التكنولوجيا في خدمة الطب الحديث للتغلب على أمراض القلب المستعصية

التكنولوجيا في خدمة الطب الحديث للتغلب على أمراض القلب المستعصية
Copyright 
بقلم:  Euronews
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

جاك يعيش مع والديه على الساحل الشرقي لأنجلترا. العائلة تزور العاصمة لندن باستمرار و السبب في ذلك هو القلب العليل للصغير جاك.

والدة جاك:
“علمنا بالمشكلة في الأشهر الأخيرة من الحمل و قال لنا الأطباء إن بعض عضلات الجانب الأيمن من قلب جاك لم تنم بشكل طبيعي و أن هذا الأمر معقد للغاية و يحتاج إلى عمليات جراحية على ثلاث مراحل. لقد كان ذلك صدمة كبيرة بالنسبة لنا.”

جاك خضع لثلاث عمليات جراحة القلب المفتوح و لأجل ذلك عليه بزيارة أخصائي القلب في لندن باستمرار لإجراء فحوصات روتينية و للتأكد من عدم وجود مضاعفات سلبية. الدكتور رزافي من مستشفى ايفيلينا للأطفال يتابع الحالة الصحية لجاك عن كثب عبر استعمال أجهزة معقدة للغاية.

جاك ريلاي, مريض

“عندما يضع المسبار أشعر و كأنني مغيب تماما. لا شيئ لدي لأفعله. أستطيع سماع دقات القلب و لكن لا أعرف كيف.”

الموجات فوق الصوتية تسمح للطبيب بالحصول على صورة حقيقية و فورية للقلب كما أن تخطيط صدى القلب يسمح بالحصول على عدة معلومات تمكن الأطباء من فهم أفضل لحالة الأوعية الدموية لقلب المريض. بالنسبة لجاك و نظرا لخطورة وضعه الصحي فإن هذه التكنولوجيا الطبية تبدو في غاية الأهمية. الدكتور رضا رزافي: “ التشوهات الخلقية في القلب باتت اليوم تصيب طفلا واحد على كل مئة طفل كما أن أمراض القلب باتت منتشرة عموما في مجتمعاتنا و هي السبب في عدة أمراض أخرى و في وفيات نسبة كبيرة من الناس في الغرب و هي في طريقها كي تصبح كذلك في الدول السائرة في طريق النمو.”

و على الرغم من أهميته في توفير متابعة طبية لمثل هذه الأمراض إلا أن تخطيط صدى القلب أو الايكوكارديوغرافي و غيره من وسائل التصوير باتت غير كافية لذلك يعكف عدد من الباحثين الأوروبيين على إيجاد بدائل جديدة.

هاناه بلشام رفيل, باحثة, معهد راين

“يمكنكم رؤية الأوعية الدموية كيف تبدو أكبر من حجمها الطبيعي في هذا القلب الافتراضي و كيف أنها مرتبطة ببعضها البعض و لكن هذه الصورة لا تخبرنا مثلا بنسق دقات القلب في هذه الحالة. و نحن نسعى إلى تطوير نموذج يمكننا من الحصول على معلومات تشريحية و أخرى خاصة بطريقة تقلص عضلات القلب حتى نرصد الأمراض أو التشوهات الخلقية كما تسمح لنا بتجربة الأدوية على قلب افتراضي عوض تجربته على قلب طفل مريض.”

الدكتور رضا رزافي:

“ نريد أن نعرف ماذا سيحصل بعد خضوع الطفل للعلاج و خصوصا إذا كانت الأدوية معقدة أو مكلفة. نريد أن نحدد كل هذا قبل إخضاع المريض لهذا العلاج إذ لا نعرف حينها إن كان سينجح أم لا.
في الوقت الحالي تبدو النماذج الافتراضية متنوعة و هي تسمح لنا بتجربة هذه الأدوية و الوقوف على نتائجها دون اللجوء إلى القيام بذلك بشكل فعلي.

النموذج الإفتراضي للقلب يجب أن يحتوي على كل المعلومات الطبية اللازمة و لكن كيف يمكن الحصول على هذه المعلومات؟

يورغن وايز, باحث, معهد فيليبس للبحوث

“ لدينا ماسحات ضوئية مختلفة تسمح لنا بإجراء صور للقلب. هذا الماسح الضوئي مثلا يعمل بواسطة الذبذبات المغناطيسية. و هو يسمح بالحصول على معلومات جيدة حول الكيفية التي ينبض بها القلب و معلومات أخرى حول خصائص نسيج عضلات القلب و عملية تدفق الدم في القلب.”

