التسوية و تقديم التنازلات هي العوامل الرئيسية لإنجاح القمة الأوروبية

د. خطار أبو دياب، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس
د. خطار أبو دياب، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس Copyright AFP
بقلم:  يورونيوز
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

للتعليق على فهم الأبعاد السياسية التي قد تحول دون التوصل الى اتفاق حول خطة انعاش للاقتصاد بعد أزمة كوفيد-19 انضم إلينا د. خطار أبو دياب، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس، لتسليط الضوء على الأخطار المحدقة بـ"استمرار فشل" القمة الأورويبة المنعقدة في بروكسل

اعلان

استأنف قادة الاتحاد الأوروبي مفاوضاتهم المرتبطة بحزمة ضخمة لإنعاش الاقتصاد بعد أزمة كوفيد-19 ، في اليوم الرابع من قمة صعبة يسودها التوتر والخلافات. وفيما حذّر قادة أوروبيون من أنّ "المقتصدين" يخاطرون بإحداث شرخ في وحدة الاتحاد الأوروبي في وقت أزمة، يخضع الالتزام الهولندي بالمشروع الأوروبي الذي ساهمت هولندا في تأسيسه مجددا للتدقيق. وباتت هولندا تقوم في شكل متزايد بعرقلة القرارات، وهو دور كانت تؤديه بريطانيا، وذلك بعد خروج الأخيرة من الاتحاد مطلع العام الجاري.

للتعليق على فهم الأبعاد السياسية التي قد تحول دون التوصل الى اتفاق حول خطة إنعاش ضخمة للاقتصاد بعد أزمة كوفيد-19 انضم إلينا د. خطار أبو دياب، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس، عبر سكايب، لتسليط الضوء على الأخطار المحدقة بـ"استمرار فشل" القمة ومستقبل الاتحاد الأوروبي في ظل البحث عن آليات ناجعة من شأنها أن تهدف إلى بلورة استجابة اقتصادية لتداعيات كوفيد-19.

يورونيوز: ما هي القراءة السياسية التي يمكن أن نستخلصها في ضوء ما تمت مناقشته خلال الأيام الثلاثة في القمة الأوروبية المنعقدة ببروكسل والتي شهدت تباينات في وجهات النظر بين الدول الأعضاء السبع والعشرين؟

د. خطار أبو دياب، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس:

بالطبع شهدت هذه القمة الأوروبية انقساما حادا ما بين الدول التي تسمى "المقتصدة" أي الدول التي تصر على اتباع النمط الأرثوذوكسي في الاقتصاد وابرزها النمسا وهولندا والدنمارك والسويد و من جهة أخرى الدول التي تجتهد وتصر على إنجاح خطط الإنعاش الاقتصادي.

وهذه المرة نجد ألمانيا التي كانت تعتبر تاريخيا في صف الدول المقتصدة، تنضم إلى فرنسا ودول غيرها في محاولة لدفع الاقتصاد الأوروبي إلى الأمام. شهد الأمر إذن تباينات حادة أدت إلى مأزق لكن كما نعلم دوما التسويات الأوروبية تأتي في آخر لحظة نتيجة المفاوضات.

يورونيوز: هل التوصل إلى اتفاق أمر ممكن في ظل أسباب الخلاف التي تجلت واضحة ما ين دول الاتحاد الأوروبي بشان طريقة مساعدة البلدان الأكثر تضررا جرّاء الفيروس والأكثر مديونية مثل إيطاليا وإسبانيا

د. خطار أبو دياب:

في اللحظة التي نتكلم فيها لا تزال الحظوظ متساوية ما بين استمرار المأزق كما قالت بالامس المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل "ليس من الضروري التوصل إلى اتفاق في هذه القمة" وما بين التوصل إلى تسوية في اللحظة الأخيرة عبر إعادة توزيع الميزانية في مسائل القروض أو المساعدات.. إذن نحن في حالة عد عكسي حتى مساء الإثنين 20 يوليو لنعرف ما تؤول إليه هذه القمة الأوروبية.

