يورونيوز في حلب : أربع وعشرون ساعة في المدينة العتيقة

يورونيوز في حلب : أربع وعشرون ساعة في المدينة العتيقة
Copyright 
بقلم:  Euronews
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

تقرير: فاروق عتيق
صور: فرانسوا بيرتو
المونتاج: جيروم كولمانزبيرغر

الأزمة الإنسانية تزداد سوءا في حلب، حيث سادت الفوضى لأكثر من شهرين. قرر الكثيرون المغادرة، دون أي أمل بالعودة. وهناك أيضا الذين بقوا لمواجهة الأخطار. 24 ساعة في حلب، في الحلقة الخاصة لهذا الاسبوع من برنامج: مراسلون”.

19 شهراً من الصراع الدموي ولا أفق للحل السلمي في سوريا. معركة ضارية بين المتمردين او ما يعرف بالجيش السوري الحر والقوات النظامية منذ أكثر من شهرين في حلب، والوضع لا يبدو في طور التغير. قبل بضعة أيام ، زار فريق العمل العاصمة الاقتصادية للبلاد وثاني أكبر مدينة في سوريا. في الشمال، نقاط الوصول محدودة ولا يمكن الاعتماد عليها.

للوصول إلى المدينة القديمة، دخلنا من معبر كيليس الحدودي جنوب تركيا، لنصل إلى بلدة اعزاز، التي تقع على الجانب الآخر من الحدود، وهي تحت سيطرة المتمردين منذ منتصف تموز يوليو.

حلب تقع على بعد ثمانين كيلومتر تقريباً من الحدود. الصورة الملفتة هي كمية الدمار والفوضى التي تغوص فيها بعض الاحياء.

ما عدد الذين بقوا هنا؟ من المستحيل معرفة ذلك بعد أن تم قطع المدينة إلى نصفين.
المنطقة التي استولى عليها متمردو الجيش السوري الحر، تتعرض للقصف يومياً، وهي مفتوحة أمام أكثر الصحفيين. المستشفيات تقع أيضاً على خط التماس. في دار الشفاء الاصابات تصل بشكل مستمر.
سبعة أطباء وعشرة ممرضين وعدد من المتطوعين يتولون عملية الرعاية. المشكلة الحقيقية هنا ليست في نقص الأدوية، وإنما بعدد الموظفين.

الطبيب عثمان عثمان يقول:
“معظم الإصابات من المدنيين، حوالي 80٪ من المدنيين. والباقي من الجيش السوري الحر”.

الأطباء هنا يعالجون طفلاً يعاني من نقص في المياه من خلال الإسعافات الأولية، مقاتل ينقله رفاقه بعد إصابته في حي العرقوب المجاور زملاؤه لم يكونوا على علم بمقتله ، فإبراهيم كان ميتا لدى وصوله الى المستشفى.

الممرضة نور الحياة تقول:
“سننتصر الأسلحة لدينا في غاية البساطة، وعلى الرغم من هذا، نحن سننتصر، وكل شهيد يسقط نستبدله بمئة. “
في ظل هذه الظروف، النظافة ليست من الأولويات. العديد من الاسر اختارت المغادرة، وهي مترددة في الذهاب إلى الحدود التركية، خوفا من ترحيلها. هذه الأسرة التي رفضت أن نصورها تتجه نحو منطقة المطار، التي ما زالت تحت سيطرة الدولة، هرباً من المعارك الدائرة. في أحياء هنانو وطريق الباب التهديد يأتي بشكل رئيسي من السماء حيث تقوم الطائرات المقاتلة وطائرات الهليكوبتر، بالقصف.
ميغ، ربما من صنع روسي، تنفذ غارة على بعد مئات من الأمتار منا. ربما هو قصف عشوائي.
عند مخارج حلب التقينا بالكثير من الاشخاص الذين يتجهون نحو الحدود، حيث تنتظرهم بقية أسرهم.
سألنا أحدهم “لماذا تهرب من حلب؟” فأجاب أحمد، المقيم حلب، أنه ترتب عليه الهرب بسرعة بسبب القنابل التي لم تتوقف عن السقوط. اتفقنا مع أحمد وعائلته أن نلتقي في وقت لاحق. في بلدة مارع على بعد بضعة كيلومترات.

