احتشد عشرات الآلاف من الأشخاص، مساء السبت، في ساحة القديس بطرس في روما، لكنهم لم يأتوا هذه المرة لمتابعة الدخان الأبيض الذي يعلن انتخاب بابا جديد، بل للاستمتاع بعرض مبهر للطائرات المسيّرة، استُلهم من لوحة مايكل أنجلو الشهيرة "خلق آدم" المرسومة على سقف كنيسة سيستين في القرن السادس عشر.
اعلان
وقد نظمت العرض شركة Nova Sky Stories التابعة لرائد الأعمال كيمبال ماسك، شقيق إيلون ماسك، في حدث يُعدّ الأكبر من نوعه في أوروبا، بعد الحصول على موافقة الكرسي الرسولي.
وبهذا القرار، كسر الفاتيكان تقاليد راسخة استمرت لقرون، حيث سمح بإقامة عرض ضوئي متزامن مع أول حفل موسيقي، بقيادة المغني الأمريكي فاريل ويليامز والتينور الإيطالي أندريا بوتشيلي.
امتلأت الساحة بأصوات الجوقات التي أضفت جوًا روحانيًا مؤثرًا، فقدمت جوقة Voices of Fire بقيادة ويليامز مقطوعات من موسيقى الغوسبل، بينما غنى جون ليجند أغنية Bridge Over Troubled Water، وأدت جينيفر هدسون دويتو حماسيًا مع بوتشيلي.
في الوقت ذاته، انطلقت 3,000 طائرة مسيّرة في السماء فوق الكنيسة، لتشكل مشهد إصبع الله وهو يخلق آدم، بالإضافة إلى نسخة مضيئة من تمثال "بييتا" وصورة للبابا الراحل فرنسيس.
وقد تفاعل الحضور بشكل لافت مع العرض، خاصة عند ظهور قلب ثلاثي الأبعاد في السماء، ومشاهدة حمامات السلام وهي تحلق، إلى جانب الاستماع إلى خطابات ملهمة عن السلام والوحدة ألقاها الكرادلة ورجال الدين، إضافة إلى نشطاء مثل غراسا ماشيل مانديلا. وفي ختام الأمسية، شكلت الطائرات عرضًا ضوئيًا ضخمًا رسم كلمة JOY في السماء.
خلال الحفل، الذي استمر أكثر من ساعتين، غنى الجمهور ورقص في الممرات، وهو مشهد غير معتاد في فعاليات الفاتيكان.
وقد أعرب الفنانون المشاركون عن امتنانهم لهذه الفرصة الفريدة للغناء في مكان تاريخي كهذا، ووجّهوا شكرهم للبابا ليو الرابع عشر، الذي لم يحضر شخصيًا، لكنه صادق على جميع التفاصيل بدءًا من كلمات الأغاني وحتى النصوص المعدة للخطب.
كان التخطيط للعرض ثمرة عمل استمر نحو عامين، ويأتي ضمن رؤية شركة Nova التي تهدف إلى خلق عصر ذهبي جديد للفن، تُستخدم فيه الطائرات المسيّرة كنقاط ضوء لابتكار أعمال فنية استثنائية.
التقنيات
من الناحية التقنية، استُخدمت طائرات مسيّرة صغيرة تزن نحو 340 غرامًا فقط، لكنها قادرة على إنتاج 16 مليون لون. وقد ابتكرها كيمبال ماسك، الذي تواصل مع الفاتيكان لأول مرة في أوائل عام 2024، عندما كان البابا فرنسيس لا يزال على قيد الحياة، لاقتراح فكرة العرض.
ومنذ ذلك الحين، بدأت رحلة استمرت 18 شهرًا واجهت خلالها الشركة تحديات كبيرة، شملت الحصول على الموافقات، والتفاوض بشأن التفاصيل اللوجستية، وإجراء زيارات دقيقة لأحد أكثر الأماكن حراسة في العالم.
ومع وفاة البابا فرنسيس وانتخاب أول بابا أمريكي في منتصف هذه العملية، واجهت الشركة لحظة من التردد، لكن البابا ليو الرابع عشر أرسل رسالة مؤثرة، شجع فيها الفريق على المضي قدمًا بالمشروع.
وقد تم تجهيز 3,500 طائرة مسيّرة، حلّقت منها 3,000 في الوقت ذاته، بينما عادت الطائرات الأخرى إلى القاعدة للتبديل وإعادة الشحن، لضمان استمرار العرض دون أي انقطاع يلاحظه الجمهور.