بحسب لائحة الاتهام، باشرت الخلية "تصنيع الصواريخ داخل المملكة وإنتاج هياكلها"، وأنشأت مستودعين في محافظة الزرقاء والعاصمة عمّان، أحدهما "محصّن بالخرسانة لتخزين الصواريخ ويحتوي على غرف سرية مقفلة"
أصدرت محكمة أمن الدولة الأردنية، الأربعاء، أحكامًا بالسجن تراوحت بين ثلاث سنوات و15 سنة بحق تسعة أردنيين ادينوا بتهم تتعلق بـ"الإرهاب" في قضية مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين.
وشملت الأحكام سجن اثنين من المتهمين 15 عامًا مع الأشغال الشاقة، وثالثًا سبع سنوات ونصف العام، لإدانتهم بتصنيع صواريخ داخل المملكة.
وكانت السلطات قد أعلنت في نيسان/أبريل الماضي عن إلقاء القبض على 16 شخصًا، بينهم ثلاثة منتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين، على خلفية مخططات تهدف إلى استهداف أمن المملكة.
ووجّهت إليهم تهم تشمل تصنيع صواريخ، وحيازة مواد متفجرة، وتنفيذ مشروع لصنع طائرة مسيرة.
وبحسب لائحة الاتهام، باشرت الخلية "تصنيع الصواريخ داخل المملكة وإنتاج هياكلها"، وأنشأت مستودعين في محافظة الزرقاء والعاصمة عمّان، أحدهما "محصّن بالخرسانة لتخزين الصواريخ ويحتوي على غرف سرية مقفلة".
كما أشارت النيابة إلى أن الخلية "تلقت تدريبات وأموالًا من الخارج"، وتمكّنت من إنتاج "النموذج الأول لصاروخ قصير المدى".
وحكمت المحكمة على أربعة متهمين آخرين بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وأربعة أشهر، لإدانتهم بـ"القيام بأعمال من شأنها الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر".
كما صدر حكم مماثل بحق متهمين اثنين آخرين، بعد ثبوت تواصلهما مع "أطراف خارجية" وقيامهما بزيارة "بلدان إقليمية" بهدف تجنيد شباب داخل المملكة، وتحديد "نقاط ميتة" لزرع مواد بحوزتهما.
براءة أربعة متهمين في قضية الطائرات المسيرة
وفي المقابل، برّأت المحكمة أربعة متهمين في ما عُرف إعلاميًا بـ"قضية الطائرات المسيرة"، لعدم كفاية الأدلة التي تدينهم، وقررت الإفراج عنهم فورًا. وتأتي هذه البراءة بعد أن كانت نيابة محكمة أمن الدولة قد أسندت إليهم تهمًا لم تثبت أمام المحكمة.
أحكام سابقة في الملف نفسه
وسبق أن قضت المحكمة في أيار/مايو الماضي بسجن أربعة من المتهمين في هذه القضية لمدة 20 عامًا، في إطار ذات الملف الأمني الموحّد.
وجاءت هذه الأحكام بعد أيام من حملة أمنية واسعة في نيسان/أبريل، أعلنت خلالها السلطات الأردنية حظر جميع أنشطة جماعة الإخوان المسلمين، وإغلاق مقارها ومصادرة ممتلكاتها، متهمة إياها باقتناء أسلحة والتخطيط لزعزعة أمن الدولة.
ضبط وثائق سرية في العقبة وارتباط بنائب برلماني
وفي تموز الماضي، أحبطت الأجهزة الأمنية في العقبة محاولة تهريب وثائق من مقر يُشتبه في ارتباطه بجماعة الإخوان المسلمين المحظورة. وأسفر التفتيش عن اكتشاف نشاط غير قانوني داخل الموقع، ومشاركة شخصيات بارزة، من بينها نائب برلماني.
وأفادت مصادر أمنية بأن مدعي عام العقبة أمر بتفتيش الموقع بناءً على معلومات استخبارية، حيث تم ضبط أشخاص أثناء محاولتهم مغادرة المكان حاملين أكياسًا سوداء تحتوي على وثائق، بعضها كان قد تم تقطيعه داخل المقر. وخلال التحقيقات، أفاد متورطان بأن الشقة كانت مؤجرة باسم النائب "لغايات عمل الجماعة"، ما دفع الجهات الأمنية إلى استدعائه.
وأكد النائب أن المقر مستأجر لصالح حزب سياسي منحه تفويضًا بالتوقيع باسمه، لكن التحقق من بيانات الحزب لدى الهيئة المستقلة للانتخاب بيّن أن العنوان غير مسجّل ضمن مقار الحزب الرسمية في العقبة. كما عُثر في الموقع على وثائق وأعلام وشارات تحمل شعارات الجماعة المحظورة، إضافة إلى ملابس تحمل رمزيات مخالفة للقانون.
وجرى إحالة كامل المضبوطات مع القضية إلى النيابة العامة في عمّان، التي تنظر حاليًا في قضيتين موازيتين تتعلقان بجماعة الإخوان المسلمين: الأولى حول المضبوطات في مختلف المقرات، والثانية تتناول الأملاك المنقولة وغير المنقولة التابعة للجماعة.
الإخوان المسلمون في الأردن: من الحليف إلى المحظور
تعرّف جماعة الإخوان المسلمين في الأردن نفسها بأنها "جماعة إسلامية دعوية شاملة، وطنية الانتماء، عربية العمق، إسلامية الهوية والمرجعية، وسطية النهج"، وتؤكد سعيها لتحقيق "الإصلاح الشامل" و"الحكم الرشيد" و"دولة المواطنة والعدل والحرية والمساواة".
ويعود تاريخ الجماعة في الأردن إلى عام 1948، حيث لعبت أدوارًا مختلفة عبر العقود. ففي الخمسينيات والتسعينيات، كانت حليفة للنظام الهاشمي في مواجهة التيارات القومية واليسارية، كما ساهمت في دعم استقرار الدولة خلال السبعينيات والثمانينيات بمواجهة التنظيمات الفلسطينية المسلحة.
وفي عام 2020، قررت السلطات القضائية حل الجماعة رسميًا "لعدم قيامها بتصويب أوضاعها القانونية"، رغم أن الأجهزة الأمنية كانت تغض الطرف عن أنشطتها لسنوات.
ومع ذلك، ظل الذراع السياسي للجماعة، حزب جبهة العمل الإسلامي، محتفظًا بوضعه القانوني، وشارك في الانتخابات النيابية الأخيرة في أيلول/سبتمبر من العام الماضي، وحاز على 31 مقعدًا من أصل 138 في مجلس النواب.