أطلق وزير المال البريطاني جيريمي هانت حقبة جديدة من التقشّف بعد الفترة الكارثية القصيرة التي قضتها رئيسة الوزراء السابقة ليز تراس في السلطة، وغداة نشر البيانات الرسمية التي أظهرت ارتفاع التضخّم في المملكة المتحدة إلى أعلى مستوياته في 41 عاماً فوق 11%.
كشفت بريطانيا الخميس النقاب عن ميزانية تقشف تقوم على زيادة الضرائب وخفض الإنفاق بقيمة 55 مليار جنيه استرليني (65 مليار دولار)، بينما أكدت أن اقتصادها دخل في حالة ركود.
وأكد وزير المال البريطاني جيريمي هانت أثناء عرضه الموازنة على البرلمان أن الإجراءات الصعبة ضرورية من أجل تحقيق الاستقرار المالي بعد الاضطرابات الأخيرة، مشددا على أنها ستخفف من حدة التباطؤ الذي تشهده البلاد.
وقال هانت "حاولت أن أكون منصفا عبر الطلب من الجهات التي تملك أكثر، المساهمة أكثر"، وأفاد بأن "مكتب المسؤولية عن الموازنة" خلص إلى أن "المملكة المتحدة، كغيرها من الدول، تسجّل ركودا".
ولفت هانت إلى أن إجمالي الناتج الداخلي البريطاني سيتراجع بنسبة 1,4% إضافية عام 2023، وكشف عن "ثلاث أولويات هي الاستقرار والنمو والخدمات العامة".
أعلن هانت أيضا أن لندن ستزيد الضريبة الاستثنائية التي تفرضها على أرباح شركات الطاقة العملاقة من 25 إلى 35%، وستمددها حتى العام 2028. وأكد فرض "ضريبة جديدة مؤقتة نسبتها 45% على منتجي الكهرباء".
وأطلق هانت حقبة جديدة من التقشّف بعد الفترة الكارثية القصيرة التي قضتها رئيسة الوزراء السابقة ليز تراس في السلطة، وغداة نشر البيانات الرسمية التي أظهرت ارتفاع التضخّم في المملكة المتحدة إلى أعلى مستوياته في 41 عاماً فوق 11%.
"المملكة المتحدة في حالة ركود"
وانخفض الجنيه الاسترليني بنسبة 1% مقابل الدولار بعد الكشف عن ميزانية التقشّف في المملكة المتحدة، وكان قد سجّل مستوى قياسياً منخفضاً مقابل الدولار في أواخر أيلول/سبتمبر، بعدما فشلت ليز تراس في الكشف عن تأثير التخفيضات الضريبية على النمو والتضخّم. وحذر المحلّل لدى "بانثيون ماكروايكونوميكس" سامويل تومبس، من أنّ الميزانية الجديدة تخاطر "بتضخيم الركود الجاري بالفعل".
وحذر بنك انجلترا، الذي يرفع معدّل الفائدة لمكافحة التضخّم المرتفع، من أنّ الاقتصاد البريطاني قد يواجه ركوداً قياسياً طويلاً حتى منتصف العام 2024. ورغم التوقّعات القاتمة، تعهّد هانت بزيادة الإنفاق على خدمة الصحّة الوطنية وسط التأخير الحاد في إجراء العمليات للمرضى.
كذلك، أشار هانت إلى ضريبة على عمالقة النفط والغاز، الذين ارتفعت أرباحهم بسبب تداعيات الحرب الأوكرانية، وذلك للمساعدة في تمويل الدعم للمستهلكين الأكثر فقراً، والذين يواجهون فواتير طاقة مرتفعة.
وفي هذا السياق، سيواجه عمالقة الطاقة مثل "بي بي" و"شيل" ضرائب استثنائية على الأرباح من 25 إلى 35%، وسيجري تمديدها إلى العام 2028. وستفرض الحكومة ضريبة مؤقتة على شركات توليد الطاقة.
لقد ساعد الصراع في أوكرانيا على دفع التضخّم العالمي إلى أعلى مستوياته منذ عقود. كما ارتفعت الأسعار بسبب قيود العرض التي غذّتها جائحة كوفيد. وكرّر حاكم بنك انجلترا اندرو بايلي الأربعاء تأكيده أن الاقتصاد البريطاني قد تأثّر أيضاً بخروج البلاد من الاتحاد الأوروبي.
البخيل
خلال نهاية الأسبوع، شبّه هانت نفسه "بسكروج"، وهي إحدى الشخصيات المعروفة بالبُخل في رواية لتشارلز ديكنز، ولكنه أكد أنّ خطّته "ستحرص على ألا تُلغى (احتفالات) عيد الميلاد".
وقال هانت أمام البرلمان الخميس: "في مواجهة رياح عالمية معاكسة، تشعر العائلات والمتقاعدون، والأعمال والمدرّسون والممرّضات وغيرهم كثيرون بالقلق بشأن المستقبل...لذا اليوم نقدّم خطة لمعالجة أزمة كلفة المعيشة وإعادة بناء اقتصادنا".
ويأتي ذلك فيما نفذ العمّال البريطانيون في قطاعات مختلفة إضرابات هذه السنة، للمطالبة بزيادة الأجور للتعويض عن ارتفاع التضخّم. وفي هذه الأثناء، شرع هانت في عكس ميزانية تراس التي تعرّضت لانتقادات شديدة، وذلك من خلال الحدّ من تجميد فواتير الوقود المحلية، والتي ارتفعت إلى حدّ كبير بسبب غزو أوكرانيا، من قبل روسيا المنتج الرئيسي للطاقة.
وأعلنت الحكومة الخميس أنّ سقف متوسّط فواتير الوقود المنزلية السنوية سيرتفع بمقدار الخمس إلى 3000 جنيه استرليني. وانتقدت راشيل ريفز المتحدثة الاقتصادية باسم حزب العمال المعارض الميزانية التي جرى الكشف عنها، وقالت: "لقد حطّم المحافظون اقتصادنا، تخلّوا عن النمو ودفعوا التضخّم إلى أعلى مستوياته...كالعادة، فإنّ العاملين العاديين هم الذين يدفعون الثمن".