الجيش المصري يعزز قبضته على شمال سيناء

الجيش المصري يعزز قبضته على شمال سيناء
الجيش المصري يعزز قبضته على شمال سيناء Copyright Thomson Reuters 2021
Copyright Thomson Reuters 2021
بقلم:  Reuters
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

(رويترز) - على امتداد شمال شبه جزيرة سيناء تنتشر سلسلة من أبراج المراقبة والحواجز الأمنية ومواقع الجيش بمحاذاة الساحل ويجوب المنطقة جنود في عربات مدرعة على طرق أعيد رصفها.

تم سد الطرق الفرعية بأكوام من الرمال وهدم بعض المنازل لحرمان المسلحين من الغطاء في المنطقة بين مدينتي العريش والشيخ زويد التي كانت محورا للحرب بين الجيش المصري والمتمردين الإسلاميين خلال السنوات العشر الماضية.

وتمثل هذه التدابير تحولا مهما في الوضع الأمني في العامين الأخيرين.

ويقول شهود ومصادر أمنية ومحللون إن الجيش المصري تمكن، بعد سنوات من محاربة حركة التمرد في شمال سيناء، من تأمين مناطق واسعة من شريط الأرض الاستراتيجي الممتد من قطاع غزة وإسرائيل وحتى قناة السويس ولم يعد يتحرك من منطلق رد الفعل.

ما زالت مظاهر الحياة المدنية محدودة جدا، غير أن صورة المنطقة التي ظلت مهملة لفترة طويلة بدأت تتغير بفعل مضي الدولة في تنفيذ مشروعات التنمية.

سقط عدد كبير من المسلحين قتلى وهرب آخرون أو استسلموا. وتقول ثلاثة مصادر أمنية مصرية إن 200 مسلح لا يزالون ينشطون في المنطقة انخفاضا من 400 قبل عامين ومن 800 في 2017.

وبدلا من العمليات الهجومية الكبيرة أصبح المسلحون يعتمدون بشكل متزايد على القناصة وزرع العبوات الناسفة وإطلاق قذائف المورتر.

وعلى مشارف مدينة العريش أكبر مدن شمال سيناء بالقرب من بساتين الزيتون التي تم تجريفها، أقامت الحكومة عمارات سكنية جديدة.

وقال رجل من سكان العريش إن الناس لا يريدون سوى عودة الحياة إلى طبيعتها.

وأضاف رافضا ذكر اسمه إنه يريد العودة إلى بيته أو حتى إلى المنازل التي تبنيها الدولة وإنه يريد العيش في سلام من جديد.

ولم ترد السلطات المصرية على طلب للتعليق.

* تمرد

هزت الاضطرابات شمال سيناء في أعقاب الانتفاضة المصرية في 2011 وتصاعدت بعد أن عزل الجيش الرئيس الإسلامي السابق محمد مرسي بعد ذلك بعامين.

وفي نوفمبر تشرين الثاني 2017 أعلنت جماعة ولاية سيناء التي بايعت تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليتها عن أسوأ هجوم عنيف في تاريخ مصر الحديث والذي راح ضحيته أكثر من 300 من المصلين في أحد المساجد بشمال سيناء، وكذلك عن محاولة اغتيال استهدفت وزيري الدفاع والداخلية في مطار العريش العسكري.

وشن الجيش عملية ردا على ذلك في فبراير شباط 2018 ويبدو الآن أنه في أقوى وضع منذ عشر سنوات على الأقل في شمال سيناء، وهي المنطقة الوحيدة في مصر التي يوجد فيها نشاط للمسلحين.

وتم أيضا تدعيم الوجود الأمني في منطقة جنوب سيناء التي تعد مقصدا سياحيا وتم تخفيض مستوى عدد من التحذيرات الدولية من السفر للمنطقة.

وفي رفح في شمال شرق سيناء وعلى امتداد الحدود مع قطاع غزة، أقيمت منطقة عازلة واسعة في أرض تم إخلاؤها تحت رقابة عشرات من أبراج المراقبة المصرية فيها.

وفي أحدث بيان عن شمال سيناء قال الجيش المصري إنه تم قتل 89 مسلحا خلال فترة لم يحددها في الشهور الأخيرة في مقابل سقوط ثمانية من رجاله.

