لماذا تفشل الوساطات بخصوص أوكرانيا دائماً؟

دبابة بالقرب من خاركيف الأوكرانية
دبابة بالقرب من خاركيف الأوكرانية Copyright AP Photo/Andrew Marienko
Copyright AP Photo/Andrew Marienko
بقلم:  يورونيوز
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button
نسخ/لصق رابط فيديو المقال أدناهCopy to clipboardCopied

قاد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، وساطة أوروبية لحل الأزمة الأوكرانية بداية الأسبوع الحالي، إذ سافر إلى موسكو وكييف، فيما سافر المستشار الألماني، أولاف شولتس، إلى الولايات المتحدة والتقى بايدن. ولكن مراقبين يقولون إن مصير الوساطة مهدّد، وهذا ما تلمح إليه تصريحات الكرملين الأخيرة.

اعلان

بينما تتابع روسيا حشد جيوشها شرق أوكرانيا وتتابع القوات الأوكرانية تدريباتها العسكرية استعداداً لغزو محتمل، وبينما تستمر دول من حلف شمال الأطلسي إرسال مئات الجنود إلى "الجناح الشرقي" لأوروبا، برز تحرك دبلوماسي نشيط، قاده زعيما "المحرك الأوروبي"، الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني، أولاف شولتس، للتوسط في الأزمة الأوكرانية.

فالأول سافر إلى موسكو، الإثنين، حيث استضافه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ودعاه إلى طاولة كبيرة، قبل أن يزور كييف للقاء الرئيس، فولوديمير زيلينسي، الثلاثاء، في مهمة خفض التصعيد والحفاظ على السلم الأوروبي. أما الثاني، الذي لحتقه انتقادت بسبب ما رأى فيه البعض موقفاً ألمانياً رمادياً إزاء روسيا، بسبب العلاقات الاقتصادية بين برلين وموسكو، فسافر إلى الولايات المتحدة، للقاء الرئيس الأميركي، جو بادين.

ولكن كلّ هذه الحركة الدبلوماسية مهدّدة مرة أخرى بالفشل، بالنظر إلى تصريحات الكرملين الأخيرة.

تقول صحيفة "فورين بوليسي" العريقة إن تاريخ 20 شباط/فبراير سيكون حاسماً بالنسبة لموسكو، حيث ينهي الجيشان الروسي والبيلاروسي المناورات الضخمة التي بدآ بها على بعد أقل من 80 كيلومتراً من العاصمة كييف. ولكن اليوم نفسه يعلن انتهاء الألعاب الأولمبية الشتوية 2022 التي تقام في بكين، والذكرى الثامنة لضمّ روسيا شبه جزيرة القرم.

"أوكرانيتان لا أوكرانيا واحدة"

  • إذا كانت روسيا ضمّت شبه جزيرة القرم منذ ثماني سنوات، فهذا يطرح سؤالاً عن سبب فشل الوساطات التي حاولت دول غربية إجراءها منذ ذلك الحين، والفشل في مهمة تحقيق السلام المنشود. وتقول "فورين بوليسي" إن الأزمة بالنسبة للروس بدأت في الحقيقة في العام 2013، الذي شهد انتفاضة شعبية ضدّ الرئيس الأوكراني السابق الموالي لموسكو، فيكتور يانوكوفيتش، واختيار أوكرانيا الغرب منذ حينها.
  • لقد رأت روسيا في الحدث الأوكراني انقلاباً مدعوماً من الغرب، يساهم في التوسع الأميركي شرقاً، وتمدّد الناتو، فيما رأى الغرب أنه يمثل انتصاراً للديمقراطية. سريعاً بدأت الحركة الاحتجاجية شرق أوكرانيا -وتحولت إلى نزاع مسلح بسرعة- فردت موسكو التهمة للغرب كما تلقتها تماماً: الأوكرانيون في الشرق يرون أن الحكومة المؤيدة للغرب "غير شرعية"، وما حصل في كييف لا يختلف عمّا يحصل في دونباس ودونيتسك.

الفشل منذ البداية

  • بعد شهور من القتال في الشرق، بدا أن هناك اختلافاً جذرياً في تأويل أسباب الحرب الأوكرانية بين موسكو والغرب. وعليه دخلت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا كوسيط، وجرت محادثات ثلاثية مع أوكرانيا وروسيا ولكنها باءت بالفشل.
  • توازياً مع ذلك بدأت وساطة أخرى عرفت باسم "رباعية النورماندي" (قد تُعاد قريباً) وشارك فيها الجانبان الأوكراني والروسي إضافة إلى الألماني والفرنسي. وفيما ركزت المحادثات التي قادتها منظمة الأمن والتعاون في أوروبا على الجانب الأمني والعسكري، سعت المحادثات الرباعية في النورماندي إلى حل مشاكل الحدود وطرح المسائل الاستراتيجية الشائكة.

