هل ستتمكن بروكسل من "ترويض" أسعار الكهرباء الجنونية ؟

محتجة بريطانية ترفع ورقة صغيرة كتب عليها "لا تدفعوا فواتير الطاقة"
محتجة بريطانية ترفع ورقة صغيرة كتب عليها "لا تدفعوا فواتير الطاقة" Copyright Alastair Grant/AP
Copyright Alastair Grant/AP
بقلم:  يورونيوز
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

بعد مرور ستة أشهر على الحرب في أوكرانيا، وبعد ارتفاع خيالي سُجل في أسعار الكهرباء خصوصاً في فرنسا وألمانيا، أقوى اقتصادين أوروبيين، لا يزال التحرك بهذا الخصوص على المستوى الأوروبي غائباً. فهل تتدخل بروكسل؟ وما هي العوائق التي تقف أمامها؟

اعلان

قالت المفوضية الأوروبية إن الاتحاد الأوروبي يجب أن ينظر في إجراءات مؤقتة، على المدى القصير، للحد من الارتفاع الجنوني لأسعار الطاقة. وكانت المفوضية قد اقترحت بعدما أرسل الكرملين دباباته في مارس-آذار إلى أوكرانيا وضع سقف لأسعار الغاز. 

ولكن حتى بعد مرور ستة أشهر على الحرب، وبعد ارتفاع خيالي سُجل في أسعار الكهرباء خصوصاً في فرنسا وألمانيا، أقوى اقتصادين أوروبيين، لا يزال التحرك بهذا الخصوص على المستوى الأوروبي غائباً. ولإعطاء فكرة أوضح عن الأسعار في ألمانيا وفرنسا، أدناه مقارنة بين سعر الميغاوات في الساعة هذا العام والعام الماضي. 

  • - ألمانيا: بلغ سعر الميغاوات في الساعة نحو 51 يورو في 2021 فيما من المرجح أن تبلغ قيمة الميغاوات في الساعة في عقود السنة المقبلة 995 يورو. 
  • - فرنسا: بلغ سعر الميغاوات في الساعة نحو 85 يورو في 2021 فيما من المرجح أن تبلغ قيمة الميغاوات في الساعة في عقود السنة المقبلة أكثر من 1.100 يورو.

الارتفاع المسجل أعلاه ليس محصوراً في فرنسا وألمانيا فقط، إنما ينطبق على معظم البلدان الأوروبية، ما يشير إلى أن الشتاء القادم سيكون صعباً إذا لم تتخذ إجراءات إضافية ولازمة.

وخلال الأسابيع الماضية دعا عدة مسؤولين أوروبيين من الصف الأول إلى تحرك أوروبي مشترك، بينهم رئيس الوزراء البلجيكي، ألكساندر دي كرو، الذي هدد باتخاذ إجراءات أحادية في حال لم تستجب المفوضية الأوروبية لطلبه. 

وبلجيكا ستتأثر كثيراً بالأزمة، بحيث أشارت دراسة نشرتها صحيفة محلية وتستند إلى أسعار الأسواق، إلى أن المواطن سيدفع ما يعادل ثمن إيجار شقة شهرياً لفواتير الطاقة والغاز.  

أما المستشار النمساوي، كارل نيهامر، فقال إن التحرك الأوروبي المشترك هو السبيل الوحيد لإيقاف "الجنون الذي تشهده أسواق الطاقة". من جهتها، دعت جمهورية التشيك التي تترأس الاتحاد الأوروبي حالياً لستة أشهر إلى عقد جلسة طارئة على مستوى وزراء الطاقة في التكتل من أجل النظر في خطة "دفاعية" ومسألة التدخل في الأسواق. 

