إن الفئات التونسية المهاجرة باتجاه إيطاليا لم تعد تقتصر على المنقطعين عن المدارس والعطلين عن العمل وغير المتعلمين، إذ غادرت ما بين 150 و200 عائلة البلاد سرا، رغم المراقبة التي فرضتها إيطاليا والاتحاد الأوروبي.
فيما مضى كان الشبان العاطلون عن العمل في تونس هم الذين يخاطرون بحياتهم، انطلاقا من شواطئ البلاد الشمالية الصخرية حتى يصلوا إلى إيطاليا.
أما اليوم فإن عديد العائلات التونسية حتى تلك التي تعمل أو لديها مستقبل جيد ظاهريا، فإنها تتبع الآن المسار نفسه، لتقطع 130 كيلومترا عبر مياه البحر الأبيض المتوسط المفتوحة. حوالي 10 آلاف شخص هجروا البلاد منذ بداية السنة، وأكثر من النصف غادر في الفترة الأخيرة.
إن قطع المسافة البحرية يمكن أن يكون خطيرا، وفرصة الحصول على اللجوء في أوروبا تكاد تكون منعدمة أو هي قريبة من الصفر، وسيتبع الحجر الصحي في قارب راس على الشاطئ، الطرد إذا ألقي القبض عليهم. ويعتقد كثيرون ممن يغادرون ساحل بنزرت أن المكافأة المحتملة، التي تنتظرهم على الأراضي الإيطالية تستحق كل ذلك العناء.
لا رادع عن الهجرة
قال طارق علوي وهو من أهالي رأس الجبل إنه حاول الوصول إلى السواحل الإيطالية عديد المرات منذ 2014 دون جدوى، المرة الوحيدة التي نجح فيها كانت خلال آذار/مارس الماضي، ولكن تم طرده على الفور إلى بلاده حيث سجن 6 أشهر. وبين علوي أنه لو أتيحت له فرصة الهجرة لهاجر من أجل حياة أفضل رغم، ان لديه طفل لم يتجاوز عمره السنة والنصف.
ويسبب وصول المهاجرين غير النظاميين إلى المناطق الجنوبية لإيطاليا، في تسليط الضغوط على قدرة تلك المناطق على استيعاب الوافدين وسط تفشي وباء كوفيد-19.
وكانت وزيرة الداخلية الإيطالية لوسيانا لامورجيزي سافرت مرتين إلى تونس منذ تموز/يوليو الماضي، للتفاوض مع الحكومة التونسية الجديدة بشأن الحاجة إلى وقف تدفق المهاجرين.
واقترحت الوزيرة عرض مساعدة من إيطاليا لتسيير الدوريات البحرية على السواحل التونسية بشكل أفضل. وقد ألقت باللوم على المشاكل الاجتماعية والاقتصادية في البلاد التي تفاقمت بسبب تفشي كوفيد-19.
العائلات على طريق الهجرة
وتعد نسبة المهاجرين التونسيين الأعلى هذه السنة مقارنة بالسنوات الماضية، وقد وصل منهم 9824 شخصا إلى إيطاليا، أي ما نسبته 42 في المائة من العدد الإجمالي. وكان المهاجرون التونسيون سنة 2017 يمثلون 5 في المائة من مجموع المهاجرين، فيما كان النيجيريون يمثلون النسبة الأكبر.
ويقول المتحدث ياسم المنتدى التونسي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية رمضان بن عمر، إن مستوى الهجرة غير النظامية انطلاقا من تونس حاليا لم يشهد مثله منذ ثورة 2011.
وقال بن عمر إن الفئات المهاجرة لم تعد تقتصر على المنقطعين عن المدارس والعطلين عن العمل وغير المتعلمين، إذ غادرت ما بين 150 و200 عائلة البلاد سرا، رغم المراقبة التي فرضتها إيطاليا والاتحاد الأوروبي.
أما عائلة غفران هلال فإنها تخشى أن يكون ابنها الذي ركب البحر في أيلول/سبتمبر الماضي، قد فقد في البحر وهو في 20 ربيعا، وتتحرق عليه والدته شوقا لتراه، حيا أو ميتا.