الماسحات الضوئية الطبية توفر عددا من الصور الرقمية لجزيئات صغيرة من القلب. و باستعمال برنامج حاسوب ملائم يمكن للأطباء إعادة تصوير أحد أجزاء القلب في شكل ثلاثي الأبعاد. الماسحات الضوئية الأكثر تطورا تمكن من الحصول على كل هذه المزايا عبر الضغط على زر صغير لا أكثر.” يورغن وايز, باحث, معهد فيليبس للبحوث “ هذه آلة للرسم السطحي و هي تعمل بواسطة الأشعة السينية. إنها تمكننا من الحصول على عدة صور من جوانب مختلفة و بذلك يمكننا تجميعها للحصول فيما بعد على صورة ثلاثية الأبعاد. ميزة هذه الآلة تكمن في الصور عالية الدقة التي توفرها كما تتيح لنا الحصول على صور جيدة للغاية للشرايين المحيطة بالقلب.”

للمرور من مرحلة التصوير إلى مرحلة النمذجة يجب أولا التدقيق بواسطة الكومبيوتر في المعلومات التي توفرها الماسحات الضوئية. المعادلات الحسابية يتم انجازها في المعهد التكنولوجي بايندهوفن.
يقوم برنامج الكومبيوتر بفحص القلب المريض و يشخص بدقة بالغة خصائصه و مكوناته.

يورغن وايز, باحث, معهد فيليبس للبحوث “هذه التكنولوجيا تمكننا من الحصول على هندسة كاملة للقلب انطلاقا من الصور إلا أنه لا يمكننا من التنبؤ بطريقة عمل القلب في المستقبل. إذا ما تغيرت بعض المعطيات أو أردت مثلا الحصول على معلومة ما حول إيقاع دقات القلب أو إذا احتاج المريض إلى تغيير نوعية العلاج فحينئذ نكون بحاجة إلى تكنولوجيا جديدة توفر صورة أدق لمختلف مكونات القلب و بذلك يمكننا أن نتعامل مع حالة المريض بشكل أفضل و يمكننا معرفة الطريقة التي سيعمل بها القلب المصاب بعد العلاج.”

هذا المشروع الأوروبي يضم كذلك مهندسين مختصين. القلب بالنسبة لهم هو عبارة عن مضخة أو آلة معقدة في مكوناتها و طريقة عملها. وهم بإمكانهم الآن تجربة الآلات الدقيقة بواسطة تقنية المحاكاة التي يوفرها الكومبيوتر.

نيك سميث, استاذ بجامعة اوكسفورد:

“هذه التقنيات تم استعمالها في الخمسينيات و الستينيات من القرن الماضي للوقوف على خصائص بعض الجسور و المنشآت. و منذ ذلك التاريخ توفرت لنا قوة حسابية مكنتنا من تطوير صناعة الطائرات مثلا. اليوم أصبحت هذه التقنيات تستخدم كذلك في مشكلات معقدة في البيولوجيا و الفيزيولوجيا أو علم الوظائف و كذلك في الطب.

هذا القلب الافتراضي يعمل تماما مثل القلب الطبيعي و يمكنه أن يبين لنا الاجزاء التي لا تعمل بشكل طبيعي.

كما يمكن من دراسة انتشار الموجات الكهربائية في القلب قبل زرع جهاز تنظيم دقات القلب.

نيك سميث, أستاذ بجامعة أوكسفورد: “ما سنحصل عليه هو امكانية التنبؤ بالطريقة التي سيتقبل بها المريض العلاج و بالتالي تحديد نوعية المرضى بالاعتماد على قائمة من المعطيات كي نتمكن من تشخيص العلاج المناسب لكل حالة على حدة. أعتقد أننا بصدد الانتقال من طب يعتمد على الممارسة و المحاولة و أحيانا على الأخطاء كي يتطور إلى طب يعتمد على تكنولوجيا تسمح بفهم مسبق لأسباب و مكونات المرض و كذلك للمريض.”

القلب الافتراضي بحاجة إلى سنوات أخرى من العمل و البحوث و الدراسات حتى يصبح وسيلة فعالة لتشخيص أمراض القلب و تحديد العلاج المناسب لها. الدكتور رضا رازافي:

“الأطفال مثل جاك لا يشعرون بمضاعفات كبيرة لهذا المرض و لكن عندما يكبرون قد يتعرضون إلى مشاكل صحية كبيرة كما أن مؤمل الحياة لديهم قصير جدا مقارنة بالناس العاديين. نحن نقوم بكل ما بوسعنا لايجاد وسائل جديدة لمعالجة هؤلاء المرضى و قد تم بعث هذا المشروع الأوروبي لهذا الغرض.”

جاك:

“أريد أن أصبح طبيبا عندما أكبر..سيكون ذلك جميلا للغاية..يمكنك أن تطلع على قلوب الناس جميعا.”

www.euheart.eu

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

جهاز لقياس الجسيمات المنبعثة من عوادم السيارات والمتسببة بالأمراض

وداعا للأسماك... وأهلا بالطحالب الدقيقة لاستخراج الأوميغا-3

إنشاء قاعدة بيانات لتأريخ أعمال ثقافية تحدّت الأنظمة الشيوعية