من الذي يحدد أسعار الكهرباء؟

تحدد الأسواق المالية الأكثرية الساحقة للأسعار التي تدفعها شركات الطاقة لشراء الغاز أو الكهرباء. والأسواق المالية تخضع لعدة شروط تؤثر على الأسعار، منها كمية العرض والطلب، التسعيرة التي يفرضها المنتجون، وأخيراً المضاربات. ويدفع الجميع لمنتجي الطاقة نفس المبالغ بناء على أسعار السوق، مع أن النفقات مختلفة جداً بين الأطراف المستهلكة. 

وسجلت الأسعار مستوى قياسياً الأسبوع الماضي بعد أن قالت روسيا إنها ستوقف عمليات التسليم إلى ألمانيا عبر خط أنابيب الغاز نورد ستريم 1 لمدة ثلاثة أيام للصيانة. ومع ذلك، يُنظر إلى هذه الخطوة على نطاق واسع على أنها لعبة قوة سياسية. وتعتقد برلين أن موسكو يمكن أن تقطع الإمدادات تماماً رداً على العقوبات الغربية بسبب الحرب في أوكرانيا.

هل ستنخفض الأسعار مستقبلاً؟

يأمل الزعماء الأوروبيون ألا تدوم الأزمة طويلاً ولكن خبراء في المجال يرجحون استمرارها لعدة سنوات. ووقال بين فان بوردن، المدير التنفيذي لعملاق الطاقة "شل"، خلال مؤتمر صحافي عقده في النرويج، إن الأسعار المرتفعة قد تستمر "لعدة شتاءات". وقبله قالت وزيرة الطاقة البلجيكية تينه فان دير ستراتن إن السنوات المقبلة (من 5 إلى 10) ستكون رهيبة إذا لم يتم اتخاذ إجراء لكبح الأسعار. 

أما ناتان بيبر، الخبير في شؤون النفط والاستثمارات، فلا يعطي إجابة نهائية حول الأسعار ولكنه يؤكد أن الاتحاد الأوروبي "طوى صفحة الاعتماد على الطاقة الروسية" وأن هذا الأمر لا بد أن ترافقه اضرابات. 

واتخذت عدة دول إجراءات داخلية، أو أخرى بموافقة المفوضية الأوروبية لبيع الطاقة الأحفورية بشكل أرخص للمستهلك. ولكن هذا الأمر يطرح معضلة جديدة على بروكسل: فهل ستمول الأخيرة مصادر الطاقة الأحفورية وكيف ستتعامل مع الخطة الخضراء والأهداف الموضوع لكبح التغير المناخي؟ 

وترى كلاوديا كمفرت من المعهد الألماني للدراسات الاقتصادية أن وضع حدّ لأسعار الطاقة ليس الحل وتضيف أن تمويل هذه الطاقة على المدى البعيد "سيصبح مكلفاً لخزينة بروكسل"، عدا عن أنه سيدفع الاتحاد الأوروبي بعيداً من التحول إلى الطاقة الخضراء. 

البحث عن نموذج جديد

أعلنت المفوضية الأوروبية الإثنين الفائت أنها تعمل على إصلاح يعيد هيكلة سوق الكهرباء على المدى الطويل لأن الأسعار التي ترتفع كالصواريخ في الاتحاد وبريطانيا، تبز ثغرات النظام الحالي بحسب أوسولا فون دير لايين نفسها. 

وتم تداول أنباء مفادها أن مسؤولين أوروبيين يدرسون مسألة فصل أسعار الكهرباء عن سعر الغاز. وقال وزير الطاقة الألماني، روبرت هابيك، إنه يجب إجراء إصلاح على المدى البعيد، بحيث لا يتم تحديد أسعار الكهرباء بناء على نوع الطاقة (وهي الغاز في هذه الحالة) المستخدمة في عملية الإنتاج.   

وفي حديث مع بلومبرغ أضاف هابيك أن ألمانيا تعمل بجهد لتأسيس "نموذج جديد للأسواق".

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

رئيسة الوزراء الفرنسية في برلين لتبديد الخلافات

برلين تطفئ الكهرباء عن 200 معلم من معالمها من أجل توفير الطاقة

حرب الطاقة تستعر بين الأوروبيين وروسيا