يورونيوز: هل الإجماع من قبل الدول الأعضاء الـ27 بشأن خطة التعافي يجعل التوصل إلى اتفاق مهمّة شاقة وقد يحول دون بناء وحدة أوروبية وثقة وبشكل آخر يظهر أوروبا ضعيفة يُقوّضها انعدام الثقة؟

د. خطار أبو دياب:

نعم كنا ننتظر أداء أفضل من الاتحاد الأووبي في مواجهة أزمة كورونا المستجد و بالتالي كان الاتحاد الأوروبي خلال الأسبوعين الأوليين من تفشي كوفيد-19 في حالة ضياع حيث أسهم هذا العامل في ترك العنان لاستفحال السياسات الوطنية وعدم قدرة الاتحاد الأوروبي على أن يكون ذلك اللاعب القادر على المواجهة أو المنظومة التي تملك فعلا خطة طوارىء أو خطة إدارة أزمات ناجعة.

الآن الكل ينتظر الاتحاد عند المفترق لينجح هذه الخطة، خطة الإنعاش الاقتصادي. وهذا الانقسام ما بين الدول السبع والعشرين يزيد من مستويات الخيبة . فطبيعي جدا أن تكون في بعض الأحيان تناقضات. لكن ما هو غير طبيعي استمرار أن يتم تعطيل عمليا الاتحاد الأوروبي كما تعطيل القرارات الأوروبية و من هنا تبرز أهمية وضرورة التوصل إلى تسوية كي يثبت الاتحاد الأوروبي قدرته على أن يبقى لاعبا أساسيا على المسرح الدولي

يورونيوز: هل الحل سياسي أيضا برأيكم؟

د. خطار أبو دياب:

بالطبع كل شيء له طعم السياسة، فتفكير الدول "المقتصدة" من باب أنانيتها الاقتصادية دفع بها إلى إلقاء اللوم على دول اخرى ووصفها ب"المبذرة" من نطلق أن ثمة دولا أخرى مسرفة من دون إعطاء الأولوية للتضامن الأوروبي ومن دون إعطاء الاولوية للبعد السياسي.. هذه هو صميم المازق الذي يواجهه الاتحاد الأوروبي.

الاتحاد الأوروبي حتى الآن لا يزال عملاقا من الناحية الاقتصادية و التجارية لكنه قزم على الصعيد السياسي. وبالمقارنة مع الولايات المتحدة يبدو أن الاتحاد الأوروبي ليست لديه خطط دفاع مشتركة أو عقيدة دفاعية ناجعة. إذن غياب البعدين السياسي والدفاعي جعل الاتحاد لاعبا لا يعمل بكل قوته، ولنقل ناقصا غير مؤهل للعب دوره الكامل على الساحة الدولية. و من هنا وجبت ضرورة الإصلاح ضمن هذا الإطار.

يورونيوز: هل ربط منح الأموال باحترام "دولة القانون" هو الذي سيشكل عقبة رئيسية أخرى للتوصل إلى تسوية بين جميع الدول الأعضاء؟

د. خطار أبو دياب:

حتى الآن لم يصل الاتحاد الأوروبي إلى هذا المصاف من احترام منظومة القيم . فحتى اللحظة الاتحاد الأوروبي يلعب ورقة السوق المشتركة وورقة فتح الحدود فضلا عن مسألة الإمكاناات المتبادلة. إذا بدأ الأمر ضمن هذه المقاييس يمكن للدول "المقتصدة" أن تقول بأنها لن تعطي شيئا لإيطاليا وإسبانيا وهي من ضمن الدول الأكثر تضررا.. لأن الدول تستفيد من الآخرين ولا تقوم بالواجب لتنظيم اقتصاداتها. بالطبع هناك ملاحظات على الأداء في كل من بولندا والمجر ولكن لا أعتقد ان ذلك سيحظى بإجماع وتأييد الدول جميعها. المشكلة تكمن هنا ودوما في إجماع الدول السبع والعشرين لكن لا أعتقد أن هكذ ربط سوف يحظى بهذا الإجماع وفي مطلق الأحوال يمكن الضغط على هذه الدول إن كانت مقصّرة او غير محترمة لدولة القانون و سيادته في مجالات اخرى غير هذا المجال.

