منازل أثرية تتداعى في بغداد في غياب الميزانية ومع ارتفاع أسعار العقارات

من شارلوت برونو وهمس رباح
بغداد (رويترز) – يقف قصر عراقي عمره مئة عام يطل على نهر دجلة في بغداد في حالة تداع وإهمال. وتحذر لافتة قرب الباب الزوار، الذين يأملون في إلقاء نظرة على مجده المتلاشي، مكتوب عليها “احذر خطر الانهيار”.
كان المبنى المكون من 16 غرفة يتميز في يوم من الأيام بنوافذ مزينة بجدائل ومنحوتات دقيقة وشرفة وفناء داخلي مليء بأشجار الفاكهة.
والآن، مثل العديد من المنازل التاريخية المتبقية في بغداد وعددها 2500 منزل تقريبا، فإنه يتداعى. فقد ألقت الاضطرابات السياسية المستمرة منذ عقود والإهمال وارتفاع أسعار العقارات ونقص الأموال بظلالها على المباني التي تعد جزءا من الماضي المعماري للمدينة.
وقالت ذكرى سرسم، العضو المؤسس لمبادرة برج بابل التي تعمل من أجل الحفاظ على الإرث الثقافي للعاصمة العراقية “واحد من أهم البيوت التراثية المتبقية بيت كبير يعود لفترة العشرينات. طراز بغدادي قديم بحوش داخلي ومنور والطابق العلوي مبني من الخشب كتير من أجزائه تعرضت للسقوط”.
وقال فايز فالح القصد، أحد ملاك المنزل وهو مهندس مدني واستشاري، لرويترز، إن المنزل، الذي بُني منذ نحو قرن، متروك في حالة سيئة منذ سنوات.
وتابع أنه تم اختيار المنطقة التي يقع فيها المنزل لتكون موقعا لدار أوبرا في عهد الرئيس السابق صدام حسين وحتى عام 2015. ولم يُسمح بإجراء أي تجديدات للمنزل في ذلك الوقت، لكن دار الأوبرا لم يتم بناؤها أبدا.
وأضاف من منزله في الأردن المجاور حيث احتفظ بقطع أثاث قديمة انتشلها من المنزل في بغداد أن أوان التجديد الآن قد فات.
وذكر “في الوقت الحاضر واضح إنه صار تآكل.. بـ1920 خاصة حدود مية سنة وما صارت بيه صيانة، كل الحديد تآكل”.
واستطرد قائلا “يمثل ذكرى حلوة بس تعرفي بمرور الزمن موضوع إنه البيت آيل للسقوط بسبب تآكل الخشب والحديد متآكل فللأسف أي حالة ترميم يسقط البيت”.
ومن بيتها المجاور لمنزل القصد التاريخي، تعمل سرسم على زيادة الوعي بضرورة الحفاظ على بغداد القديمة.
ولا يُسمح لأصحاب المباني المدرجة بهدمها. ويمكن أن تقدم الحكومة قروضا أو منحا للتجديدات إذا لزم الأمر. لكن سرسم قالت إن الحكومة لا تلتزم بذلك في الوقت الحالي.
وتابعت “الوزارة لا تقوم بتنفيذ القانون بكل فقراته من خلال دفع مبالغ لأصحاب البيوت حتى يتمكنوا من تأهيلها والحفاظ عليها البيوت القديمة تحتاج إلى تأهيل بشكل مستمر متضررة ومتهدمة فعملية تأهيلها مكلفة جدا لهذا أغلب أصحاب هذه البيوت يعمدون إلى الالتفاف عالقانون من خلال استخدام وسائل لغرض تغييش هذه البيوت والادعاء أنها سقطت من نفسها من دون تدخل بسبب ظروف الزمن وقدمها”.
وقال محمد الربيعي، رئيس الإعلام والعلاقات العامة في بلدية بغداد، لرويترز إنه لا توجد ميزانية مخصصة لدعم الملاك معبرا عن أسفه على ذلك.
وأضاف الربيعي أنه للتحايل على الحظر المفروض على هدم المباني المدرجة، يقوم أصحابها أحيانا بإغراقها بالمياه أو إضرام النار فيها.
وذكر أن الدافع واضح وهو التربح من بيع الأرض من أجل إقامة مباني عليها في ظل ارتفاع أسعار العقارات في بغداد.
وأضاف “تحديات كبيرة والمواطنين يدورون أفعال شيطانية يفتح المي يعطي الرشوة يستخدم الدفاع المدني هي العين مغمضة هي العين مفتح موظفي أمانة بغداد الصغار البعض منهم ضعاف النفوس ياخد رشى وهي الرشوة ويعبر كل التحديات دايما نسمع في شارع الرشيد حريق حريق البعض يتهم بأنه هو يهدم بيت تراثي”.
وبمساعدة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، جددت الحكومة العام الماضي شارع المتنبي، وهو مَعلم في بغداد يعج ببائعي الكتب والفنانين. لكن الأزقة السكنية القريبة مليئة بمنازل و“شناشيل” أو (مشربيات)، وهي شرفات تقليدية مزخرفة بأعمال خشبية، متداعية.
وكان الاستقرار النسبي الذي شهدته بغداد في السنوات الأخيرة وتعافي أسعار النفط بعد تفشي جائحة كوفيد-19 في عام 2020 عاملين إيجابيين بالنسبة لسوق العقارات في المدينة.
وتتلقى سرسم أحيانا مكالمات هاتفية من جيران قلقين من هدم محتمل للمنزل مما جعلهم يهرعون إلى الموقع.
وبينما كانت تسير أمام أنقاض قصر يعود إلى ثلاثينيات القرن الماضي في شارع أبو نواس ببغداد، الذي يمتد على طول الضفة الشرقية لنهر دجلة، أشارت سرسم إلى آثار حريق تلطخ جدرانه الداخلية المتداعية.
وقالت “متعرض للحريق مبين لأن اتصلوا فينا قالوا في تفليش في هذا البيت ما سقط من نفسه أكيد في عملية تفليشة”. وقد اتصلت بالسلطات التي منعت الهدم وطوقت القصر لكن مصيره لا يزال غامضا.
وتابعت “قليل من هاي البيوت بها أعمدة ونقوش معينة تصنف كدرجة أولى من ناحية البيوت التراثية لذا هذا يشكل خسارة كبيرة أكيد للأجيال القادمة اللي رح تجي تلاقي مدينتها خالية من أي معلم يصنف هويتها ويوثق تاريخها”.