تحليل-لبنان ينجر مجددا إلى قلب العاصفة الإيرانية-السعودية

تحليل-لبنان ينجر مجددا إلى قلب العاصفة الإيرانية-السعودية
Copyright 
بقلم:  Reuters
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

من توم بيري وغيداء غنطوس

بيروت (رويترز) - يواجه لبنان، الغارق بالفعل في انهيار اقتصادي، انفجار موجة غضب من دول الخليج العربية بعد انتقادات حادة للسعودية من مذيع معروف، أصبح وزيرا، في خلاف فاقم التوتر في علاقات بيروت مع مانحين كرماء.

ويخشى كثيرون من المواطنين اللبنانيين العاديين أن يكونوا هم من سيدفع ثمن الجمود الدبلوماسي الذي أثاره الخلاف الأخير الذي له جذور كامنة في التنافس منذ زمن بين السعودية وإيران، والذي يؤجج الصراعات في أنحاء الشرق الأوسط.

وأنفقت السعودية ودول الخليج العربية الأخرى فيما مضى مليارات الدولارات مساعدات للبنان، وما زالت تقدم فرص عمل وملاذا لكثير من المغتربين اللبنانيين وعددهم ضخم. لكن هذه الصداقة توترت منذ سنوات نتيجة النفوذ المتنامي لجماعة حزب الله اللبنانية القوية المدعومة من إيران.

وبلغت العلاقات الخليجية مع لبنان مستوى متدنيا جديدا الأسبوع الماضي عندما ظهر وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي في مقابلة تحدث فيها داعما للحوثيين اليمنيين المتحالفين مع إيران وانتقد القوات التي تقودها السعودية لقتالهم.

وبالنسبة للرياض، التي تضاءل نفوذها في لبنان مع تنامي نفوذ طهران، كانت تعليقات قرداحي مجرد عرض لاستمرار هيمنة حزب الله على المشهد السياسي رغم أنها سُجلت قبل توليه منصب وزير الإعلام.

وتؤكد تداعيات تصريحات قرداحي، التي تزامنت مع تقدم الحوثيين في اليمن، عمق التنافس الإيراني-السعودي. وزادت مخاوف الخليج بشأن طهران بسبب عدم إحراز تقدم في الجهود التي تقودها الولايات المتحدة لإحياء الاتفاق النووي الإيراني الذي يحد من أنشطة طهران النووية.

وتكافح السعودية ودول الخليج الأخرى المتحالفة مع الولايات المتحدة لمواجهة النفوذ الذي تمارسه طهران في أنحاء المنطقة عبر تسليح وتدريب وتمويل جماعات شيعية على غرار حزب الله الذي تأسس عام 1982.

وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود لرويترز مطلع الأسبوع إن القضية أبعد من تصريحات قرداحي، الذي رشحه لرئيس الوزراء نجيب ميقاتي، سليمان فرنجية وهو مسيحي ماروني وحليف مقرب لحزب الله.

وأضاف الأمير فيصل "أعتقد أن من المهم أن تصيغ الحكومة في لبنان أو المؤسسة اللبنانية مسارا للمضي قدما بما يحرر لبنان من الهيكل السياسي الحالي الذي يعزز هيمنة حزب الله".

وطردت السعودية ودول خليجية أخرى سفراء لبنان واستدعت سفراءها من بيروت. كما أوقفت الرياض الواردات من لبنان، الذي يعاني بالفعل بسبب الحظر السعودي السابق على الفواكه والخضراوات اللبنانية جراء تهريب المخدرات في الشحنات المتجهة للمملكة.

وقالت سنام فاكيل، نائبة رئيس برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد (تشاتام هاوس)، "من وجهة نظر الرياض، يُنظر إلى الأزمة الأخيرة باعتبارها فرصة للضغط على النظام اللبناني لاتخاذ موقف ضد إيران وحزب الله".

* استياء خليجي

من وجهة نظر إيرانية، قال مسؤول إيراني كبير مقرب من مكتب الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي إن تحرك الرياض يظهر أن السعوديين يخسرون أمام إيران على الجبهة الدبلوماسية ويحتاجون إلى بعض النفوذ.

لكن المسؤول أضاف أنه بينما قد تكون الرياض قادرة على عزل لبنان، فإنها لن تكون قادرة على عزل حزب الله.

وفيما يتعلق بالاقتصاد اللبناني المنهك، سيكون القلق الأكبر من أي إجراءات تؤثر على مئات الألوف من اللبنانيين الذين يعملون في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ويرسلون الدولارات إلى وطنهم الغارق في الفقر.

يسيطر الخوف على المغتربين اللبنانيين في الخليج على الرغم من التأكيدات الرسمية بأنه لن يتم ترحيلهم.

وقال المحلل السياسي الإماراتي عبد الخالق عبد الله إن السعودية شأن دول الخليج الأخرى حريصة على عدم معاقبة اللبنانيين، لكنه أضاف أن خطوات أخرى للتعبير عن استياء الخليج العميق من حزب الله قد تتم، ومنها وقف الرحلات الجوية.

ليست هذه هي المرة الأولى، خلال السنوات الماضية، التي يدفع فيها العداء لحزب الله الرياض إلى التحرك ضد لبنان.

ففي عام 2017، استقال رئيس الوزراء سعد الحريري بشكل غير متوقع أثناء زيارته للرياض، مما أوقع لبنان في أتون أزمة. وقالت مصادر من بينها الرئيس الفرنسي إن السعودية احتجزته في ذلك الوقت، غير أن الرياض تنفي ذلك.

* انتخابات

وجود أزمة أخرى الآن هو آخر ما يحتاجه ميقاتي الذي يسعى لمعالجة الانهيار المالي الذي أوقع أكثر من ثلاثة أرباع اللبنانيين في الفقر.

وقال ميقاتي، وهو ملياردير، إن تصريحات قرداحي جاءت قبل أن يصبح وزيرا وليس لها علاقة بالحكومة. وقال قرداحي إنه لن يستقيل.

وحكومة ميقاتي في مأزق بالفعل بسبب خلاف حول تحقيق في انفجار مرفأ بيروت العام الماضي. ولم ينعقد مجلس الوزراء منذ 12 أكتوبر تشرين الأول.

كما تريد الدول الغربية أن ترى تقدما نحو اتفاق مع صندوق النقد الدولي وإجراء انتخابات في موعدها المقرر في 27 مارس آذار. ويرى معارضو حزب الله أن الانتخابات فرصة للانتصار على الجماعة والأحزاب التي تدعم حيازتها للسلاح والتي فازت بالانتخابات في عام 2018.

ويُنظر إلى المقاعد المسيحية على أنها منطقة يمكن أن يخسر فيها حلفاء حزب الله. وأحد الأحزاب الساعية إلى تحقيق مكاسب هو حزب القوات اللبنانية المسيحي المناهض لحزب الله والذي يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه آخر حليف لبناني رئيسي للرياض.

وقال غسان حاصباني نائب رئيس الوزراء السابق إن لبنان "معزول عن العالم العربي بسبب سلوك حزب الله وحلفائه في الحكومة".

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

شاهد: كاميرات المراقبة ترصد لحظة إنهيار المباني جراء زلازل هز تايوان

شاهد: طلاب في تورينو يطالبون بوقف التعاون بين الجامعات الإيطالية والإسرائيلية

مجلس الشيوخ الأميركي يوافق بأغلبية ساحقة على تقديم مساعدات أمنية ضخمة لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان