(النصيب).. تجربة فريدة للفنان المصري عماد أرنست تجمع بين فنون شتى

(النصيب).. تجربة فريدة للفنان المصري عماد أرنست تجمع بين فنون شتى
Copyright 
بقلم:  Reuters
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

من أشرف راضي

القاهرة (رويترز) - في معرض فريد.. تجتمع فيه من الفنون ألوان شتى، تطل أعمال الفنان المصري عماد أرنست حيث يمزج في إعداده وتصميمه بين عدة فنون مثل الرسم والتصوير والتجهيز في الفراغ والموسيقى.

معرض (النصيب) يضم 48 قطعة اختارها الفنان بعناية من بين 186 قطعة أنجزها على مدى ثلاث سنوات، إضافة إلى لوحة كبيرة صممها على شكل ورقة شجر ومنصة لعرض الافتتاح الراقص على موسيقى أغنية أم كلثوم (ألف ليلة وليلة).

عُرضت اللوحات في مركز محمود مختار الثقافي في القاهرة، المقام على القصر التاريخي الذي عاش فيه النحات المصري صاحب تمثال ‭‭)‬‬نهضة مصر‭‭(‬‬ الشهير.

المعرض ولوحاته التي تصور ورقة شجر في تبدل أحوالها مع استخدام إطار سيارة في خلفية بعض اللوحات، وراءه حادثة شاهدها الفنان في ميدان شهير بالقاهرة كانت ضحيته فتاة صدمتها سيارة مسرعة لتسقط من شدة الصدمة وقد تشظى جسدها. اختزن أرنست الواقعة في ذاكرته حتى حانت لحظة تفجرها في لوحات عرض بعضها في المعرض الذي يستمر أسبوعين ويختتم يوم الأحد القادم، لينتقل بعدها للعاصمة الأردنية عمان وإلى إسبانيا وفرنسا.

عن الحادثة يقول أرنست في كتيب التعريف بالمعرض "صعد جذر اللاوعي ليضع تصور الفن النهائي عبر حادثة حضرتُها شابا... وقعت في ليل متأخر لميدان قاهري، بين عربة متهورة وفتاتين تعبران في بساطة". أما عنوان (النصيب) الذي اختاره لمعرضه فيتمثل في انتباه فتاة لصوت سرعة السيارة في حين لم يسعف الضحية تقدم خطواتها.

وكان تبدل حال جسد الضحية من حي نابض إلى ورقة تطير في الفضاء لتهوي في ثانية، هو مصدر الإلهام الذي أوحى للفنان بفكرة التحول واختار أن يتتبعه في ورقة شجر مستخدما في ذلك مواهبه المتعددة ليقدم لنا لوحات مفعمة بالحياة وثرية بالألوان والتشكيلات التي تمزج بين الرسم والتصوير الذي استخدم فيه تقنيات متطورة، وهو ما تؤكده الألوان الواضحة والصارخة للوحاته.

وزع أرنست لوحاته بين قاعتي عرض، أطلق على مجموعة اللوحات المعروضة في إحداهما "وسيبني أحلم سيبني"، وهو مقطع في أغنية (ألف ليلة وليلة) التي تصادف أنها كانت تتردد عبر المذياع في طريق عودته لمنزله بعد الحادثة وكانت سببا في قراره إعداد فيلم عن (كوكب الشرق) على نفقته الخاصة يسعى من خلاله إلى إعادة اكتشاف عبقرية أم كلثوم.

واختار للوحات المعروضة في القاعة الثانية عنوان "والتقينا" وهي من كلمات أغنية (الأطلال) لأم كلثوم أيضا، في حين أطلق على التجهيز في الفراغ "امتنان".

استفاد أرنست من طبيعة مركز محمود مختار الثقافي في تصميم المعرض والتجهيز في الفراغ، ووظف قاعتي العرض والحديقة المفتوحة ليُحدث حالة من التناغم بين روح المكان وورق الشجر الذي شكل به لوحاته ووضعها في سياقات متعددة، ليقدم في الافتتاح عرضا للرقص الحديث شارك فيه مع الراقص وامتزج فيه الحكي بالشعر والتمثيل في حالة متفردة في هذا المعرض العابر للأنواع.

اعتمد الفنان في عرض لوحاته على فكرة السفر أو الرحلة، فرتّب المعرض وجهزه لتكون الرحلة فيه أشبه برحلة القطار. يقول "اللوحات بها حركة والمسافات بينها متساوية مثل نوافذ القطار التي يرى منها المسافرون مشاهد تتغير خلال السفر".

ويضيف أنه وضع "كل مكونات اللوحات والمعرض ذاته داخل آلة التحول، ليرى الأشياء في تحولها: ورقة الشجر والإطار المنفجر"، سعيا للتعبير عن حالات الفناء الصوفي والفني والحب والحزن والقوة والذوبان في الفن والحبيب.

أما العنصر المشترك بين أم كلثوم والحادثة فهو مجموعة المشاعر والمفاهيم التي جسدتها سيدة الغناء العربي والتي تتمثل في "الألم وتوجع الفقد والهجران والظلم". فاللوحات تجسد الألم بعنفوانه الذي رآه في الحادثة، وفي الفيلم يتجسد الألم عند أم كلثوم في حالة من النشوة والفناء الصوفي.

ويضيف أن اللوحات تقدم خلطة ما بين البهجة التي تعبر عنها الألوان والثراء الذي تعبر عنه ورقة الشجرة في تحولاتها، فتارة تصبح العين وتتحول إلى حروف تارة أخرى وتتراقص منفردة أو مع ورقة أخرى.

وتمتزج في اللوحات التي استغرق إعداد كل قطعة منها ثلاثة أشهر فنون التصوير الزيتي (الرسم) والتصوير الضوئي وفن الجرافيك، واستخدم لتنفيذها تقنيات التصوير والمونتاج السينمائي على لوحات قماشية (كانفاه) مثبتة على إطارات خشبية قبل طباعتها، مستفيدا من خبرته كمخرج سينمائي وموظفا ثقافته الموسوعية في السينما والأدب والشعر ليقدم تصورا متكاملا يستند إلى نظرة فلسفية عميقة.

وفي كلمة كتبها رئيس قطاع الفنون التشكيلية خالد سرور في افتتاحية الكتيب الذي تضمن صورا لبعض اللوحات قال إن أرنست يجسد "اجتماع الموهبة مع التقنية ليُقدم مجموعة من أعماله التي تنتمي لمجال الفنون الرقمية ويقدم تجربة غنية بالمؤثرات ممتعة ومقنعة بصريا".

وعماد أرنست تشكيلي ومخرج قدم أربعة تجهيزات في الفراغ وأربعة أعمال من فنون الفيديو وثلاثة أفلام تجريبية، وشاركت أعماله الفنية في مهرجانات ومعارض تشكيلية محلية ودولية.

حصل أرنست على جائزة لجنة التحكيم في المهرجان القومي للسينما 2004 عن فيلمه الموسيقي التشكيلي (صبار المدينة)، وهو يعمل في فنون الفيلم على أنواعها والفنون التشكيلية والترجمة ويكتب النصوص الثقافية وعمل مستشارا فنيا لخمس دورات في ملتقى الأفلام المستقلة في مصر.

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

شاهد: السامريون يحتفلون بعيد الفصح ويذبحون الأضاحي في نابلس

"الحقبة الجميلة".. أول متحف لملكة جمال فرنسا سيتم افتتاحه العام المقبل

"الكابتن ماجد" يعتزل كرة القدم بعد 43 عاماً ويودّع محبيه