حصري-معقل صناعة المال في بريطانيا صامد رغم تزايد مخاطر الخروج من الاتحاد الأوروبي

حصري-معقل صناعة المال في بريطانيا صامد رغم تزايد مخاطر الخروج من الاتحاد الأوروبي
رئيسة الوزراء تيريزا ماي بالقرب من ميدينهيد يوم 3 فبراير شباط 2019. تصوير: هنري نيكولز - رويترز Copyright (Reuters)
Copyright (Reuters)
بقلم:  Reuters
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

من أندرو مكاسكيل وسايمون جيسوب

لندن (رويترز) - أظهر مسح جديد أجرته رويترز أن صناعة الخدمات المالية في بريطانيا لم يمسها سوء إلى حد كبير حتى الآن من تطورات مسألة الانفصال عن الاتحاد الأوروبي إذ يتوقع نقل أو خلق حوالي ألفي وظيفة في الخارج حتى مع تنامي خطر انفصال مصحوب باضطرابات.

كان كثير من المصرفيين والساسة تنبأوا بأن تصويت الناخبين في بريطانيا في 2016 بالموافقة على الانسحاب من الاتحاد الأوروبي سيؤدي إلى نزوح مؤسسات ونقل وظائف ويوجه ضربة موجعة تهز مكانة لندن في عالم المال.

غير أن عدد الوظائف التي تقول مؤسسات مالية عاملة في بريطانيا إنها تتوقع فعليا أن تنقلها للخارج في حالة الانفصال عن الاتحاد الأوروبي دون اتفاق انخفض من 5766 وظيفة في المسح السابق الذي أجري في سبتمبر أيلول.

والعدد الجديد حوالي خُمس العشرة آلاف وظيفة التي خلص إليها أول مسح أجرته رويترز في سبتمبر أيلول 2017.

وتسير بريطانيا في الوقت الحالي في طريق قد يؤدي بها إلى الخروج من الاتحاد دون اتفاق وذلك لأن صفقة تتيح للندن وبروكسل فترة انتقالية مدتها 21 شهرا للتفاوض على علاقة تجارية جديدة معرضة لخطر الانهيار.

إلا أن معظم المصرفيين يشعرون بالثقة أنه سيتم التوصل إلى حل وسط. وهم ينتظرون لمعرفة ما سيتم الاتفاق عليه وطبيعة العلاقة الجديدة قبل أخذ أي قرارات نهائية بشأن نقل الوظائف.

وتقوم نتائج المسح على إجابات 132 من أكبر أو أغلب البنوك وشركات التأمين وشركات إدارة الأصول وشركات الاستثمار المباشر والبورصات التي تركز على النشاط الدولي. وأُجري المسح في الفترة من الثالث إلى الثامن والعشرين من يناير كانون الثاني الماضي.

ويعادل عدد الوظائف الذي خلص إليه المسح 0.5 بالمئة من 400 ألف موظف يعملون في قطاع الخدمات المالية في لندن.

في الوقت نفسه أظهر مسح منفصل أجرته رويترز أن بنوك الاستثمار الكبرى تعتزم تعيين عدد أكبر بكثير من العاملين في لندن مقارنة بأي مدينة أخرى في أوروبا مما يشير إلى أنها تتوقع أن تظل بريطانيا المركز الإقليمي الرئيسي في الأجل القريب على الأقل.

وقالت كاثرين مكجينس المسؤولة السياسية الفعلية عن الهيئة البلدية التي تساعد في إدارة حي المال في لندن المعروف باسم "سيتي" إن هذه العملية ستكون أشبه بعملية "احتراق بطيء. لن ندرك ما سيكون عليه الأثر الكامل قبل عشر سنوات على الأقل".

وأضافت "غير أن سيتي يتغير باستمرار وسيجد وسيلة للازدهار".

مناورات الخروج

تأتي التوقعات المتفائلة لدى المصرفيين في وقت تسير فيه بريطانيا في مسار يؤدي بها إلى الخروج من الاتحاد الأوروبي بعد 52 يوما دون اتفاق في خطوة قد تتسبب في اهتزاز أسواق المال.

وأصدر مجلس العموم البريطاني الأسبوع الماضي تعليمات لرئيسة الوزراء تيريزا ماي لإعادة التفاوض على اتفاق الانفصال وهو ما تعارضه بشدة الدول الأخرى الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الأمر الذي يُرجح أن تشهد الأسابيع المقبلة مناورات سياسية محفوفة بالمخاطر.

وتشير نتائج المسح إلى أن لندن، التي يوجد بها أكبر عدد من البنوك وأكبر سوق للتأمين في الاتحاد الأوروبي، ستبقى على الأرجح مركز صناعة المال العالمية في المنطقة.

وكان قرار الانفصال عن الاتحاد الأوروبي هز صناعة المال في لندن التي ظلت على مدى قرون تمثل شريانا حيويا للتدفقات المالية في مختلف أنحاء العالم.

