المجر : المال كوسيلة للتشجيع على الإنجاب

المجر : المال كوسيلة للتشجيع على الإنجاب
بقلم:  Hans von der Brelie
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button
نسخ/لصق رابط فيديو المقال أدناهCopy to clipboardCopied

مدرسة أوتوموش، إحدى القرى الواقعة جنوب المجر، هي واحدة من المدارس المجرية العديدة التي تعرف تراجعا كبيرا في عدد تلاميذها بسبب إنخفاض معدل المواليد في…

مدرسة أوتوموش، إحدى القرى الواقعة جنوب المجر، هي واحدة من المدارس المجرية العديدة التي تعرف تراجعا كبيرا في عدد تلاميذها بسبب إنخفاض معدل المواليد في البلاد.

عدد السكان في المجر يتناقص بشكل مقلق، حيث إنخفض في السنوات الأخيرة إلى أقل من 10 ملايين نسمة. و من النتائج المباشرة لهذا الإنخفاض تراجع أعداد السكان في القرى.

مدرسة أوتوموش ، أنقذت من الإغلاق بفضل مساعدات الكنيسة الكاثوليكية.

بحسب عمدة قرية أوتوموش، فلقد إنخفض عدد التلاميذ في مدرسته إلى النصف منذ أحد عشر عاما. حيث يقول :
“أود أن أشارككم بعض ذكريات الطفولة. منذ عشرين عاما، عندما كنت أدرس في هذه المدرسة ، كان هناك أكثر من عشرة طلاب في كل فئة عمرية . واليوم، هذا العدد لا يتجاوز ستة أو سبعة في الصف الواحد. و هناك فئة عمرية لا يوجد فيها سوى ثلاثة أطفال و فئة أخرى لا يوجد فيها أي تلميذ.”

والمشكلة في تفاقم. أحد عشر طالبا سيغادرون قريبا المؤسسة في حين أنها لن تستقبل سوى ثلاثة تلاميذ جدد.
في بعض الصفوف، يجتمع أطفال من المستوى الثاني و الرابع .هذا المجز بين المستويات له فوائده بحسب المعلمة، إيميسي أودوغني، التي تشرح ذلك قائلة :
“إن أكبر ميزة للصفوف المزدوجة، هو أن الأطفال يعتادون على العمل بمفردهم في حين في الصفوف ذات المستوى الواحد يقدم لهم الكثير من المساعدة و لا يتعلمون جيدا كيفية العمل بشكل مستقل. هذه الطريقة يتعلمونها برفقتي في وقت مبكر للغاية.”

و يزيد من حدة مشكلة تناقص عدد السكان في المجر، ظاهرة جديدة و هي : هجرة أعداد كبيرة من الشباب نحو الخارج.

سياسة ديموغرافية قوية

كيف يمكن قلب الأوضاع؟ الحكومة المجرية وجدت حلا فريدا من نوعه. و هو منح حوافز مالية من أجل التشجيع على الإنجاب.

أسرة “غوت” التي تعيش في مدينة سيغيد، تنتمي للطبقة المحدودة الدخل. الأب ميكانيكي في الجيش، و الأم تعمل سكرتيرة. لديهما طفلان، و هما من بين أول المستفيدين من برنامج الدعم المالي للأسر التي قررت أن تنجب ثلاثة أطفال.

عشرة ملايين فورنت تساوي حوالي 32000 يورو، هذا ما ستقدمه الحكومة لهذه الأسرة.
علما أن متوسط ​​الأجر الشهري في المجر يساوي 800 يورو، قد تبدو هذه المكافئة من أجل المواليد الجدد سخية للغاية، لكن في الواقع، الأمر ليس بهذه البساطة، لأن هذا القانون لا يطبق إلا لصالح الأسر التي تخطط لبناء منزل.
أسرة “غوت” تعيش في شقة مساحتها 60 متر مربع و إنجاب طفل ثالث يجبرهم على الإنتقال إلى منزل أكبر. الأب تلقى بعض الدخل الإضافي إثر قيامه بمهمات في أفغانستان، لكن هذا يبقى غير كاف لبناء منزل، لذا فهذا البرنامج أصبح يمثل لهم دعما لا يمكهم الإستغناء عنه.

حيث تقول الأم، إرسيبت غوتاني ناغي :
“لدينا حلم و هو أن يكون لدينا منزل مع حديقة وحلم آخر هو أن ننجب طفلا ثالثا. هذا البرنامج الجديد من أجل الأسر، يتيح لنا فرصة لتحقيق حلمنا و إمكانية إنجاب مولود ثالث.”

و عن الشروط اللازمة للمشاركة في البرنامج، تقول إرسيبت غوتاني ناغي : “إنها متعددة : يجب أن نمول شراء االأرض بأنفسنا (بفضل مدخرات او قرض)، يجب أن يكون لدينا وظيفة، وكذلك، لا بد أن تكون لدينا تغطية إجتماعية منتظمة و منذ وقت طويل. فكرة الحكومة بسيطة : إذا وعدتم بإنجاب ثلاثة أطفال، سوف تحصلون على المال.
الأزواج المشاركون في البرنامج أمامهم أربع سنوات لإنجاب الطفل الأول، و ثماني سنوات لإنجاب الثاني و عشر سنوات للثالث. مع العلم أن على الأزواج عدم الإنفصال خلال هذه الفترة.

هل هي مجرد حسابات سياسية ؟

في بودابست، جعلت الحكومة المحافظة، سياسة الأسرة، واحدة من ركائز سياستها. فهي تقدم حلولا متعددة لرعاية الأطفال، و تخفف الضرائب بالنسبة للعائلات و تقدم لها مساعدات من أجل السكن. يصل المبلغ الإجمالي السنوي لهذه الإجراءات إلى المليار و نصف يورو.

