حزب أطيح به من السلطة يسعى لاستعادة معاقله في انتخابات تركية

حزب أطيح به من السلطة يسعى لاستعادة معاقله في انتخابات تركية
الممثل كمال أولوسوي يتحدث خلال مقابلة مع رويترز في ديار بكر يوم 20 مارس آذار 2019. تصوير: أوميت بكطاش - رويترز Copyright (Reuters)
Copyright (Reuters)
بقلم:  Reuters
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

من دارين باتلر

ديار بكر (تركيا) (رويترز) - فقد الممثل كمال أولوسوي وباقي أفراد فرقته المسرحية الكردية وظائفهم إلى جانب آلاف آخرين في جنوب شرق تركيا بعدما سيطرت الدولة على نحو 100 من مجالس البلديات التي فاز بها الحزب الرئيسي الموالي للأكراد في آخر انتخابات محلية.

ويذهب الناخبون إلى صناديق الاقتراع مجددا يوم الأحد لكن أولوسوي يقول إن الانتخابات البلدية ما هي إلا مسرحية أخرى تؤديها السلطات بعدما حذر الرئيس رجب طيب أردوغان من أن الدولة ربما تعين مجددا أشخاصا محل المسؤولين المنتخبين.

قال أولوسوي الذي يمثل مسرحيات باللغة الكردية منذ نحو 30 عاما "ما نراه ليس ديمقراطية... الانتخابات ليست سوى إجراء شكلي لإكسابه (أردوغان) مظهر الشرعية. لا يزال بإمكانه فعل ما يريد".

ويشكل الأكراد نحو خمس سكان تركيا البالغ عددهم 82 مليون نسمة. وتحمل جنوب شرق البلاد ذو الأغلبية الكردية وطأة صراع مستمر منذ ثلاثة عقود بين الدولة ومسلحي حزب العمال الكردستاني الساعين للحصول على حكم ذاتي. وأودى الصراع بحياة أكثر من 40 ألف شخص.

يقول أردوغان الممسك بزمام السلطة منذ 16 عاما إن حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد لديه روابط بحزب العمال الكردستاني. وينفي الحزب أن له صلات بالجماعة المسلحة المحظورة.

يأمل حزب الشعوب الذي يحظى بدعم قوي في الجنوب الشرقي أن يستعيد السيطرة على بلديات انتزعت الدولة إدارتها منه عام 2016، بعد نحو عامين من آخر انتخابات محلية في 2014. وعينت الدولة مسؤولين، يعرفون باسم "القيومين"، لإدارة هذه المجالس.

لكن أردوغان يقول إن الدولة ربما تعين القيومين مجددا إذا وجدت أن رؤساء البلديات الجدد لهم صلات بالمسلحين مثل من سبقوهم.

وهناك 31 ممثلا في المسرح البلدي بمدينة ديار بكر من بين 15 ألف موظف في البلديات يقول حزب الشعوب الديمقراطي إنهم فقدوا وظائفهم بعد تعيين القيومين.

وقال أولوسوي الذي أنشأ فرقة مسرحية جديدة مع زملائه "قاد ذلك إلى قدر هائل من الدمار والظلم والقمع في الفن والثقافة وكل مناحي الحياة الأخرى في ديار بكر".

وليس أولوسوي وحده الذي ينظر للأمور بهذه النظرة القاتمة، إذ يشاركه فيها أنصار حزب الشعوب الديمقراطي الذين كانوا بين عشرات الآلاف من الأكراد الذين يحتفلون بعيد النوروز في ديار بكر والذين ينتقدون بشدة الإجراءات الأمنية التي تتخذها الدولة وحملة أردوغان الانتخابية.

وقال جيلاني ألباي (63 عاما) شاكيا من تفتيش مركبته ثلاث مرات في طريقه إلى احتفالات النوروز التي تصادف بداية فصل الربيع "الرئيس يستخدم لغة مثيرة للانقسام الشديد. أي شخص لا يؤيده يوصم بالخيانة".

وعلى مقربة أمسك آلاف الشبان بأيادي بعضهم بعضا ورقصوا على إيقاعات موسيقى كردية تدوي من مكبرات الصوت، بينما لوح آخرون بأعلام حزب الشعوب الديمقراطي بألوانها الحمراء والصفراء والخضراء.

* تعزيز الاستثمار الحكومي

فاز الحزب الموالي للأكراد بآخر ثلاث انتخابات برلمانية منذ 2015 بفارق مريح في ديار بكر وأجزاء كثيرة من الجنوب الشرقي، ولا ينافسه جديا سوى حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان.

يقول أنصار حزب العدالة والتنمية إنه بعد أن عينت الدولة جومالي أتيلا رئيسا لبلدية ديار بكر، شهد العامان الأخيران تحسنا في الأمن والخدمات بعد ضخ استثمارات قدرها 1.25 مليار ليرة (224 مليون دولار) للطرق والمتنزهات.

قال مزارع قطن يدعى يلمظ بولات (37 عاما) "بوسعنا الجلوس في المتنزه في الأمسيات مع زوجاتنا. لم نكن نستطيع فعل ذلك فيما مضى لما كان في ذلك من خطورة شديدة".

