"محاصر مثلي" فيلم للسورية هالة العبد الله يحمل صوت المثقف العربي

"محاصر مثلي" فيلم للسورية هالة العبد الله يحمل صوت المثقف العربي
بقلم:  Reuters
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

من رنا نجار

بيروت (رويترز) - في فيلمها الوثائقي (محاصر مثلي) تطرح المخرجة السورية هالة العبد الله رؤية للراهن السوري بعيون المثقف السوري ممثلا في المفكر والأديب المعارض فاروق مردم بك.

يطلعنا الفيلم، الذي عرض للمرة الأولى في بيروت يوم الخميس في دار النمر، على سوريا التي في خاطر فاروق مردم بك الذي مُنع من دخول بلده منذ 1975 وأقام في فرنسا التي أعطته جنسيتها في 1982.

سوريا في الفيلم (مدته 90 دقيقة) وفي فكر مردم بك الذي ناضل لأجل فلسطين وكان يعتبر فلسطينيا أكثر منه سورياً منذ الستينات، هي سوريا الكبرى التي تحضن لبنان وفلسطين من دون احتلالهما والمتوحدة مع مصر والتي تتقاسم همومها مع الجزائر وتونس وليبيا والعراق.

من خلال عيون هذا المثقف بالمعنى الملتزم للكلمة، والمتعلق بجذوره والمفتون بتاريخ سوريا وحاضرها ومكنوناتها والمتابع عن كثب يوميات الصراع والحراك فيها، يتعرف المشاهد على سوريا الجميلة والمكبلة والمحاصرة في آن.

وذلك عبر مشاهد مركبة تحمل في طياتها طبقات مكثفة لشخصية بطل الفيلم ولتاريخ سوريا، مشاهد مشبعة بحس سينمائي وثائقي تغزوها مشاعر إنسانية وعاطفية.

تدخل الكاميرا إلى بيت مردم بك ومكان عمله والمقاهي التي يرتادها في باريس التي عاش فيها ثلثي عمره بينما عاش ثلثه في الشام، فتخلق علاقة حميمة بين المشاهد والمثقف عبر خلفية تاريخية لحياته وبلده وجيله يرويها هو بلسانه.

وتعرض مواكبته للأحداث العربية عن كثب من الخارج وعدم الانقطاع عن هموم سوريا وتفاصيلها، وفي الوقت نفسه إقامة علاقة متينة ووثيقة مع بلد الاقامة أي فرنسا.

يتحدث مردم بك في مقابلات خاصة عن "خيبات جيله على المستوى العام من انتصار الرأسمالية المتوحشة إلى خيبة الردة على الربيع العربي في مصر وليبيا وسوريا".

ويتطرق إلى التوازن بين البعد والانتماء الذي حققه عمله في ميدان الثقافة العربية، ليتعمق أكثر في تحليل "بنية النظام السوري وبربريته التي لم تحترم حقوق الانسان" كما جاء على لسان بطل الفيلم.

ثم يعرج الفيلم على علاقته الحميمة بشاعر فلسطين محمود درويش. ومن أكثر المشاهد تأثيرا عندما يسرد علاقته القوية بالصحفي والاستاذ الجامعي سمير قصير الذي اغتيل في بيروت في 2005.

من خلال طاولة عشاء يعدها مردم بك بنفسه لأصدقائه من مختلف الجنسيات العربية، الفلسطينية والسورية والجزائرية واللبنانية والتونسية، يعرف فيلم (محاصر مثلي) المشاهد على سوريا مختلفة عن تلك التي عايشها الشعب العربي عبر شاشات التلفزيون خلال الأحداث السورية.

ويتحول الحديث من أطباق سورية تذوب فيها القومية مثل المحمرة والكشكة والبابا غنوج إلى أحاديث أصدقاء مردم بك المعروف بكرم الضيافة والشغوف بالطبخ وتحضير الأطباق بنفسه، إلى سوريا الدامية.

يذهب الحديث بشكل عفوي ومن دون أي سيناريو أو نص مسبق إلى الانتماء والوطن والوطنية التي هي "ليست فقط الحنين إلى الأرض إنما الحنين إلى الناس المقيمين على هذه الارض ويومياتهم وعلاقاتهم ببعضهم البعض" كما يقول مردم بك.

ثم يتناول الحاضرون، وجميعهم معنيون بالشأن العام ومثقفون معروفون مثل المفكر زياد ماجد والممثلة دارينا الجندي، بشكل راق ومن دون أن يقاطع الواحد الآخر، قضايا سوريا والثورة بتحليلات منطقية علمية فيها النقد والرؤية.

ويخلصون في النهاية إلى أن "النظام السوري انتهك حقوق الإنسان وانه نظام بربري يجب أن يحاسب، وأن الأعمال الإبداعية كالكتابة والشعر والروايات والموسيقى هي التي تجعل الشعب السوري حياً اليوم وتنقل صورته وقضاياه بشكل راق إلى العالم وخصوصاً الاوروبيين الذين يفهمون القضايا من خلال الإبداع" كما جاء على لسان الحاضرين.

وحول اختيار عنوان (محاصر مثلي) قالت هالة العبد الله لرويترز "هي عبارة يقولها فاروق خلال حديثه في الفيلم عن فلسطين وعن محمود درويش، وهي عبارة حقيقية ووجدانية تعني له كفلسطيني الهوى والقضية قبل أن يستعيد سوريته مع الثورة".

وتضيف "السوريون يعيشون اليوم مصير الفلسطينيين نفسه والتراجيديا نفسها، نحن محاصرون في الداخل وفي الخارج، لذا رأيت أن العنوان يجب أن يعبر عن سوريا اليوم واخترت كلمة من كلمات درويش تلخص المشهد السوري".

اعلان

أما لماذا اختارت فاروق مردم بك من بين الشخصيات السورية كافة، فشرحت أنه أخبرها ذات مرة أثناء انتفاضة 25 يناير المصرية حيث كانا يشاركان في اعتصام في باريس تأييداً للشعب المصري وتحديداً للمعتصمين في ساحة التحرير، أنه كان قبل الاعتصام غارقا في الهم السوري وما يحدث في ساحة التحرير من عنف، فربت ابنه على كتفه هامسا "كف عن البكاء".

وأضافت "عندها قررت أن أصور فيلما عن مردم بك المثقف السوري الذي لديه تحليل ثاقب ويفكر بحكمة ولديه وجهة نظر دقيقة حول ما يدور في سوريا".

وتابعت قائلة "كان هدفي أن أصور فيلماً ينقل صرخة السوريين الذين يحق لهم العيش بكرامة وأن يكون لهم صوتاً، فيلم مسالم يلمس النبض من دون أن يخنق الآخر، لذلك اخترت مردم بك ليكون صوت سوريا الذي يحمل الكثير من العمق والهدوء ليصل هذا الصوت إلى الآخرين".

اعلان

(رويترز)

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

انتخاب جراح فلسطيني كرئيس لجامعة غلاسكو الإسكتلندية

لليوم الرابع على التوالي..مظاهرة حاشدة بالقرب من السفارة الإسرائيلية في عمان

هل يعود الإسرائيليون الذين فروا من مستعمرات غلاف غزة إليها؟