و يقول هانس فون دير بيرلي، مراسل يورونيوز في بودابست :
“قد يبدو دو جنونا، عشرة ملايين فورينت من أجل واحد، اثنين ، ثلاثة أطفال”
وأتساءل عما إذا لم تكن وراء ذلك حسابات سياسية من قبل السلطات. لماذا توزع حكومة فيكتور اوربان كل هذه الأموال على الأسر؟”

كاتالين نوفاك، وزيرة الدولة لشؤون الأسرة، تقول أنها من خلال هذا البرنامج تريد مساعدة النساء على التوفيق بين التزامات العمل والأسرة. ولكن في المجر، لا يعمل سوى عدد قليل من أمهات الأطفال دون السادسة و هذا الوضع لن يتغير بالضرورة بهذه السياسة التي تدعم فقط الأسر التي لديها أكثر من طفلين. مراسل يورنيوز هانس فون دير بيرلي :
“أنتم تريدون أن يكون للأسر المجرية ثلاثة أطفال. ما هي المشكلة من و جهة نظر ديموغرافية وما هو حل الذي تقترحونه ؟”

كاتالين نوفاك، وزيرة الدولة لشؤون الأسرة :
“لدينا انخفاض في عدد السكان منذ 34 عاما. لمواجهة هذا التحدي الهجرة ليست هي الحل لدينا الموارد الداخلية التي نريد التركيز عليها. من الناحية المالية، نخصص 4٪ من الناتج المحلي الإجمالي لسياسات دعم الأسرة، هذا يفوق متوسط معدل دول منظمة التعاون الاقتصادي و هو 2.55%.”

هذا البرنامج الذي يدعم أمهات و آباء المستقبل وأيضا قطاع صناعة البناء، أطلق عليه إسم “تشوك” و هذا يعني قبلة في اللغة المجرية. لكن هل هي فعلا قبلة من طرف الحكومة؟ لا ليست للعاطلين عن العمل أو الفقراء. إنها للطبقات المتوسطة و الميسورة فقط.

مراسل يورونيوز، هانس فون دير بيرلي، كان له لقاء مع بيتر كريكو، مدير معهد الدراسات السياسية في العاصمة بودابست.
هانس فون دير بيرلي :
“الحكومة تقول : لا للهجرة و نعم للمواليد المجريين. لماذا؟ “
بيتر كريكو :
“إذا نظرنا إلى الأمور في إطار السياق السياسي، فالمنطق الرئيسي وراء هذا القرار هورغبة الحكومة في الحفاظ على صورة إيجابية لدى ناخبيها. من وجهة النظر هذه، هذا إجراء جيد للغاية ، على ما أعتقد، ولكن للرفع من عدد السكان، برنامج الدعم هذا غير كاف بالتأكيد.”

بالنسبة لبيتر جيرجيلي، محلل اقتصادي، إختصاصي في مجال العقارات، برنامج الدعم هذا غير متكافئ. حيث يقول :
“الجانب السلبي لهذا البرنامج كبير جدا: إذا كنت لا تريد إنجاب ثلاثة أطفال، فإنك ستدفع السعر الأقصى من أجل السكن. و بسبب هذا الإجراء، فلقد إرتفعت أسعار العقارات بنسبة تتراوح ما بين 10 و 20٪ بين عشية وضحاها. هذه مشكلة كبيرة بالنسبة لأولئك الذين لا يستطيعون الحصول على مساعدة من الحكومة.”

لن أنجب أي طفل، طالما هذه الحكومة موجودة

سوزان سيمون فنانة شابة، خلقت ضجة على شبكات التواصل الإجتماعي من خلال معارضتها لحكومة أوربان و للمكافآت التي تخصصها للمواليد الجدد. “أنا لن أنجب أي طفل، طالما هذه الحكومة موجودة.” هذا ما كتبته سوزانا على بطنها قبل أن تأخد صور وتنشرها على الأنترنيت. بالنظر إلى عدد الأشخاص الذين يتابعونها يمكن القول بأن هناك العديد من النساء اللواتي يوافقنها الرأي. قريبا سيتم عرض صور سوزانا سيمون في معرض فني في بودابست.

هانس فون دير بيرلي، مراسل يورونيوز :
“ما الذي يدفعك إلى الإحتجاج؟”

سوزانا سيمون :
“هذه السياسة مهينة، فإنها تفرض علينا عدد الأطفال الذي يجب ان نلدهم، لماذا يقحم السياسون اأنفسهم في هذه الأمور؟ إنها أمور خاصة، لا ينبغي على المشرع التدخل فيها.”

هانس فون دير بيرلي :
“ما هي ردود الفعل التي أثرتها؟”

سوزانا سيمون :
“كان هناك الكثير من ردود الفعل الإيجابية والسلبية، ولكن معظمها كان سلبي .. لقد أرسل لي بعض الأشخاص صورا صادمة للغاية ، كما وصلتني برسائل مليئة بالكراهية، على سبيل المثال، شخص بعث لي : “عرقك عليه أن لا يتوالد.”

الإستفادة من هذا الدعم الحكومي لا تخلو من المخاطر بالنسبة للأزواج المستفيدين. إذا فشلوا في إنجاب ثلاثة أطفال، دون عذر طبي مقبول، فإنهم ملزمون بإعادة المال و دفع غرامة.

طاقم إنسايدرز في بودابست

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

اليونان: ملامح ديموغرافية ومستقبل الجيل الصاعد

القنبلة الزمنية الديموغرافية الأوروبية

العمال غير المرئيين: ظروف قاسية واستغلال واعتداءات وعقوبات