اعلان

وحمل حزب العمال الكردستاني السلاح عام 1984 وتصنفه تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي جماعة إرهابية. وتشير بيانات مجموعة الأزمات الدولية إلى أن 4280 شخصا لقوا حتفهم بعد تفجر العنف عقب انهيار عملية سلام دامت عامين في 2015.

دمر القتال حي صور التاريخي في ديار بكر لكن المباني ترتفع الآن في المنطقة وتراجع عنف المسلحين بعد عمليات الجيش المستمرة.

وأحدث البناء المكثف للطرق السريعة والمباني السكنية ومتاجر التسوق تحولا في شكل المدينة.

قال جودت نصيرانلي، مرشح حزب العدالة والتنمية لحي كايابينار بالمدينة، إن الوضع قد يتدهور إذا فاز حزب الشعوب الديمقراطي. وأضاف "إنه تصويت على السلم والثقة".

أما مرشح حزب الشعوب الديمقراطي لرئاسة البلدية سلجوق مزراكلي، وهو جراح سابق، فقال إن كل ما فعلته البلديات التي تديرها الدولة هو تنفيذ مشاريع الحزب التي حجبت الدولة تمويلها في السابق.

اعلان

وأضاف أن نقص التغطية من جانب وسائل الإعلام المؤيدة بشدة للحكومة وقوات الأمن، التي قال إنها تحرشت بمنظمي حملات الحزب، من الأمور التي أعاقت حملة حزبه.

ومضى يقول "هناك مجتمع من الخوف في تركيا... الدولة تقف وراء الجدران الخرسانية والمركبات المدرعة".

وزجت السلطات بنحو 100 رئيس بلدية والآلاف من أعضاء الحزب في السجون في حملة بعد محاولة الانقلاب في 2016 والتي تنحي أنقرة باللائمة فيها على رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة فتح الله كولن. وعبرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عن القلق بشأن الحملة.

وقال وزير الداخلية سليمان صويلو إن تحقيقا يجري في مزاعم عن صلات 178 من مرشحي الانتخابات الحالية بحزب العمال الكردستاني. ولم يتضح بعد أين يترشح هؤلاء.

اعلان

* إضراب عن الطعام

ركزت الانتخابات الانتباه أيضا على إضراب النائبة عن حزب الشعوب الديمقراطي ليلى جوفين عن الطعام. وتطالب بإنهاء الحبس الانفرادي الذي يخضع له زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان الذي كان له دور رئيسي في عملية السلام ويحظى باحترام كثير من الناخبين الأكراد.

وقالت ابنة جوفين إنها ترفض تناول الطعام منذ أكثر من أربعة أشهر، إذ تعيش فقط على السكر والمياه والفيتامينات وإنها فقدت 15 كيلوجراما من وزنها منذ بدئها الاحتجاج.

وتواجه جوفين السجن لما يصل إلى 31 عاما في تهم متعلقة بالإرهاب بشأن انتقادها قرار تركيا التوغل في منطقة عفرين السورية.

وقالت جوفين لرويترز متحدثة بصعوبة وعيناها مغمضتان وهي راقدة في سرير بمنزلها في ديار بكر "نحن مستعدون لمواجهة الموت".

اعلان

ويطالب حزب الشعوب الديمقراطي الحكومة بالاستجابة لمطالب من يقول إنهم آلاف الأشخاص، معظمهم سجناء، المضربين عن الطعام إلى جانب جوفين بإنهاء حبس أوجلان الانفرادي. وقال الحزب إن أربعة أشخاص انتحروا في السجون التركية احتجاجا.

ويسلط الحزب الضوء أيضا على الإجراءات التي استهدفت في الآونة الأخيرة الثقافة الكردية، مشيرين إلى إغلاق جمعيات ومحطات إذاعة وتلفزيون كردية فضلا عن تدمير تماثيل أقامها حزب الشعوب الديمقراطي.

وكانت السلطات في مدينة أضنة حظرت الشهر الماضي مهرجانا مسرحيا كانت ستشارك فيه فرقة مدينة آمد المسرحية التي يقودها أولوسوي، والتي شكلها من فقدوا وظائفهم في المسرح البلدي في 2017.

وتشمل أعمال الفرقة مسرحيات كلاسيكية عالمية لكتاب مثل موليير، وكذلك مسرحيات كردية. وقال أولوسوي إن تركيز الفرقة منصب أكثر على الفكاهة، مبتعدة بذلك عن الموضوعات الجادة التي تشكل تاريخ جنوب شرق تركيا الحديث.

وأضاف أولوسوي "بدلا من جعل الناس يواجهون الألم والمأساة والدراما، يحتاج المجتمع للاسترخاء والضحك.. وهو نوع من إعادة التأهيل".

اعلان

(الدولار يساوي 5.5786 ليرة)

(رويترز)

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

وزير الخارجية الأيرلندي يصل الأردن ويؤكد أن "الاعتراف بفلسطين نقطة أساسية لإنهاء الحرب"

غالانت: قتلنا نصف قادة حزب الله والنصف الآخر مختبئ

الأمم المتحدة تطالب بتحقيق مستقل حول المقابر الجماعية في مستشفيات غزة