من تومي ويلكس
نيروبي (رويترز) - لم تكن نهاية 2022 مثل بدايتها بالنسبة للصراع في إثيوبيا. فالعام الذي بدأ بدون أن تلوح في الأفق نهاية لأحد أكثر الصراعات دموية في العالم، انتهى بتفاؤل حذر في منطقة تيجراي بشمال البلاد بعد اتفاق لوقف إطلاق النار في نوفمبر تشرين الثاني.
تسببت الحرب التي استمرت عامين في أزمة إنسانية مروعة، وأودت بحياة عشرات الآلاف، وتركت الملايين في حاجة ماسة للطعام وهددت استقرار ثاني أكبر دولة في أفريقيا من حيث عدد السكان.
وفي الثاني من نوفمبر تشرين الثاني، اتفقت الحكومة الاتحادية والجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، وهي جماعة مسلحة تحولت إلى حزب سياسي يهيمن على المنطقة، على وقف القتال بعد محادثات بوساطة الاتحاد الأفريقي.
اندلعت الحرب الأهلية في نوفمبر تشرين الثاني 2020 بعد تبادل للاتهامات بين الجانبين استمر شهورا.
وتتهم الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، التي هيمنت على إثيوبيا لما يقرب من ثلاثة عقود قبل أن يتولى رئيس الوزراء أبي أحمد السلطة في 2018، الحكومة بالسعي إلى جعل السلطة مركزية على حساب المناطق. من جهته يتهم أبي الجبهة بمحاولة استعادة السيطرة على السلطة في كامل البلاد. ويرفض كل جانب رواية الآخر.
ووثقت وكالات الأمم المتحدة ولجنة حقوق الإنسان المعينة من الدولة في إثيوبيا ووسائل إعلام منها رويترز انتهاكات لحقوق الإنسان من جميع الأطراف. وتشمل الانتهاكات القتل خارج إطار القانون والاغتصاب والنهب. وتنفي كل الأطراف هذه الاتهامات.
سمحت الهدنة باستئناف تسليم المساعدات الدولية إلى أجزاء من تيجراي. وفي الأسبوع الماضي، استأنفت الخطوط الجوية الإثيوبية المملوكة للدولة رحلاتها إلى عاصمة الإقليم.
لكن احتمالات إرساء السلام لا تزال غير مؤكدة.
وعلى الرغم من أن إريتريا، العدو اللدود للجبهة الشعبية لتحرير تيجراي والتي قاتلت إلى جانب حكومة أبي، بدأت في سحب بعض قواتها من بلدتين رئيسيتين في الإقليم الأسبوع الماضي، إلا أنه لم يتضح بعد ما إذا كانت قواتها ستنسحب بالكامل.
وإلى أن يحدث ذلك، ينتاب دبلوماسيين ومحللين القلق من أن ترفض قوات تيجراي نزع سلاحها، مما يهدد بتجدد الأعمال العدائية.
* الوضع في إثيوبيا مهم.. لماذا؟
إثيوبيا قوة عسكرية ودبلوماسية في شرق أفريقيا، وتتمتع بموقع استراتيجي بين الصومال الذي مزقته الحرب وكينيا والسودان.
قبل النزاع، كان المستثمرون يتدفقون على إثيوبيا للاستفادة من أحد آخر الاقتصادات غير المستغلة إلى حد كبير في القارة، بعد أن بدأت في الانفتاح على الشركات الأجنبية.
ويلعب الجيش الإثيوبي، الذي يعتبر الأكثر نشاطا في منطقة القرن الأفريقي، دورا رئيسيا في قوة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال، كما أرسل قوات إلى هناك بشكل مستقل.
كما توجد أيضا تداعيات إنسانية مستمرة. وتشكو وكالات الإغاثة من أن حرب أوكرانيا قد حولت الانتباه عن الكارثة التي تتكشف في إثيوبيا.
* ماذا يعني ذلك لعام 2023؟
سيكون هذا العام عاملا رئيسيا لتحديد ما إذا كان يمكن لوقف إطلاق النار، الذي تم التوصل إليه في نوفمبر تشرين الثاني، أن يحقق سلاما دائما في شمال إثيوبيا.
لا تزال القضايا الرئيسية بحاجة إلى حل، بما في ذلك انسحاب القوات الإريترية وغيرها من القوات التي قاتلت إلى جانب الحكومة ومستقبل الأراضي المتنازع عليها التي تطالب بها كل من تيجراي ومنطقة أمهرة المجاورة.
ويسعى شركاء دوليون إلى إنهاء الحرب. ويحرص الاتحاد الأفريقي وكينيا وجنوب أفريقيا، بعد جهود الوساطة التي بذلوها لإبرام اتفاق الهدنة، على حل أفريقي للصراع. وقالت الولايات المتحدة إنها لن تتردد في فرض عقوبات على الأطراف التي لا تلتزم بالهدنة.