التقنية الحديثة تخلق الوظائف أم تدمرها ؟

التقنية الحديثة تخلق الوظائف أم تدمرها ؟
بقلم:  Euronews

هل ستعمل التقنية الحديثة على خلق الوظائف أم تدميرها؟ وما هي عواقب تغير المناخ عل القوى العاملة، وماذا يعني هذ

في العديد من الدول، يتزايد إدراك العمال لما يعتبره البعض تهديدا وجوديا لمجموعة كبيرة من الوظائف، مثلاً، سيارات مستقلة من دون سائق آمنة وفعالة، قد تنهي مهنة سائق الشاحنة قريباً. في الوقت نفسه، هناك فرص مهنية جديدة، في كثير من الأحيان أفضل، وذلك بفضل الابتكار الصناعي المستمر. عالم العمل يتطور من وادي النيل إلى وادي السيليكون وهذه بعض الأمثلة

في مصر، أرض صحراوية اصبحت حقلاً لزراعة نبات البابونج، انها تعد فرصة موسمية لدخل الكثير من النساء في الفيوم، احدى أفقر المحافظات في مصر مع ارتفاع نسبة البطالة بين النساء.
هذا العمل يوفر الوظائف لمئات النساء، انه يزدهر بفضل التقنيات الجديدة.

علينا الحصول على هذه التقنية الجديدة لكي تعود المنفعة والأرباح إلى كل الناس، بدلا من عدد قليل من أصحاب المليارات، لأن من سيحصل عليها هم الفائزون.

ريتشارد فريمان أستاذ اقتصاد في جامعة هارفارد.

“الآن، لدي طلبية يجب تلبيتها في بداية الشهر الحالي لعام 2018،حالياً، أقوم بتجفيف بعض المحصول، سبق وان قمت بتجفيف محصول آخر، لأن هذا لا يكفي“، تقول أم سعيد، امراة أعمال

خلال موسم الحصاد، تعمل ما لا يقل عن 200 امراة لمعالجة ما يصل إلى 300 طن من البابونج. طريقة تجفيف النباتات سريعة وصحية بفضل مضخة الحرارة الشمسية.
تم تطوير هذه التقنية، التي وضعها باحثون محليون منذ بضع سنوات. انها تتيح تطوير الأعمال التي تخلق وظائف بمهارات مختلفة في جميع أنحاء مصر.

“وظائف رفيعة المستوى تشمل مهندسين وحاصلين على الدكتوراه يعملون بالفعل على تصميم ومراقبة مجففات الطاقة الشمسية، ازداد عدد عمال الصيانة، والنساء العاملات في هذه المجالات“، يقول
وائل عبد المعز، أستاذ متخصص بالبيئة والطاقة.

خلق الوظائف المستدامة

تزداد الوظائف الخضراء في منطقة تعتمد منذ فترة طويلة على الوقود الأحفوري الرخيص. مع تغير المناخ وتدهور الدعم النفطي، ظهرت بدائل أكثر استدامة لتعزيز الاقتصادات المحلية.

“نصدر المزيد، لزيادة الشراء من الانتاج المحلي، نوظف كثيراً بعد الحصاد للقيام بعملية النخل والتعبئة والتغليف، لذا، كل النشاط الاقتصادي مستمر“، تقول هبة لبيب، مصدرة الأعشاب الطبية والتوابل، “Nile’s Gift”.

وفقاً للخبراء، تقدم مصر نحو اقتصاد اكثر استدامة سيحافظ على خلق فرص عمل وتوليد تقنيات والحصول على استثمارات اكبر.

هل التقنية الأكثر تقدما لها تأثير معاكس على الوظائف؟

من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إلى هارفارد مروراً بالقطاع الحيوي للشركات التقنية الناشئة، بوسطن في طليعة التغييرات الناجمة عن الروبوتات والذكاء الاصطناعي“، يقول مراسلنا
دينيس لوكتيه.

كمثال، روبوت صغير يستخدم مجموعة من أجهزة الاستشعار لنقل النباتات إلى وعاء لتحسين نموها. حتى الآن، هذا العمل كان من اختصاص الانسان.

