من توم بالمفورث وألكسندر كوجوخار
كييف (رويترز) - قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الثلاثاء إن الوضع في المناطق التي أعلنت روسيا في الآونة الأخيرة ضمها من أوكرانيا "صعب للغاية" في الوقت الذي بعث فيه نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي رسالة بفشل الغزو الروسي بزيارته بلدة على خط المواجهة حاولت موسكو طويلا الاستيلاء عليها دون جدوى.
وأخبر بوتين أجهزة الأمن الروسية أنها بحاجة إلى تحسين عملها بشكل كبير في أحد أوضح اعترافاته العلنية حتى الآن بأن الغزو الذي شنه منذ ما يقرب من عشرة أشهر لم يسر وفق المخطط له.
وجاء خطاب بوتين في أعقاب زيارة لحليفته المقربة روسيا البيضاء والتي أثارت مخاوف رفضها الكرملين من أن مينسك يمكن أن تساعد روسيا في فتح جبهة غزو جديدة ضد أوكرانيا.
ووقعت واحدة من أشرس المعارك في الأسابيع القليلة الماضية حول مدينة باخموت بشرق أوكرانيا. وأظهر تسجيل مصور الرئيس الأوكراني زيلينسكي وهو يزور المدينة يوم الثلاثاء مرتديا الزي العسكري ويوزع ميداليات على الجنود وسط تصفيق حاد.
وكتب زيلينسكي عبر تليجرام "الشرق صامد لأن باخموت في حالة قتال. في خضم المعارك الشرسة وعلى حساب أرواح الكثيرين، يجري الدفاع هنا عن حريتنا جميعا".
وفي وقت سابق، جدد زيلينسكي دعواته لتزويد بلاده بالأسلحة بعد أن ضربت طائرات مسيرة روسية أهدافا للطاقة في ثالث غارة جوية تشنها روسيا على منشآت طاقة أوكرانية في غضون ستة أيام.
وفي ذكرى مرور 300 يوم على الغزو الروسي لأوكرانيا، أمر بوتين أجهزة الأمن الاتحادية بتكثيف مراقبة المجتمع الروسي والحدود الروسية للحيلولة دون "ظهور تهديدات جديدة" من الخارج أو الخونة في الداخل.
وفرضت دول غربية عقوبات غير مسبوقة على روسيا وتراجع الروبل إلى أدنى مستوى له في أكثر من سبعة أشهر مقابل الدولار يوم الثلاثاء بعد أن وافق الاتحاد الأوروبي على وضع سقف لأسعار الغاز الطبيعي الذي يمثل أحد الصادرات الروسية الرئيسية.
وأدى انفجار، ألقى مسؤولون باللوم فيه على إصلاحات، إلى قطع تدفق الغاز عبر خط أنابيب بالقرب من كازان في روسيا. وأظهرت لقطات بثها التلفزيون المحلي كرة ضخمة من النار فيما أعلنت شركة جازبروم المشغلة لخط الأنابيب في وقت لاحق أن التدفقات التي تمر عبر أوكرانيا أعيد توجيهها لتمر عبر خطوط أنابيب موازية.
وفي تصريح مخالف لما أعلنت عنه القنوات الرسمية بأن الغزو الروسي لأوكرانيا يجري بسلاسة، أقر بوتين بوجود مشكلات خطيرة في المناطق التي أعلنت موسكو ضمها من جانب واحد من أوكرانيا في سبتمبر أيلول وأمر مكتب الأمن الاتحادي بضمان "سلامة" من يعيشون هناك.
وقال بوتين في خطاب مصور لأفراد الأمن ترجمته رويترز "الوضع في جمهوريتي دونيتسك ولوجانسك الشعبيتين في منطقتي خيرسون وزابوريجيا صعب للغاية".
وعُرضت لاحقا لقطات لبوتين وهو يمنح ميداليات لقادة المناطق الأربع الذين عينتهم روسيا في حفل بثه التلفزيون بالكرملين.
وجاء إعلان بوتين ضم مناطق من أوكرانيا، وهو الإجراء الذي وصفته أوكرانيا وحلفاؤها الغربيون بأنه غير شرعي، في إطار سعيه لتغيير مجرى الأمور بعد سلسلة من الهزائم في ساحة المعركة.