وقال المحلل الأمني أوديد بيركوفيتز إن المنطقة تشهد "تراجعا مستمرا وكبيرا" في عدد الهجمات على مدى السنوات الثلاث إلى الأربع الماضية إذ وقع 15 هجوما بإطلاق النار و40 هجوما بعبوات ناسفة حتى الآن خلال العام الجاري بالمقارنة مع 120 و180 هجوما على الترتيب في 2017.

وقال بيركوفيتز إنه تم إضعاف قدرات التنظيم بالتضييق على خطوط الإمدادات والتجنيد من قطاع غزة لأسباب منها العلاقات المتدهورة مع الفصائل الفلسطينية في القطاع والعداء من جانب سكان سيناء.

وأضاف أنه رغم صعوبة تقدير أعداد المسلحين فإن إعلانات الوفيات الأخيرة تشير إلى أن المسلحين النشطين حتى الآن يقتصرون تقريبا على المصريين وفلسطينيين من غزة، رغم أنهم كانوا يضمون بين صفوفهم من قبل مقاتلين أجانب من القوقاز ومن السعودية.

ومع ذلك لم ينته العنف.

على مقربة من بئر العبد، حيث احتل المسلحون مجموعة من القرى لأسابيع في صيف 2020، اقتحم مسلحون ملثمون مقهى كان سالم السيد يشاهد فيه مباراة في كرة القدم في الأول من سبتمبر أيلول واختطفوه هو وسبعة آخرين واتهموهم بالتعاون مع الجيش.

قال السيد البالغ من العمر 35 عاما لرويترز هاتفيا "أنزلونا من السيارات ووضعونا في مكان مغلق لأننا لم نكن نسمع شيئا ولا حتى صوت الرياح. وأضاف أن الجيش أطلق سراحهم عندما داهم جنوده المسلحين بعد أربعة أيام ظلت فيها أيديهم مربوطة وعيونهم معصوبة.

* تنمية بثمن؟

يقول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي كان قائدا للجيش عند الإطاحة بمرسي في 2013 إن تنمية سيناء تمثل أولوية.

وقال السيسي هذا الشهر أثناء الاحتفال بذكرى حرب 1973 مع إسرائيل "إحنا لن نترك أرض يمكن تنميتها في سيناء إلا وها ننميها. في كل سيناء".

وفي الشهر الماضي افتتح السيسي في شمال غرب سيناء محطة لمعالجة مياه الصرف الزراعي باستثمارات تبلغ 1.3 مليار دولار للمساعدة في استصلاح الأراضي وزراعتها.

وفي الآونة الأخيرة أعلنت الحكومة خطة لإقامة 17 تجمعا زراعيا وسكنيا في مختلف أنحاء سيناء منها عشرة تجمعات في الشمال. وتقول إنها تعمل على تخصيص المنازل الحديثة والتقليدية لمن أصبحوا بلا منازل.

غير أن السفر إلى سيناء لا يزال محدودا وكذلك جهود التنمية من خلال التعاون الدولي. وقد أثارت عمليات هدم المنازل وغيرها من القيود التي ارتبطت بالعمليات العسكرية شكاوى من بعض السكان وبعض الجماعات الحقوقية.

وقال أحمد سالم من مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان ومقرها لندن إن مشروعات البنية التحتية والتنمية العمرانية من جانب الدولة تتجاوز فيما يبدو الاحتياجات المحلية وتفوق إمكانيات السكان.

وأضاف أن حصارا فعليا في شمال شرق سيناء أدى إلى تقييد جانب كبير من النشاط الاقتصادي.

وقال أحد سكان المدينة في منتصف العمر إن الجانبين "دمرا" العريش التي وصفها بأنها كانت من أجمل المواقع السياحية في مصر.

وأضاف أن سكان سيناء لا يساندون تنظيم الدولة الإسلامية، لكن كثيرين منهم من رفح إلى العريش تعرضوا لمعاملة مجحفة ودفعوا ثمنا غاليا دون أن يرتكبوا أي جرم.

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

إصابة 9 أوكرانيين بينهم 4 أطفال في قصف روسي على مدينة أوديسا

بعد 200 يوم من الحرب.. الفلسطينيون في القطاع يرزحون تحت القصف والجوع وأمام مصير مجهول

بالصلاة والخشوع والألعاب النارية.. البرازيليون في ريو يحتفلون بعيد القديس جورج شفيع مدينتهم