مجال محدود للمناورة مع إبطاء السعوديين وتيرة خفض عجز الميزانية

مجال محدود للمناورة مع إبطاء السعوديين وتيرة خفض عجز الميزانية
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الرياض يوم 18 ديسمبر كانون الأول 2018. صورة لرويترز Copyright (Reuters)
Copyright (Reuters)
بقلم:  Reuters
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

من أندرو تورشيا

دبي (رويترز) - تُبطئ المملكة العربية السعودية توجها لخفض عجز مالي كبير من أجل انعاش اقتصادها، لكن ميزانية الحكومة لعام 2019 ترجح أنه ربما لا يكون بها مجال لزيادة النمو بهامش كبير.

وفي ظل مستوى قياسي للبطالة بين السعوديين عند 12.9 بالمئة، تتزايد أهمية خلق فرص عمل لتبرير الإصلاحات التي أطلقها قبل عامين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والذي يسعى لتنويع اقتصاد المملكة بعيدا عن صادرات النفط.

وعكست ذلك ميزانية 2019، التي أُعلنت يوم الثلاثاء، إذ تشمل الميزانية زيادة الإنفاق سبعة بالمئة. وقال مسؤولون إن هذه الزيادة ستعزز النمو في القطاعات غير النفطية من الاقتصاد وستسمح بالبدء في خفض معدلات البطالة من العام المقبل.

لكن حتى هذه الزيادة المتواضعة في الإنفاق ستأتي على حساب كلفة ضخمة، حيث تُظهر الميزانية خفضا كبيرا في الوتيرة التي تقلص بها الرياض عجز الميزانية، والذي تعهدت بالتخلص منه تماما بحلول 2023.

ولثلاث سنوات، حتى قبل أن تسجل الرياض عجزا ضخما في الميزانية عند 367 مليار ريال (98 مليار دولار) في 2015، أو ما يعادل نحو 15 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، مهددا استقرارها المالي، كانت السياسة المالية متركزة إلى حد كبير على طمأنة الأسواق بخفض العجز.

وقالت وزارة المالية يوم الثلاثاء إن العجز انكمش إلى 136 مليار ريال، أو ما يقدر بنحو 4.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، هذا العام من 230 مليار ريال في عام 2017.

غير أن ميزانية عام 2019 تتوقع انكماش العجز بهامش بسيط فقط إلى 131 مليار ريال، أو ما يعادل 4.2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العام المقبل. وقال الكثير من المحللين المستقلين إن بيانات الإنفاق والإيرادات في الموازنة تشير ضمنا إلى أن العجز سيرتفع في واقع الأمر.

وتوقع بلال خان، وهو خبير اقتصاد إقليمي لدى ستاندرد تشارترد، عجزا نسبته خمسة بالمئة في 2019، بينما توقعت مونيكا مالك الخبيرة الاقتصادية لدى بنك أبوظبي التجاري عجزا يتجاوز السبعة بالمئة.

وتوقع جيسون توفي، الخبير الاقتصادي المتخصص في شؤون الأسواق الناشئة لدى كابيتال إيكونوميكس، أنه إذا لم تتعافى أسعار النفط من المستويات الحالية، قد يقترب العجز من عشرة بالمئة في عام 2019، وهو رقم قد لا تستطيع المملكة تحمله في الأجل الطويل.

وسيجعل هذا الرياض في مواجهة خطر عدم تحقيق المستوى المستهدف لعام 2023، والمتمثل في القضاء على العجز بهامش كبير، وهو ما قد يجدد مخاوف الأسواق بشأن متانة الأوضاع المالية للمملكة، أو التعرض لضغوط لتبني إجراءات تقشف قاسية في الفترة من 2020 إلى 2023 لتحقيق المستهدف.

لهذه الأسباب، فإن المجال المتاح أمام السعودية لتبني سياسة مالية تهدف إلى تحقيق النمو محدود. وقال خبراء اقتصاد إن المملكة لن تكون قادرة على التخلي عن إجراءات التقشف تماما العام المقبل. فقد يبقى هذا الأمر نمو القطاع غير النفطي متباطئا.

وقال توفي "بينما قد يكون هناك بعض التخفيف المالي في النصف الأول من العام المقبل، نعتقد أن التقشف من المحتمل أن يُستأنف في النصف الثاني من 2019".

* المستهدف

نما القطاع غير النفطي في الاقتصاد بنسبة 2.3 بالمئة فقط في عام 2018، وهو نمو أبطأ كثيرا من أن يكون له أثر على خفض البطالة في بلد يزيد تعداد مواطنيه بمعدل سنوي يقترب من الاثنين بالمئة.

وكانت الرياض حددت في البداية موعد 2020 لضبط الميزانية، لكنها ارجأت الموعد إلى 2023 قبل عام في ظل معاناة الاقتصاد. وفي الأشهر الأخيرة، لم يتخل المسؤولون عن الموعد النهائي، لكنهم سعوا للتقليل من أهميته.

وفي أواخر أكتوبر تشرين الأول، وبعد اكتمال الكثير من التخطيط لميزانية 2019، أبلغ وزير المالية محمد الجدعان رويترز بأنه بينما ستضبط الرياض ميزانياتها في الأجل المتوسط، فإنها ستقبل ببعض العجز بعد 2023 إذا لزم الأمر لتحفيز الاقتصاد.

اعلان

وفي مؤتمرات بعد إعلان الميزانية اليوم الأربعاء، قال مسؤولون سعوديون إنهم ما زالوا ملتزمين بضبط الميزانية، لكنهم لم يذكروا عام 2023 بالتحديد.

وتشير بعض الجوانب في الميزانية إلى أن سياسيات التقشف ستستمر. وقال الجدعان إنه لا ينوي تغيير السياسة المتعلقة بالرسوم التي تفرضها المملكة على توظيف الأجانب وإصدار تصاريح الإقامة لذويهم.

ومن المنتظر أن ترتفع الرسوم العام المقبل، وهو ما سيزيد الضغوط المالية على القطاع الخاص الذي ضغط من أجل تأجيل الزيادات.

وأحجم المسؤولون أيضا يوم الأربعاء عن استبعاد إمكانية زيادة أسعار الوقود في السوق المحلية. وبموجب السياسة المعلنة من قبل، قد يجري رفع أسعار الوقود، بما في ذلك البنزين والديزل والكيروسين، في عام 2019.

وقد تكون زيادة أسعار الوقود في الأسواق المحلية هي الوسيلة الوحيدة التي يمكن للرياض من خلالها أن تحقق توقعا في ميزانيتها لعام 2019 بزيادة إيرادات النفط تسعة بالمئة إلى 662 مليار ريال، حيث يعتقد الكثير من الاقتصاديين أن أسعار النفط العالمية لن ترتفع كثيرا على الأرجح، وقد لا ترتفع على الإطلاق.

اعلان

(رويترز)

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

تقرير: اقتصاد إسرائيل يسجل أدنى معدلات للنمو

بسبب حملة المقاطعة.. ماكدونالدز تكشف حجم تأثر مبيعاتها وإيراداتها في الشرق الأوسط

الوكالة الدولية للطاقة: "خفض السعودية وروسيا إنتاج النفط سيتسبب بنقص كبير في الإمدادات"