ممثلو الهيئات الثقافية الأوروبية ورفع قيود كورونا.. "الفرصة الأخيرة" لإنقاذ قطاعهم من "الإفلاس"

زوار يقفون خارج قلعة  شامبور أو قصر شامبور وهي إحدى قلاع فرنسا الفخمة التي بنيت أثناء عصر النهضة بأمر من الملك فرانسوا الأول في شامبور، وسط فرنسا، في 23 مايو 2021
زوار يقفون خارج قلعة شامبور أو قصر شامبور وهي إحدى قلاع فرنسا الفخمة التي بنيت أثناء عصر النهضة بأمر من الملك فرانسوا الأول في شامبور، وسط فرنسا، في 23 مايو 2021 Copyright GUILLAUME SOUVANT/AFP or licensors
Copyright GUILLAUME SOUVANT/AFP or licensors
بقلم:  يورونيوز
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

في ظلل ارتفاع وتيرة حملات التلقيح في كثير من الدول الأوروبية، يأمل ممثلو القطاعات الثقافية في أن تكون حالات رفع القيود "الفرصة الأخيرة" لتعويض خسائرهم ولجات بعض الهيئات الثقافية نفسها كما الحال في بلجيكا، إلى إلزام المرتادين بشروط "إجرائية" صارمة

اعلان

أدّت قيود كورونا إلى تكبد قطاعات الثقافة، خسائر جمّة بسبب إجراءات الحجر التي فرضها وباء كورونا. وقد شاهدنا خلال الأشهر الماضية، كثيرا من المظاهرات جابت أنحاء أوروبا، تطالب حكومات الدول بتقديم مساعدات بناء على الخطة المالية الخاصة بالتحفيز الاقتصادي، التي اعتمدتها دول الاتحاد الأوروبي الـ27.

وفي هذا الصدد، هرعت بعض الدول منها فرنسا وبلجيكا وإيطاليا وألمانيا إلى تخصيص ميزانيات مالية ترمي في أساسها إلى إنقاذ قطاع الثقافة من حالة "الاختناق" المادي الذي تواجهه وتهدد بعض هيئاته بـ"الإفلاس".

قطاع الثقافة في سلوفاكيا يستغيث بالمفوضية الأوروبية

أرسل ما يقرب من 650 ممثلاً عن القطاع الثقافي والمؤسسات الثقافية السلوفاكية رسالة مفتوحة إلى رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين ، وممثلين آخرين عن المؤسسات الأوروبية، يطلبون منهم الاتصال بحكومة جمهورية سلوفاكيا لإقناعها بـ"إدراج" القطاعات الثقافية والإبداعية في سلوفاكيا في إطار "تقييم" الاتحاد الأوروبي لخطة التعافي والتحفيز الاقتصادي والتي تبلغ قيمتها 750 مليار يورو شاملة لكل دول التكتّل. وستوجه الخطة التمويل إلى 5 قطاعات عريضة هي: الصحة العامة وتحفيز الاقتصاد الأخضر (أي الصديق للبيئة) وتعزيز التنافسية والتحول إلى الاقتصاد الرقمي والاستثمار في رأس المال البشري.

وفقًا للموقعين على الرسالة المفتوحة، فإن خطة التعافي الاقتصادية، التي قدمتها حكومة سلوفاكيا إلى المفوضية الأوروبية، "تتجاهل تمامًا الصناعة الثقافية والإبداعية" والتي يعتبرها ممثلو قطاعات الثقافة "واحدة من أكثر القطاعات تضررًا من الوباء في أوروبا" مستندين في ذلك إلى بيانات صادرة من البنك الوطني لسلوفاكيا. كما طالب الموقعون الحكومة بـ "إعادة النظر في أولويات الخطة المالية الخاصة بالتعافي الاقتصادي، وتضمينها قطاعات الثقافة والصناعات الإبداعية" واستذكر الموقعون من أن هذه "الإشارة" لم تقبل بإضافتها حكومة الجمهورية السلوفاكية في تقرير الخطة الذي بعثت به إلى المفوضية ألأوروبية.

حيث من المقرر أن تصوت المفوضية الأوروبية على الموافقة على خطة التعافي السلوفاكية في الأسابيع المقبلة.

ألمانيا تخصص 2,5 مليار يورو لدعم معاودة الأنشطة الثقافية

أعلنت الحكومة الألمانية  تخصيص مبلغ 2,5 مليار يورو لدعم قطاع الثقافة و"تشجيع" معاودة العروض والأنشطة بعد شهور من التوقف بسبب الجائحة.

وأوضح وزير المال أولاف شولتز أن الصندوق الممول بالكامل من قبل السلطات الفيدرالية يهدف إلى "تشجيع" منظمي العروض الفنية لكي تتسنى "قريباً" معاودة "الأنشطة المسرحية (...) والحفلات الموسيقية والقراءات والعروض السينمائية".  واعتبرت وزيرة الثقافة مونيكا غروترز أن "إحياء الحياة الثقافية يستحق جهوداً مماثلة لتلك المخصصة للقطاعات الأخرى".