"حرب بين الأوكرانيين ولا دخل لنا فيها"

  • بعكس ما حصل في شبه جزيرة القرم، لم يتدخل الجيش الروسي مباشرة في شرق أوكرانيا بل مدّ الانفصاليين فقط بالسلاح. وهذا عقد المفاوضات كثيراً: كان الروس يقولون، خلال المحادثات الرباعية والثلاثية، إن ما يجري في أوكرانيا حرب بين الانفصاليين والحكومة الأوكرانية ولا "دخل لنا فيها".
  • حتى أن روسيا اقترحت مشاركة ممثلين عن "جمهورية دونيتسك الشعبية" و"جمهورية لوهانسك الشعبية" غير المعترف بهما دولياً، في المحادثات. ولكن كييف، ووراءها الغرب، كانا يقولان إن الحرب على الجبهة الشرقية تقودها موسكو، بوكلاء أوكرانيين. وعليه رفضت كييف المحادثات مع الانفصاليين، لا بل أنها قالت إن روسيا تمثلهم، علماً أن الأخيرة لم تعترف يوماً رسمياً بأنها تلعب هذا الدور، وكانت تردد على الدوام وتقول إنهم "لاعبون مستقلون".
  • وهذا كله يقود إلى استنتاج غربي أدى إلى حتمية فشل المفاوضات رغم موافقة الجميع على "بروتوكول مينسك" الذي ولد ميتاً، بحسب ما تشير إليه "فورين بوليسي": في أوكرانيا، كانت روسيا تلعب دور المحارب والوسيط.

السلاح قبل السياسة والعكس

  • تم التوقيع على اتفاقية منيسك الثانية (بروتوكول مينسك 2) بعد فشل الأولى، وذلك في منتصف شباط/فبراير 2015، أي بعد سنة ونيف من الحرب. لم تكن الفوارق كبيرة أبداً بين البروتوكولين، وكان التوقيت هو الدافع الأساسي للتوقيع على الثاني. في ذلك الوقت كان الطرفان المتنازعان مرهقين، وكانت الحدود بين أوكرانيا، وشرقها، قد صارت واقعاً، حتى لو لم يعترف بها المجتمع الدولي.
  • ولكن فشل مينسك 2 الذي كان من شأنه أن يؤسس لمرحلة سياسية انتقالية في أوكرانيا يعود بالدرجة الأولى إلى غياب المبادرة: ففيما قال الأوكرانيون إن على روسيا القبول بتسويات أمنية وسحب عتادتها من شرق أوكرانيا وضبط حدودها قبل البدء بالعملية السياسية، طالب الروس من جهتهم بالعكس: على حكومة كييف القبول بتسويات سياسية، ثم تأتي الخطوات الأمنية لاحقاً.

بوتين يضع أسساً جديدة للأمن الأوروبي؟

  • هناك خلاف بين الغرب وروسيا حول هيكيلية الأمن الأوروبي. ولأن الرئيس الروسي يتخوف من توسّع الناتو واقتراب الولايات المتحدة الأميركية من الحدود الروسية، قرّر بحسب "فورين بوليسي" البدء بعملية إعادة هيكلة شاملة للهندسة الأمنية الأوروبية.
  • وفيما تبدو الأزمة الأوكرانية صعبة جداً، إلا أنها "مجرد فصل" من محادثات طويلة وواسعة مستمرة بين روسيا والغرب، وهذا ما تثبته المطالب الروسية التي قُدمت إلى الناتو والولايات المتحدة الأميركية. وهذا يقود إلى التفكير في أن الحشود العسكرية الروسية بالقرب من الحدود الأوكرانية، ليست موجهة إلى أوكرانيا وحدها، إنما هي نوع من الضغط لإجبار الغرب على إعادة شاملة للنظر في علاقاته مع الدول السوفياتية السابقة، أو التي كانت تدور في فلك التكتل الشيوعي. بوتين من هذه الزاوية، يحاول وضع خريطة جديدة للأمن الأوروبي.

المصادر الإضافية • فورين بوليسي

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

الأزمة الأوكرانية | بايدن يقول إن روسيا تحاول اختلاق "مبرّر كاذب" لشنّ حرب على أوكرانيا

الأزمة الأوكرانية | بايدن يقول إن هجوما روسيا على أوكرانيا لا يزال ممكنا

مسؤول أمريكي: روسيا قد تغزو أوكرانيا قريبا.. وإرسال قوات إضافية إلى أوروبا ليس لإشعال حرب مع موسكو