هل تشهد إيطاليا استفتاء بخصوص الموت الرحيم قريباً؟ من يدعم الملف ومن يعارضه؟

إلووانا إنعلارو، امرأة إيطالية بقيت في غيبوبة لمدة 17 عاماً ورفض القضاء مراراً مطالبها بالموت الرحيم
إلووانا ��نعلارو، امرأة إيطالية بقيت في غيبوبة لمدة 17 عاماً ورفض القضاء مراراً مطالبها بالموت الرحيم Copyright PAOLO GIOVANNINI/AP
Copyright PAOLO GIOVANNINI/AP
بقلم:  يورونيوز
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

شهد الرأي العام في إيطاليا تحولاً كبيراً في هذه المسألة بحسب ما تشير إليه الاستطلاعات، ففي العام 1997 أيد فقط 58 بالمئة من الإيطاليين الطرح، مقابل 92 بالمئة في 2019. الكنيسة تصف الموت الرحيم بـ"هزيمة البشرية" والحزب الراديكالي يقول إنه حق.

اعلان

بلغ عدد الموقعين على عريضة في إيطاليا تطالب بإلغاء بند من قانون العقوبات يجرّم الموت الرحيم، أكثر من مليون، أي نحو ضعفيْ العدد المطلوب (500 ألف توقيع) لإطلاق استفتاء حول المسألة.

والبند الذي يطالب الموقعون على العريضة بسحبه هو البند 579.

ولا تختلف إيطاليا ذات الجذور الكاثوليكية عن كثير من الدول حول العالم، فالموت الرحيم مُدان من الكنيسة فيها، وشكل بشكل شبه دائم مادة مثيرة للجدل والنقاش.

وإذا صادقت المحكمة الدستورية على العريضة التي أطلقت في حزيران/يونيو الماضي، من الممكن أن تشهد البلاد استفتاء العام المقبل.

خلفية

يجرم القانون الإيطالي الموت الرحيم، الذي يُعرّف بـ"حقن طبيب عن سابق تصور وتصميم لمصاب بمرض عضال بأدوية لإنهاء حياته".

بذلك لا لبسَ في القانون الذي يمنع "أياً كان" من "التسبب بوفاة شخص حتى لو كان ذلك بموافقة المريض". ويعاقب القانون بالسجن من تثبت إدانتهم من ست إلى 15 سنة. أما المادة 580 من قانون العقوبات فتنص على أن مساعدة أي شخص في الانتحار (الانتحار بمساعدة الغير) تعتبر جرماً، ويعاقب القانون عليها بالسجن من 5 إلى 12 سنة.

لكن القانون يميّز بين الموت الرحيم كخيار واع، يتم تنفيذه عن سابق تصور وتصميم، والموت الرحيم "السلبي". فالثاني يحدث في الحالات حيث يتم التوقف عن إعطاء الأدوية لمريض لم يعد الدواء نافعاً له. وهذا الحق يكرسه الدستور الإيطالي الذي يقول إنه "لا يمكن إجبار أحد على تلقي علاج صحي محدد إلا ما إذا كان هناك طلب من جهة قانونية".

وتقول الكنيسية الكاثوليكية إن الموت الرحيم يمثل "جريمة ضدّ الله" و"الحياة" وهي "فعل شرير في جوهره". وهذا الموقف يعود أساساً لمبدأ "قدسية الحياة" الذي يعتبر صلب العقيدة الكاثوليكية، التي تعتبر كلّ حياة بشرية مقدسة ومصونة.

ماذا يقول البابا فرنسيس؟

خلال كلمة ألقاها سابقاً هذا الشهر، قال البابا فرنسيس إن الدعوات لتشريع الموت الرحيم المنتشرة في عدة بلدان أوروبية، إضافة إلى الإجهاض، آتية من "ثقافة التخلص التي يتمتع بها المجتمع الاستهلاكي" (throwaway culture)- و"تركت أثراً فينا، في الشباب والعجائز".

وأضاف البابا أن "ثقافة التخلص" لديها تأثير قوي على إحدى مآسي الثقافة الأوروبية اليوم.

كلام البابا ليس مفاجئاً في بلد أوروبي يقدم 80 بالمئة من سكانه أنفسهم على أنهم كاثوليك مؤمنون.

