مساعدات ومبالغ مالية تفوق 450 ألف دولار.. توقيف مطران لبناني عائد من إسرائيل يثير سخطا واسعا

الناقورة بلدة لبنانية ساحلية من قضاء صور في محافظة الجنوب
الناقورة بلدة لبنانية ساحلية من قضاء صور في محافظة الجنوب Copyright أ ب
Copyright أ ب
بقلم:  يورونيوز
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

ضبط الأمن العام اللبناني مع المطران موسى الحاج "أدوية ومواد غذائية ومعلبات تقدّر بحمولة سيارة، إضافة إلى مبلغ مالي بقيمة 460 ألف دولار"، مرسلة من لبنانيين في إسرائيل الى عائلاتهم.

اعلان

استياء كبير في أوساط المسيحيين في لبنان إثر الإعلان عن توقيف المطران موسى الحاج، راعي أبرشية حيفا والأراضي المقدسة المارونية، يوم الإثنين، عند معبر الناقورة بعد عودته من تفقّد رعيته في اسرائيل. وقد باشرت السلطات التحقيق معه لساعات طويلة، ومن ثم تم استدعاؤه للمثول أمام المحكمة العسكرية الأربعاء. 

وبعد تدخلات كنسية وسياسية، تم إطلاق سراح المطران الذي يشغل أيضا منصب النائب البطريركي على القدس والأراضي الفلسطينية والمملكة الهاشمية في الطائفة المارونية. 

وحسب مصادر مطلعة على التحقيقات الأولية، فقد ضبط الأمن العام اللبناني مع المطران "أدوية ومواد غذائية ومعلبات تقدّر بحمولة سيارة، إضافة إلى مبلغ مالي بقيمة 460 ألف دولار"، مرسلة من لبنانيين في إسرائيل الى عائلاتهم.

ولا توجد علاقات بين إسرائيل ولبنان، ويعتبر البلدان في حالة عداء. إلا أنه يُسمح لرجال الدين المسيحيين الذين يخدمون رعايا في إسرائيل بالتنقل اليها ومن ثم العودة لكن القانون اللبناني يمنع ويجرّم نقل الأموال من إسرائيل.

ما هو جديد

ذكر مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي، الخميس، أن "الأموال التي ضبطت بحوزة المطران وبلغت نحو 460 ألف دولار،  ليست ملك الكنيسة إنّما مصدرها جاء من عملاء مقيمين في إسرائيل يعمل غالبيتهم لصالح العدو في الأراضي المحتلة وهي تخضع للأحكام القانونية اللبنانية المتعلّقة بكلّ ما يدخل لبنان من الأراضي المحتلة وتطبق على كلّ قادم منها". حسب تعبيره.

ونفى عقيقي توقيف المطران الحاج في معبر الناقورة المخصص لمرور الشخصيات الدينية وأعضاء السلك الدبلوماسي مشيرا إلى أنه "خضع لآلية التفتيش المعتمدة على هذا المعبر أسوة بكلّ العابرين بمن فيهم ضباط الأمم المتحدة". 

في التفاصيل..

ذكرت وسائل إعلام لبنانية، أن جهاز الأمن العام أوقف عند معبر الناقورة الحدودي مع إسرائيل الإثنين المطران الحاج فور وصوله إلى لبنان وحقّق معه لساعات طويلة قبل أن يطلق سراحه. ثم استدعته المحكمة العسكرية للتحقيق الأربعاء، من دون أن يمثل أمامها، وفق ما أفاد مصدر قضائي وكالة فرانس برس.

وترأس البطريرك الماروني بشارة الراعي الأربعاء اجتماعاً طارئاً للمجمع الدائم لأساقفة الكنيسة المارونية في مقر البطريركية في بكركي للنظر في القضية.

وإثر اللقاء الذي حضره الحاج، استنكر المجمع في بيان "بأشدّ العبارات ما اقتُرف عن سابق تصوّر وتصميم" بحق المطران، وأكد أن ما حصل "لن يؤثّر على الصرح البطريركيّ الذي صمد في وجه ممالك وسلطنات ودول" حسب تعبيره.

ودعا المجتمعون إلى "وقف هذه المسرحية الأمنية، القضائية، السياسية" و"محاسبة كل مسؤول عما جرى مهما كان منصبه، وحتى إقالته"،  "أحقيّة ما يقوم به" المطران.

وندد مسؤولون مسيحيون بما تعرض له المطران.

ويتنقل المطران الحاج، الذي تولى منصبه الحالي منذ أيلول 2012 ، برّاً بين "الأرض المقدسة" ولبنان بموجب حق عام معترف به لجميع الشخصيات الكنسية المسيحية التي تخدم الرعايا والأبرشيات في تلك الأرض. 

وفي تغريدة نشرها الأربعاء عبر حسابه الرسمي على موقع تويتر، علق رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل قائلا: " صحيح أن القانون اللبناني يحرّم نقل الأموال من الأراضي المحتلة ويعتبره جرما، ولكن هل في ذهن أحد ان يعتبر مطراناً عميلاً لأنه يحاول مساعدة عائلات تمّ افقارها على يدّ منظومة سلبت أموال كل اللبنانيين؟".

من جانبه، قال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الثلاثاء "ليس مفهوماً أبداً أن يقوم الأمن العام بتوقيف" الحاج. وندد باستدعائه إلى المحكمة العسكرية دون "شبهة أو دليل أو قرينة".

