"أيادي رمضان السخية".. مبادرة باريسية لمساعدة محتاجين عصفت بهم جائحة كوفيد-19

صورة رئيسية
صورة رئيسية Copyright euronews
Copyright euronews
بقلم:  Adel Dellal
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

"أيادي رمضان السخية".. مبادرة باريسية لمساعدة محتاجين عصفت بهم جائحة كوفيد-19

اعلان

خلال شهر رمضان تكثر المبادرات والأعمال الخيرية، وهناك منها الفردية أو الجماعية التي تنظمها الجمعيات.  ومن أهم المبادرات التي شهدتها العاصمة الفرنسية باريس خلال رمضان هذا العام نذكر مبادرة "الأيادي السخية خلال رمضان". 

المبادرة من تنظيم السيدة ليلى بوقرط، وهي فنانة مختصة في مجال النحت وتشغل منصب رئيسة جمعية "فرنسا، أوروبا، المتوسط"، وهي جمعية ثقافية تسعى إلى ترسيخ الحوار بين مختلف الثقافات والأديان.

كيف نشأت الفكرة؟

حسب السيدة ليلى بوقرط فإن المئات يعيشون وضعاً مزرياً في العاصمة باريس وضواحيها بسبب الأزمة الصحية التي خلفت آثاراً مدمرة حيث فقد عدد كبير من الأشخاص وظائفهم ووجدوا أنفسهم دون مصدر رزق. الأزمة الصحية أفرزت الكثير من الفقراء الذين أصبح شغلهم الشاغل سد جوع أطفالهم، خاصة في شهر رمضان بالنسبة للمسلمين.

السيدة ليلى بوقرط وكغيرها من ذوي البرّ والإحسان فكرت كثيراً في هذه المسألة واكتشفت أن الحل الأمثل للمساعدة يكمن في تكاتف الجهود وتقديم خدمات إنسانية تطوعية للمحتاجين.

من دعم فكرة التضامن؟

تواصلت بوقرط مع شخصيات سياسية وثقافية وفنية لتجسيد الفكرة في إطار جماعي، يهدف إلى مساعدة المعوزين، فقامت بجمع تبرعات مالية ومادية. وتمكنت من خلال التبرعات المالية من شراء سيارة ساهمت بشكل كبير في نقل السلع الغذائية التي يتم توزيعها على العائلات المحتاجة، كما لم يتردد عدة أصحاب مطاعم في تقديم المساعدة من خلال تحضير وجبة "الشوربة" التي تعتبر الطبق الرئيسي خلال شهر رمضان. مؤسسات أخرى قامت بتقديم طرود غذائية، كما ساهمت المخابر في تقديم الخبز والحلويات كمساعدة للمضي قدما في إنجاح المبادرة.

وتوضح بوقرط أن العملية تشبه كثيراً التواصل العائلي وهي بعيدة كل البعد عن تلك المشاهد التي تهين كرامة المعوزين فهي تتم على مستووين الأول على مستوى مراكز الإيواء الخاصة بالمسنين والنساء وذلك بشكل يومي والثانية على مستوى بلدية أوبرفيلييه بالضاحية الباريسية وتتم يومي الثلاثاء والخميس وتشهد إقبالا كبيرا خاصة من الطلبة والمهاجرين غير الشرعيين والعالقين الذين تقطعت بهم السبل بسبب إغلاق الحدود الناجم عن أزمة كورونا الصحية.

متطوعون لإنجاح العملية

وسرعان ما اتصلت بوقرط بمجموعة من المتطوعين الذين لبوا النداء وقاموا باحتضان الفكرة في إطار تعاوني وتكاتفي لتقديم المساعدة. ومنذ الأيام الأولى للشهر الفضيل، انطلقت المبادرة بأنشطتها الخيرية. وقد شددت رئيسة جمعية "فرنسا، أوروبا والمتوسط" ليلى بوقرط على ضرورة أن تكون المساعدات الخيرية من المتبرعين قبل رمضان، حتى تتمكن الجمعية والمبادرة من تقديمها منذ اليوم الأول.

وأوضحت أن المساعدات عادة تتمثل بتقديم طرود الخير الغذائية، والتي يفضلها الكثيرون من متلقي الدعم، ويتم القيام بتوزيعها للعائلات المحتاجة في مراكز الإيواء وفي الأماكن الخاصة بتوزيع الوجبات عادة والتي تحددها الجمعية. وأكدت بوقرط أن السلطات تشدد على قيام الجمعيات بتقديم المساعدات في أماكن مفتوحة نظرا للوضع الصحي الذي تعيشه البلاد لأن تقديمها في صالات وقاعات قد يزيد من خطر اٌصابة بفيروس كورونا.

