جاءت المبادرة بضغط من الدنمارك، التي تتولى حالياً الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، والتي لطالما دعت إلى تشديد القيود على الهجرة. وسرّعت الدول الأعضاء من وتيرة المناقشات بشأن هذه التدابير خلال الأسابيع الماضية.
صادقت دول الاتحاد الأوروبي، الاثنين، على حزمة إجراءات تهدف إلى تشديد سياسة الهجرة بشكل ملحوظ، في خطوة تأتي بعد ضغوط متزايدة من الأحزاب اليمينية واليمين المتطرف داخل التكتل المكوّن من 27 دولة.
ويتطلب تطبيق هذه الإجراءات موافقة نهائية من البرلمان الأوروبي، الذي من المقرر أن يناقشها قريباً.
ووافقت دول الاتحاد خلال اجتماع لوزراء الداخلية في بروكسل على ثلاث مبادرات قدمتها المفوضية الأوروبية، تركز على تنظيم وصول المهاجرين، وتسريع عمليات إعادتهم، وضمان تنفيذ إجراءات أكثر صرامة تجاه من يرفضون المغادرة طواعية.
مراكز عودة خارج الحدود وعقوبات مشددة
وتشمل الإجراءات الجديدة إنشاء ما يُعرف بـ"مراكز العودة" خارج حدود الاتحاد الأوروبي، حيث يُنقل إليها المهاجرون الذين رُفضت طلبات لجوئهم. كما تتضمن الحزمة تمديد فترات احتجاز المهاجرين الذين يرفضون المغادرة طوعاً، فضلاً عن السماح بإعادتهم إلى دول لا ينتمون إليها، لكنها مصنّفة من قبل الاتحاد كـ"دول آمنة".
وقال المفوض الأوروبي المكلف بشؤون الهجرة، ماغنوس برونر، الخميس، إن "نحن بحاجة إلى إحراز تقدم من أجل إعطاء شعور للمواطنين بأننا نسيطر على الوضع"، مضيفاً أن هذه الخطوات تهدف إلى تحقيق "توازن بين الردع والحماية".
وأثارت هذه المقترحات انتقادات حادة من اليسار الأوروبي ومنظمات حقوق الإنسان، التي اعتبرت أن الإجراءات الجديدة تنتهك مبادئ حقوق الإنسان الأساسية.
ووصفت سيلفيا كارتا، من منظمة "بيكوم" (PICUM) غير الحكومية المعنية بحقوق المهاجرين غير النظاميين، الخطوة بأنها "تأتي على حساب الأمن والحماية والاندماج".
وأضافت كارتا: "بدلاً من الاستثمار في الأمن والحماية والإدماج، يختار الاتحاد الأوروبي سياسات من شأنها أن تدفع المزيد من الناس إلى الخطر وانعدام الأمن القانوني".
دعم دانمركي وشكوك فرنسية وإسبانية
وجاءت المبادرة بضغط من الدنمارك، التي تتولى حالياً الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، والتي لطالما دعت إلى تشديد القيود على الهجرة. وسرّعت الدول الأعضاء من وتيرة المناقشات بشأن هذه التدابير خلال الأسابيع الماضية.
مع ذلك، لم يكن التأييد كلياً. ففرنسا أعربت عن تساؤلات حول "القانونية والفعالية" لبعض البنود، لا سيما المتعلقة بإعادة المهاجرين إلى دول غير أصلهم. كما أعربت إسبانيا عن شكوكها حيال جدوى "مراكز العودة"، مشيرة إلى تجارب سابقة في دول أخرى لم تُسفر عن نتائج ملموسة.
وأشار وزير الداخلية الإسباني، فرناندو غراندي مارلاسكا، إلى "صعوبة متزايدة في التمسك بهذا الموقف" في ظل الضغوط التي تمارسها دول أخرى لتمرير هذه الإجراءات.
ويحظى المشروع بدعم قوي من الأحزاب اليمينية واليمين المتطرف، التي شكّلت تحالفاً في البرلمان الأوروبي الأسبوع الماضي، وساعدت في منح المشروع موافقة مبدئية. ويُنظر إلى هذا التحالف على أنه قوة صاعدة تُعيد تشكيل أولويات الهجرة في أوروبا.
نظام جديد لتوزيع طالبي اللجوء
في تطور متزامن، تجري الدول الأعضاء مناقشات بالغة الأهمية بشأن نظام جديد لتوزيع طالبي اللجوء عبر أراضي الاتحاد. ويهدف النظام إلى تخفيف الضغط على الدول التي تقع على خطوط المواجهة الأولى، مثل اليونان وإيطاليا، من خلال إلزام الدول الأخرى باستقبال طالبي لجوء على أراضيها.
وفي حال رفضت دولة ما استقبال طالبي لجوء، فسيُطلب منها دفع مبلغ مالي قدره 20 ألف يورو عن كل طالب لجوء، يُوجّه إلى الدول التي تتحمل العبء الأكبر.
وتجري المفاوضات حول آلية تنفيذ هذا النظام منذ أسابيع، لكنها واجهت سلسلة من النكسات، خاصة مع تساؤلات حول استعداد بعض الدول للالتزام فعلياً بإعادة التوزيع.
ويأتي هذا التوجه في وقت يشهد فيه الاتحاد الأوروبي تغيرات سياسية عميقة، مع صعود التيارات التي تدعو إلى سياسات هجرة أكثر تشدداً، ما يعقّد الجهود الرامية إلى التوصل إلى توافق شامل ومستدام.