تأجيل الطرح العام لأرامكو يوجه ضربة لركيزة إصلاحات ولي العهد السعودي

تأجيل الطرح العام لأرامكو يوجه ضربة لركيزة إصلاحات ولي العهد السعودي
شعار أرامكو السعودية على مقرها في الظهران يوم 23 مايو ايار 2018. تصوير: أحمد جاد الله - رويترز. Copyright (Reuters)
بقلم:  Reuters
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

من أندرو تورشيا وسعيد أزهر وستيفن كالين

دبي/الرياض (رويترز) - قال مصرفيون ومستثمرون إن قرار السعودية تأجيل ما كان يوصف بأنه أكبر بيع على الإطلاق للأسهم هو ضربة كبيرة لمصداقية ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لكنهم أضافوا أن هناك سبلا أخرى لتمويل الإصلاحات الهادفة لتعزيز الاقتصاد.

والطرح العام الأولي لخمسة بالمئة من أسهم شركة النفط العملاقة أرامكو السعودية المملوكة للدولة هو الركيزة الأساسية لخطة ولي العهد لتنويع اقتصاد المملكة بعيدا عن الاعتماد على إيرادات النفط عبر جمع 100 مليار دولار لاستثمارها في قطاعات أخرى.

ووعد ولي العهد السعودي البالغ من العمر 32 عاما أيضا بأن إدراج أرامكو في بورصات عالمية من شأنه المساهمة في تأسيس ثقافة للانفتاح في المملكة المحافظة وزيادة جاذبيتها للمستثمرين الأجانب.

ويثير قرار تأجيل الطرح العام الأولي مخاوف بشأن إدارة العملية وكذلك جدول أعمال خطة الإصلاح الأوسع نطاقا، وهو ما يقلص الزخم الناتج عن إعلان الأمير محمد في 2016 عن "رؤية 2030" مما ساعد في دفعه إلى السلطة في أكبر مصدر للنفط في العالم.

وقال جيمس دورسي، وهو باحث بارز في كلية إس.راجاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة "المشكلة هي: كلما تأجل (طرح أسهم أرامكو) وكلما كان هناك عدم وضوح بشأن سبب التأجيل وما هي المشاكل، كلما زاد ذلك من تقويض الثقة".

وأضاف قائلا "(الأمير محمد) كان بارعا جدا في خلق توقعات لكنه لم يكن بنفس البراعة في إدارة التوقعات".

وقالت مصادر بالصناعة لرويترز هذا الأسبوع إن الشقين العالمي والمحلي للطرح العام الأولي تأجلا إلى أجل غير مسمى. وقال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح إن الحكومة تظل ملتزمة بتنفيذ الطرح العام الأولي في موعد غير محدد في المستقبل.

وقال ريتشارد سيجال كبير المحللين لدى مانولايف لإدارة الأصول في لندن "يجب أن يكون الحكم على عملية الإصلاح برمتها وعلى مدار عدد من السنوات لكن هذا سيؤثر سلبا على التصورات بشأن مصداقيتها بصفة عامة، بالنظر إلى ما تم الوعد به من أمور كبيرة بشأن الطرح العام الأولي".

* رؤية 2030

دشن الأمير محمد بن سلمان برنامجه "رؤية 2030" مع وعود بتحول جذري في الاقتصاد السعودي وفتح أنماط الحياة المنغلقة لشعبه. ونفذ الأمير سلسلة من الإصلاحات البارزة بما في ذلك إنهاء حظر على قيادة المرأة للسيارات وفتح دور للعرض السينمائي في المملكة المحافظة.

لكن تلك التحركات صاحبتها حملة قاسية على المعارضة وحملة تطهير طالت أمراء كبار ورجال أعمال على خلفية اتهامات بالفساد، وحرب باهظة التكلفة في اليمن هي الآن في عامها الرابع.

وأدى موقف ولي العهد العدائي علي نحو متزايد تجاه إيران الخصم اللدود للمملكة وفي علاقات مع أصدقاء مفترضين مثل كندا وألمانيا إلى إثارة قلق الحلفاء والمستثمرين على السواء.

وقال دبلوماسي غربي سابق "الطرح العام الأولي لأرامكو كان من المفترض أن يكون مثالا لمستوى عالمي جديد من الشفافية. ربما لأن هناك الكثير يحدث والقليل يتم تفسيره، فإنه يبدو كأنهم أصبحوا أسوأ في الشفافية".

لكن بعض المصرفيين يقولون إن برنامج الإصلاح أكبر بكثير من الطرح العام الأولي لأرامكو، وإنه على الرغم من التداعيات السياسية المحتملة، فإن الكثير من التغييرات قد تظل تمضي قدما، أو ربما تتسارع، بما أن مسؤولين كبارا لم يعودوا الآن منشغلين بإدراج أرامكو.

وقال مصرفي كبير فُوضت مؤسسته للمساعدة في ترتيب البيع "الحقيقة أن هناك الكثير من الأمور الأخرى التي بإمكان السلطات فعلها قبل القيام بهذه الخطوة الكبيرة للطرح العام الأولي لأرامكو".

