من كانيشكا سينغ وجوناثان ألين
نيويورك (رويترز) – قالت الشرطة الأمريكية إن الروائي الهندي الأصل سلمان رشدي، الذي قضى سنوات مختبئا بعد أن أصدرت إيران فتوى بإهدار دمه بسبب كتاباته، تلقى يوم الجمعة طعنات في الرقبة والبطن وهو على المنصة خلال محاضرة في ولاية نيويورك الأمريكية وإنه نُقل جوا إلى المستشفى.
وبعد جراحة على مدى ساعات، تم وضع رشدي على جهاز تنفس صناعي مساء الجمعة في أعقاب هجوم ندد به كتاب وساسة في جميع أنحاء العالم باعتباره اعتداء على حرية التعبير.
وقال آندرو ويلي وكيل أعمال رشدي “الأنباء ليست طيبة… من المرجح أن يفقد سلمان إحدى عينيه. أعصاب ذراعه انقطعت وأصابت الطعنات كبده”.
وقع الهجوم بينما كان يتم تقديم رشدي (75 عاما) لإلقاء محاضرة عن حرية الإبداع أمام مئات الحاضرين في معهد شوتاكوا في نيويورك، حين انطلق رجل مسرعا صوب المنصة وسدد عدة طعنات للكاتب الذي رُصدت مكافأة منذ الثمانينيات لمن يُجهز عليه.
وساعد عدد من الحضور المذهولين في إبعاد المهاجم عن رشدي الذي سقط على الأرض. وتمكن أحد أفراد شرطة ولاية نيويورك من المعينين لتأمين المحاضرة من القبض على المهاجم. وقالت الشرطة إن المشتبه به يدعى هادي مطر ويبلغ من العمر 24 عاما وهو من فيرفيو بولاية نيوجيرزي واشترى تذكرة لحضور المحاضرة.
وقال برادلي فيشر الذي كان ضمن الحاضرين “قفز رجل على المنصة، لا أعرف من أين، وبدا أنه يضربه في الصدر، وكرر ضربات بقبضة يده في صدره وعنقه… كان الناس يصرخون”.
وقالت الشرطة إن طبيبا من بين الحاضرين ساعد رشدي إلى أن وصلت فرق الطوارئ. وتعرض هنري ريس منظم الحدث لإصابة طفيفة في الرأس. وقالت الشرطة إنها تعمل مع المحققين الاتحاديين لتحديد دوافع الهجوم، ولم توضح نوع السلاح المستخدم.
وقال جيك سوليفان مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض إن الهجوم على رشدي مروع. وأضاف على تويتر “ممتنون للمواطنين الذين هرعوا لمساعدته بسرعة”.
وواجه رشدي، المولود في مومباي لأسرة مسلمة من كشمير قبل أن ينتقل إلى المملكة المتحدة، تهديدات بالقتل بسبب روايته الرابعة (آيات شيطانية).
وقال بعض المسلمين إن الرواية تحوي فقرات مسيئة للدين، وتم حظرها في دول كثيرة بها عدد كبير من المسلمين عند نشرها سنة 1988.
وبعد بضعة أشهر، أصدر الزعيم الأعلى الإيراني الراحل آية الله روح الله الخميني فتوى بقتل المؤلف وكل من شارك في نشر الكتاب بتهمة الطعن في الدين.
وظل رشدي الذي وصف روايته بأنها “معتدلة إلى حد كبير” مختبئا لما يقرب من عشر سنوات. وقُتل هيتوشي إيجاراشي مترجم الرواية الياباني عام 1991. وقالت الحكومة الإيرانية في عام 1998 إنها لم تعد تؤيد الفتوى، وعاد رشدي للظهور نسبيا في العلن في السنوات الأخيرة.
ورصدت منظمات إيرانية، بعضها تابع للحكومة، مكافأة بملايين الدولارات لقتل رشدي. وظل الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي، خليفة الخميني، يقول حتى عام 2019 إن الفتوى “لا رجعة فيها”.
وتبرعت وكالة أنباء فارس الإيرانية شبه الرسمية ووسائل إعلام أخرى بأموال في عام 2016 لزيادة المكافأة بأكثر من 600 ألف دولار. وفي تقريرها عن هجوم يوم الجمعة، وصفت وكالة فارس رشدي بأنه مرتد “أهان النبي”.
- ’ليس كاتبا عاديا’
قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في بيان إنه هاله أن رشدي “تعرض للطعن وهو يمارس حقا يجب ألا نتوقف عن الدفاع عنه”.
وذكر موقع معهد شوتاكوا على الإنترنت أن رشدي كان موجودا به للمشاركة في نقاش عن توفير الولايات المتحدة ملاذا للكتاب والفنانين في المنفى و“موطنا لحرية التعبير الإبداعي”.
وقال بعض الحضور إنه لم تكن هناك عمليات تفتيش أمنية جلية في المكان وإن العاملين كانوا يراجعون فقط تذاكر الدخول.
وقال أنور رحماني، وهو كاتب جزائري وناشط حقوقي كان أيضا من بين الحضور “أحسست وكأننا كنا في حاجة إلى مزيد من الحماية هناك لأن سلمان رشدي ليس كاتبا عاديا… إنه كاتب صدرت فتوى بشأنه”.
وصار رشدي مواطنا أمريكيا في 2016 ويقيم في مدينة نيويورك.
كان رشدي منتقدا شرسا للدين بوجه عام ولما يصفه بالقمع في مسقط رأسه الهند على مر عهود حكومات من بينها الحكومة الهندوسية القومية برئاسة رئيس الوزراء ناريندرا مودي عضو حزب بهاراتيا جاناتا.
وقالت منظمة (بن أمريكا) المدافعة عن حرية التعبير والتي رأسها رشدي في السابق إنها في حالة من “الصدمة والفزع” بسبب الهجوم الذي وصفته بأنه غير مسبوق على كاتب في الولايات المتحدة.
وقالت سوزان نوسيل الرئيسة التنفيذية للمنظمة في بيان “تم استهداف سلمان رشدي بسبب كلماته على مدى عقود، لكنه لم يتوان قط ولم يتردد”. وأضافت أنه أرسل لها في صباح يوم الحادث رسالة بالبريد الإلكتروني يطلب فيه المساعدة في توفير ملاذ لكتاب أوكرانيين يلتمسون اللجوء.