الرسوم الجمركية المتصاعدة التي يفرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تضع الشركات الكبرى أمام خيارات بالغة الصعوبة، فهي ستكون واقعةً بين مطرقة الرسوم المرتفعة، وسندان صعوبة نقل مصانعها وخطوط إنتاجها إلى الولايات المتحدة، مع كل ما يتطلبه ذلك من وقتٍ وقدرات، ومع ما يحمله من صعوبات تنافسية في السوق.
تحوّلت الصين خلال العقود القليلة الماضية من كونها "مصنع العالم" إلى ركيزة أساسية في الاقتصاد العالمي، باعتبارها سوقًا استهلاكية ضخمة، وبوصفها مركزًا متقدمًا للإنتاج والابتكار والاستثمار. وتأسست هذه المكانة على سياسات حكومية مدروسة استهدفت جذب الشركات العالمية الكبرى إلى الأراضي الصينية، وجعلها جزءًا لا يتجزأ من مشروع الصين للنهوض الوطني.
وقد شكّلت الشركات متعددة الجنسيات محورًا جوهريًا في هذا التحوّل؛ إذ سارعت كبريات المؤسسات الغربية والآسيوية إلى تثبيت أقدامها في السوق الصينية، عبر إقامة مصانع ومراكز أبحاث وتطوير، إلى جانب شبكات توزيع وتجارية واسعة.
فيما يلي أبرز القطاعات والشركات التي تنشط فيها، والتي تمتلك مصانع وفروعاً في الصين:
قطاع التكنولوجيا وتقنيات المعلومات
يمثل هذا القطاع أحد الأعمدة الأساسية في العلاقة الاقتصادية بين الصين والشركات العالمية، إذ يشهد استثمارات مكثفة في التصني والبحث والتطوير.
أبرز الشركات:
- "إنتل" (Intel) : مصانع إنتاج ومعالجات، مراكز أبحاث تكنولوجية.
- "مايكروسوفت" (Microsoft): تطوير البرمجيات، الذكاء الاصطناعي، الحوسبة السحابية.
- "آي بي إم" (IBM): خدمات استشارية وحلول رقمية وبيانات ضخمة.
- "دِل تكنولوجيز" (Dell Technologies) : تصنيع الحواسيب والخوادم والتخزين.
- "إتش بي" (HP): طابعات، حواسيب، خدمات تقنية.
- "فوكسكون" (Foxconn): الشريك الصناعي الأهم لشركة "آبل"، وتصنّف كأكبر مصنع إلكترونيات في الصين.
- "سامسونغ إلكترونيكس" (Samsung Electronics): هواتف ذكية، رقائق إلكترونية، أجهزة منزلية.
- "سوني" (Sony): إلكترونيات، ترفيه، منصات ألعاب.
- "إل جي إلكترونيكس" (LG Electronics): أجهزة إلكترونية وموبايل وأجهزة منزلية.
- "باناسونيك" (Panasonic): إلكترونيات استهلاكية ومكوّنات صناعية.
تساهم هذه الشركات في تعزيز مكانة بكين كمركز عالمي لسلاسل الإمداد التكنولوجية، وفي الوقت نفسه تستفيد من البنية التحتية الصينية والطلب المحلي الكبير على الأجهزة والخدمات الذكية.
قطاع صناعة السيارات
يمثل سوق السيارات في الصين أكبر سوق في العالم، وقد جذبت هذه الديناميكية شركات عالمية ضخمة تبحث عن حصة من الطلب المتزايد.
أبرز الشركات:
- "فولكسفاغن" (Volkswagen): شراكات مع "FAW" و"SAIC"، ريادة في السيارات الكهربائية.
- "تويوتا" (Toyota): إنتاج سيارات هجينة وكهربائية، شراكات بحثية.
- "هوندا" (Honda): سيارات ودراجات نارية، إنتاج متنوع.
- "جنرال موتورز" (General Motors): سيارات كهربائية وتقليدية، انتشار واسع.
- "بي إم دبليو" (BMW): سيارات فاخرة، مصانع محلية متطورة.
- "هيونداي" (Hyundai): تركيز على السوق الكهربائية والبيئية.
وتسعى هذه الشركات إلى التكيّف مع الأولويات البيئية الصينية عبر تطوير نماذج مستدامة، وتتنافس على ثقة المستهلك من خلال الجودة والتكنولوجيا والانتشار.
قطاع السلع الاستهلاكية والغذائية
يمثّل هذا القطاع رافعة حقيقية للنمو، حيث تتنافس الشركات العالمية على تلبية حاجات الشريحة الواسعة من المستهلكين الصينيين.
أبرز الشركات:
- "نستله" (Nestlé): أطعمة الأطفال، القهوة، المياه، الحليب المجفف.
- "بروكتر آند غامبل" (Procter & Gamble): منتجات النظافة والعناية الشخصية.
- "يونيليفر" (Unilever): المنظفات، الأطعمة، مستحضرات التجميل.
- "كوكا كولا" (Coca-Cola): مشروبات غازية، عصائر، توزيع ضخم.
- "بيبسيكو" (PepsiCo): مشروبات خفيفة، سناكات مثل "ليز" و"كويكر".
- "لورِيال" (L’Oréal): مستحضرات التجميل والعناية بالبشرة.
- "أديداس" (Adidas): ملابس وأحذية رياضية، محال بيع واسعة النطاق.
تستثمر هذه الشركات في فهم الثقافة الاستهلاكية الصينية، وتبتكر منتجات محلية النكهة أو الشكل لتلائم الأذواق المتغيرة، مع التركيز على التسويق الرقمي والإلكتروني.
قطاع الصحة والأدوية
تسعى الشركات العالمية إلى أن تكون جزءًا من تحديث الصين لنظامها الصحي، الذي يشهد إصلاحات جذرية.
أبرز الشركات:
- "فايزر" (Pfizer): أدوية مبتكرة، لقاحات.
- "جونسون آند جونسون" (Johnson & Johnson): أدوية، معدات طبية، منتجات استهلاكية صحية.
- "أسترازينيكا" (AstraZeneca): استثمارات ضخمة في البحث والتطوير السريري.
- "غلاكسو سميث كلاين" (GSK): أدوية وتطعيمات، شراكات مع مؤسسات صينية.
- "سيمنس هيلثينيرز" (Siemens Healthineers): تكنولوجيا التصوير الطبي والمختبرات.
توفّر هذه الشركات، غيرها الكثير، خبرات عالمية تسهم في تعزيز الرعاية الصحية الصينية، مع اهتمام متزايد من بكين بالشراكة في تطوير لقاحات وعلاجات داخلية.
الرسوم الجمركية المتصاعدة التي يفرضها ترامب تضع هذه الشركات أمام خيارات بالغة الصعوبة، فهي ستكون واقعةً بين مطرقة الرسوم المرتفعة، وسندان صعوبة نقل مصانعها وخطوط إنتاجها إلى الولايات المتحدة، مع كل ما يتطلبه ذلك من وقتٍ وقدرات، ومع ما يحمله من صعوبات تنافسية في السوق؟