يُعد "الميجا فلاش" ظاهرة نادرة، إذ تُشير التقديرات إلى أن أقل من 1% من العواصف الرعدية فقط تُنتج هذا النوع من البرق. وغالباً ما ترتبط هذه العواصف بتكوينات ضخمة تستمر لساعات طويلة، وتغطي مناطق شاسعة تُقارب مساحة ولاية نيوجيرسي.
سجل العلماء رقماً قياسياً جديداً في سجل الظواهر الجوية المتطرفة، بعد رصد وميض برق أفقي امتد لمسافة تُقدّر بنحو 828 كيلومتراً عبر سماء أميركا الشمالية، في حدث نادر يُعد الأطول من نوعه على الإطلاق.
ووفقاً لتقرير بحثي نُشر حديثاً في مجلة "بوليتان أوف ذا أميركان ميترولوجيكال سوسايتي"، فإن الوميض، الذي يُصنف ضمن فئة ما يُعرف بـ"الميجا فلاش" أو البرق العملاق، امتد من شرق ولاية تكساس حتى مشارف مدينة كانساس، متجاوزاً بذلك الرقم السابق المسجل في أبريل 2020، والذي بلغ 767 كيلومتراً.
وقد وقع الحدث في أكتوبر 2017، لكنه لم يُكتشف إلا مؤخراً، خلال تحليل معمق لبيانات الرصد الفضائي التي جمعتها أقمار صناعية متخصصة في رصد العواصف الرعدية.
ويعود الفضل في هذا الاكتشاف إلى أجهزة قياس البرق المحمولة على متن الأقمار الاصطناعية، مثل القمر "جوز-16" التابع للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي الأميركية (NOAA)، الذي يرصد ما يقارب مليون وميض برق يومياً، ويُمكّن العلماء من تتبع مسارات البرق بدقة عالية عبر الغلاف الجوي.
وأوضح راندي سيرفيني، أستاذ المناخ والأرصاد الجوية في جامعة ولاية أريزونا، والمسؤول عن سجلات الطقس المتطرفة في المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، أن "التقدم في تقنيات الرصد الفضائي مكّننا من تحديد لحظة بدء الوميض وقياس طوله بدقة تصل إلى أجزاء من الثانية"، مضيفاً: "ما زلنا نكتشف كيف ولماذا تحدث هذه الظواهر الاستثنائية".
ويُعد "الميجا فلاش" ظاهرة نادرة، إذ تُشير التقديرات إلى أن أقل من 1% من العواصف الرعدية فقط تُنتج هذا النوع من البرق. وغالباً ما ترتبط هذه العواصف بتكوينات ضخمة تستمر لساعات طويلة، وتغطي مناطق شاسعة تُقارب مساحة ولاية نيوجيرسي.
على عكس البرق العادي الذي لا يتجاوز مداه 16 كيلومتراً في العادة، يبدأ الميجا فلاش من مسافة 100 كيلومتر فما فوق، وقد يمتد أفقياً عبر السحب، مع إطلاق فروع متعددة قد تصل إلى سطح الأرض على مسافات بعيدة.
ويحذر سيرفيني من المخاطر المرتبطة بهذا النوع من البرق، مشيراً إلى أن "البرق قد يضرب على بُعد 16 إلى 21 كيلومتراً من مركز العاصفة"، ما يجعله تهديداً غير مرئي لمن يعتقد أن الخطر قد انتهى بزوال الغيوم.
وأكد أن "معظم الإصابات الناجمة عن الصواعق تحدث قبل أو بعد ذروة العواصف، وليس أثناءها"، داعياً إلى الانتظار لمدة 30 دقيقة على الأقل بعد مرور العاصفة قبل استئناف الأنشطة الخارجية.
ويُعد هذا التسجيل جزءاً من تحوّل نوعي في دراسة الظواهر الجوية، يتيح لأول مرة رصد وتحليل الأحداث الكهربائية الضخمة من الفضاء، وتمثيلها بدقة على نطاق واسع، بفضل التغطية المستمرة من المدار الجغرافي الثابت وتطور خوارزميات معالجة البيانات.
ويتوقع العلماء أن تُكشف عن مزيد من الظواهر الفائقة في المستقبل، مع تراكم بيانات الرصد عالية الدقة، مما يفتح آفاقاً جديدة لفهم ديناميكيات العواصف وآليات توليد الكهرباء في الغلاف الجوي.