“مهمة نقل النباتات هي أسوأ مهنة في القطاع الزراعي“، يقول تشارلي غرينيل، الرئيس التنفيذي لشركة هارفيست أوتوماتيك.

الكثير من عملاء هذه الشركة التقنية الناشئة في منطقة بوسطن نقلت هذه المهمة من البشر إلى الروبوتات.

“لا أحد فقد وظيفته في هذه الصناعة حين وصلت الروبوتات“، يضيف تشارلي غرينيل، الرئيس التنفيذي لشركة هارفيست أوتوماتيك.

الروبوتات تخلق الوظائق ولا تقتلها

يقول المصنعون إن الروبوتات الخاصة بهم لا تقتل الوظائف. بل على العكس تماما: هي تساعد المزارعين على توظيف المزيد من الأشخاص الذين يريدون القيام بشيء أكثر من مجرد تحريك النباتات.

“الجميع يفضلون القيام بأعمال أخرى تتعلق بالنباتات أو قيادة جرار، أو أشياء أخرى. لذا على زبائني مواجهة تحدي إيجاد العمال للقيام بهذا النوع من العمل“، يؤكد تشارلي غرينيل، الرئيس التنفيذي لشركة هارفيست أوتوماتيك.

عقول الأجهزة

لكن ماذا عن المستقبل حين يجعل الذكاء الاصطناعي الآلات أكثر كفاءة؟ هذه الشركة الناشئة في بوسطن تطور برنامجاً يحمل الكائنات ويتعرف عليها، كالدماغ البشري تقريباً. مثلاً، إذا اخذنا صورة زجاجة، فانه سيقول للجهاز ماذا تعني الزجاجة وسيتمكن من التعرف عليها بشكل موثوق.

“أدركنا أن ما يريده الناس هو ادخال العقول في الأجهزة، لتتمتع هذه الروبوتات بقدرة الحيوان والانسان“، يقول ماسيميليانو فيرساتشي، الرئيس التنفيذي لشركة نيورالا.

هذه الآلات الذكية يمكن أن تكون فعالة جدا في مهام كالعثور على طفل مفقود، والبحث عن الحيوانات المهددة بالانقراض أو اكتشاف الصدأ على خط أنابيب.
لكن ماذا عن الرجال والنساء الذين يقومون بهذه المهام اليوم؟ هؤلاء المبدعون ينظرون للاستبدال المقبل للبشر بمثابة التحرر.

“اعطاء تذكرة على الطريق السريع، لا يمكن ان يكون عملاً لانسان. التحديق في أجهزة المراقبة، لا يجب ان يكون عملاً لانسان، بل هو عمل الاجهزة. لذا، التقنية تحرير وعدم الحصول عليها استعباد.، يقول
ماسيميليانو فيرساتشي، الرئيس التنفيذي لشركة نيورال.

أنشأت المنظمة الدولية للعمل لجنة عالمية بشأن مستقبل العمل لدراسة الاتجاهات الراهنة. وسيساعد بعض الخبراء من جامعة هارفارد اللجنة في تحليل قضايا مثل الانتشار المقبل للذكاء الاصطناعي في الشركات.

“استخدام الذكاء الاصطناعي سيحسن أداء الشركات. سيتيح للأطباء تخصيص الرعاية الصحية للمرضى، وسيمكن مسؤولي الأمن من الاستجابة بسرعة أكبر لمواجهة فشل شبكة الكمبيوتر، وفي نهاية المطاف لا يمكن اختراقه. الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد قطاعات مختلفة “، تقول صوفي فانديبروك، الرئيس التنفيذي للعمليات، آي بي إم للبحوث.

من المستفيد من الثروة التي تنتجها الآلات؟

خلال اجتماعات في جامعة هارفارد، يناقش الباحثون والرواد السؤال الكبير بشأن الغد: من سيستفيد من هذه الثروة التي تنتجها الآلات؟

“علينا الحصول على هذه التقنية الجديدة لكي تعود المنفعة والأرباح إلى كل الناس، بدلا من عدد قليل من أصحاب المليارات، لأن من سيحصل عليها هم الفائزون“، يقول ريتشارد فريمان، أستاذ اقتصاد، جامعة هارفارد.