يورونيوز: تميزت محادثات يوم الأحد بخطاب ماكرون الذي هاجم الدول "المقتصدة" متهما إياها بـ"التناقض"، ما الذي يرمي إليه الرئيس الفرنسي حين يتحدث عن "تناقض الدول التي تتحفظ على ضخ أموال دون شروط " ومنها هولندا؟

د. خطار أبو دياب:

هذه الدول تقوم في بعض الأحيان بضخ الأموال من دون شروط وهي نفسها تنتهج سياسات خاطئة . ومن هنا يريد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون القول، على بعض الدول عدم إعطاء دروس لدولة أخرى عضو في التكتّل في هذا المضمار بالضبط. ففرنسا أيضا يمكن أن تنتقد في هذا المجال كما هولندا .

فالمسألة ليست متعلقة بالساسيات الوطنية بقدر ما ترتبط ارتباطا وشيجا بالتضامن الأوروبي. فبالنسبة لإيمانويل ماكرون إما أن تكون أوروبا موحّدة أو لا تكون. هنا تبرز مسألة على قدر من الأهمية كبير، "أن نكون أو لا نكون".

فهذا هو مدار الأمر الذي يحدّد مستقبل الاتحاد الأوروبي. فبعد كل الذي يجري في العالم من صعود الصين وتفاقم الصراع ما بين الصين والولايات المتحدة فضلا عن عودة أجواء الحرب الباردة وصعود قوى إقليمية كما صعود تركيا وروسيا..كل هذا يدفع بالاتحاد الأوروبي لوجوب تكوين جبهة موحدة من خلال الشروع في إرساء أسس التضامن في مرحلة ما بعد كورونا المستجد و من دون هكذا تضامن لا يمكن الوصول إلى سياسة محددة وعرقة ذلك بسبب سياسات وطنية او بسبب الرغبة في تمكين الاقتصاد و تكوين رصيد من الأموال حيث يمكن أن تهدد هذه العوامل الكيان الاوروبي

يورونيوز: الحل البارع و المفيد هو تقديم تنازلات إذن؟

د. خطار أبو دياب:

بالطبع يكمن الحلّ في تقديم تنازلات.. فالكيان الأوروبي قام أساسا عبر المجموعة الأوروبية للفحم والصلب والتي كانت نواة أوروبا بمعنى آخر المنظومات المؤسسة للاتحاد الأوروبي ومنها المجموعة الاقتصادية الأوروبية ووصولا إلى الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو، كل هذه الكيانات قامت على أساس التسويات. التسويات الجميلة والناجعة في الوقت ذاته، أتحدث هنا عن تسويات ذكية او تسويات آخر لحظة.

وهذا يقتضي بالطبع تنازلات ما بين الأطراف من هنا ومن هناك . كما يمكن لألمانيا وفرنسا أن تتنازلا في مسألة المنح وهنا ينبغي على الدول الأخرى أن تتنازل في ملفات اخرى وهكذا دواليك.

كما يمكن تدوير الميزانيات فبدلا من رقم 500 مليار يورو المخصص للمساعدات يمكن أن يصبح الرقم أقل من ذلك كما يمكن أن تزيد قيمة القروض

و باعتبار بشروط أكثر، هذه مسالة قابلة للمساومات. ستكون الساعات القليلة القادمة حافلة بالمساومات لعدم إحداث خيبة و لتجنب الفشل في التوصل إلى نتيجة لأن ذلك سينعكس سلبا على معنويات السوق وعلى إعادة إطلاق الاقتصاد وهنا توجد ضرورة قصوى لإعادة الاقتصاد الأوروبي من أجل أن يعطي بارقة أمل مهمة جدا لمجمل الاقتصاد العالمي برمّته.

viber
شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

تمديد القمة الأوروبية بحثاً عن توافق حول الخطة الاقتصادية وميركل تقول إنه قد لا يحصل

فيديو: فيروس كورونا يفرض قوانينه الخاصة على قمة الاتحاد الاوروبي

النواب الفرنسيون يصوتون على مشروع يحظر التمييز على ملمس الشعر وطوله ولونه وشكله