من يدعم الموت الرحيم في إيطاليا؟

لقد تبنى "الحزب الراديكالي" (Partito Radicale) ملف الموت الرحيم منذ عقود منادياً بأن يصبح حقاً يضمنه الدستور ولكن من دون أن ينجح. وأشارت دراسة صدرت في 2019 أن أكثرية الأطباء الإيطاليين معارضون للموت الرحيم والانتحار بمساعدة الغير.

غير أن الرأي العام شهد تحولاً كبيراً في هذه المسألة بحسب ما تشير إليه استطلاعات للرأي. في العام 1997 أيد فقط 58 بالمئة من الإيطاليين الطرح، مقابل 92 بالمئة في 2019.

وأصدرت المحكمة الدستورية في 2019 قراراً في أيلول/سبتمتر من عام 2019، شرّع "الانتحار بمساعدة الغير" في بعض الحالات الخاصة جداً، ما فتح الباب أمام تغيّر محتمل.

وتدعم مجموعة من الأحزاب التي تتميز بتوجهات تقدمية أو ليبرالية أو اشتراكية الحق في الموت الرحيم، إضافة إلى شخصيات معروفة ومنظمات تعنى بحقوق الإنسان.

في اتصال له مع يورونيوز، قال ماركو كاباتو، أمين سرّ جميعة "لوكا كوتسيوني" التي أطلقت العريضة "الناس يهتمون للذين يعيشون في معاناة. واختبروا أهمية أن يبقى المرء حراً باختيارات حياته حتى النهاية".

وأضاف كاباتو "نجاح العريضة حول تشريع الموت الرحيم كان غير عادي وهذا يمثل إشارة على أن الرأي العام يسبق السياسيين بخصوص الحقوق المدنية والحريات".

من ضدّ الموت الرحيم؟

يقف الفاتيكان ومجموعة من المنظمات والجمعيات الكاثوليكية وغيرها بوجه المطالبة بالحق في الموت الرحيم.

اعلان

وفي حديث لها مع يورونيوز، قالت ماريا كاسيني بانديني من منظمة "إيتاليان موفمانت فور لايف" المعارضة للملف إن "الموت الرحيم والحملة المخصصة للاستفتاء الذي سبقته، يعتبران إنكاراً لقيمة الإنسان في لحظات من الضعف الشديد".

وكان أحد الأساقفة الكبار في الفاتيكان اعتبر الموت الرحيم "هزيمة للبشرية".

وتخوض منظمة "إيتاليان موفمانت فور لايف" حملات منذ 1975 ضدّ الإجهاض والموت الرحيم وغيرها من الملفات الاجتماعي التي يطرح فيها دائماً السؤال الأخلاقي، وعبرت بانديني ليورونيوز عن قلقها من طرح الاستفتاء.

ورددت بانديني كلام البابا فرنسيس واصفة المجتمع المعاصر بمجتمع "ثقافة التخلص"، وتضيف أنه "عندما يكون من المستحيل شفاء أحدهم، إن علاجهم يبقى واجباً". وهي ترى أن "المعركة الحقيقية" تتمثل بـ"قيمة الإنسان" سواء كان بصحة جيدة أو مريضاً.

خطوات عملية

تُغلَق العريضة المطالبة بالحق في الموت الرحيم اليوم (30 أيلول-سبتمبر 2021). وتنظر بعد ذلك محكمة النقض في أصالة التوقيعات عليها، ثم تنظر فيها لاحقاً المحكمة الدستورية لترى إذا ما كانت مؤهلة للطرح في استفتاء.

اعلان

وفيما يتوقع مراقبون أن تشهد إيطاليا استفتاء حول إلغاء البند 579 من قانون العقوبات العام المقبل، الأرجح في فصل الربيع كما يقولون، يرى آخرون أن المحكمة الدستورية قد لا توافق على ما ورد في العريضة.

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

ضحية "تيك توك".. قرار المحكمة العليا بسحب أجهزة الإنعاش عن طفل بريطاني يثير جدلا واسعا

انتخابات محلية في إيطاليا لاختيار رؤساء البلديات ومنافسة محتدمة بين المرشحين في روما وميلانو

الموت الرحيم لأحد القصر لأول مرة في بلجيكا