ويوفر البرنامج 1,9 مليار يورو "مساعدات اقتصادية لأنشطة محدودة الحجم" نظراً إلى النسب المحدودة من الحضور المسموح بها بسبب الجائحة.

وأوضحت الوزيرة أن المساعدات ستُدفَع اعتباراً من تموز/يوليو للعروض التي يحضرها جمهور يصل إلى 500 شخص وبدءاً من آب/أغسطس للأنشطة التي يصل عدد الحضور فيها إلى 2000 شخص، على أن ينتهي العمل بالصندوق في كانون الأول/ديسمبر.

وسمحت ألمانيا بمعاودة بعض الأنشطة الثقافية التي تقام في الهواء الطلق حصراً، كعروض الأفلام. لكن لم يتم تحديد موعد بعد لإعادة افتتاح المسارح أو دور السينما أو السماح بإقامة الحفلات الموسيقية. وستساهم المساعدات المالية في تعويض الربح الفائت على المنظمين بسبب عدم السماح بإشغال كل المقاعد عملاً بتدابير الوقاية من الوباء.

وسيستخدم مبلغ الـ 600 مليون يورو المتبقي كتأمين في حال إلغاء أنشطة كبرى يفوق عدد المشاركين فيها الألفين، لتغطية المخاطر المالية لإمكان الإلغاء أو التأجيل. وسيُعمل بهذا التأمين عامي 2021 و2022.

قطاعات الثقافة في فرنسا.. معاناة مستمرة

أدت تدابير مكافحة وباء كوفيد-19 إلى توقف عمل قطاع الثقافة في فرنسا بشكل فعلي. وقيّم مجلس الشيوخ الفرنسي في تقريره الصادرفي منتصف شهر أيار/مايو الخسائر المرتبطة بالأزمة الصحية بـ"المثيرة" للانتباه.

تعتبر بطاقة مرور خاصة بالثقافة pass culture أعلنت عنها الحكومة الفرنسية بداية الشهر الجاري، أحد الإجراءات الهادفة إلى دعم إحياء القطاع الثقافي المتأثر بشدة بالأزمة الصحية، حيث تتيح البطاقة لبعض الفئات من المجتمع زيارة المواقع الثقافية بشكل مجاني في معظم الحالات من خلال دعم حكومي غير مباشر من الحكومة.

وكان مجلس الشيوخ الفرنسي قد نشر في منتصف شهرأيار/ مايو تقريرا عن الخسائر التي تكبدها قطاع الثقافة لمدة عام. وبالنسبة للعروض الحية فقد بلغت 2.3 مليار يورو، مع تراجع في النشاط بنسبة 84٪.

أما السينما فبلغت الخسائر مليار يورو.وانخفاضت أعداد الحضور-حسب التقرير- بنسبة 70٪ ، وبالنسبة لزيارة المتاحف فقد انخفض عدد الزوار بنسبة 72٪ بخسائر قدرها 217 مليون يورو.

11 مليار يورو مساعدات حكومية فرنسية

مثال آخر لتأثيرات الوباء على الثقافة، مع "برج إيفل" الذي سيتعين على إدارته المسيرة له الانتظار حتى 16 يونيو لإعادة فتح أبواب الزيارات. بين عامي 2020 و 2021 ، خسرت الإدارة المسيرة للنصب التذكاري لبرج إيفل 120 مليون يورو. وضخت الحكومة الفرنسية في هذا الإطار 11 مليار يورو لدعم قطاع الثقافة وتخطط لإتاحة ميزانية مساندة مالية تقدر قيمتها بـ 148 مليون يورو.

واستغلت الجمعيات ونقابات الفنانين والسينما والمسرح والمتاحف خروج فرنسا، مؤخرا من حالة الحجر الصحي الثاني، للاحتجاج في كل البلاد، على عدم شمول قرار رفع الحجر الصحي الثاني لقاعات السينما والمسارح.

يزيد الناتج الإجمالي الثقافي في فرنسا عن 44 مليار يورو سنويا، بينما لا تنفق الدولة إلا حوالي 13 مليار يورو لدعم الفعل الثقافي. علما أن الدور الاقتصادي للثقافة لا يقف عند ما تدره من مداخيل مباشرة، بل يتجاوز ذلك بكثير ليمنح للبلاد صورة مشرقة ويعطي دفعة هي الأقوى للمجال السياحي. ففرنسا ليست معروفة فقط ببرج إيفل ولا بمتاحفها التي هي جزء أساسي في الفعل الثقافي، وإنما معروفة أيضا بمسارحها، وعروضها الفنية ومهرجاناتها، وفنونها البصرية وهندستها المعمارية ومسارحها النشطة وأفلامها السينمائية وإبداعات كتابها وغير ذلك من المنتوجات الثقافية. وتثبت جل الدراسات التي تُعَدُّ حول أسباب استقطاب فرنسا لملايين السياح سنويا، أن للبعد الثقافي وللصورة التي يقدمها عن البلاد، دورا أساسيا في اختيار هذا البلد كوجهة سياحية.