ولم يمثل الحاج الأربعاء أمام عقيقي الذي استدعاه لاستجوابه بشبهة "مخالفة قانون مقاطعة إسرائيل، ومساعدة عملاء موجودين داخل إسرائيل على نقل أموال ومنتجات إسرائيلية إلى لبنان".

وذكرت مصادر قضائية، أن المطران لم يقدم أي عذر يشير إلى سبب تغيبه، موضحاً أن قاضي التحقيق العسكري فادي عقيقي "سيستخدم كل الوسائل القانونية لمثول المطران المذكور أمام التحقيق واتخاذ الإجراءات التي يقتضيها القانون في حالات مماثلة".

ضجة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي

قضية توقيف الحاج أثارت بلبلة واسعة في الشارع اللبناني، وانهالت التعليقات التي تتهم الحاج بالتواطؤ مع إسرائيل وأصبحت هاشتاغات "المطران موسى الحاج عميل"،  و"عميل ونص" و"المطران موسى الحاج" الأكثر تداولا على موقع تويتر في لبنان.

وعلقت الإعلامية راميا الابراهيم، قائلة "قانوناً الرتبة الدينية لا تعطي حصانة لجرم العمالة والتخابر على العكس تكون الجريمة مزدوجة للدين والوطن".

اعلان

ونشرت الممثلة اللبنانية سهى قيقانو تغريدة عبر تويتر، جاء فيها "تبين بالتحقيقات أن المطران موسي الحاج مدخل معو على حدود الناقورة ٥٠٠ الف دولار وادوية كبيرة مثل السرطان عبرية.اوف.من وين؟ من المعتر الفلسطيني المنكوب هونيك عم يساعد قال أهلو هون؟ ٥٠٠ الف دولار والعالم ميتي جوع بلبنان؟ وشيخ العقل إلو حصة كمان؟ وسكت الكلام وخرس اللسان، علنا صارت".

من جانبه، علق الناشط ريموند حاكيم قائلا "في المطار يتم توقيف المطران موسى الحاج، لكنهم يستقبلون إسماعيل هنية (رئيس المكتب السياسي لحركة حماس) في صالون الشرف".

تنبيهات عدة

وذكرت مصادر صحفية نقلا عن مصادر قضائية، أن جهازا أمنيا لبنانيا يراقب الحاج منذ أكثر من عام ونصف، بعد أن أظهرت التحقيقات أنه نقل مبالغ مالية تسلمها من أحد اللبنانيين الفارّين إلى إسرائيل إلى جندي في الجيش اللبناني. وأحيل الجندي في ما بعد إلى المحكمة العسكرية وصدر حكم بحقه بعد أن تبين أنه يتعامل مع الجيش الإسرائيلي. 

وأضافت أن المطران تلقى تنبيهات عدة من قبل الأجهزة الأمنية بأن الأموال التي ينقلها، وبلغت في مرات كثيرة أكثر من نصف مليون دولار تعود للبنانيين محكومين بتهم عمالة وتصل عقوبة البعض منهم إلى أكثر من 15 سنة، وهو ما يجرّمه القانون اللبناني.

ماذا يقول القانون في إسرائيل؟

يشير القانون الإسرائيلي، إلى أن أي شخص يدخل إلى إسرائيل أو يخرج منها وبحوزته مبالغ مالية تفوق مبلغا محددا يصل بالحد الأقصى إلى 50 ألف شيكل أي ما يوازي تقريبا 15 ألف دولار، عليه التصريح بها للجهات المعنية.

اعلان

الشرط عينه يسري على من يستلم أو يرسل مبالغ كبيرة عبر البريد أو بوسائل أخرى. 

"جيش لبنان الجنوبي"

بعد انسحاب اسرائيل من جنوب لبنان في أيار/مايو 2000، فرّ الآلاف من عناصر "جيش لبنان الجنوبي" وأفراد عائلاتهم بمعظمهم إلى إسرائيل خوفاً من أعمال انتقامية خصوصاً من أنصار حزب الله.

ولم يعد غالبية الفارين إلى البلاد خشية تعرضهم للملاحقة أو التوقيف اعتمادًا على ما إذا كانت أيديهم ملطخة بالدماء أم لا، حيث يُفترض أنهم جميعًا تعاونوا مع الجيش الإسرائيلي. ومنذ ذلك الوقت، تثير قضيتهم حساسية بالغة في لبنان، إذ يصفهم البعض بـ"المبعدين قسراً"، فيما يعتبرهم آخرون "عملاء" لإسرائيل.

تأسس "جيش لبنان الجنوبي" عام 1976 على يد أفراد من الجيش اللبناني وبدعم إسرائيلي. وقاتل الجيش المؤلف بأغلبية أعضائه من اللبنانيين المسيحيين وعدد قليل من المسلمين الذين كانت لهم خلافات مع فصائل من "المقاومة الفلسطينية" ممثلة في منظمة التحرير الفلسطينية وحركات لبنانية (منها حركة أمل والحزب الشيوعي اللبناني وحركة المرابطون وبعد 1982 تنظيم حزب الله).

المصادر الإضافية • وكالات

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

محنة لبنان.. من الصراع الأهلي إلى الانهيار الاقتصادي

مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين: تصاعد العنف ضد السوريين في لبنان

بصاروخ أرض – جو.. حزب الله يسقط طائرة مسيرة إسرائيلية من طراز هرمز 450