الجزائر: بين مرارة الإحتلال واحتفالات التحرير

الجزائر: بين مرارة الإحتلال واحتفالات التحرير
Copyright 
بقلم:  Euronews
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

قبل خمسين عاما كانت الجزائر قد طوت صفحة، بالتأكيد هي الأكثر عتمة في تاريخها.
الآن وبعد مرور نصف قرن، يورونيوز تاتقي بصانعي التحرير.
بين الإحتفالات والمرارة، الجزائريون يدلون بشهاداتهم..

-” والدتي عُذبت هنا، في الدار. لماذا؟ لأنهم سألوها أين كان إبنها”. -“وضعت على رأسي شالاً ورافقوني سراً لأراه قبل دفنه”. – “من عائلتي، انا وبناتي فقط بقينا على قيد الحياة. نفتقد فعلاً عدم وجود رب الاسرة.
-“يقول الكثير: كنا نشعر بالراحة مع الجزائريين، هذا ليس صحيحا! كنا معاً، ولكن دون معاشرة.”

تامازايت، قرية صغيرة يسكنها حوالي 1500 نسمة، تقع شمال منطقة القبائل الجزائرية. خلال “أحداث الجزائر” (وهي التسمية الفرنسية لحرب الاستقلال بين عامي 1954-1962)، هذه المنطقة كانت في قلب مقاومة الإحتلال. بعد مرور خمسين سنة، الجزائريون سيتحدثون عن الحرب.

رباح كان في ال 19 في عام 1962. توفي شقيقه، وهو ضابط في جيش التحرير الوطني قبل التحرير، تاركاً زوجة وأطفالاً. فتولى هو رعايتهم كأطفاله . ذكرياته عن تلك الفترة لا زالت حية. -يقول:“الفرنسيون اقترفوا جرائم قتل ايضا. انهم شقوا أحشاء النساء الحوامل. عسكريون تراهنوا فيما بينهم على ما اذا كان في ارحام النساء الحوامل ذكر ام انثى. لكسب الرهان، قاموا بشق رحم المراة باستخدام الحِربة، ليتأكدوا ما إذا كان الجنين ذكراً أم انثى. تصورا بشاعة افعال الجيش الفرنسي. لقد ارتكبوا الفضائع بحقنا “.

-“ابنة أختي التي كان والدها في المقاومة، كانت في الغرفة هنا. الجيش الفرنسي دخل، ركلوها باقدامهم. أتذكر هذا تماماً. لقد ركلوا هذه الفتاة الصغيرة، فتوفيت بعدها. ولكن أعتقد بان الركلة تسببت بنزيف في مكان ما. ركلات متكررة بالبساطيل العسكرية لفتاة صغيرة عمرها سنة ونصف.لماذا؟ فقط لأن والدها كان في المقاومة … “ الأوراس، القبائل الصغرى والكبرى كانت في قلب المعركة بسبب تواجد عدد كبير من المقاومين في جبال جرجورة. معقل الثورة، المنطقة كانت مركزاً للتجنيد في جيش التحرير الوطني. عبان رمضان ، واحد من القادة التاريخيين، وظف الكثير من المقاتلين هنا. أرملة وابنة شهيد ، سعيدة لم تغادر قريتها الصغيرة زوبكا . أُعدمت والدتها لأن أبنها كان في المقاومة ، من قبل أحد قوات الكوماندوس الفرنسية بينما كانت تحاول تسليمه رصاصات بندقية كانت قد عثرت عليها في أحدى الغابات.

سعدية بن عبد العزيز تقول:
“استطاعت أن تقدم له هذا، ثم عادت، وبعد ان وصلت إلى القرية، الجنود الفرنسييون أطلقوا النار عليها ، لأنهم تعرفوا عليها، لأنهم عرفوا بانها هي التي كانت قد وجدت الرصاصات. 24 رصاصة في جسدها. “

-يورونيوز:
“ عائلتك تكبدت خسائر كبيرة بسبب الحرب، عشرات الأشخاص من عائلتك قتلوا خلال الحرب، هل ما زلت حاقدة على فرنسا والجنود الفرنسيين؟”

-سعدية بن عبد العزيز: “لقد عانينا الكثير. فكيف نستطيع ان نننسى؟ قتلوا 14 رجلا من عائلتي، من بينهم أربعة من اعمامي، وزوجة أبي وأمي. كيف تريد ان ننسى هذا ؟ اننا نغفر لهم، ولكن الجرح لا تزال حية، متجذرة في قلوبنا “.

في الساحة المركزية، كان موعدنا مع أبوسعد ، الذي أقترح علينا الذهاب إلى بيت زهرة التي ترملت وهي في الحادية والعشرين من عمرها. قصة حياتها كقصص الآلاف من النساء الجزائريات.
منذ بضعة أشهر فقط تمكنت من دفن زوجها في مقبرة جديرة باسمه حيث كانت قد دُفنت رفاته بسرعة في عام 1959 في أحدى الغابات.

