آبار الموت وتجارة القنب.. كابوس يطارد ساكنة مدينة شفشاون التي ودعت الطفل ريان

رجل يسير عبر تلة بقرية إيغران خلال مهمة إنقاذ ريان، البالغ من العمر خمس سنوات، بعد أن سقط في بئر عميق، ضواحي شفشاون، شمالي المغرب، الجمعة 4 فبراير 2022.
رجل يسير عبر تلة بقرية إيغران خلال مهمة إنقاذ ريان، البالغ من العمر خمس سنوات، بعد أن سقط في بئر عميق، ضواحي شفشاون، شمالي المغرب، الجمعة 4 فبراير 2022. Copyright  The Associated Press.
Copyright  The Associated Press.
بقلم:  Hafsa Alami
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

خلقت نهاية ريان الحزينة جدلا وطنيا حيال قضية التنمية القروية في الشمال المغربي، وتعالت الأصوات المطالبة بضرورة ردم أو إغلاق الآبار المفتوحة تجنبا لوقوع حوادث جديدة.

اعلان

لا تزال تداعيات وفاة الطفل ريان، الذي فارق الحياة بعد معاناة دامت 5 أيام في جب ضيق عميق زلت فيه قدمه، تطغى على الجو العام بضواحي مدينة شفشاون، شمال المغرب، حيث أدت إلى تسليط الضوء على الظروف السيئة الذي يعيشها العالم القروي في المملكة.

فقر وإهمال

على الرغم من الجهود المستمرة التي يقوم بها المغرب في تطوير البنية التحتية بهدف فك العزلة وتحسين الأوضاع المعيشية للساكنة في القرى، إلا أن ذلك كان غير كاف.

والواقع أن وفاة ريان عرّت التمزق العميق في شرايين الاقتصاد في الريف المغربي وأبرزت مظاهر الفقر والإهمال وانعدام المرافق والخدمات الضرورية، مثل الصحة والتعليم وماء الشرب والكهرباء.

فقد قام والد ريان بحفر بئر في محاولة عبثية للعثور على الماء دون جدوى، حاله كحال العديد من الأسر في المناطق الجبلية النائية في المملكة، وكما وصفته والدة الطفل السيدة وسيمة خرشيش قائلة إنه كان "حفرة من الغبار".

The Associated Press.
منظر لقرية إيغران والتلة التي كانت تجري فيها مهمة إنقاذ ريان، البالغ من العمر 5 سنوات، بعد أن علق لعدة أيام في إقليم شفشاون، شمال المغرب، الأحد 6 فبراير 2022.The Associated Press.

حتى أن الطرق المؤدية إلى مكان الحادثة لم تساعد فرق الإنقاذ في الوصول بسرعة، بحسب ما ذكره أحد المهندسين الطبوغرافيين لوسائل إعلام محلية.

ويذكر أن الآبار العميقة والضيقة تنتشر بشكل كبير في منطقة الريف الوعرة ذات التربة الهشة، والتي حفرها القرويون بأنفسهم للحصول على مياه السقي لنباتات القنب المنتشرة هناك.

تجارة القنب وآبار الموت

تعتبر زراعة القنب أو "الكيف"، وهو محصول داعم لاقتصاد القرية وضواحيها، من أهم الأسباب التي تدفع السكان إلى حفر الآبار بعمق قد يصل إلى 90 مترا (حوالي 300 قدم)، أي ثلاثة أضعاف عمق البئر الذي ابتلع الطفل ريان، في قرية إيغران التي يسكنها ما يصل إلى 1000 شخص.

وانتقد مرصد الشمال لحقوق الإنسان تقصير السلطات في التغاضي عن حفر الآبار من قبل تجار ومزارعي القنب، وهو ما اعتبره "خرقا واضحا للقانون" ولا يخدم ساكنة القرى.

