللبناني في الوصول إلى وضع حد لتهرّب المسؤولين من العقاب".

يورونيوز اتصلت بمنظمة "شيربا"، ولدى سؤال لوفيفر عن قيمة المبالغ، استشهدت المحامية الفرنسية بما كشفه الموقع الإلكتروني "درج" وتحقيقات منصة "مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد"، بأن المبالغ كبيرة جدا، وبلغت قيمة الأصول التي يملكها سلامة في لوكسمبورغ فقط 94 مليون دولار في العام 2018.

وقالت لوفيفر، إن الشكوى قدمت يوم الجمعة لمكتب المدعي العام الوطني المكلف بالجرائم الاقتصادية في فرنسا وقد وصلهم إخطار باستلام الشكوى. ولفتت إلى أن هناك شكاوى قدمت ايضا في كل من سويسرا وبريطانيا ضد سلامة ومقربين منه.

وأشارت لوفيفر إلى أن هناك عدة معطيات تم جمعها من قبل جمعية المشتكين.

موقف السلطات اللبنانية

عن موقف السلطات اللبنانية، قالت لوفيفر لـ"يورونيوز"، "ننتظر أن تتعاون السلطات اللبنانية معنا في هذه القضية"، و"نلمس أجواء إيجابية وإن كنا نعرف أن الأمور معقدة بعض الشيء لأن هناك أطرافا فاعلة كثيرة متورطة في تهريب الأموال". وأضافت أن هناك تحركات من جانب بعض رجال القانون والقضاء في لبنان.

ولدى الحديث عن فرنسا وموقف الإليزيه، أشارت إلى أن "الأجواء إيجابية وباريس حريصة على أن يكون لبنان بخير وبالتالي فإنها لن تتدخل في هذه المسألة أو تعيق سير التحقيق وعلى العدالة أن تأخذ مجراها".

وأردفت "باريس وماكرون شخصيا معني بما يجري في لبنان". وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قام بزيارتين إلى العاصمة اللبنانية بيروت عقب وقوع الانفجار المدمر في الرابع من أغسطس/آب والتقى بالعديد من المسؤولين اللبنانيين.

اعلان

ومنذ استقالة رئيس الحكومة حسان دياب وتكليف سعد الحريري بتشكيل حكومة جديدة يستمر ماكرون بمساعيه لتشكيل حكومة لا تزال الأطراف السياسية عاجزة عن تأليفها وتكون قادرة على القيام بالإصلاحات المطلوبة.

ومن المقرر، وصول وزير الخارجية جان إيف لودريان إلى بيروت يوم الخميس لعقد اجتماعات مع مسؤولين رفيعي المستوى لإخراج البلاد من أزمة سياسية تبدو بلا أفق.

وعن مجريات الأمور بعد إيداع الشكوى، قالت لوفيفر "نتوقع فتح تحقيق وجمع كل القرائن والأدلة التي تعزز الاتهامات بشان ماتمتلكه المجموعة المدعى عليها من أصول وأموال وعقارات في فرنسا وكشف هوية الوسطاء الذين سهلوا العملية وتحديد المسؤوليات أيضا".

ثمرة عمل طويل

وعن موقف سلامة ونفيه الدائم ارتكاب أي مخالفات، قالت "سلامة نفى الاتهامات ليس فقط مؤخرا بل ايضا في العام الماضي. هو يقول أنه حصل على ما يمتلكه اليوم قبل توليه منصب حاكم مصرف لبنان، لكن لدينا قرائن تفيد أن جزءا كبيرا من الأصول والممتلكات حصل عليها خلال عهدته، (التي بدأت قبل 27 عاما) ويجب عليه أن يشرح كيف حصل عليها".

وأكدت في نهاية الحديث أن "الشكوى هي ثمرة عمل طويل وشاق ونحن سعيدون أننا تمكنا من تقديمها وننتظر قتح تحقيق في أقرب فرصة".

اعلان

ويشدد سلامة على أن أمواله كلها مصرح بها وقانونية وأنه جمع ثروته مما ورثه وعبر مسيرته المهنية في القطاع المالي. ويملك سلامة فيلا فارهة على سواحل الأنتيب في جنوب شرق فرنسا.

ومنذ نحو 15 عاما، تولى القضاء الفرنسي من خلال شكاوى منظمات غير حكومية ملفات عدة بشأن "أصول غير مشروعة" تستهدف ثروات في فرنسا لمسؤولين أجانب وخصوصا من إفريقيا والشرق الأوسط، يعتقد أنها جمعت عبر اختلاس الأموال العامة.

وينظر البرلمان الفرنسي في آلية جديدة ترمي إلى إعادة الأصول التي صادرها القضاء الفرنسي إلى من نهبت أموالهم.

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

"الوجع واحد".. تضامن لبناني مع مسلح احتجز رهائن داخل مصرف في محاولة لاسترجاع ودائعه

جورج ابراهيم عبد الله أمام القضاء الفرنسي مجددا لطلب إبعاده

خطة لبنانية فرنسية لإعادة بناء ميناء بيروت بعد نحو 4 سنوات من الانفجار الضخم