وجبات تفي بالغرض

ويؤكد المتطوعون الذين ينشطون ضمن مبادرة "أيادي رمضان السخية" أن المبادرة تقدم أشكالا متنوعة من الوجبات التي يشتهيها المعوزون إذ يعد الفريق الطعام، ثم ينطلق لتوزيع تلك الوجبات على مراكز الإيواء لتصل جاهزة إلى المحتاجين، دون أن يتحمل بعضهم عبء القدوم إلى مقر الجمعية. ويصل الفريق إلى أماكن نائية في ضواحي باريس لتوزيع الوجبات مثل "بورت دو أبرفيلييه" و"بورت دو فونف".

euronews
صورة رقم 1euronews

يعتبر ابراهيم زغلاش وهو أحد المتطوعبن أن شهر رمضان "هو شهر الخير والعطاء قبل أن يكون شهراً لاتباع العادات، فهو شهر روحاني لإصلاح النفس وتطهيرها من الذنوب عبر التقرّب إلى الله تعالى وتقديم ما يرضيه". 

ويضيف زغلاش:"في مجتمعنا اليوم، هناك الكثير من المبادرات الخيرية التي تقوم بها الكثير من الشركات التجارية والأفراد على حد سواء. وأجمل شعور بالنسبة للإنسان هو تقديم الخير ومساعدة الآخرين التي تُشعر الواحد منا بسعادة كبرى".

euronews
إحدى المتطوعات توزع الطعام على المحتاجينeuronews

المتطوعون في الصفوف الأولى

قبل بداية رمضان حرص المسؤولون على المبادرة على التواصل مع الجهات الداعمة التي يمكن أن تقدم مساعدات، على غرار المطاعم والمحلات التجارية، في إشارة واضحة على مدى تفاعل المجتمع في تقديم المساعدة خصوصاً في هذا الشهر.

وفي هذا الشان تقول بوقرط "إنه شهر شهر التضامن والمساعدة والأخوة. المتطوعون قدموا هذا المساء وأشرفنا على توزيع حوالي 200 وجبة. إنها مبادرة رائعة، كان هناك أطفال، نساء، رجال، مهاجرون وطلبة. نتمى السعادة للجميع وأتمنى أن تحمل مبادرة الأيادي الكريمة الكثير خلال هذا الشهر الفضيل وسنواصل مبادرتنا إلى النهاية". 

euronews
صورة رقم 3euronews

"مبادرة رائعة"

لاقت مبادرة "الأيادي السخية" تشجيعاً وإقبالاً من قبل المتطوعين خاصة السيدات، اللواتي تطوعن للمساعدة في إعداد الطعام وتوزيعه على المعوزين. إحدى المتطوعات قالت: "ككل عام ندعم مبادرة جمعية فرنسا أوروبا، المتوسط ونحن هنا للمساعدة والتضامن وزرع البسمة في صفوف المحتاجين والطلبة خاصة في مثل هذه الظروف والتي تتزامن مع أزمة كوفيد-19".وتضيف السيدة: "هناك من فقدوا وظائفهم بسبب الوضع ويعانون من أوضاع صعبة وبحاجة للمساعدة ونحن هنا".

البعض راى في المبادرة فكرة جدية وجيدة، فقد استقطبت أشخاصاً لم تكن لهم تجربة في النشاط الجمعوي والتضامني وهو ما تؤكده إحدى المتطوعات التي قالت: "هذه هي المرة الأولى التي آتي فيها للمساعدة في صفوف الجمعية وأرى أنه من الجيد مساعدة الآخرين. أشكر مبادرة الأيادي الكريمة وجمعية فرنسا أوروبا المتوسط لما تقوم به من مجهودات لمساعدة الآخرين".

ولم تتردد سيدة أخرى في إظهار سعادتها من المشاركة في المبادرة قائلة: "سعيدة بالمشاركة في هذه المبادرة الخاصة بتوزيع وجبات طعام على المعوزين الذين يعيشون وضعا صعبا خاصة وأننا نعيش في قلب جائحة كوفيد-19. يجب أن نساعد ونعطي من وقتنا من أجل تقديم الدعم ومساعدة الآخرين".

كما وجد السيد آدم الذي يبلغ من العمر 30 عاماً ويسكن في العاصمة باريس نفسه في قلب هذه المبادرة الإنسانية حيث يقول: "نحن متضامنون مع مبادرة الأيادي الكريمة خلال شهر رمضان ونشكر الجميع على المجهودات التي يقومون بها".

ويطمح فريق مبادرة "الأيادي السخية" إلى توسيع نشاطه الخيري وتنفيذ مشاريع خيرية تنشط بعد انتهاء شهر رمضان، على أن لا يقتصر الأمر على مدينة باريس وضواحيها وإنما يشمل الأمر بقية المدن الفرنسية.

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

بالصور: عسل "مانوكا" يشكل ميدانا لمواجهة شرسة بين نيوزيلندا وأستراليا

شاهد: الأفران التقليدية تلعب دورا رئيسيا في حياة المجتمع المغربي خلال شهر رمضان

شاهد: السوريون في محافظة إدلب يعتبرون أن شهر رمضان "أكثر هدوءًا" هذه السنة