- تقول زهرة :“لقد توقفنا عن إحتساب عدد الذين قُتلوا هنا. زوجي ورفاقه دُفنوا هناك في الغابة. قبل شهرين أو ثلاثة اشهر فقط تمكنا من دفن رفاتهم بكرامة. القرية باكملها ذهبت لجلب رفاتهم ووضعها في توابيت، الإمام أدى الصلاة ترحما لذكراهم . بذلك تمكنا من البقاء معا بضع لحظات قبل دفنهم فعلاً. كانوا كما كانوا آنذاك، بأحذيتهم .بالنسبة لزوجي، تمكنا من استرداد حذائه الذي كان يحتذيه.”

لكن ماذا عن الشباب اليوم؟ أيعرفون بالضبط حقاً ماذا يعني الاحتفال بمرور خمسين سنة على حرب الاستقلال، في الخامس من شهر تموز المقبل؟
بالنسبة للكثير منهم، انها حكاية قديمة.
مجموعة من الشباب تقول:
“لقد قالوا لنا ما يريدون . لا أحد يعرف القصة الحقيقية. من المؤكد انها ليست تلك التي ندرسها في مادة التاريخ في المدرسة. بصراحة، انهم لا يتحدثون عن القصة الحقيقية . اليوم، عبر الإنترنت، المواقع تتحدث عن اشياء غير متطابقة. لذا فإنه من الصعب العثور عليها.”

-يورونيوز:” وانت ماذا تعرف عن حرب الجزائر؟”

-” نعلم بان الفرنسيين، كانوا يعاملوننا على اننا من ابناء مقاتلين ، وهذا لم يكن صحيحا، قالوا باننا غير مثقفين، في حين اننا كنا مثقفين جداً.”

محمد الأخضر يقول ان سبب عدم المبالاة بالتاريخ يعود إلى نظام التعليم الذي يُدرس هذا الفصل من التاريخ في بضع صفحات في الكتب المدرسية فقط. انه يلقي اللوم على الذين جائوا إلى السلطة في عام 1962، والذين كانوا كل شئ باستثناء كونهم مثقفين. يقول:
-“أعلى شهادة لديهم كانت المتوسطة. جميعهم كانوا في الجيش الفرنسي خلال الحرب العالمية الثانية. البعض منهم، كانوا قد شاركوا في حرب فيتنام، لذلك كانوا من المغامرين الذين قد انقلبوا على فرنسا، لأنه في أعقاب الحرب العالمية الثانية، بسبب عدم وفاء الجنرال ديغول بوعوده. كتحرير المجتمع ودعم استقلاله، هؤلاء الاشخاص قالوا: “حسنا، لقد كذبوا علينا، وهذا يكفي”. “

فيليكس 82 في الثانية والثمانين . متقاعد أداري، فرنسي من اصل كالابري ، يعيش في ضواحي الجزائر العاصمة. كان ناشطاً في الحزب الشيوعي، قبل ان ينضم الى صفوف جبهة التحرير الوطني، في عام 1956 تنقل بين عشرات السجون . مع صديقه فرناند ايفتون ، أول فرنسي أُعدم في عام 1957. يقول: -“لقد قطعوا رؤوس الناس، بعضهم كانوا ابرياء، لأنهم كانوا بحاجة إلى مذنب. لقد رايت في سجن سالكاجي في الجزائر. آسف . رأيت 38 شخصاً وهم متجهون إلى المقصلة . اتعرفون ما يعني هذا؟ .. حسنا لقد سُجنت في لونديز. انه سجن صغير للمحكوم عليهم بالإعدام. معسكر اعتقال صغير. ومن هو الجلاد ؟ انه محكوم سابق كان قد قتل عائلة باكملها لأنها رفضت تزويجه من ابنتهم. أعفي عنه، و مأمور السجن استخدمه لقتل الناس وممارسة التعذيب “. كان في العشرين من عمره في عام 1962. الجزائر باكملها كانت غاضبة بالنسبة إلى ما كانت تتوقع من الاستقلال. أشخاص كالمثقفين والفنانيين من الذين كانوا على استعداد لخدمة البلاد، التزموا الصمت، لأنهم كانوا من الناطقين بالفرنسية.

-عبد الرحمن: “لا شئ لدينا على الاطلاق. الاستعمار الحالي يعد أسوأ من الإستعمار الفرنسي. لا أخشى من قول هذا. لأن إخوتي هم الذين يفعلون بنا كل هذا. وصلوا إلى مرحلة، بدلاً من أن يفرضوا علينا موليير، فرضوا علينا جمال عبد الناصر، الذي لا يزال يخيم بظلاله على الجزائر. وسيكون من الصعب جدا إخراجه من هنا “.

كما لو انه، لإغلاق هذا الفصل من التاريخ، أحمد بن بلة، أول رئيس للجزائر، توفي قبل أشهر قليلة من احتفالات الخامس من شهر يوليو/تموز، عن عمر ناهز ال 95 عاما.

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

العمال غير المرئيين: ظروف قاسية واستغلال واعتداءات وعقوبات

شاهد: أبشع كنيسة في مدينة بورسغرون جنوب النرويج

بولندا لن تتخلص بسهولة من الفحم رغم التلوث الذي يقضي على 50 ألف شخص سنوياً فيها