كيف تتعامل المجتمعات مع مستقبل العمل الذي يبدو مختلفا بشكل جذري عن الطريقة التي اعتدنا عليها؟

“إذا قمنا بكل ما نحتاجه، واذا كان علينا أن نعمل للعيش أو البقاء على قيد الحياة، فإن العمل سيكون ترفا، يمكن أن يكون أمرا جيدا. لماذا نعمل؟ لماذا يجب أن نعمل 50 ساعة في الأسبوع،
لماذا لا نعمل 10 ساعات في الأسبوع، لماذا لا نملك الوقت الكافي للفنون والهوايات والتنمية الشخصية والمعرفة؟ “، يقول فيفيك وادوا، زميل متميز وأستاذ، جامعة كارنيجي ميلون.

ستقدم اللجنة العالمية المعنية بمستقبل العمل تقريرها في عام 2019.

دينيس لوكتيه، يورونيوز: “هناك العديد من الاسئلة التي التي قد نجد لها اجابات أو لا. غي رايدر هو ضيفنا. انه مدير منظمة العمل الدولية . السيد رايدر، شكرا لوجودك معنا.
شاهدنا بعض الأمثلة عن الكيفية التي تعمل فيها التقنية على جعل الشركات أكثر كفاءة، لكن هل ننظر جيداً إلى نطاق وحجم كل هذا؟ لنكن واضحين، هل ستأخذ الآلات جميع وظائفنا؟ “

غي رايدر، المدير العام لمنظمة العمل الدولية:
“كلا، لا أعتقد أنها ستأخذ كل وظائفنا، لكن كما يُظهر تقريركم بطريقة واضحة وجيدة، أعتقد أن التقنيات الجديدة يمكن ان تخلق فرص العمل وتحل محل البشر أيضا.
انهما حقيقتان علينا مواجهتهما ونحن ندخل في ما يسمى بالثورة الصناعية الرابعة.
إذا نظرتم إلى التاريخ ستجدون أن أول ثلاث ثورات صناعية، بعد فترة من الاضطراب و التعديلات، أصبح الأداء أفضل من البداية، كان هناك المزيد من فرص العمل، والمزيد من الوظائف الجيدة وظروف معيشية أفضل . شاهدنا تقريراً مفاده أن ما يصل إلى نصف أو أكثر من نصف الوظائف الموجودة في الدول الصناعية يمكن أستبدالها بالروبوتات، هذا ممكن لكن هذا لا يعني أنها ستكون. فهناك العديد من العوامل المقنعة، احدها توفر التقنية والأموال، والآخر هو اقتصادي بحت.

علينا الاعتقاد بان التقنية يجب ان تُستخدم لمساعدتنا على تحقيق الاهداف الاجتماعية، وعدم تعديل اهدافنا الاجتماعية من خلال التطبيقات التقنية”.

دينيس لوكتيه، يورونيوز: “هذا لا يتعلق بالدول المتقدمة فقط. فالعمل يتطور في جميع انحاء العالم، ما الذي يدير هذه التغييرات؟”

غي رايدر، المدير العام لمنظمة العمل الدولية:
“نعم، في الواقع، علينا أن لا نفكر بوجود مستقبل لنا جميعاً. إذا ذهبتم إلى بلد، كاليابان مثلاً، هناك شيخوخة السكان وغياب العمالة. الأمر يختلف إذا فكرنا بأفريقيا وجنوب آسيا حيث ينمو السكان بسرعة،
وهناك طلب كبير على عمالة الشباب. هنا، بطبيعة الحال، مشكلة استبدال عمل الانسان بالآلات مختلفة بعض الشيء، وربما هناك جانب آخر، هو مسألة الاقتصاد المستدام.
للعالم إمكانات كبيرة جدا للاستفادة من التغيير نحو اقتصاد أكثر اخضرارا واستدامة.”

مواضيع إضافية