هنا، المدارس تتعرض للقصف. الجيش النظامي يشتبه بأن مسلحين يستخدمونها كقاعدة. منذ ساعات قليلة، المدرسة الابتدائية تعرضت لغارة. وكان من المحتمل بحسب حكيم أن يكون الأطفال في الداخل. وتساءل ““هذه إصلاحات بشار الأسد؟ قصف المدارس؟ أين هي العصابات؟ أو الجيش حر؟ لا يوجد أحد هنا. حتى خلال الحروب تم تجنيب المدارس، لا يوجد هنا أي إرهابي. يقولون في وسائل الإعلام الرسمية أن عصابات مسلحة كامنة في المدرسة. أتحدى الجيش أن يعثر على قطرة واحدة من الدم هنا. “

في مكان غير بعيد التقينا بحسن وفاطمة. منذ اللحظات الأولى، الزوجان اعلنا نقمتهما ضد النظام. ويقولان بأن اسمهما بات على القائمة السوداء. فاطمة كانت تملك محلات ثياب وكانت تتنقل بين قريتها ومدينة حلب بشكل دائم. أحمد، كان يعمل في تحضير الجنائز، وقال إنه شهد الجثث الاولى التي سقطت.

وهنا فاران من الجيش يقولان بأنهما لم يشاركا في القتال. واحدهما بقي عدة أشهر في السجن قبل أن يطلق سراحه على يد المتمردين. أبو عدي يقول بأنه “طلب منا قتل الناس، ورفضت”. فيما أبو فراس يؤكد بأنه “لم يسمح لنا بمغادرة.”

التقينا بأحمد مرة جديدة في قرية تل رفعت في منتصف الطريق بين حلب وأعزاز. ولعدم جذب الانتباه، قاموا بتغيير السيارة. رافقناهم حتى الحدود التركية.
نعود إلى حلب. في شمال شرق المدينة، القصف متقطع. في مكان لم يكشف عنه، نجد عبد القادر الحاجي، هو مدني عمره اثنين وثلاثين عاماً ويدير لواء التوحيد، وهو من أكبر مكونات متمردي الجيش السوري الحر الذي يضم بحسب قوله 6000 مقاتل. برأيه وحده النظام هو من قام بالمجازر التي أبلغت عنها المنظمات غير الحكومية.
استعادة معنويات القوات غالبا ما تكون ضرورية. ولرفع المعنويات ظاهرة أخرى تزداد مع مرور الوقت وهي النزعة الإسلامية المتشددة لجذب المزيد والمزيد من الوحدات المقاتلة.
بينما يقوم المقاتلون بالحراسة، بعض المدنيين خارج المركز يقومون بنقل عمليات التصوير. وجود الكاميرا أحرج بعض المشاركين في الاجتماع، وكان من المستحيل أن نصور. على سطح المبنى، التقينا بمريم، صحفية تعيش في الطرف الذي تسيطر عليه الحكومة وتدعم التمرد. وتؤكد بأن “الناس يخافون من الموت،” غير أنهم لن يتراجعوا.

عدنا إلى المستشفى حيث كنا في ذلك الصباح. وقعت قذيفتان في المكان. كلها مؤشرات تؤكد أن الامور تزداد تعقداً وأننا نجينا من حوادث سيئة كان من الممكن أن تحدث معنا.
وبالتالي كان لا بد الخروج من حلب. فوجئنا بضراوة القصف على أبواب المدينة، وقرارنا بالخروج كان أسرع من المتوقع.
لحظة وصوله إلى الحدود التركية، أحمد وجد زوجته التي رحلت قبل ثلاثة أسابيع برفقة أولاده. عند الحدود، تركيا باتت غير قادرة على التعامل مع تدفق اللاجئين، وقيدت الوصول إلى مخيم كيليس، الذي امتلأ. زوجة أحمد تؤكد أن “تركيا رفضت السماح لنا بعبور الحدود ،ولم نعرف منذ وصولنا الى هنا إلا المرض والجوع والعطش. هنا رفضنا وهنا رفضنا، لدينا الله وحده لمساعدتنا. “
فيما يقول رجل عجوز “يجب على أوباما القيام بشيء، على حلف شمال الاطلسي أن يقصف بلادنا”.
وشاب آخر يصور حال السوريين العالقين هنا بجملة يقول فيها : “لا أحد يريدنا لا هذا الطرف ولا ذاك…… ؟”

هم يهيمون على وجوههم، بحثاً عن مكان. وفي غضون ذلك، ربما هو جحيم الاقتتال ما زال في بدايته.

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

العمال غير المرئيين: ظروف قاسية واستغلال واعتداءات وعقوبات

شاهد: أبشع كنيسة في مدينة بورسغرون جنوب النرويج

بولندا لن تتخلص بسهولة من الفحم رغم التلوث الذي يقضي على 50 ألف شخص سنوياً فيها