وقال محمد، أحد أقارب ريان، الذي عرف نفسه باسمه الأول فقط: "كما يقول المثل، يجب على من يطبخ السم أن يتذوقه". وأشار الكثيرون إلى قلقهم من زراعة الحشيش بشكل غير قانوني كما اعتبروا أنه يشكل وصمة عار على سمعتهم.

The Associated Press.
تُركت أكياس من حشيش القنب لتجف في الشمس بالقرب من منزل جد الطفل ريان، في قرية إغران بولاية شفشاون، شمال المغرب، الإثنين 7 فبراير 2022The Associated Press.

من جهة أخرى، أوضح الساكنة إلى أن معظم العائلات لا تتوفر على بئر خاص بها لسقي محاصيل القنب فقط، بل لسقي الماشية وتلبية احتياجاتها اليومية.

فيما أفاد تقرير لوزارة الداخلية، قُدِّم إلى لجنة برلمانية في أبريل 2021، أن ما يقدر بنحو 400 ألف شخص يزرعون المحصول غير القانوني، ما يساعد حوالي 60 ألف أسرة، ومن بين مراكز الإنتاج الرئيسية شفشاون، وفق تقارير إعلامية مغربية.

وقد يعود هذا التساهل إلى عام 1959، أي بعد ثلاثة سنوات من استقلال المغرب، وعام 1984 حيث تعرض سكان الريف للقمع لكونهم ثاروا ضد حكومة قامت بتهميشهم، وردا على ذلك تم حرمان منطقتهم من الاستثمارات لمدة أربعة عقود، كما تم إهمال وسائل عيشهم.

ولم تطأ قدم الملك الحسن الثاني منطقة الريف على الإطلاق حتى كسر ذلك ابنه والحاكم الحالي محمد السادس وألقى خطاب العرش السنوي في مدينة الحسيمة المجاورة في عام 2018.

مطالبات بإغلاق الآبار المفتوحة.. داخل وخارج المغرب

خلقت نهاية ريان الحزينة جدلا وطنيا حيال قضية التنمية القروية في الشمال المغربي، وتعالت الأصوات المطالبة بضرورة ردم أو إغلاق الآبار المفتوحة تجنبا لوقوع حوادث جديدة داخل وخارج المملكة.

وتشمل النصوص القانونية على عدد من الإجراءات المتعلقة بحفر الآبار والثقوب المائية إذ يتعين على كل من يشرع في الحفر قصد البحث عن الماء بـ"التصريح لدى وكالة الحوض المائي بموضوع وموقع وإحداثيات الأثقاب وكذلك بكل إشارة متعلقة بها"، وفق ما جاء في القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء.

اعلان
The Associated Press.
سكان يشاهدون الدفاع المدني والسلطات المحلية وهم يحاولون إنقاذ طفل يبلغ من العمر 5 سنوات سقط في بئر في إغران بإقليم شفشاون، شمال المغرب، الجمعة 4 فبراير 2022The Associated Press.

وعلى منصات التواصل الاجتماعي، دعا عدد من النشطاء المسؤولين إلى وضع خطط عمل تتعلق بالآبار والثقوب المائية التي تشكل خطرا على حياة المواطنين.

ففي قرية دير إبزيع، غرب رام الله في فلسطين، أغلق السكان فوهات الآبار القديمة المكشوفة في القرية، ودعوا من يملكون الآبار إلى تغطيتها.

وناشد حسن بن خمِيس الهمامي من السعودية وزارة الزراعة بسن مخالفات على أصحاب المزارع التي تحتوي على آبار مفتوحة.

كما حث عبد الله البرقاوي على إبلاغ الجهات المعنية عن أي آبار مكشوفة لتجنب تكرار حادثة الطفل ريان.

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

الرئيس التونسي يحل مجلس القضاء الأعلى ويستبدله بمجلس آخر

خلل غامض يتسبب في تشويش نظام الوسائط المتعددة لسيارات "مازدا" بالولايات المتحدة

تخفيض حكم بالسجن في حق ناشطة مغربية مدانة بتهمة إهانة الملك