اعلان

* مسعى الاستثمار الأجنبي المباشر

تحسنت أوضاع الرياض كثيرا منذ إعلان خطط الطرح العام الأولي للمرة الأولى في 2016.

كان سعر النفط عند حوالي 35 دولارا للبرميل في ذلك الوقت وكانت الحكومة في حاجة ماسة إلى سيولة نقدية. وزادت أسعار النفط إلى أكثر من المثلين منذ ذلك الحين وتقلص العجز في ميزانية الدولة بشكل حاد، لذا فإن أمام الرياض مجالا للعثور على وسائل أخرى لتمويل المشاريع.

وقررت إم.إس.سي.آي وفوتسي راسل هذا العام إضافة السعودية إلى مؤشراتهما للأسواق الناشئة، وبالتالي فإنه حتي بدون الطرح العام الأولي فإن بإمكان المملكة أن تتوقع تدفقات أموال أجنبية بقيمة 20 مليار دولار أو أكثر في العام القادم.

في غضون ذلك، تمضي السلطات قدما، بوتيرة بطيئة، في إصلاحات أخرى لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر.

اعلان

وفي يوليو تموز، نشرت الرياض مسودة قواعد للشراكة بين شركات القطاعين العام والخاص لتشييد البنية التحتية. وفي الأسبوع الماضي، قالت شركة المياه الوطنية السعودية، المسؤولة عن مرفق المياه، إنها تجري محادثات مع شركات عالمية بشأن إشراكها في قطاع توزيع ومعالجة المياه.

وبالإضافة إلى أرامكو، تقول السلطات إنها تسعى إلى بيع أصول أخرى مملوكة للدولة بقيمة 200 مليار دولار في السنوات المقبلة. وبينما يقول محللون كثيرون إن هذا الهدف يبدو طموحا، فإن تجميد الطرح العام الأولي لأرامكو قد يمهد الطريق للمضي قدما في مبيعات أصغر حجما.

وقال ستيفن هيرتوج الأستاذ المساعد في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية والباحث البارز في الشأن السعودي "الطرح العام الأولي كان له دوما قيمة رمزية لكنه لم يكن ليؤثر على بقية الاقتصاد السعودي كثيرا".

وأضاف قائلا "تحديات مثل خلق فرص عمل في القطاع الخاص للسعوديين وتحسين البيئة القانونية والتنظيمية للمستثمرين المحليين والأجانب، هي أكثر أهمية لمتانة اقتصاد المملكة على المدى الطويل".

اعلان

* بيع حصة في سابك

في حين قدر ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قيمة حصة قدرها خمسة بالمئة في أرامكو السعودية عند نحو 100 مليار دولار، يعتقد محللون أن الطرح العام الأولي كان ليجمع ما بين 50 مليار إلى 75 مليار دولار لأن تقييم الأمير كان متفائلا للغاية.

وكان من المنتظر أن يذهب المال إلى صندوق الاستثمارات العامة، ليُوجه بدرجة كبيرة إلى تمويل مشاريع تخلق فرص عمل. ومع بلوغ معدل البطالة بين المواطنين السعوديين مستوى قياسيا عند 12.9 بالمئة، فإن إيجاد سبل لتعزيز التوظيف يُنظر إليها على أنها مسألة حيوية.

لكن حتى بدون الطرح العام الأولي، فإن تلك المشاريع من الممكن أن تظل تمضي قدما لأن أرامكو قالت في يوليو تموز إنها قد تشتري حصة استراتيجية في الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) المنتجة للبتروكيماويات من صندوق الاستثمارات العامة وهو ما يُحتمل أن يمنح الصندوق نفس القدر من المال الذي كان سيجمعه الطرح العام الأولي.

وبأسعار السوق، فإن بيع الحصة الكاملة لصندوق الاستثمارات العامة في سابك البالغة 70 بالمئة إلى أرامكو السعودية سيجمع نحو 70 مليار دولار.

اعلان

وإذا تمكن صندوق الاستثمارات العامة من خلق فرص عمل، فإن تعليق بيع أرامكو ربما يكون عاملا سياسيا إيجابيا لولي العهد الأمير محمد لأن بعض السعوديين كانوا منزعجين من الطرح العام الأولي.

وقال جيم كرين الباحث المتخصص في دراسات الطاقة بمعهد بيكر في جامعة رايس "المواطن العادي ينظر إليه (طرح أرامكو) على أنه عملية بيع خاطئة لإرث وطني".

وأضاف قائلا "لذا هناك على الأرجح قدر من الشعور بالارتياح في السعودية من أن الدولة تتراجع عن الخطة".

اعلان

(رويترز)

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

تقرير: اقتصاد إسرائيل يسجل أدنى معدلات للنمو

بسبب حملة المقاطعة.. ماكدونالدز تكشف حجم تأثر مبيعاتها وإيراداتها في الشرق الأوسط

الوكالة الدولية للطاقة: "خفض السعودية وروسيا إنتاج النفط سيتسبب بنقص كبير في الإمدادات"