اعلان

وتتمتع البنوك وشركات التأمين في بريطانيا في الوقت الحالي بإمكانية التواصل دون أي عوائق تذكر مع عملائها في أنحاء الاتحاد الأوروبي في أغلب الأنشطة المالية. غير أن أسسا كانت تعتبر بديهية منذ فترة طويلة مثل الحق في شراء المنتجات وبيعها في سوق واحدة أصبحت فجأة في حالة تغير.

وفي ظل أسوأ سيناريو يمكن تصوره للانفصال دون اتفاق، تنبأت شركة أوليفر وايمان الاستشارية بنقل ما يصل إلى 75 ألف وظيفة للخارج في حين أشارت بورصة لندن للأوراق المالية قبل عامين أن هذا الرقم قد يبلغ 232 ألفا.

ويعد مستقبل لندن كمركز لصناعة المال في أوروبا واحدا من أهم نتائج محادثات الانفصال عن الاتحاد الأوروبي لأن هذه الصناعة تشكل أكبر مصادر دخل للصادرات في بريطانيا وأكبر مصدر للدخل من ضرائب الشركات.

ومن المتوقع أن تكون بنوك الاستثمار الكبرى قد نقلت حوالي 890 وظيفة أي أقل من نصف الرقم المتوقع بنهاية مارس آذار حسبما بينته مقابلات مع نحو 25 مصدرا في الصناعة.

وقالت مصادر إن بنك أوف أمريكا سينقل نحو 200 من العاملين فيه إلى باريس بنهاية فبراير شباط. وامتنع البنك عن التعليق.

اعلان

غير أن العديد من الشركات المالية الأخرى تحجم عن نقل العاملين لحين اتضاح الوضع السياسي.

وقالت مصادر في اتش.إس.بي.سي إن البنك لم ينقل أيا من العاملين حتى الآن رغم أنه سبق أن قال علنا إنه قد ينقل ما يصل إلى ألف وظيفة إلى باريس.

وقال مصدر في رويال بنك أوف سكوتلند إنه لم ينقل أي موظف رغم ما قاله من قبل عن إمكانية نقل 150 موظفا إلى أمستردام.

وتقضي شروط اتفاق الانفصال الحالي بالحفاظ على مستوى بسيط من الاتصالات بأسواق الاتحاد الأوروبي غير أنه إذا قررت بريطانيا الانفصال في الشهر المقبل دون اتفاق تجاري فسيعني ذلك عدم وجود فترة انتقالية تخفف من حدة الاضطرابات.

وقال مسؤول تنفيذي كبير ببنك استثماري أمريكي إن البنك سيضطر ربما لمضاعفة عدد العاملين الذين ينقلهم للخارج أو يرفع العدد لثلاثة أمثاله إذا حدث الانفصال دون اتفاق تجاري.

اعلان

وقال المسؤول التنفيذي إن أثر الانفصال حتى الآن أقل كثيرا من المتوقع وإنه مصدر قلق أقل من الاقتصاد المتباطئ في الصين والاضطراب السياسي في الولايات المتحدة.

وأضاف "هو مصدر إزعاج حقيقي لكنها مشكلة فنية ويمكن حلها".

وقالت 90 شركة من الشركات التي شاركت في المسح إنها ستضطر لنقل موظفين أو تعيد هيكلة أعمالها بسبب الانفصال رغم أن 59 شركة منها فقط ذكرت أرقاما محددة. وقالت بقية الشركات إن الانفصال لن يكون له أثر أو أنها لم تتخذ قرارا بعد فيما ستفعله أو امتنعت عن التعليق.

وللمرة الأولى منذ بدأت رويترز إجراء المسح الخاص بخطط الوظائف في صناعة المال، قال عدد يعد على أصابع اليد الواحدة من المشاركين فيه إن ثمة احتمالا ألا يحدث الانفصال بسبب غياب اتفاق على المسرح السياسي البريطاني بخصوص سبل تحقيقه.

لكن الشركات قالت إنها لن تتراجع عن قرارات نقل الوظائف إذا ما بقيت بريطانيا عضوا في الاتحاد الأوروبي.

اعلان

وقالت مكجينس "مسألة الخطر السياسي أصبحت قضية مهمة فعليا. وحتى إذا ما تراجعت عن الانفصال وهو ما لا أتوقع أن يحدث فأنا أعتقد أننا ألحقنا الضرر بصورتنا الدولية وسيتعين علينا بذل جهد كبير لإعادتها لما كانت عليه".

(رويترز)

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

تقرير: اقتصاد إسرائيل يسجل أدنى معدلات للنمو

بسبب حملة المقاطعة.. ماكدونالدز تكشف حجم تأثر مبيعاتها وإيراداتها في الشرق الأوسط

الوكالة الدولية للطاقة: "خفض السعودية وروسيا إنتاج النفط سيتسبب بنقص كبير في الإمدادات"