خطاب ترامب السنوي تحت التدقيق: ما الصحيح وما المبالغ فيه؟

استعرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في خطابه السنوي من البيت الأبيض الأربعاء، جملة من إنجازاته قال إنه حققها منذ عودته إلى البيت الأبيض، في الوقت الذي يستعد فيه حزبه الجمهوري لانتخابات تجديد نصفي صعبة العام المقبل.

وقال ترامب في الخطاب الذي استمر أقل من 20 دقيقة وألقاه بوتيرة سريعة: "قبل أحد عشر شهرا، ورثت حالة من الفوضى، وأعمل على إصلاحها".

ولم يقدم الرئيس الجمهوري، الذي كثيرا ما يشكو من قلة التقدير لإنجازاته، سوى القليل من المبادرات السياسية الجديدة للتعامل مع التكاليف المرتفعة.

في المقابل، ألقى ترامب باللوم على الرئيس السابق جو بايدن والاتفاقات التجارية القديمة والمهاجرين وما وصفه بـ "النظام الفاسد".

ملف المهاجرين

في خطابه، قال ترامب، إن 25 مليون مهاجر دخلوا الولايات المتحدة خلال فترة حكم سلفه الديمقراطي جو بايدن، واصفا ذلك بـ "الغزو".

وفي تعليق، قالت صحيفة "نيوزويك" إن بيانات هيئة الجمارك وحماية الحدود تظهر تسجيل أن حوالي 11 مليون حالة دخول خلال إدارة بايدن، تشمل ملايين حالات الطرد.

وأضافت أنه "حتى مع احتساب نحو 2.2 مليون شخص يُطلق عليهم المتسللون غير المرصودين وفق تقديرات نواب جمهوريين، فإن العدد لا يقترب من 25 مليونًا".

كما زعم ترامب أن 11,888 "قاتلًا" دخلوا البلاد، فيما نقلت الصحيفة عن بيانات وكالة الهجرة والجمارك أن نحو 13 ألف أجنبي لديهم إدانات سابقة بجرائم قتل ضمن سجلاتها، لكن الرقم يغطي أكثر من 40 عامًا، ويشمل أشخاصًا مسجونين أو مرحّلين.

سعر البنزين

وفي سياق آخر، قال ترامب إن سعر البنزين انخفض إلى 1.99 دولار للغالون في "ثلاث أو أربع ولايات".

لكن الصحيفة قالت إن المعدل الوطني بلغ 2.94 دولارًا في منتصف ديسمبر/كانون الأول، بحسب ما نسبته لرابطة السيارات الأمريكية.

وأشارت الصحيفة إلى أنه "ورغم إعلان بعض محطات الوقود الفردية أسعارًا دون دولارين في مناطق من أوكلاهوما وتكساس وميسيسيبي وميسوري، فإن متوسط الأسعار في أي ولاية لم يقترب من هذا الرقم".

الاستثمارات الجديدة

من جهة أخرى، قال ترامب في خطابه السنوي إن إدارته ضمنت 18 تريليون دولار من الاستثمارات الجديدة في الولايات المتحدة منذ توليه المنصب.

في المقابل، استشهدت "نيوزويك" بالأرقام المنشورة على موقع البيت الأبيض التي تُظهر أن إجمالي الإعلانات الاستثمارية بلغ 9.6 تريليونات دولار حتى 10 ديسمبر/كانون الأول الجاري.

ويؤكد اقتصاديون أن هذا الرقم نفسه يشمل تعهدات ومقترحات في مراحل مبكرة، وليس تدفقات فعلية، ما لا يمكن اعتباره استثمارًا منجزًا، بحسب الصحيفة.

وأشارت الصحيفة إلى "إدعاء ترامب بإقرار أكبر تخفيضات ضريبية في تاريخ أمريكا لا تدعمه السجلات".

ومضت قائلة: "رغم أن قانون الضرائب لعام 2025 مهم، فإنه أصغر من تخفيضات سابقة، من بينها خلال فترة الرئيس رونالد ريغان عام 1981، الذي خفّض الضرائب بنحو 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي".

"مبالغة ترامب"

استدركت الصحيفة بالقول إن "ادعاءات ترامب لم تكن جميعها خاطئة، بل استند بعضها إلى بيانات حقيقية، وإن قُدّم بصيغة مبالغ فيها".

وأشار التقرير إلى حديث ترامب عن تراجع أسعار البيض بشكل حاد في عام 2025، حيث تؤكد وزارة الزراعة انخفاض متوسط سعر الجملة لدستة بيض أبيض كبير بأكثر من 80%، نتيجة استقرار الإمدادات بعد تفشي إنفلونزا الطيور.

كما تراجعت أسعار التجزئة، وإن بوتيرة أبطأ، ليبلغ متوسط سعر الدستة من البيض من الدرجة الأولى نحو 3.48 دولارات في سبتمبر/أيلول، وهو الأدنى منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2024.

وعلّقت الصحيفة على تأكيد ترامب أن "صفر مهاجرين غير شرعيين" دخلوا البلاد طوال سبعة أشهر بوصفه "غير دقيق"، إذ تُظهر بيانات هيئة الجمارك أن بعض طالبي اللجوء ما زالوا يُعالَجون ويُفرج عنهم، وإن بأعداد أقل بكثير من السابق.

وانخفض وصول المهاجرين إلى أمريكا برًا عبر المكسيك، إذ أعاد ترامب تطبيق قواعد صارمة، من بينها سياسة "ابقَ في المكسيك"، ما أدى إلى خفض كبير في العبور غير القانوني، يُقدَّر بأكثر من 90%.

وأظهرت تقارير داخلية لوزارة الأمن الداخلي أن التوقيفات اليومية على الحدود تراجعت بنسبة 96% مقارنة بنهاية 2022.

وقال ترامب في خطابه أيضًا إنه "أنهى ثماني حروب"، مشيرًا إلى مناطق مثل غزة والقوقاز وأجزاء من إفريقيا.

ورغم انخراط الولايات المتحدة في محادثات سلام وبعض اتفاقات وقف إطلاق النار، من بينها اتفاق بين أرمينيا وأذربيجان، فإن معظم النزاعات التي ذكرها ما زالت دون حل، ولم يُختَم أي منها بمعاهدة سلام رسمية، بحسب الصحيفة.

انتخابات تجديد نصفي

وجاء خطاب ترامب في الوقت الذي يسعى فيه الجمهوريون إلى الحفاظ على سيطرتهم على مجلسي النواب والشيوخ في الانتخابات المقررة في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام المقبل.

في المقابل، يركز الديمقراطيون على المخاوف إزاء القدرة على تحمل التكاليف والخلافات حول سياسة الرعاية الصحية في محاولة لانتزاع السلطة.

وقدم التضخم المرتفع خلال السنوات الأربع التي قضاها بايدن في المنصب دعما لترامب ساعده في الفوز على نائبة الرئيس السابقة كامالا هاريس في انتخابات العام الماضي. لكن سياسات ترامب الجمركية هذا العام خلقت حالة من عدم اليقين ورفعت الأسعار.