لكن في الشهر التالي، انسحبت القوات الروسية من خيرسون، وهي إحدى المناطق التي أعلنت ضمها من أوكرانيا مؤخرا، وفشلت في السيطرة على أراض جديدة بينما استمرت في قصف منشآت الطاقة في أوكرانيا في تحرك قيل إنه يهدف إلى إضعاف الجيش.
وتسببت الضربات، التي تقول أوكرانيا إنها تستهدف المدنيين بشكل واضح، في قطع إمدادات الكهرباء والمياه بصورة متكررة في الأراضي الأوكرانية وسط درجات حرارة متجمدة.
وقال مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأمريكية للصحفيين إن هناك آراء متضاربة في روسيا بشأن الخطوات التالية في أوكرانيا إذ يقترح البعض شن هجمات جديدة بينما شكك آخرون في قدرة روسيا على تنفيذ ذلك.
* روسيا البيضاء
زار بوتين يوم الاثنين روسيا البيضاء في أول زيارة له منذ عام 2019 حيث أشاد هو ورئيس روسيا البيضاء الكسندر لوكاشينكو بالعلاقات الوثيقة بين البلدين التي تطورت في الوقت الحالي أكثر من أي وقت مضى ولم يتطرق أي منهما إلى الوضع في أوكرانيا.
وقالت وكالات أنباء روسية يوم الثلاثاء إن مينسك توصلت إلى تفاهم مع موسكو بشأن إعادة هيكلة ديونها واتفقت على سعر ثابت للغاز الروسي لمدة ثلاث سنوات.
واستخدمت القوات الروسية روسيا البيضاء نقطة انطلاق لهجومها غير الناجح على كييف في فبراير شباط وزاد التعاون العسكري بين موسكو ومينسك هناك منذ شهور.
وأكد لوكاشينكو أن بلاده لا تنوي إرسال قوات إلى أوكرانيا. لكن قائد القوات المشتركة للقوات المسلحة الأوكرانية سيرهي نايف قال إن بلاده تستعد لذلك.
ونفى الكرملين تلميحات أن بوتين أراد الضغط على روسيا البيضاء لتؤدي دورا أكثر فعالية في الصراع ووصف هذه التقارير بأنها "لا أساس لها" و"تنم عن الغباء". وأكد أن كلا من بوتين ولوكاشينكو سئما من إعلانهما رفض فكرة ضم أجزاء من روسيا البيضاء أو السيطرة عليها.
وقال بوتين "روسيا ليست مهتمة بالسيطرة على أي بلد" وهو التعليق الذي وصفه المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس بأنه "ذروة السخرية" بالنظر إلى أن بوتين يسعى "في الوقت الحالي لاستخدام العنف" للسيطرة على جارته المسالمة روسيا البيضاء.
* المزيد من الضحايا
أودى الصراع في أوكرانيا بحياة عشرات الآلاف من الأشخاص وشرد الملايين من منازلهم وحوّل المدن إلى أنقاض دون أن تلوح في الأفق أي بادرة أمل على نهاية الصراع الروسي الأوكراني.
وقال مسؤولون أوكرانيون إن خمسة أشخاص قتلوا في منطقتي دونيتسك الشرقية وخيرسون الجنوبية في الهجمات الروسية الأخيرة. وأضافوا أن الصواريخ تسببت في انقطاع التيار الكهربائي في مدينة زابوريجيا الجنوبية وأصابت منشآت النفط والغاز في شرق أوكرانيا وتركت إمدادات الكهرباء في منطقة كييف في حالة يرثى لها.
من جهة أخرى، قال أليكسي كوليمزين رئيس بلدية دونيتسك المدعوم من روسيا إن قصفا أوكرانيا أصاب جناحا طبيا بأحد المستشفيات إلى جانب روضة أطفال. ونشر كوليمزين عبر تيليجرام صورة لما بدا أنه غرفة انتظار بها أثاث وتجهيزات محطمة.
ولم يتسن لرويترز التحقق بشكل مستقل من روايات أي من الجانبين المنخرطين في ساحة القتال.
وتقول روسيا إنها تشن "عملية عسكرية خاصة" في أوكرانيا للقضاء على القوميين وحماية المجتمعات الناطقة بالروسية. بينما تصف أوكرانيا والغرب تصرفات الكرملين بأنها حرب عدوانية غير مبررة.