اعلان

وفي آذار/مارس، قام عشرات الموسيقيين التابعين لأوبرا بوردو بالغناء من أمام المسرح الكبير في المدينة الفرنسية الواقعة جنوب غرب البلاد، دعماً للعاملين في قطاع الفنون والثقافة، أكثر المتضررين بسبب إجراءات الإغلاق التي فرضتها السلطات الفرنسية منذ أكثر من عام على القطاع لمكافحة جائحة كورونا.

وقالت إميلي سارن، وهي مؤلفة فرنسية، إن "ما يربطنا هو الثقافة، جميع أنواع الثقافات، إن كانت الموسيقى، المسرح، الغناء، الكتابة، الرسم أو الفنون البصرية، ولكن أكثر ما يربطنا اليوم هو الشعور بعدم الاستقرار. ولا أعلم تماما إن كان هؤلاء الأشخاص الذين يأتون لمشاهدة البرامج والاستماع إلى الموسيقى وقراءة الكتب يدركون مدى صعوبة القيام بعملنا اليوم"

إحباط في صفوف "عالم الثقافة" ببلجيكا

ومنذ سبتمبر/أيلول ينظم أصحاب شركات وعاملون في مجال الترفيه، مرارا مظاهرات بالعاصمة البلجيكية بروكسل؛ احتجاجا على القيود الحكومية المفروضة لمنع انتشار فيروس كورونا.

وطالب المتظاهرون الحكومة البلجيكية بإعادة تنظيم قيود وتدابير كورونا مع الأخذ بعين الاعتبار وضع قطاع الترفيه الذي يشمل منظمي الحفلات والأعراس والنوادي الليلية والأنشطة الثقافية. وأشار هؤلاء إلى فقدان عدد كبير من موظفي القطاع لأعمالهم بسبب التدابير المفروضة من قبل الحكومة منذ فترة طويلة، في ظل توقف المهرجانات والحفلات والعروض.

وفي السادس من الشهر الجاري، رفع ممثلو القطاع الثقافي دعوى ضد الدولة البلجيكية داعين إلى استئناف أنشطتهم دون تأخير.

اعلان

وأعلن ممثلو القطاع الثقافي، أنهم أحالوا قضيتهم إلى المحكمة ضد الدولة البلجيكية على أمل الحصول على حق استئناف الأنشطة الثقافية. وقد جادلوا بأن الإجراءات التي اعتمدتها الحكمة البلجيكية لفرض قيود كورونا لم تكن "متناسبة" بالمقارنة مع قطاعات أخرى داخل البلاد.

كما أضافوا أن قطاعات الثقافة في البلاد تعاونت بشكل كبير مع وزارة الثقافة والهيئات الحكومية من أجل تسهيل عمليات إعادة فتح مختلف الهيئات الثقافية مع احترام القواعد الصحية .

الجرح" عمل فني في فلورنسا يعكس حجم الصعوبات التي يواجهها القطاع الثقافي جراء كورونا

في آذار/مارس كشف أحد أشهر الفنانين المعاصرين في العالم جي أر عن أعماله الفنية الجديدة على واجهة مبنى بلازو ستروزي Palazzo Strozzi في فلورنسا. العمل الذي يحمل اسمًا رمزيًا "الجرح" يعكس الصعوبة الحالية التي يواجهها قطاع الفنون خلال الجائحة العالمية بسبب القيود التي تفرضها السلطات في العديد من الدول من بينها إيطاليا على كل النشاطات الفنية والثقافية.

إيطاليا: الثقافة آخذة في التدهور؟

في نيسان/أبريل، أعلنت الحكومة الإيطالية إعادة فتح المتاحف ودور السينما والمسارح وقاعات الحفلات الموسيقية. لكن هذا الإجراء مؤطر بقواعد صارمة.

منها الحفاظ على حظر التجول من الساعة 10 مساءً حتى الساعة 5 صباحًا، بينما تفتح المتاحف أبوابها من الاثنين إلى الجمعة، وفق البروتوكولات الأمنية المعتمدة بالفعل قبل الإغلاق الأخير. كما تنظيم الزيارات وفقًا لشروط صارمة للغاية منها أن ارتياد المعارض الفنية والمتاحف والمتنزهات الأثرية والمعالم الأثرية والمعارض ينبغي أن يتم عبر الحجز الإجباري عبر الإنترنت.

اعلان

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

نقل وزيرة الثقافة الفرنسية "روزلين باشلو" إلى المستشفى بعد إصابتها بكورونا

بعد أيام من زيارة شولتس إلى بكين.. ألمانيا تعتقل ثلاثة مواطنين بتهمة التجسس لصالح الصين

روسيا تضع اللمسات الأخيرة على مشروع قانون الهجرة وتشدد المراقبة